أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 803 - نهاية «الإستثناء الإسرائيلي»: حين تتحوّل الحماية إلى عبء إستراتيجي















المزيد.....

طوفان الأقصى 803 - نهاية «الإستثناء الإسرائيلي»: حين تتحوّل الحماية إلى عبء إستراتيجي


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8560 - 2025 / 12 / 18 - 00:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي


18 ديسمبر 2025


تمهيد: مقال من داخل المؤسسة… لا من خارجها

لا يأتي مقال «نهاية الإستثناء الإسرائيلي» (The End of the Israel Exception) الذي نشرته مجلة Foreign Affairs في 5 كانون أول ديسمبر الجاري بوصفه بيانًا أيديولوجيًا راديكاليًا، بل بإعتباره مرافعة من داخل قلب المؤسسة الأمريكية نفسها. فكاتبه، أندرو ميلر، شغل مناصب حساسة في إدارتَي أوباما وبايدن، وكان نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي. ما يضفي على المقال ثقله الحقيقي ليس نبرته النقدية فحسب، بل كونه تشخيصًا ذاتيًا لفشل بنيوي طويل الأمد في السياسة الأمريكية.
منذ السطر الأول تقريبًا، يضع ميلر القارئ أمام أطروحة صادمة في بساطتها:
«الولايات المتحدة لا تربطها بإسرائيل علاقة خاصة فحسب، بل علاقة إستثنائية لا يتمتع بها أي حليف آخر».
وهذا «الإستثناء» – وفق ميلر – لم يعد مصدر قوة، بل أصبح مأزقًا أخلاقيًا وإستراتيجيًا وسياسيًا.


أولًا: ما هو «الإستثناء الإسرائيلي»؟

يفكك ميلر المفهوم بدقة: إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تحصل على دعم عسكري وسياسي شبه مطلق دون الخضوع فعليًا للقوانين التي تطبقها واشنطن على بقية حلفائها.
«حين تشتري دول أخرى أسلحة أمريكية، تخضع تلك الصفقات لقوانين صارمة؛ أما إسرائيل فلم تُجبَر يومًا على الإمتثال الحقيقي لها».
ويضيف: «واشنطن لا تدافع عادة عن سياسات دول تتعارض مع مصالحها، ولا تمنع إنتقادها في المحافل الدولية… لكن هذا هو السلوك المعتاد عندما يتعلق الأمر بإسرائيل».
هنا لا يتحدث الكاتب عن تحيّز عاطفي، بل عن إختلال مؤسسي: إعفاء دائم من المحاسبة، في القانون الدولي، وفي قوانين المساعدات الأمريكية ذاتها (قوانين ليهي، قانون المساعدات الخارجية).


ثانيًا: من «عدم إظهار الخلاف» إلى «الشيك المفتوح»

يعيد المقال جذور هذا التحول إلى حقبة بيل كلينتون بعد الحرب الباردة، حين سادت قناعة مفادها أن:
دعم إسرائيل بلا شروط سيجعلها «أكثر إستعدادًا للمخاطرة من أجل السلام».
إظهار أي «ضوء نهاري» بين واشنطن وتل أبيب سيشجع الخصوم.
لكن ما حدث – بحسب ميلر – هو العكس تمامًا: «الدعم غير المشروط لم يضمن بقاء إسرائيل، بل أطلق أسوأ غرائز قادتها».
والنتيجة:
•توسع استيطاني «لا هوادة فيه».
•عنف مستوطنين بلا محاسبة.
•ضحايا مدنيون جماعيون في غزة ومجاعة في بعض مناطقها.


ثالثًا: حرب غزة… لحظة إنكشاف العلاقة المختلّة

تُعد حرب غزة بعد 7 أكتوبر 2023 الإختبار الأكبر لهذا الإستثناء.
يعترف ميلر صراحة بفشل واشنطن في التأثير على سلوك إسرائيل: «لم تسعَ الولايات المتحدة إلى إتفاق واضح مع إسرائيل يحدد طبيعة الدعم وأهدافه وحدوده. وبالنسبة لنتنياهو، كان ذلك شيكًا على بياض».
ورغم الاحتجاجات «الخاصة» من إدارة بايدن على أساليب القصف: «تجنّب المسؤولون الأمريكيون الإدانة العلنية أو تحميل إسرائيل المسؤولية»،
ما جعل الضغط بلا أسنان.
حتى حين أوقفت واشنطن بعض شحنات السلاح في مايو 2024، يعلّق ميلر بمرارة: «كان الضغط قليلًا ومتأخرًا».

رابعًا: ترامب… كسر الإستثناء حين هُدِّدت هيبة أمريكا

اللافت أن المقال لا يقدّم ترامب بصورة نمطية. بل يقرّ بأن أول كسر حقيقي للاإستثناء الإسرائيلي جاء في سبتمبر 2025، حين حاولت إسرائيل إغتيال قادة من حماس في قطر: «عجز الولايات المتحدة عن حماية شريك يستضيف أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة من دولة تتلقى مليارات من الدعم الأمريكي، كان كفيلًا بنسف مصداقية واشنطن بالكامل».
هنا فقط تحرك ترامب، لا بدافع أخلاقي، بل دفاعًا عن الهيبة: «نتنياهو لا خيار أمامه»، قال ترامب علنًا، بعد أن أرغمه على الإعتذار والتوقيع على وقف إطلاق النار.
لكن ميلر يحذّر: «لا ينبغي تفسير هذا الحدث بوصفه تطبيعًا للعلاقة… فالعودة إلى تمكين نتنياهو تبقى الإحتمال الأرجح».


خامسًا: كلفة الإستثناء على الجميع

1. الفلسطينيون: مجتمع محطّم
«90٪ من سكان غزة نازحون داخليًا… أكثر من 600 ألف يواجهون المجاعة أو سوء التغذية».
ويؤكد الكاتب أن القضاء الدائم على حماس لا يمكن أن يكون عسكريًا دون حل سياسي، وهو ما لا تريده لا حكومة إسرائيل ولا حماس.

2. إسرائيل: نصر تكتيكي، هزيمة إستراتيجية
يحذر ميلر من أن: «العزلة الدولية لإسرائيل باتت خطرًا وجوديًا»،
مشيرًا إلى تهديدات بإعتقال نتنياهو في أوروبا، وتغيّر جذري في الرأي العام الأمريكي، خصوصًا بين الشباب.
كما يشير إلى مخاطر داخلية:
•تفكيك إستقلال القضاء.
•أزمة ديموغرافية.
•إستيطان يجعل الدولة الفلسطينية مستحيلة.

3. الولايات المتحدة: تآكل المكانة العالمية
«الدعم الأمريكي الأعمى لإسرائيل ألحق ضررًا بمصالح واشنطن خارج الشرق الأوسط»،
وأعطى الصين وروسيا ذخيرة دعائية، وإستنزف الموارد العسكرية، وعمّق الإستقطاب الداخلي.


سادسًا: نحو «علاقة طبيعية» لا قطيعة

لا يدعو ميلر إلى التخلي عن إسرائيل، بل إلى إخضاعها للمعايير نفسها: «تطبيق قوانين ليهي، وقانون النزاعات المسلحة، دون إستثناءات».
وإدخال الشرطية في المساعدات: «حتى أقرب الحلفاء لا يتحركون دائمًا بدافع الصداقة وحدها».
مع خط أحمر واضح: «حق الإسرائيليين في تقرير المصير لا يمكن أن يمنع الفلسطينيين من الحق ذاته».
كما يشدد على وقف التدخل المتبادل في السياسة الداخلية: «لا يمكن لعلاقة طبيعية أن تستمر بينما يتصرف أحد الطرفين كفاعل حزبي داخل سياسة الآخر».

خاتمة: مقال إنذار لا بيان

يختم ميلر مقاله بتحذير واضح: «إذا ضاعت الفرصة القادمة لإعادة ضبط العلاقة، فسيكون الثمن باهظًا على الأمريكيين والإسرائيليين والفلسطينيين معًا».
إنه مقال لا يهاجم إسرائيل من الخارج، بل يحاكم السياسة الأمريكية من الداخل. لا يدعو إلى فك الارتباط، بل إلى إنهاء علاقة مرضية تحوّلت من ضمانة أمن إلى مولّد دائم للأزمات.
بعبارة واحدة:
هذا النص ليس ضد إسرائيل، بل ضد الوهم الأمريكي بأن الحماية المطلقة يمكن أن تحل محل السياسة.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جيفري ساكس - عداء روسيا: كارثة لأوروبا
- طوفان الأقصى 802 - إسرائيل والشرق الأوسط بعد الزلزال: من وهم ...
- ألكسندر دوغين - ترامب يدهش العالم مجددًا
- الأقصى 801 - إستغلال هجوم أستراليا: بين الإدانة الأخلاقية وت ...
- ألكسندر دوغين - ضباب كثيف يلف الدبلوماسية - برنامج إيسكالاتس ...
- طوفان الأقصى 800 - يائير لابيد: إسرائيل عند مفترق تاريخي
- حرب أوكرانيا - وجهة نظر تاريخية سياسية دينية
- طوفان الأقصى 799 - مراجعة كتاب - بيتر بينارت: -أن تكون يهودي ...
- ألكسندر دوغين…تأمّلات حول الحرب
- طوفان الأقصى 798 - ما لا نسمعه عن الضفة الغربية
- الولايات المتحدة تعيد صياغة نفسها: قراءة في «إستراتيجية الأم ...
- طوفان الأقصى 797 - عقيدة ترامب الجديدة - الخليج أولاً… وتركي ...
- طوفان الأقصى 796 - «وجه واحد للنازية»: قراءة في مقالة دميتري ...
- طوفان الأقصى 795 - سوريا بعد عام على سقوط نظام الأسد: هل وُل ...
- البيريسترويكا بعد أربعين عاماً: سقوط الإمبراطورية السوفياتية ...
- طوفان الأقصى 794 - بين الرياض وتل أبيب: طريق محفوف بالتوترات
- طوفان الأقصى 793 - العلاقات التركية–الأذربيجانية في ضوء “الع ...
- ألكسندر دوغين - أوروبا تحت سيطرة الشبكة الليبرالية العالمية: ...
- طوفان الأقصى 792 - المواجهة المؤجلة: قراءة هادئة في إحتمالات ...
- طوفان الأقصى 791 - «إسرائيل الجديدة: دولة صغيرة بدورٍ إمبراط ...


المزيد.....




- مصر: خطة حكومية لمعالجة ظاهرة -الكلاب الضالة- التي يُقدر عدد ...
- آلاف المحتجّين في ليتوانيا يرفضون تعديلات قانون هيئة الإذاعة ...
- -لمواجهة التهديدات-.. ألمانيا تقرّ حزمة تسليح قياسية بقيمة 5 ...
- غوتيريش يحذر من تعميق الانقسامات باليمن بعد تحرك الانتقالي ا ...
- آسفي: طوفان نوليبرالي
- أوكرانيا : كيف تستخدم الأصول الروسية ؟
- الربيع العربي : ما هي حصيلتته ؟
- هل تملك أوروبا القدرة على ردع روسيا؟
- هل يهدف التصعيد الأميركي لضرب فنزويلا أم للتفاوض معها؟
- -ما وراء الخبر- يناقش أهداف وتداعيات التصعيد الأميركي تجاه ف ...


المزيد.....

- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 803 - نهاية «الإستثناء الإسرائيلي»: حين تتحوّل الحماية إلى عبء إستراتيجي