أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 797 - عقيدة ترامب الجديدة - الخليج أولاً… وتركيا خارج الحسابات وإسرائيل في حالة قلق















المزيد.....

طوفان الأقصى 797 - عقيدة ترامب الجديدة - الخليج أولاً… وتركيا خارج الحسابات وإسرائيل في حالة قلق


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8553 - 2025 / 12 / 11 - 22:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي

12 ديسمبر 2025


تُعدّ «عقيدة ترامب» التي كُشف عنها في ديسمبر 2025 أهم وثيقة إستراتيجية أمريكية منذ عودة الجمهوريين إلى البيت الأبيض. وقد أحدثت صدمة حقيقية في الشرق الأوسط، ليس لأنها غيّرت الأولويات فحسب، بل لأنها قلبت فلسفة السياسة الأمريكية رأسًا على عقب. وفي مقال تحليلي عميق، يرصد المستشرق والكاتب الروسي ليونيد تسوكانوف* ملامح هذه التحولات التي «أغضبت أنقرة، وأقلقت تل أبيب، وأربكت خصوم واشنطن الإقليميين». ورد ذلك في مقال نشرته وكالة ريغنوم للأنباء في 8 ديسمبر الجاري.
المقال يكشف أن ما فعله ترامب هو إغلاق حقبة كاملة من التدخلية العسكرية التي طبعت سنوات ما بعد 2001، لصالح توجه جديد عنوانه: «الخليج أولاً… والباقي تفاصيل».


أولاً: نهاية «العصر الجميل للهيمنة الأمريكية»

يفتتح تسوكانوف مقاله بعبارة لافتة: «السياسة الأمريكية القائمة على العنف وفرض الديمقراطية وُصفت لأول مرة بأنها خطأ وقِصَر نظر، ما يعني تغيّرًا جذريًا في الرؤية».
البيت الأبيض — كما يوضح — دفن رسميًا مشروع "تغيير الأنظمة"، وهو الخط الذي سارت عليه إدارات بوش الابن وأوباما. ويكتب تسوكانوف أن ما كان يسميه «الصقور الأمريكيون» بـ «العصر الجميل للسيطرة الصارمة» قد إنتهى تمامًا.
هذه ليست مجرد مراجعة فكرية، بل تحوّل بنيوي: الولايات المتحدة لم تعد تريد التحكم السياسي بالبنية الإقليمية، بل تريد ضمان سوق طاقة مستقر يخدم إقتصادها وحلفاءها في الخليج.
ويقتبس الكاتب من الوثيقة: «لن نسمح لدولة معادية بأن تهيمن على الشرق الأوسط أو تتحكم في إمدادات النفط والغاز».
لكن المفارقة أن مفهوم «الشرق الأوسط» لدى ترامب صار ضيقًا جدًا — فهو يعني الخليج فقط.


ثانيًا: الخليج مركز الكون… وسوريا إستثناء محسوب

يقول تسوكانوف: «البيت الأبيض، في الواقع، يختزل الشرق الأوسط في حدود الخليج». وبحسب التحليل، فإن واشنطن لم تعد تكترث للنفط العراقي أو الليبي أو السوري، وترى أن مسؤولية إستقرار تلك البلدان يمكن أن تُترك «للقوى المحلية». أما الإهتمام الحقيقي فهو: السعودية - الإمارات - قطر - الكويت بالترتيب.
وذلك لأسباب إقتصادية وجيوسياسية تتعلق بالطاقة، ولسبب إضافي مهم: إزاحة الصين من أسواق الخليج.
يقول تسوكانوف: «هذا التوجه يُطري النخب العربية، لأنه يمنحها إدراكًا أكبر لقيمتها الإستراتيجية وقدرتها على التأثير على واشنطن وفرض مطالبها».
أما سوريا — وبعد سقوط نظام الأسد قبل عام — فهي تحظى بإهتمام محدود. ويضيف الكاتب أن واشنطن «إيجابية تجاه أحمد الشرع»، لكنها لا ترى فيه شريكًا قادرًا على حل المشكلات. ولذلك سوف تتعامل من بعيد، عبر الضغط الدبلوماسي، وترك التنفيذ لـ «الشركاء الإقليميين».

ثالثًا: تركيا… الغائب الأكبر

تسجل الوثيقة إشارة واحدة فقط إلى تركيا، وهو أمر صادم بالنسبة لدولة عضو في الناتو وفاعل إقليمي كبير. يقول تسوكانوف: «الوثيقة تذكر أنقرة مرة واحدة فقط، وفي سياق ثانوي تمامًا». هذا التهميش فجّر غضب التيار الموالي لإردوغان، الذي رأى أن الولايات المتحدة «شطبت دور تركيا من ليبيا إلى غزة».
ويضيف الكاتب: «النقمة التركية على واشنطن تزامنت مع الخلافات الطويلة حول مقاتلات F-35، حيث إعتبرت أنقرة العروض الأمريكية المتكررة مجرد إبتزاز سياسي».
بل إن محاولة المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، طوم بارّاك، «تحلية الحبة» حين شكر تركيا على دورها في سوريا وفلسطين، لم يكن له أي تأثير.
بإختصار:
تركيا خرجت من دائرة الثقة الأمريكية، وهو أمر نادر في تاريخ التحالف بين الطرفين.

رابعًا: إيران… خصم يجب إحتواؤه لا سحقه

المثير في «عقيدة ترامب» هو توصيف إيران. فهي: «قوة مزعزعة للإستقرار»
لكن…
ليست «تهديدًا وجوديًا».
ويقتبس تسوكانوف: «واشنطن لن تتخلى عن سياسة الضغط القصوى، لكنها تسميها الآن الردع التنافسي».
هذا التحول أثار سخرية في طهران، حيث رأى الإيرانيون أن: «التغيير إعتراف بالعجز… ونتيجة فشل الغارة الأمريكية الأخيرة على المنشآت النووية».
لكن داخل إيران ظهر تيار «إنذاري» يخشى أن يكون الأمر خدعة: إغراءات بالعودة للإتفاق النووي… مقابل رفع العقوبات… تمهيدًا لعمليات إستباقية لاحقة.
الوثيقة هنا تعكس إزدواجية واضحة: سياسة ضغط، ولكن دون حرب… تواصل دبلوماسي ولكن مع تهديد مبطن.

خامسًا: إسرائيل… القلق الأكبر

يؤكد تسوكانوف أن إسرائيل كانت الأكثر توترًا بعد الإعلان عن الإستراتيجية الجديدة. ويشرح السبب بوضوح: «ذُكر إسم إسرائيل في الوثيقة 6 مرات فقط، منها مرتان في سياق الأمن — أي نصف عدد مرات ذكرها في عهد بايدن، وربع مرات ذكرها في ولاية ترامب الأولى».
هذا الإنخفاض الحاد يُفسَّر في إسرائيل بعدة احتمالات:
•تعب واشنطن من «الحماية الدائمة» لتل أبيب
•ضعف الحكومة الحالية
•تراجع تأثير اللوبي اليهودي
•غضب ترامب من محاولة نتنياهو «إعادة كتابة» خطته السابقة للسلام
لكن رغم هذا الإنزعاج، يشير تسوكانوف إلى مفارقة مهمة:
الوثيقة مكتوبة عمليًا "بعين إسرائيلية".
•فحين تتحدث عن: «حرية الملاحة في البحر الأحمر» ← فهي تتحدث عن حماية موانئ إسرائيل الجنوبية.
•و«حرية مرور النفط من مضيق هرمز» ← فهي تعني حماية الإقتصاد الإسرائيلي المرتبط بالطاقة الخليجية.
والمغزى:
ترامب يقلل الكلام عن إسرائيل، لكنه لا يمسّ جوهر دعمها.
إلا أن الرسالة الأهم بالنسبة لتل أبيب هي:
«إعتمدوا على أنفسكم أكثر… فالولايات المتحدة لن تتدخل كما في الماضي».

سادسًا: إستراتيجية بعبارات مرنة… للإنسحاب السريع عند الضرورة

يختتم تسوكانوف تحليله بإشارة دقيقة إلى اللغة المستخدمة في الوثيقة. فهي لغة مرنة، قابلة للتأويل، مصممة بحيث: «تتيح لواشنطن تحديد حدود الدعم لحلفائها بنفسها، والخروج من الصفقات غير المثمرة من دون خسارة سمعة».
بمعنى آخر:
ترامب يريد يدًا طليقة… بلا إلتزامات ثقيلة.

الخلاصة

إن «عقيدة ترامب» كما يقرأها ليونيد تسوكانوف ليست مجرد تغيير في السياسات، بل إعلان رسمي عن ولادة شرق أوسط جديد في المخيال الأمريكي، قاعدته الأساسية:
•الخليج ← منطقة أساسية
•إسرائيل ← شريك مهم لكن ليس مدللًا كما قبل
•إيران ← يجب إحتواؤها لا مواجهتها
•تركيا ← تم تجاهلها كليًا
•سوريا ← ملف يُدار عن بُعد
•الطاقة ← محور الاستراتيجية الجديد
•الصين ← الخصم الحقيقي في المنطقة
وفي صورة مكثفة:
واشنطن تخلّت عن أحلام الهندسة السياسية، وتحوّلت إلى سياسة حسابات الأسواق وموازين الطاقة والتحكم في المضائق.
أما الشرق الأوسط — كما يفهم من الوثيقة — فلم يعد ذلك «الشرق الأوسط الكبير»، بل شبه جزيرة عربية بإمتداداتها البحرية، وكل ما حولها مجرد ساحات ثانوية.
*****
هوامش
ليونيد تسوكانوف
دكتوراه في العلوم السياسية، مستشرق، مستشار مركز الأبحاث السياسية
وكالة REGNUM للأنباء



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 796 - «وجه واحد للنازية»: قراءة في مقالة دميتري ...
- طوفان الأقصى 795 - سوريا بعد عام على سقوط نظام الأسد: هل وُل ...
- البيريسترويكا بعد أربعين عاماً: سقوط الإمبراطورية السوفياتية ...
- طوفان الأقصى 794 - بين الرياض وتل أبيب: طريق محفوف بالتوترات
- طوفان الأقصى 793 - العلاقات التركية–الأذربيجانية في ضوء “الع ...
- ألكسندر دوغين - أوروبا تحت سيطرة الشبكة الليبرالية العالمية: ...
- طوفان الأقصى 792 - المواجهة المؤجلة: قراءة هادئة في إحتمالات ...
- طوفان الأقصى 791 - «إسرائيل الجديدة: دولة صغيرة بدورٍ إمبراط ...
- ألكسندر دوغين - -وإذا لزم الأمر، فسنمحو أوروبا من على وجه ال ...
- طوفان الأقصى 790 - الذهب الدامي والنفط المحترق: حرب السودان ...
- تحرير كراسنوأرميسك: قراءة تحليلية في دلالات الإختراق الميدان ...
- طوفان الأقصى 789 - إعدامات ميدانية في الضفة الغربية: صفقة تر ...
- ألكسندر دوغين - العقل الإنساني كصدى لذكائه المصطنع: أطروحة ح ...
- طوفان الأقصى 788 - الشرق الأوسط: صدى أكتوبر
- ألكسندر دوغين - مفتاح النصر… في الداخل أولًا: حول الحرب واله ...
- طوفان الأقصى 787 - حين يتصدّع المعبد: حكاية تراجع AIPAC في أ ...
- طوفان الأقصى 786 - في المسألة الكردية: تنازع النفوذ بين الأح ...
- ألكسندر دوغين - «خطة السلام ذات النقاط الثماني والعشرين… تُغ ...
- طوفان الأقصى 785 - السعودية في موقع الحليف الأول؟ قراءة في ا ...
- طوفان الأقصى 784 - سوريا بين تفكّك السلطة وإعادة إنتاجها


المزيد.....




- ما تفسير البيت الأبيض لوضع ترامب ضمادة على يده؟
- أوكرانيا تقدم لترامب مسودة من 20 بندا لإنهاء الحرب - ماذا تت ...
- حركة 23 مارس تحكم سيطرتها على بلدة أوفيرا الاستراتيجية وتهدد ...
- خبير عسكري: روسيا تتقدم نحو القلعة الحصينة بدونيتسك عبر بوكر ...
- بلا خيام وبلا مقومات.. الغزيون يواجهون منخفضا جويا فاقم معان ...
- هيئة البث: إسرائيل أعدت خطة لهجوم واسع على حزب الله
- هجمات -الزيرو كليك- تهدد الهواتف عالميا.. ماذا يمكن أن نفعل؟ ...
- دعوى قضائية ضد -شات جي بي تي- بتهمة التشجيع على -القتل-
- البيت الأبيض: ترامب -سئم- اجتماعات أوكرانيا.. يريد أفعالا
- رحلة غامضة لطائرة عسكرية أميركية في اليابان تثير التساؤلات


المزيد.....

- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 797 - عقيدة ترامب الجديدة - الخليج أولاً… وتركيا خارج الحسابات وإسرائيل في حالة قلق