أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - ألكسندر دوغين - مفتاح النصر… في الداخل أولًا: حول الحرب والهوية والدولة














المزيد.....

ألكسندر دوغين - مفتاح النصر… في الداخل أولًا: حول الحرب والهوية والدولة


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8544 - 2025 / 12 / 2 - 19:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي

ألكسندر دوغين
فيلسوف روسي معاصر


2 ديسمبر 2025

مقدمة: الحرب ليست على الجبهة فقط

في مقاله بعنوان «مفتاح النصر في العملية العسكرية الخاصة يكمن في التسعينيات: إستسلام أوكرانيا لن يكون كافياً» المنشور في موقع تسارغراد، بتاريخ 26 تشرين الثاني/نوفمبر المنصرم يقدّم الفيلسوف الروسي ألكسندر دوغين أطروحة إستثنائية تقول إن النصر في الحرب الدائرة اليوم لا يتحقق على جبهات أوكرانيا فقط، بل «ينبغي التخلص من هزيمة داخلية تعود جذورها إلى تسعينيات القرن الماضي»، أي إلى اللحظة التي إنهارت فيها الدولة السوفياتية وتحوّل المجتمع الروسي نحو الليبرالية الغربية.
دوغين يكتب بوضوح لافت: «لن نستطيع الإنتصار هناك، إن لم ننتصر على أنفسنا هنا».
هذه الجملة ليست مجرد إستعارة، بل مفتاح لفهم رؤية دوغين لطبيعة الحرب: صراع في الخارج، ومعركة أعمق في الداخل، وصراع وجودي مع آثار التسعينيات.


أولًا: أوكرانيا كحرب على “العدو الخارجي”… و“العدو الداخلي”

يرى دوغين أن الحرب في أوكرانيا ليست فقط مواجهة عسكرية مع الغرب، بل مواجهة مع «الليبرالية» التي دخلت روسيا في مرحلة ما بعد الإتحاد السوفياتي. لذلك يشدد على أن المعركة مزدوجة: «إن نصرنا في أوكرانيا مرتبط بإنتصارنا على أنفسنا هنا».
ويعتبر أن «أوكرانيا» نفسها تمثل مفهوما تاريخيًا مشوَّهًا: «أعتبر مصطلحي "أوكرانيا" و“الأوكرانيين” مصطلحات منزوعة الشرعية تاريخيًا».
هذا الإلغاء للمفهوم القومي الأوكراني يأتي من قناعة دوغين أن هذه الهوية صاغها الغرب، وأنها ليست إمتدادًا طبيعيًا للفضاء الروسي التاريخي.


ثانيًا: “العدو الداخلي” — التسعينيات كخطيئة أصلية

المحور الأهم في المقال هو تحميل مسؤولية الوضع الحالي إلى مرحلة التسعينيات، التي يعتبرها دوغين منحرفة ومسمّمة للوعي الروسي.
هو لا يقول إن روسيا تخوض حربًا مع الغرب فقط، بل: «نحن أيضًا مذنبون… فنحن نُحارب أنفسنا وأعداءنا في الوقت نفسه».
ويطالب بمحاسبة التاريخ الروسي المعاصر: بعد النصر ستكون أيضًا محكمة لمرحلة التسعينيات».
إذن، ليست الحرب مجرد جبهة عسكرية، بل عملية تطهير سياسي–قيمي.


ثالثًا: حرب بوصفها “طقس عبور” — Rite de Passage

دوغين يقدّم إطارًا فلسفيًا للحرب بإعتبارها طقسًا إنتقاليًا يؤدي إلى ولادة دولة جديدة. ويستخدم مصطلحًا أنثروبولوجيًا معروفًا: «العملية العسكرية الخاصة هي طقس عبور».
هذا “العبور” سيؤدي — بحسبه — إلى نهاية شكلَي الدولة الحاليين:
•نهاية أوكرانيا بصيغتها الحديثة
•ونهاية روسيا بشكلها الذي نشأ بعد 1991
بل يذهب أبعد: «في المستقبل لن يكون هناك لا أوكرانيا ولا الإتحاد الروسي».
ما يقترحه ليس إصلاحًا سياسيًا… بل إعادة تأسيس كاملة.

رابعًا: نحو “الروسكي مير” أي "العالم الروسي" — إعادة التأسيس العقائدي

القلب الفكري للمقال هو الدعوة إلى تأسيس دولة جديدة تمثل ما يسميه «العالَم الروسي»، وهو مشروع يحمل بُعدين:
1. هوية روحية–حضارية مستعادة
2. إطار جيوسياسي جديد لدولة ما بعد الحرب
دوغين يرى أن روسيا الحالية — كما هي — غير قادرة على إنجاز هذا الدور، ويكتب: «نحن مضطرون لخلق شيء جديد… واعتماد دستور جديد».
بل يتحدث عن روسيا بوصفها دولة أبدية: «روسيا الأبدية، العظيمة، الطيبة».
ويضيف أن على روسيا أن «تنهض لإتمام المهمة العالمية التي أوكِلَت لها منذ معمودية روس».
هذا الخطاب يمزج العقيدة الدينية بالرؤية الجيوسياسية ويجعل من الحرب مشروعًا روحيًا – قوميًّا.

خامسًا: الشعب الروسي “شعب يعيش في المستقبل”

من العناصر اللافتة في طرح دوغين إعتباره أن الروس «لا يعيشون في الماضي أو الحاضر»، بل في المستقبل: «الشعب الروسي يعيش في المستقبل… وجوده يقع أمامه».
وهذا المستقبل — كما يحدد — هو كلمة واحدة: «وهذا المستقبل إسمه: النصر».
بهذا يضع دوغين فكرة النصر كجوهر الهوية الروسية ذاتها.

سادسًا: مصير سكان “الأراضي القديمة” — ما بعد أوكرانيا

يذهب دوغين نحو رسم مستقبل سكان أوكرانيا بعد “تحريرهم” كما يقول، معتبرًا أنهم سيحملون إسمًا جديدًا ودورًا جديدًا: «سيحملون إسمًا آخر… نبيلًا… أمامهم مهمة عظيمة».
إنها رؤية لإعادة دمجهم ضمن “العالم الروسي” لكن تحت صيغة جديدة تعتبرهم جزءًا من مشروع حضاري أكبر.

خاتمة: حرب لعالم جديد — لا إنتصار بدون ثورة داخلية

المقال يعكس رؤية دوغين المعروفة: الحرب ليست معركة على الأرض فقط، بل ولادة جديدة لروسيا.
وتقوم أطروحته على ثلاثة أعمدة:
1. النصر الخارجي غير ممكن دون تطهير داخلي من إرث التسعينيات.
2. الحرب هي عبور حضاري نحو دولة روسية جديدة.
3. المستقبل الروسي هو “نصر” يتجسد في تأسيس “العالم الروسي”.
وفي النهاية، يقدم دوغين الخلاصة الأكبر: «النصر يجب أن يتحقق في روسيا كما يتحقق في أوكرانيا… وفي الوقت نفسه».
بهذا الخطاب، يُحوّل دوغين الحرب الجارية إلى مشروع وجودي يعيد تعريف روسيا وهويتها ودورها العالمي.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 787 - حين يتصدّع المعبد: حكاية تراجع AIPAC في أ ...
- طوفان الأقصى 786 - في المسألة الكردية: تنازع النفوذ بين الأح ...
- ألكسندر دوغين - «خطة السلام ذات النقاط الثماني والعشرين… تُغ ...
- طوفان الأقصى 785 - السعودية في موقع الحليف الأول؟ قراءة في ا ...
- طوفان الأقصى 784 - سوريا بين تفكّك السلطة وإعادة إنتاجها
- طوفان الأقصى 783 - ألمانيا تفتح أبوابها لحميرٍ من غزة… وتغلق ...
- خطة ترامب للسلام في أوكرانيا - ملف خاص - الجزء 6
- طوفان الأقصى 782 - أحمد الشرع بين السرديات الروسية والتركية ...
- خطة ترامب للسلام في أوكرانيا – ملف خاص – الجزء 5
- طوفان الأقصى 781 - ترامب – إبن سلمان: تحالف القوة والمال… وص ...
- خطة ترامب لإنهاء حرب أوكرانيا - ملف خاص - 4
- طوفان الأقصى 780 - غزة… والولايات المتحدة… وإسرائيل: حين تصط ...
- خطة ترامب لإنهاء حرب أوكرانيا - ملف خاص -3
- طوفان الأقصى 779 - فلسطين: الذاكرة التي لا تنام - حين يصبح ا ...
- خطة ترامب لإنهاء حرب أوكرانيا - ملف خاص - 2
- طوفان الأقصى 778 – العراق بعد الإنتخابات – صراع النفوذ وتواز ...
- خطة ترامب لإنهاء حرب أوكرانيا - ملف خاص - 1
- ألكسندر دوغين - تصاعد الخطاب المعادي لإسرائيل في الولايات ال ...
- ألكسندر دوغين - ماغا MAGA والصليب في زمن “السلام الكاذب”
- طوفان الأقصى 776 - واشنطن – تل أبيب: ترامب يطلب العفو عن نتن ...


المزيد.....




- -بصمات أمريكية واضحة-.. طهران تُحمّل واشنطن فاتورة احتجاجات ...
- إسرائيل تتسلّم رفات أحد الرهينتين المتبقيتين في غزة وقطر تأم ...
- مراسلة الجزيرة: قوات الاحتلال تفجر مبنى داخل مخيم جنين شمال ...
- فنزويلا تتهم الجنائية الدولية بالتملص من مسؤولياتها لإقفال م ...
- لقاء روسي أميركي بموسكو وزيلينسكي يعلن -تنقيح- إطار عمل لاتف ...
- الموت المختبئ تحت التراب.. الألغام تمزق أجساد وقلوب السوريين ...
- إسرائيل تتسلم من حركة حماس عينات لرفات أسرى
- هل يتحول حظر تطبيقات -في بي إن- إلى توجه عالمي جديد؟
- قبيل اجتماع بوتين – ويتكوف.. الكرملين: أي اتفاق بشأن أوكراني ...
- لأول مرة منذ عامين.. شاهد كيف عاد طلاب غزة إلى مدارسهم المدم ...


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - ألكسندر دوغين - مفتاح النصر… في الداخل أولًا: حول الحرب والهوية والدولة