أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 804 - إيران بين تلقي الضربة والرد - كيف أعادت طهران تعريف قوتها في لحظة إقليمية مضطربة؟















المزيد.....

طوفان الأقصى 804 - إيران بين تلقي الضربة والرد - كيف أعادت طهران تعريف قوتها في لحظة إقليمية مضطربة؟


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8561 - 2025 / 12 / 19 - 00:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي


19 ديسمبر 2025


يكتب يوري كوزنيتسوف، الباحث في موسسة الثقافة الاستراتيجية، مقالًا في 29 نوفمبر 2025 يقول فيه منذ السطر الأول إن «إيران تستوعب الضربة وترد بكرامة على التحدي». عبارة ليست توصيفًا أخلاقيًا بقدر ما هي مدخل لقراءة عامٍ كلُّ ما فيه كان مرشحًا لأن يكسر محورًا إقليميًا بكامله. لكن، كما يلاحظ الكاتب، – «لم ينجح أحد في هزيمة بلاد فارس ولا شعبها».
هذه الدراسة تعيد تفكيك العوامل التي يرى كوزنيتسوف أنها حافظت على صلابة الموقف الإيراني في ظل تَشظّي "الهلال الشيعي"، وتآكل الحلفاء، وتنامي التهديد الإسرائيلي–الأذري، وتقدم مشاريع الممرات الإقليمية. وهي تحاول الإجابة عن سؤال جوهري: هل نحن أمام إيران أضعف إقليميًا… أم أمام إيران أقلّ تقييدًا وأكثر تحررًا من أثقال الجغرافيا السياسية؟

1. الضربة الإسرائيلية والصلابة الإيرانية: من الصدمة إلى الإستيعاب

يشير كوزنيتسوف إلى تصريح لافت لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي عاد إلى الهجوم الإسرائيلي المباغت في يونيو الماضي، مؤكدًا أن إيران «لن تصمد فقط، بل لن تترك الضربة دون رد». ويضيف الكاتب إقتباسًا مهمًا: «تَمتلك الجمهورية الإسلامية ما يكفي من الترسانة الصاروخية للرد على أي عدوان».
هذا التأكيد الصريح – كما يرى كوزنيتسوف – ليس خطابًا تعبويًا بقدر ما هو إعلان ثقة بعد تجربة "الحرب ذات الـ12 يومًا". المفارقة أنّ الإسرائيليين أنفسهم يؤكّدون كلام عراقجي، إذ تنقل الصحافة العبرية ما وصفته بأنه «تسارع إيراني لإنتاج صواريخ تمكّن من إطلاق ألفي صاروخ في رشقة واحدة». وينقل الكاتب العبارة كما وردت في SAN: «إيران تسعى لإغراق الدفاع الجوي الإسرائيلي عبر إطلاق 2000 صاروخ في موجة واحدة».
في المقابل، يعترف المتحدث باسم الحرس الثوري، حسب كوزنيتسوف، بأن «الضربة الإسرائيلية الأولى أحدثت إرتباكًا في صفوف قيادة الحرس والقوة الجوية»، لكن هذا الإعتراف نفسه هو ما يجعل من التجربة محطة تكوين لا صدمة إنهيار.

2. أفول "الهلال الشيعي": نهاية النفوذ أم بداية التموضع الجديد؟

ينتقل كوزنيتسوف إلى نقطة مفصلية: تراجع قدرة الحلفاء التقليديين على دعم طهران.
يقول نصّه بوضوح «حزب الله لم يعد قادرًا على تقديم الدعم.. ونظام الأسد سقط منذ عام كامل».
هنا يظهر ما يعتبره كثيرون أكبر خسارة إستراتيجية لإيران منذ 2011. لكن قراءة كوزنيتسوف مختلفة: فإيران، كما يشير، وجدت نفسها مضطرة إلى «تقليص نشاطها الخارجي»، لكن هذا الإنكفاء سمح لها للمرة الأولى منذ عقود «بالتركيز على الإقتصاد والبيئة، وعلى الماء تحديدًا، تلك الرفاهية التي حُرمت منها طيلة عقود».
هذه النقطة مركزية: هل كان الهلال رصيد قوة… أم عبئًا إستنزافيًا؟
ما يلمّح إليه الكاتب هو أن إعادة الترتيب قد تكون فرصة لتحديد أولويات أقلّ كلفة وأكثر مردودًا.

3. الجبهة الأذربيجانية–الإسرائيلية: خاصرة إيران الأكثر هشاشة

هنا ينتقل كوزنيتسوف إلى الملف الأخطر، ويعرضه بتفصيل لافت:
– فقدان إيران «جزءًا مهمًا من نفوذها في القوقاز» بعد الحرب في كاراباخ (2020–2023).
– «أكثر من 30 رحلة هذا العام لسيلك واي» الناقلة الأذرية التي تنقل السلاح إلى إسرائيل.
– تحويل الجيش الأذري إلى «معايير تركية – أي أطلسية».
– مخاوف من «محاولات زعزعة الشمال الغربي الإيراني ذي الأغلبية التركية».
– إزدياد جمع إسرائيل للمعلومات الإستخباراتية قرب نهر أراس.
– إمكانية إقامة «ممر بري يربط أذربيجان بتركيا دون المرور بإيران».
هذه النقاط ليست توصيفًا لتهديدات فقط، بل خريطة لتغيّر المشهد الأمني في خاصرة طهران الشمالية. ويكتب كوزنيتسوف العبارة الأكثر خطورة: «كل هذا ينذر بتحديات جديدة لإيران، التي تجد نفسها مضطرة للرد على الضغوط الدبلوماسية والعسكرية في آن واحد».

4. إيران الجديدة: لاعب ممرات لا لاعب ميليشيات

هنا تتحول السردية. فبدلًا من الحديث عن "محور المقاومة"، يقدّم كوزنيتسوف إيران كـ مركز شبكات عبور.
أ. «الممر الجنوبي» – الإنعطافة الصينية
في 24 نوفمبر، في إسطنبول، وُقّع إتفاق تطوير الممر الجنوبي بمشاركة:
إيران – الصين – كازاخستان – أوزبكستان – تركمانستان – تركيا.
النصّ الروسي يقول: «الإتفاق يهدف إلى توحيد الرسوم، تقليص مدة الرحلات، خفض كلفة الجمارك وتحديث البنية التحتية». الأهمّ: «إيران تتحول إلى بوابة ذهبية لعبور البضائع الصينية إلى أوروبا».
هذه الجملة هي حجر القوس في بناء المقال كله. فهي تعني تحولًا إستراتيجيًا من "محور عسكري" إلى "محور تجاري".

ب. «شمال–جنوب»: مشروع يعود للحياة
يشير كوزنيتسوف إلى أن خط رشت–آستارا سيبدأ بناؤه في مارس 2026، وأن المهندسين الروس «موجودون بالفعل على الأرض».
كما يربط بين المشروع وبين المنتدى الأول لحكام المناطق المطلة على بحر قزوين، وهي إشارة إلى أن التحوّل الإقتصادي يجري بالتوازي مع إعادة صياغة دبلوماسية إقليمية جديدة.
ج. أول قطار من روسيا إلى أبرين عبر الشرق
ينقل الكاتب حدثًا لافتًا: «وصول أول قطار حاويات من روسيا إلى ميناء أبرين عبر كازاخستان وتركمانستان… بزمن نصف زمن النقل عبر السويس».
هذا الحدث ليس لوجستيًا فقط؛ إنه إعلان أن إيران جزء من المستقبل التجاري لأوراسيا.

5. إيران تحت العقوبات: من "المحاصَر" إلى "المرتكز"

يكتب كوزنيتسوف بعبارة لافتة: «لم تُشلّ إرادة إيران السياسية رغم جهود "أصدقائها"».
ثم يضيف أن تهديد الرئيس الأميركي بـ«عقوبات قاسية جدًا» على من يتعاون مع روسيا «لم يترك إنطباعًا كبيرًا في طهران».
فالإقتصاد الإيراني، كما يؤكد، وجد في التعاون مع الصين وروسيا «دينامية إيجابية مستمرة».
هذه الخلاصة ليست تجميلًا للوضع، بل جزء من سردية أوسع: إيران لم تعد اللاعب الذي يعمل عبر الميليشيات، بل عبر الربط التجاري الإقليمي، وهذا ما يجعل العقوبات أقلّ فاعلية.


الخلاصة: إيران بعد 2025 – دولة أقل ضجيجًا… لكن أكثر عمقًا

ما يقدّمه كوزنيتسوف ليس مقالة مديح، بل تحليلٌ لمفارقة تاريخية: إيران تخسر نفوذها العسكري–الجغرافي، لكنها تربح موقعًا إقتصاديًا–إقليميًا غير مسبوق.
فهي:
✔ فقدت سوريا كعمق إستراتيجي.
✔ تراجعت قدرة حزب الله على العمل.
✔ تواجه جبهة أذربيجانية–إسرائيلية مشتركة.
✘ ومع ذلك، أصبحت:
✔ محورًا لممرات الصين.
✔ وعقدة في مشروع «شمال–جنوب».
✔ ونافذة روسيا على المحيط الهندي.
✔ وشريكًا إقتصاديًا صعب الإستبدال.

كأنّ عقودًا من الإستثمار في “محور المقاومة” إنتهت فجأة لتفتح الباب لتجربة مختلفة:
إيران كدولة طرق وموانئ، لا كدولة جبهات ومواجهات.
هل يعدّ ذلك تراجعًا أم تطورًا؟
السؤال يبقى مفتوحًا، لكن كما يقول كوزنيتسوف: «الواضح أن إيران لم تُهزم، بل أعادت تعريف ساحة المعركة كلها».



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألكسندر دوغين - الاتحاد الأوروبي إلى مزبلة التاريخ: كيف سيقس ...
- طوفان الأقصى 803 - نهاية «الإستثناء الإسرائيلي»: حين تتحوّل ...
- جيفري ساكس - عداء روسيا: كارثة لأوروبا
- طوفان الأقصى 802 - إسرائيل والشرق الأوسط بعد الزلزال: من وهم ...
- ألكسندر دوغين - ترامب يدهش العالم مجددًا
- الأقصى 801 - إستغلال هجوم أستراليا: بين الإدانة الأخلاقية وت ...
- ألكسندر دوغين - ضباب كثيف يلف الدبلوماسية - برنامج إيسكالاتس ...
- طوفان الأقصى 800 - يائير لابيد: إسرائيل عند مفترق تاريخي
- حرب أوكرانيا - وجهة نظر تاريخية سياسية دينية
- طوفان الأقصى 799 - مراجعة كتاب - بيتر بينارت: -أن تكون يهودي ...
- ألكسندر دوغين…تأمّلات حول الحرب
- طوفان الأقصى 798 - ما لا نسمعه عن الضفة الغربية
- الولايات المتحدة تعيد صياغة نفسها: قراءة في «إستراتيجية الأم ...
- طوفان الأقصى 797 - عقيدة ترامب الجديدة - الخليج أولاً… وتركي ...
- طوفان الأقصى 796 - «وجه واحد للنازية»: قراءة في مقالة دميتري ...
- طوفان الأقصى 795 - سوريا بعد عام على سقوط نظام الأسد: هل وُل ...
- البيريسترويكا بعد أربعين عاماً: سقوط الإمبراطورية السوفياتية ...
- طوفان الأقصى 794 - بين الرياض وتل أبيب: طريق محفوف بالتوترات
- طوفان الأقصى 793 - العلاقات التركية–الأذربيجانية في ضوء “الع ...
- ألكسندر دوغين - أوروبا تحت سيطرة الشبكة الليبرالية العالمية: ...


المزيد.....




- شاهد.. أحمد الأحمد -بطل بوندي- يُكافأ بأكثر من 1.5 مليون دول ...
- إدانة رجل ألماني خدر زوجته واغتصبها وهي فاقدة الوعي لعدة سنو ...
- بيت ديفيدسون وشريكته إلسي هيويت يرحبان بطفلتهما الأولى
- مفاوضون لبنانيون وإسرائيليون يناقشون نزع سلاح حزب الله
- التعليم : مقدمات لأجل فهم المعضلة
- إدارة ترامب تستعد لنشر جزء من ملفات إبستين مع انتهاء المهلة ...
- محاكمة شركة -لافارج- الفرنسية بتهمة تمويل الإرهاب تدخل مراحل ...
- الشتاء خطر صامت.. نصائح أساسية لحماية قدم مرضى السكري
- حماس تندد بمخطط لمدينة استيطانية جديدة شرقي القدس
- محادثات بأميركا حول أوكرانيا وبوتين يتوعّد الغرب مجددا ويذكّ ...


المزيد.....

- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 804 - إيران بين تلقي الضربة والرد - كيف أعادت طهران تعريف قوتها في لحظة إقليمية مضطربة؟