أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - الكتابة عن فلسطين: بيان الموت المؤجَّل














المزيد.....

الكتابة عن فلسطين: بيان الموت المؤجَّل


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8561 - 2025 / 12 / 19 - 16:24
المحور: القضية الفلسطينية
    


الكتابة عن فلسطين ليست موقفاً ثقافياً،
ولا رأياً يُدرج في هامش الحرية.
إنه إعلانٌ مبكّر عن الاستعداد الكامل للتضحية في سبيل فلسطين،
من دون ضمانات،
ومن دون شهود عدل.

من يكتب عن فلسطين يعرف — أو يجب أن يعرف — أنه دخل منطقةً لا يحميه فيها شيء:
لا القانون،
ولا الأخلاق الدولية،
ولا ضجيج حقوق الإنسان.
الكتابة هنا ليست حبراً،
بل مواجهة مباشرة مع منظومةٍ قررت أن تجعل من فلسطين جريمةً لغوية،
ومن الحقيقة خطراً أمنياً.

قال الشهيد ناجي العلي، بوضوحٍ لا يقبل التأويل:

«اللي بدو يكتب عن فلسطين، واللي بدو يرسم لفلسطين، بدو يعرف حاله ميت.
أنا مش ممكن أتخلى عن مبادئي ولو على قطع رقبتي.»

لم يكن هذا القول مجازاً،
ولا تهديداً شعرياً،
بل توصيفاً دقيقاً لمسارٍ معروف النهاية.
لم يُغتَل ناجي العلي لأنه رسم،
بل لأنه قال الحقيقة،
ولأنه أدرك مبكراً أن المشكلة ليست في الأسلوب،
بل في الفكرة ذاتها.

أن تكتب عن فلسطين يعني أن تضع رأسك في مواجهة المقصلة،
وأن تفهم أن الرصاصة لا تكره الضحية،
بل الرسالة التي تحملها.
العالم لا يخاف العنف،
العالم يخاف الوضوح والحقيقة.
يخاف جملةً لا يمكن تدويرها،
وصورةً لا تصلح للاستهلاك السياسي،
وصوتاً يرفض أن يتحوّل إلى ديكورٍ أخلاقي.

لهذا يُطلب من الكاتب دائماً أن يكون «عاقلاً»، أي صامتاً بما يكفي.
وأن يكون «متوازناً»،
أي أعمى عن الجلّاد.
وأن يكون «إنسانياً»،
لكن من دون أن يسمّي من جرّد الفلسطيني من إنسانيته.

أنا لا أؤمن بهذه الشروط،
ولا أؤمن بحياةٍ تُشترى بالتراجع.
الرقبة التي تُنقَذ بالخيانة
لا تستحق أن تُحمل فوق جسدٍ يدّعي الكرامة.

فلسطين لا تحتاج نصوصاً مهذّبة،
ولا أقلاماً تخشى الصدام،
ولا كتّاباً يحسبون أعمارهم قبل جُملهم.
هي تحتاج من يكتب وهو يعرف
أن الكلمات قد تكون آخر ما يملكه،
وأن الثمن معروف،
لكن السكوت أغلى.

الكتابة عن فلسطين ليست بطولة،
بل الحدّ الأدنى من الصدق.
وإن كان الصدق في هذا الزمن
جريمةً تستحق القطع،
فليُكتب المقال كاملاً،
ولتظلّ الرؤوس مرفوعة
حتى وهي تُستهدَف.
محمود كلّم، كاتبٌ وباحثٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسطين… حين تسقط الإنسانية من جدول الأعمال
- حين تُنجب الأمهات للوطن وحده
- حين تُفتحُ الأبوابُ لحميرِ غزّة… وتُغلَقُ في وجهِ أطفالِها
- غزّة تحت العاصفةِ… وحدها في مُواجهةِ البردِ والموتِ
- منتخب فلسطين… كرةٌ تركل الظلام وتنهض من تحت الركام
- حين يُنزلون العلم… ولا يستطيعون إنزال الحقيقة
- باسل الأعرج… حين تصنعُ الأُمُّ بوصلة المُقاومةِ الأُولى
- من جنين إلى الأمتين العربية والإسلامية… فصلٌ جديدٌ من النذال ...
- ترابُ فلسطين لا يحتضنُ الخونة!
- أُم غازي… آخرُ زهرةٍ من بلد الشّيخ
- رجالٌ يحملون الشمس على أكتافهم… حكايةُ نخوةِ رجالٍ من غزّة!
- حين غابت زهرة البيلسان… واشتدّ الحزن في صدورنا!
- على كتفيّ ذبل الضوء… وودّعت زهرة البيلسان العالم!
- باسل الأعرج: الحاضر الذي لا يغيب!
- كيف فقدنا زهرة البيلسان…؟ تساؤلات على رصيف الغياب!
- غزة تصرخ… والعرب والمسلمون يغرقون في صمت العار!
- القيادة التي لا تمثل أحداً: لماذا حان وقت الثورة على مؤسسات ...
- حين يجمعُنا الدَّهرُ صُدفةً… لِيُفرِّقنا الفراقُ إلى الأَبد!
- غزة… صلاةٌ فوق الركام وحياةٌ لا تنطفئ!
- انهيارات في جيش الاحتلال بعد 7 أكتوبر: سقوط الأسطورة أمام ال ...


المزيد.....




- إسرائيل تعتقل روسيًا بتهمة تصوير منشآت حساسة لفائدة إيران.. ...
- رهانات حرب الطاقة المستعرة بين روسيا وأوكرانيا
- النبض المغاربي : مالذي يُميز كأس الأمم الإفريقية في المغرب؟ ...
- العدل الأميركية تفرج عن المزيد من وثائق -إبستين- المثيرة للج ...
- أول بيان من الحكومة السورية بعد الغارات الأمريكية على -داعش- ...
- ماذا قال ترامب عن أحمد الشرع والغارات على -داعش سوريا-؟
- جدل في إسبانيا بعد هبوط طائرة موريتانية في مطار مهجور وتحفظ ...
- خبير عسكري: القصف الإسرائيلي اليومي على غزة ممنهج
- مسؤول روسي: هذا ما عرضناه لوقف الحرب مع أوكرانيا
- غارات أمريكية تستهدف -عشرات الأهداف لداعش- في سوريا.. مصادر ...


المزيد.....

- قراءة في وثائق وقف الحرب في قطاع غزة / معتصم حمادة
- مقتطفات من تاريخ نضال الشعب الفلسطيني / غازي الصوراني
- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والموقف الصريح من الحق التاريخي ... / غازي الصوراني
- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - الكتابة عن فلسطين: بيان الموت المؤجَّل