أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - حين يُغيب الشعب الفلسطيني عن القرار… حزن الوطن يزداد!














المزيد.....

حين يُغيب الشعب الفلسطيني عن القرار… حزن الوطن يزداد!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8562 - 2025 / 12 / 20 - 16:13
المحور: القضية الفلسطينية
    


في فلسطين، لا يصنع الصخب الحقيقة، بل يخفيها الصمت.
بعيداً عن المنابر والشعارات واليافطات، تعيش أغلبيّة صامتة من أبناء الشعب الفلسطيني، تحمل في داخلها كفاءةً ومعرفةً ونزاهة، لكنها تُدفَع إلى الهامش، ليس لأنّها عاجزة، بل لأنها ترفض أن تكون جزءاً من منظومةٍ فقدت معناها.

هذه الأغلبيّة ليست قليلة العدد ولا ضعيفة التأثير، لكنها بلا صوت.
أطباء، معلمون، مهندسون، مثقفون وعمّال شرفاء اختاروا البقاء خارج التنظيمات، بعدما تحوّل كثير منها من أدوات تحرّر إلى هياكل مغلقة تُدار بالمحسوبيّة، وتُموَّل باسم الشعب، وتُستَخدم ضده.

في المقابل ارتفعت أصوات تنظيماتٍ تدّعي التمثيل، فيما تُمارس النهب بصيغٍ مختلفة وتحت عناوين كبرى. تُجمع الأموال باسم القضيّة، وتُوزَّع الامتيازات باسم النضال، بينما يبقى الشعب خارج الحساب، حاضراً في الخطاب وغائباً عن القرار.

وفي ظلّ هذا الإقصاء، لا تُهدر أموال الشعب الفلسطيني فقط عبر الفساد المقنّع وسوء الإدارة، بل تُستباح أيضاً أملاكه العامّة والعقاريّة. تُباع أو تُنقَل ملكيّتها تحت جنح الظلام، بعيداً عن الرقابة والمساءلة، وكأنّ الوطن إرثٌ خاصّ لا حقّاً جماعيّاً، فيما يُترك أصحاب الحقّ الحقيقيّون خارج الصورة، بلا علمٍ ولا قرار.

الأكثر حزناً أنّ هذه السرقة لا تتمّ من الخارج فقط، بل من داخل الجسد الفلسطيني نفسه. يُنهَب الناس باسمهم، ويُقصَون باسمهم، وتُفرَض عليهم قيادات لم يختاروها، ولا تعبّر عن وجعهم، ولا تشبه حياتهم المكسورة.

بين احتلالٍ لا يرحم وواقع داخليّ يخذل، تُستنزف الأغلبيّة الصامتة مرتين: الأولى حين تُترك وحيدة في مواجهة القهر، والثانية حين يُطلب منها الصمت، لأن الكلام يُسمع فقط من يملك المنابر والصلاحيات.

هذا الصمت ليس رضا، بل حزنٌ عميق. ليس عجزاً، بل نتيجة بنية سياسيّة صُمّمت لإقصاء الأكفّاء، واحتكار القرار، وإعادة إنتاج الفشل ذاته بأسماء وشعارات مختلفة. فكلّما صمت أصحاب الكفاءة، طال عمر منظومة النهب، وكلّما غاب الشعب عن القرار، تحوّل الوطن إلى شركة تُدار بلا مساءلة.

الأغلبيّة الصامتة ليست خارج المشهد، بل مُبعَدة عنه عمداً. تُمنَع من التنظيم، تُشوَّه إن اعترضت، وتُستَخدم فقط كرقم عند الحاجة أو كغطاء عند الإخفاق. هكذا تُفرَّغ السياسة من معناها، ويُختَزل النضال في عصابة تتقاسم السلطة والغنيمة، تاركة الشعب يواجه الخسارة وحده.

يبقى الشعب حاضراً في الشعارات، غائباً عن السلطة، وتبقى فلسطين مزدحمة بأبنائها، محكومة بقلة لا تمثّلهم. وفي هذا الاختلال، لا يموت الأمل دفعة واحدة، بل يُستنزَف يوماً بعد يوم، بصمت مفروض وبخيانة مُقنّعة.

ليست المأساة أنّ الشعب الفلسطيني بلا قيادة… بل أنّ من يتصدّرون القيادة هم أوّل من سلبوا حقوقه.

محمود كلّم، كاتبٌ وباحثٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتابة عن فلسطين: بيان الموت المؤجَّل
- فلسطين… حين تسقط الإنسانية من جدول الأعمال
- حين تُنجب الأمهات للوطن وحده
- حين تُفتحُ الأبوابُ لحميرِ غزّة… وتُغلَقُ في وجهِ أطفالِها
- غزّة تحت العاصفةِ… وحدها في مُواجهةِ البردِ والموتِ
- منتخب فلسطين… كرةٌ تركل الظلام وتنهض من تحت الركام
- حين يُنزلون العلم… ولا يستطيعون إنزال الحقيقة
- باسل الأعرج… حين تصنعُ الأُمُّ بوصلة المُقاومةِ الأُولى
- من جنين إلى الأمتين العربية والإسلامية… فصلٌ جديدٌ من النذال ...
- ترابُ فلسطين لا يحتضنُ الخونة!
- أُم غازي… آخرُ زهرةٍ من بلد الشّيخ
- رجالٌ يحملون الشمس على أكتافهم… حكايةُ نخوةِ رجالٍ من غزّة!
- حين غابت زهرة البيلسان… واشتدّ الحزن في صدورنا!
- على كتفيّ ذبل الضوء… وودّعت زهرة البيلسان العالم!
- باسل الأعرج: الحاضر الذي لا يغيب!
- كيف فقدنا زهرة البيلسان…؟ تساؤلات على رصيف الغياب!
- غزة تصرخ… والعرب والمسلمون يغرقون في صمت العار!
- القيادة التي لا تمثل أحداً: لماذا حان وقت الثورة على مؤسسات ...
- حين يجمعُنا الدَّهرُ صُدفةً… لِيُفرِّقنا الفراقُ إلى الأَبد!
- غزة… صلاةٌ فوق الركام وحياةٌ لا تنطفئ!


المزيد.....




- ما الذي تقوله حقًا هذه الصور المقرّبة لإدارة الرئيس الأمريكي ...
- فيديو متداول لـ-صلاة آلاف المسلمين على ضحايا هجوم سيدني-.. م ...
- أحد أكبر الحفلات في العالم.. هكذا تحتفل نيجيريا بنهاية العام ...
- بعد بلاغ عن اختطافها في أريحا.. السلطة الفلسطينية تنقذ إسرائ ...
- كأس الأمم الأفريقية: أشرف حكيمي جاهز للمباراة الافتتاحية وال ...
- إيران تعدم رجلا أدانته بالتجسس لصالح إسرائيل
- الأردن يعلن مشاركته في قصف أهداف لتنظيم الدولة بسوريا
- الاحتلال يشن غارات ليلية على حي التفاح في مدينة غزة.. ما الت ...
- عاجل | الرئيس المصري: مطلبنا الوحيد عدم المساس بحقوقنا في مي ...
- كاميرا توثّق ظاهرة غريبة.. فراشات ليلية تتغذّى على دموع الأي ...


المزيد.....

- قراءة في وثائق وقف الحرب في قطاع غزة / معتصم حمادة
- مقتطفات من تاريخ نضال الشعب الفلسطيني / غازي الصوراني
- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والموقف الصريح من الحق التاريخي ... / غازي الصوراني
- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - حين يُغيب الشعب الفلسطيني عن القرار… حزن الوطن يزداد!