أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سهام يوسف علي - بين الاستقرار المحاسبي والاختلال الاقتصادي: قراءة رقمية في تصريح رئيس الوزراء














المزيد.....

بين الاستقرار المحاسبي والاختلال الاقتصادي: قراءة رقمية في تصريح رئيس الوزراء


سهام يوسف علي

الحوار المتمدن-العدد: 8559 - 2025 / 12 / 17 - 13:38
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


جاء تصريح رئيس الوزراء حول “استقرار الوضع المالي” محمّلًا بأرقام صحيحة من حيث الحساب، لكنه يظل ناقصًا من حيث التحليل الاقتصادي الشامل. فالمحاسبة تُجيب عن سؤال: كم لدينا؟
بينما الاقتصاد يُجيب عن سؤال أخطر: هل ما لدينا قابل للاستمرار؟
والفرق بين السؤالين هو الفارق بين إدارة الخزينة وبناء الدولة.
أولًا: ما هو صحيح  ولكن في حدوده الضيقة
لا يمكن إنكار أن بعض المؤشرات التي وردت في التصريح صحيحة حسابيًا: بلوغ الاحتياطي الأجنبي نحو 108 مليارات دولار رقم مريح اسميًا.حجم الدين الخارجي منخفض نسبيًا مقارنة بعدد من دول المنطقة، انخفاض معدل التضخم حسابيًا، تقليص الفجوة في سعر الصرف عبر أدوات نقدية وإدارية.
هذه مؤشرات استقرار نقدي قصير الأجل، لكنها لا تكفي للحكم على تعافي الاقتصاد، لأنها لا تُجيب عن سؤال الاستدامة.
ثانيًا: ما الذي لم يُقَل… والأرقام تكشفه

1. احتياطي النقد الأجنبي  ليس موردًا ماليًا للموازنة، ولا يُستخدم للرواتب أو المشاريع، بل هو أداة دفاع عن العملة وتمويل الاستيراد.، ارتفاعه مرتبط أساسًا: بأسعار النفط، لا بارتفاع الإنتاجية أو تنويع الاقتصاد.
أي أن الاحتياطي لا يُنقذ عجزًا ماليًا، ولا يُغني عن الاقتراض، وأي مساس به للإنفاق يعني نقل الأزمة من المالية العامة إلى سعر الصرف.


2. العجز البنيوي: الأرقام لا تُخفيه
حتى نهاية أيلول 2025، تُظهر بيانات المالية العامة أن: الإنفاق التشغيلي (رواتب، تقاعد، دعم، تشغيل) يستحوذ على ما يقارب 75–80% من إجمالي الإنفاق العام. الإنفاق الاستثماري هو أول ما يُضغط عند أي أزمة سيولة.
هذا يعني أن الدولة: تصرف لتُبقي نفسها قائمة، لا تحقق نموًا.


3. الرواتب: كتلة تلتهم الموازنة تقديرات الموازنات الأخيرة تشير إلى أن: إجمالي الرواتب والأجور والتقاعد يقترب من 90 تريليون دينار سنويًا (نحو 65 مليار دولار حسب سعر الصرف).
هذا الإنفاق: غير مرتبط بالإنتاج، غير قابل للتخفيض سياسيًا، ويجعل الموازنة شديدة الجمود.
أي أن أي صدمة نفطية مستقبلية ستُترجم فورًا إلى عجز أو اقتراض.


4. خدمة الدين: رقم صامت لكنه خطيرحتى نهاية أيلول 2025، بلغت خدمة الدين العام  تجاوزت 4.3 ترليون  دينار عراقي ،هذا الرقم: لا يموّل مدرسة، لا يخلق وظيفة،لا يُصلح شبكة كهرباء.
هو كلفة تراكم العجز السابق، ويُموَّل من نفس الإيرادات التي يُفترض أن تخدم المواطن ، ومع أي اقتراض جديد، سترتفع هذه الخدمة تلقائيًا.


5. الاقتراض: اعتراف مؤجَّل لا حل
حين يُقال إن الحكومة المقبلة “ستضطر إلى الاقتراض”، فهذا يعني رقميًا ،العجز غير قابل للمعالجة بالإيرادات الحالية،الرواتب والإنفاق التشغيلي غير قابلين للمس، الإصلاح الهيكلي مُؤجَّل، الاقتراض هنا أداة إدارة سيولة لا سياسة اقتصادية.


6. التضخم: الانخفاض الذي لا يُطمئن
انخفاض التضخم إلى نحو 2.7% لا يعني تحسن المعيشة، بل تشير بيانات الأسعار  الى تضخم سالب ،و في هذه الحالة لا يعد إنجازًا، بل علامة ركود: الأسواق شبه متوقفة، والمواطن يستهلك أقل ما يمكن، والاقتصاد ينتظر أي دفعة حقيقية للنشاط.
الإنجاز الحقيقي سيكون عندما تتحسن القدرة الشرائية، وتنبض الأسواق بالحياة، وتتوسع فرص العمل، وليس مجرد انخفاض الأرقام في البيان.
في التحليل الاقتصادي ، تضخم منخفض و  بطالة مرتفعة تساوي  ركود، لا تعافٍ.
الخلاصة الرقمية:
ما نراه اليوم هو احتياطي قوي على الورق، لكنه غير قابل للإنفاق الفعلي. الموازنة تهيمن عليها النفقات التشغيلية، والرواتب تلتهم الجزء الأكبر من الإيرادات. خدمة الدين العام تتضخم بصمت، بينما يُقدّم الاقتراض كحل مؤقت وسهل. هذا ما نسميه استقرار خزينة، لكنه ليس استقرار اقتصاد.
العراق اليوم قوي نقديًا بالأرقام، لكنه ضعيف اقتصاديًا بالهيكل، وهش اجتماعيًا بالنتائج. والخطر الحقيقي لا يكمن في نفاد الاحتياطي، بل في الاطمئنان إلى أرقام صحيحة تُقرأ خارج سياقها. فالاقتصاد لا ينهار حين تنتهي الأموال، بل حين نؤجل القرار ونُسمي ذلك استقرارًا.



#سهام_يوسف_علي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق: اقتصاد واحد بمسارين… رفاهية السلطة ومعاناة الشعب
- ماذا بعد يا عراق… حين تصبح المهازل ميزان الدولة؟
- عودة الشركات الفاشلة… ومشروع طريق التنمية
- نتائج التعداد السكاني في العراق 2025: قراءة تحليلية لمستقبل ...
- هل يعود العراق إلى “الورقة البيضاء”؟ ولماذا قد تكون الخيار ا ...
- النفوذ الأميركي الثلاثي في العراق: بين الحاجة والهيمنة
- انتخابات تخطف الأبصار لكنها لا تضيء الطريق
- لماذا لا نملك -لي كوان يو- عراقياً؟
- ليس في الجراب غير الطائفية
- حين يبكي العراق: أسطورة الأنهار والدموع
- اقتصاد يئنّ... وساسة يتحدثون عن الرفاهية
- الرفاه الريعي في العراق: حين يجد العراقي الموز ولا يجد الكهر ...
- العراق في تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي لصندوق النقد الدولي 2 ...
- فتاوى ضد التغيير: حين صار الوطن كافرا والفساد مؤمنا-
- العراق: دولة غنية بالفقر
- العراق... الكنز الذي سرق نفسه
- نقل المصانع الإيرانية إلى العراق بين فرص الاستثمار ومخاطر ال ...
- 2.1%؟!: العراق بين الأرقام المعلّبة وواقع البطالة الحقيقي
- سندات الخزينة لدفع مستحقات المقاولين: قراءة في الدين الداخلي ...
- سندات الخزينة لدفع مستحقات المقاولين: قراءة في الدين الداخلي ...


المزيد.....




- ترمب يعد الأميركيين بـ-ازدهار اقتصادي لم يشهده العالم من قبل ...
- ترامب يطمئن الأميركيين في خطاب الأمة.. ويعد بازدهار اقتصادي ...
- البنك المركزي يقر بضغوط مزدوجة على الاحتياطيات والإنفاق العا ...
- الجفاف يهدد إنتاج الحنطة في العراق وتراجع الخزين المائي يتجا ...
- 972+: اقتصاد الإبادة الإسرائيلي على شفا الانهيار
- خبير اقتصادي إسرائيلي: هكذا دعمت الحرب على غزة اقتصاد -الزوم ...
- -وارنر براذرز ديسكفري- ترفض عرض الاستحواذ من باراماونت
- الخزانة الأميركية تجمد حظر بيع النفط الروسي عبر مشروع سخالين ...
- الخزانة الأميركية تفرض عقوبات جديدة على قطاع النفط الروسي
- كيف يُتخذ القرار الاقتصادي في الولايات المتحدة؟


المزيد.....

- الاقتصاد السوري: من احتكار الدولة إلى احتكار النخب تحولات هي ... / سالان مصطفى
- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سهام يوسف علي - بين الاستقرار المحاسبي والاختلال الاقتصادي: قراءة رقمية في تصريح رئيس الوزراء