أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 800 - يائير لابيد: إسرائيل عند مفترق تاريخي















المزيد.....

طوفان الأقصى 800 - يائير لابيد: إسرائيل عند مفترق تاريخي


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8556 - 2025 / 12 / 14 - 20:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي


14 ديسمبر 2025


مقدمة: الأزمة ليست في الدولة بل في الحكم

في مقاله المنشور في Foreign Affairs بتاريخ 7 أكتوبر 2025، بعنوان
«A Defining Choice for Israel»
قدّم يائير لابيد، زعيم المعارضة الإسرائيلية ورئيس الوزراء الأسبق، نصًا سياسيًا–أيديولوجيًا بالغ الأهمية، ليس فقط لأنه يعكس موقف معسكر الوسط–الليبرالي داخل إسرائيل، بل لأنه يمثّل محاولة واعية لإعادة تعريف الأزمة الإسرائيلية بوصفها أزمة قيادة سياسية لا أزمة بنيوية في الدولة نفسها.
يكتب لابيد بوضوح لافت: «إسرائيل ليست دولة فاشلة. إنها دولة عظيمة بحكومة فاشلة».
هذه الجملة ليست توصيفًا عابرًا، بل هي حجر الأساس في أطروحته كلها. فهو يسعى إلى نزع الشرعية السياسية عن الحكومة الحالية، لا عبر الطعن في المشروع الصهيوني أو مؤسسات الدولة، بل عبر الفصل الصارم بين الدولة بوصفها كيانًا تاريخيًا–حضاريًا، والحكومة بوصفها تجسيدًا مؤقتًا وفاشلًا للسلطة.

أولًا: 7 أكتوبر… لحظة الإنكشاف الكامل

يضع لابيد هجوم 7 أكتوبر 2023 في قلب تحليله، ليس فقط بإعتباره فشلًا أمنيًا كارثيًا، بل بإعتباره لحظة إنكشاف شامل لعطب الحكم. اللافت أن نقده لا يقتصر على يوم الهجوم نفسه، بل يمتد إلى اليوم التالي: «الإسرائيليون لا يتحدثون فقط عن فشل السابع من أكتوبر، بل عن فشل الثامن من أكتوبر أيضًا».
هنا يميّز لابيد بين فشل إستخباري يمكن أن يصيب أي دولة، وبين فشل سياسي–إداري شامل تجلّى في:
•العجز عن إدارة أزمة مئات آلاف النازحين داخل إسرائيل؛
•الفشل في إعادة إعمار الجنوب والشمال؛
•غياب أي مشروع حقيقي لمعالجة الصدمة الوطنية الجماعية.
في مقابل هذا الفراغ، يبرز عنصر محوري في المقال: المجتمع الإسرائيلي مقابل الحكومة الإسرائيلية.


ثانيًا: المجتمع مقابل الدولة – إنقلاب الأدوار

يرسم لابيد صورة معاكسة للمشهد التقليدي:
•الحكومة مشوشة، مشلولة، مرتبكة؛
•المجتمع منظّم، فعّال، متضامن. «حين أظهرت الحكومة ضعفًا مخزيًا في إدارة الموارد، أظهر الجمهور الإسرائيلي صلابة وإصرارًا وقدرة على الفعل».
يشير إلى أن:
•قطاع التكنولوجيا تولّى عمليًا إدارة الأزمة الاقتصادية؛
•جنود الإحتياط لبّوا النداء بأعداد قياسية؛
•الشباب الإسرائيلي تولّى معركة السردية عالميًا عبر الإعلام الرقمي؛
•الشتات اليهودي تحوّل إلى رافعة سياسية وإنسانية.
بهذا، يقدّم لابيد أطروحة خطيرة ضمنيًا: الدولة نجت رغم الحكومة، لا بفضلها.


ثالثًا: الحكومة بوصفها خطرًا على هوية إسرائيل

يذهب المقال أبعد من النقد الإداري ليصل إلى إتهام أيديولوجي مباشر. فالحكومة الحالية – بحسب لابيد – لا تفشل فقط، بل تسعى إلى تغيير طبيعة إسرائيل نفسها.
«هذه الحكومة تحتقر علنًا فكرة الدولة الديمقراطية الملتزمة بالقيم الليبرالية الغربية، وتسعى لإستبدالها بنظام ديني متشدد، منزّه عن المحاسبة والإعلام والقانون».
هنا تظهر ثلاث نقاط محورية:
1. الهجوم على القضاء بوصفه ركيزة الديمقراطية؛
2. تقويض مبدأ تداول السلطة؛
3. تحويل الدين إلى أداة حكم لا إطار ثقافي.
بهذا المعنى، تصبح الأزمة وجودية: ليست حرب غزة هي التهديد الأكبر، بل التحوّل الداخلي نحو نظام غير ليبرالي illiberal.


رابعًا: إسرائيل والعالم – من الإندماج إلى العزلة

يخصص لابيد مساحة واسعة لما يسميه الإنهيار الدبلوماسي غير المسبوق. ويذكّر القارئ بأن إسرائيل، قبل سنوات قليلة فقط، كانت: دولة رائدة في الإبتكار؛ وشريكًا دوليًا مرغوبًا؛
وتحظى بدعم أمريكي ثنائي الحزب؛ وجزءًا من شبكة علاقات تمتد من واشنطن إلى أبوظبي.
أما اليوم، فيكتب بمرارة: «مكانة إسرائيل الدولية لم تكن يومًا أسوأ مما هي عليه الآن».
ويستشهد بتصويت 142 دولة في الأمم المتحدة لصالح الإعتراف بدولة فلسطينية مقابل عشرة فقط ضد القرار. كما يحذّر من: تجميد أو تراجع إتفاقيات أبراهام؛ وفقدان الدعم في واشنطن؛ وتصاعد الخطاب الإلغائي في الجامعات الغربية.
لكن اللافت أنه يرفض عقلية الضحية: «ليس كل من ينتقد الحكومة معاديًا للسامية، والإحتماء بدور الضحية لن ينقذ إسرائيل».


خامسًا: «إسرائيل البديلة» – مشروع ما بعد الحرب

لا يكتفي لابيد بالنقد، بل يقدّم تصورًا متكاملًا لما يسميه البديل.
1. إنهاء الحرب في غزة
يرى أن إستمرار الحرب لم يعد يخدم الأمن القومي، ويطالب بتطبيق خطة ترامب ذات العشرين نقطة: «إعادة الرهائن، وقف القتال، وإنهاء الكارثة الإنسانية».
ويقترح إدارة إنتقالية لغزة تضم دولًا عربية وذراعًا مدنية للسلطة الفلسطينية، مع عزل حماس نهائيًا.
2. إعادة تعريف العقيدة الأمنية
الأمن – بحسبه – لا يُختزل في الضربات العسكرية، بل في: الشرعية الدولية؛ والتحالفات الإقليمية؛ والجبهة الموحدة ضد الإسلام الراديكالي وإيران.
3. الاقتصاد والتكنولوجيا
يدعو لابيد إلى الإنتقال: «من دولة الشركات الناشئة إلى دولة التوسّع الصناعي»
مع إستثمارات ضخمة في: الذكاء الإصطناعي؛ والطاقة النووية الصغيرة؛ والبنية التحتية الوطنية.
4. إصلاح الداخل
يشمل ذلك: تجنيد الحريديم؛ودمج النساء العربيات في سوق العمل؛ وصياغة دستور؛ ومحاربة عنف المستوطنين.

سادسًا: فلسطين… إعتراف مشروط لا إنكار

يرفض لابيد قيام دولة فلسطينية فورية بعد 7 أكتوبر، لكنه يقر بحقيقة لا ينكرها اليمين: «الفلسطينيون موجودون، وسنضطر يومًا ما للإنفصال عنهم».
ويحمّل الفلسطينيين عبء الإثبات: محاربة الإرهاب؛ وإصلاح السلطة؛ والقضاء على الفساد.
وفي المقابل، يطالب إسرائيل: «بإخراج الضم من جدول الأعمال، ومحاربة عنف المستوطنين بإعتباره وصمة أخلاقية».


خاتمة: الورقة الواحدة

يختتم لابيد مقاله بنبرة شبه وجودية: «مستقبل إسرائيل لن يحدده أعداؤها، بل مواطنوها».
ويعيد الأزمة إلى أصلها السياسي: ورقة إقتراع واحدة، وصندوق واحد، وخيار واحد بين: العزلة أو الاندماج؛ والدولة أو الثيوقراطية؛ والمستقبل أو الإنغلاق.
في جوهره، هذا المقال ليس مجرد تحليل، بل بيان إنتخابي فكري موجّه للداخل الإسرائيلي وللنخب الغربية في آنٍ واحد، يطلب فيه لابيد شهادة ثقة دولية مسبقة لإسرائيل «الأخرى» التي يريد قيادتها.
إنه نص يعكس صراعًا حادًا على روح إسرائيل نفسها: هل تبقى دولة يهودية ديمقراطية مندمجة في العالم، أم تتحوّل إلى كيان محاصر تحكمه أيديولوجيا الخوف والدين؟

السؤال، كما يختم لابيد، لم يعد نظريًا.
إنه خيار.
*****

هوامش

يائير لابيد سياسي وإعلامي إسرائيلي، زعيم حزب «يش عتيد» ورئيس المعارضة في الكنيست، شغل منصبي رئيس وزراء إسرائيل ووزير خارجيتها عام 2022.
يمثّل التيار الوسطي–الليبرالي، ويقدّم نفسه بوصفه مدافعًا عن الطابع اليهودي-الديمقراطي لإسرائيل وعن اندماجها في المعسكر الغربي.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب أوكرانيا - وجهة نظر تاريخية سياسية دينية
- طوفان الأقصى 799 - مراجعة كتاب - بيتر بينارت: -أن تكون يهودي ...
- ألكسندر دوغين…تأمّلات حول الحرب
- طوفان الأقصى 798 - ما لا نسمعه عن الضفة الغربية
- الولايات المتحدة تعيد صياغة نفسها: قراءة في «إستراتيجية الأم ...
- طوفان الأقصى 797 - عقيدة ترامب الجديدة - الخليج أولاً… وتركي ...
- طوفان الأقصى 796 - «وجه واحد للنازية»: قراءة في مقالة دميتري ...
- طوفان الأقصى 795 - سوريا بعد عام على سقوط نظام الأسد: هل وُل ...
- البيريسترويكا بعد أربعين عاماً: سقوط الإمبراطورية السوفياتية ...
- طوفان الأقصى 794 - بين الرياض وتل أبيب: طريق محفوف بالتوترات
- طوفان الأقصى 793 - العلاقات التركية–الأذربيجانية في ضوء “الع ...
- ألكسندر دوغين - أوروبا تحت سيطرة الشبكة الليبرالية العالمية: ...
- طوفان الأقصى 792 - المواجهة المؤجلة: قراءة هادئة في إحتمالات ...
- طوفان الأقصى 791 - «إسرائيل الجديدة: دولة صغيرة بدورٍ إمبراط ...
- ألكسندر دوغين - -وإذا لزم الأمر، فسنمحو أوروبا من على وجه ال ...
- طوفان الأقصى 790 - الذهب الدامي والنفط المحترق: حرب السودان ...
- تحرير كراسنوأرميسك: قراءة تحليلية في دلالات الإختراق الميدان ...
- طوفان الأقصى 789 - إعدامات ميدانية في الضفة الغربية: صفقة تر ...
- ألكسندر دوغين - العقل الإنساني كصدى لذكائه المصطنع: أطروحة ح ...
- طوفان الأقصى 788 - الشرق الأوسط: صدى أكتوبر


المزيد.....




- مستشار خامنئي: إيران ستدعم حزب الله بحزم
- الكافيين يطارد المراهقين في موسم الامتحانات.. انتباه لحظي وم ...
- فيديو متداول لـ-احتفال مؤيدي الحكومة السورية- بهجوم تدمر.. ه ...
- وسط تقدم المفاوضات.. أوكرانيا تتخلى عن طموح الانضمام للناتو ...
- اكتشاف لوحة فسيفساء ضخمة شمال غربي دمشق أثناء أعمال زراعية
- مؤتمر الجزيرة للدراسات يدعو إلى رؤية أفريقية لتجاوز التبعية ...
- مصرع 14 شخصا في فيضانات مفاجئة بالمغرب
- أستراليا تكشف مفاجأة عن مطلقي النار في سيدني: أب وابنه
- المغرب.. 21 وفاة من جراء سيول آسفي
- -أب وابنه-.. أستراليا تعلن تفاصيل جديدة عن مشتبه بهما والسلا ...


المزيد.....

- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 800 - يائير لابيد: إسرائيل عند مفترق تاريخي