أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سهام يوسف علي - العراق: اقتصاد واحد بمسارين… رفاهية السلطة ومعاناة الشعب














المزيد.....

العراق: اقتصاد واحد بمسارين… رفاهية السلطة ومعاناة الشعب


سهام يوسف علي

الحوار المتمدن-العدد: 8553 - 2025 / 12 / 11 - 12:28
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


هناك بلدان تعيش اقتصادًا واحدًا، وبلدان تنهار لأنها بلا اقتصاد، لكن العراق يعيش مفارقة أشد غرابة: اقتصادان في دولة واحدة، وواقعان لا يلتقيان إلا على ورق الموازنة.
مسار للسلطة… ومسار للشعب..
اقتصاد مرفّه للرئاسات الثلاث واحزابها، وواقع منهك للناس، القمة تعيش الامتياز، والقاع يرزح تحت الضغوط.

أولًا: مسار السلطة – عالم بلا أزمات
في هذا المسار، لا وجود للأزمات، لا بطالة، لا تقشف، لا قلق من أسعار النفط ولا من الانكماش ولا من ارتفاع التضخم ، هنا تعيش الرئاسات الثلاث وأحزابها ووزاراتها وأفواج حماياتها، حيث:
الرواتب لا تمسّ ،المخصصات لا تُخَفَّض ،الحمايات تُزاد بدل أن تُقلَّص، السيارات المصفحة تُستورد ولو جفّت الخزينة ،والامتيازات لا تتوقف حتى بعد مغادرة المنصب.
وفي هذا المسار، لا معنى لوقف التعيينات، لأن أبناء الطبقة السياسية غير محتاجين لسوق العمل أصلًا. والأهم: أن الدولة خصّصت 5 مليارات دينار سنويا في الموازنة للأحزاب، في بلد لا يستطيع توفير وظيفة لخريج يحمل شهادة عليا.
هذا مسار مغلق على نفسه، تديره مصالح فئات معينة، وتغذّيه موارد الدولة، ويقف بعيدًا عن تقلّبات السوق وعن هموم الناس.
ثانيًا: مسار الشعب – هشاشة يومية ومعاناة مستمرة.
المسار الثاني ، هو مسار العراقيين الحقيقي، مسار يقف على الحافة دائمًا، حيث يعيش المواطنون ،المعاناة اليومية :انقطاع الكهرباء ، شح المياه، تدهور شبكة الصرف الصحي،الازدحامات المرورية المفرطة وتلوث الهواء ، ولا تقتصر الضغوط على الخدمات الأساسية فحسب، بل تضطر الأسر أيضًا لتحمل أقساط جامعات ومدارس أهلية تفوق إمكانياتها المادية، كل يوم يزداد شعور المواطن بالعجز، بينما الدولة عاجزة عن توفير أبسط الخدمات الأساسية.
في هذا المسار، يعيش الناس على:
- رواتب ثابتة تكفي لتغطية احتياجاتهم اليومية.
- بطالة متصاعدة بلا أفق حقيقي لحلها.
-غياب قطاع خاص قادر على امتصاص القوة العاملة أو توفير فرص اقتصادية جديدة.
- آلاف الخريجين بلا وظائف، خصوصًا من الجامعات الأهلية، مما يزيد الضغط على سوق العمل الهش.
مسار الشعب مكشوف لجميع الصدمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بينما يعيش المسؤولون في فقاعة محمية لا تشعر بأي أزمة، مما يوسع الفجوة بين الاقتصادين ويجعلها مأساوية بلا شك.
كيف تعيش دولة بهذا الانقسام؟
الدولة التي تعيش هذه الأزدواجية ،فهي تعيش ازدواجًا أخلاقيًا قبل ان يكون اقتصاديا :
1. مسار السلطة محصّن ضد الهزات، ضد تقلبات النفط، وضد أزمات الموازنة.
2. مسار الشعب مكشوف أمام كل أزمة، وأمام كل خطأ سياسي، وأمام كل موسم انتخابي.
العلاقة بين الدولة والمجتمع مختلة: الدولة تأخذ من مسار الشعب لتمويل مسار السلطة، لكنها لا تعيد شيئًا من مسار السلطة إلى المواطنين. وكلما ضاق مسار الشعب، ازدهر مسار السلطة. وكلما تراجع الإنفاق على الخدمات، ارتفع الإنفاق على الامتيازات، وكلما توقفت التعيينات، توسعت أفواج الحمايات وميزانيات الأحزاب.
المفارقة الكبرى: في الدول التي بُنيت على قاعدة احترام المال العام: راتب الرئيس محدد بقانون صارم ،نفقات الضيافة تخضع للتدقيق. ،مكتب أي مسؤول يُغلق فور مغادرته المنصب ،لا وجود لحمايات إلا في الحدود الدنيا، ولا يدخل المسؤول البرلمان أو الحكومة بدافع الراتب، بل بدافع السجل السياسي.رئيس وزراء السويد يقود سيارته بنفسه، ورئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة كانت تتسوق بيدها وتحمل أكياس البقالة، والرئيس الفرنسي يخضع ،كأي موظف، لرقابة مالية دقيقة على نفقاته ،هكذا تُبنى الدولة: حين يكون كبار المسؤولين موظفين يخدمون الناس، لا مالكيًن لامتيازات .
لكن في العراق، انقلب المفهوم رأسًا على عقب. صارت الرئاسات الثلاث وما يتبعها من أفواج حماية ورواتب فلكية وامتيازات مستمرة بعد ترك المنصب، نموذجًا للقطيعة التامة مع فكرة “الخدمة العامة. المسؤول ليس موظفًا هنا، بل «مستفيدًا أول»، وأحيانًا «مُلكًا سياسيًا» تتحرك حوله موارد الدولة كما تتحرك الأقمار حول الكواكب، وهكذا تُنتج السلطة لنفسها طبقة محصّنة ضد التقشف، ضد الأزمات.
ان الدولة لا يمكن أن تستقر بقدمين غير متساويتين ، و إن العراق لن ينهض إلا حين يعود ليعيش مسارا واحدًا، يخضع له الجميع ويخدم الجميع، وينتمي إليه الجميع ، من أعلى الهرم إلى أسفله.



#سهام_يوسف_علي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا بعد يا عراق… حين تصبح المهازل ميزان الدولة؟
- عودة الشركات الفاشلة… ومشروع طريق التنمية
- نتائج التعداد السكاني في العراق 2025: قراءة تحليلية لمستقبل ...
- هل يعود العراق إلى “الورقة البيضاء”؟ ولماذا قد تكون الخيار ا ...
- النفوذ الأميركي الثلاثي في العراق: بين الحاجة والهيمنة
- انتخابات تخطف الأبصار لكنها لا تضيء الطريق
- لماذا لا نملك -لي كوان يو- عراقياً؟
- ليس في الجراب غير الطائفية
- حين يبكي العراق: أسطورة الأنهار والدموع
- اقتصاد يئنّ... وساسة يتحدثون عن الرفاهية
- الرفاه الريعي في العراق: حين يجد العراقي الموز ولا يجد الكهر ...
- العراق في تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي لصندوق النقد الدولي 2 ...
- فتاوى ضد التغيير: حين صار الوطن كافرا والفساد مؤمنا-
- العراق: دولة غنية بالفقر
- العراق... الكنز الذي سرق نفسه
- نقل المصانع الإيرانية إلى العراق بين فرص الاستثمار ومخاطر ال ...
- 2.1%؟!: العراق بين الأرقام المعلّبة وواقع البطالة الحقيقي
- سندات الخزينة لدفع مستحقات المقاولين: قراءة في الدين الداخلي ...
- سندات الخزينة لدفع مستحقات المقاولين: قراءة في الدين الداخلي ...
- العراق بين تحولات الديموغرافيا وأزمات التنمية: قراءة في معضل ...


المزيد.....




- تدفق الاستثمارات الآسيوية نحو سندات وقروض الخليج في ظل تباطؤ ...
- تذبذب أسعار الذهب وسط ترقب لبيانات اقتصادية أمريكية
- أستراليا تحظر السوشيال ميديا للقُصّر.. هل من خسارة اقتصادية؟ ...
- رويترز: المستثمرون الآسيويون يتدفقون على السندات والقروض الخ ...
- الذهب والنفط يتراجعان لهذه الأسباب
- وكالة الطاقة تخفض توقعاتها لفائض سوق النفط عالميا في 2026
- -فينتك أبوظبي- يطلق مرحلة جديدة في الابتكار المالي
- سويسرا تُبقي الفائدة صفرية للمرة الثانية على التوالي
- الذهب يحقق مكاسب قياسية في 2025.. فما هي التوقعات لعام 2026؟ ...
- 3 طرق تجعل الامتنان ركيزة لصحتك المالية في 2026


المزيد.....

- الاقتصاد السوري: من احتكار الدولة إلى احتكار النخب تحولات هي ... / سالان مصطفى
- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سهام يوسف علي - العراق: اقتصاد واحد بمسارين… رفاهية السلطة ومعاناة الشعب