أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سهام يوسف علي - انتخابات تخطف الأبصار لكنها لا تضيء الطريق














المزيد.....

انتخابات تخطف الأبصار لكنها لا تضيء الطريق


سهام يوسف علي

الحوار المتمدن-العدد: 8521 - 2025 / 11 / 9 - 10:58
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


في بغداد، المدينة التي اعتادت أن تشهد تناقضاتها على الأرصفة وفي المقاهي وفي وجوه المارة، ارتفعت سماؤها هذه المرة بصورة عملاقة لمحمد الحلبوسي، رسمتها آلاف الطائرات المسيّرة كما لو أنها تحاول أن تُقنع العراقيين بأن الضوء في السماء قد يُبدّد عتمة الواقع في الأرض. مشهد مبهر من الناحية التقنية، لكنه يوجع القلب حين يُقرأ بمعناه الرمزي: سياسة تزيّن السماء وتُهمل الأرض.

في هذه الانتخابات، لم يعد البذخ الانتخابي ترفاً، بل صار مقياساً للنفوذ. ملايين من الدولارات قيل إنها صُرفت على حملة واحدة، وكأننا أمام سباق لا على خدمة الوطن، بل على من يمتلك القدرة على تحويل المال إلى هالةٍ من الضوء فوق العاصمة المتعبة.
ومن المفارقات أن هذه العروض الضوئية تُقام في بلد يعجز عن إنارة شوارعه ليلاً أو عن تشغيل محطاته الكهربائية بلا انقطاع.
لكن الحلبوسي لم يكن وحده في هذا البذخ الانتخابي ،في مدنٍ أخرى، تنافست الكتل على من يُنفق أكثر، لا من يُقنع أكثر. حزب يفرش شوارعه بواجهات رقمية عملاقة تبثّ صور زعيمه كل عشر ثوانٍ، وآخر يوزّع بطانيات وأجهزة كهربائية ووعوداً بالجنة الدنيوية، وثالثٌ يحوّل مكاتبه الانتخابية إلى صالات فاخرة تقدَّم فيها الولائم وكأن التصويت وليمة لا مسؤولية.
مرشحةٌ تُغدق الهدايا على الفقراء أمام الكاميرات، بينما المستشفيات تعاني نقص الأدوية، والمدارس تنهار جدرانها على طلابها.
كل ذلك يجري تحت عنوان "التنافس الديمقراطي"، لكنه في جوهره سباق على النفوذ لا على الخدمة العامة.
الأحزاب التي تنفق الملايين في أسابيع، هي ذاتها التي تتحدث بعد الانتخابات عن العجز المالي وتقترح تقليص رواتب الموظفين.
فمن أين جاءت هذه الأموال؟
ولماذا تُصرف بهذا الحجم من أجل مقعدٍ برلماني، إن لم يكن الهدف استردادها أضعافاً بعد الفوز؟

ما يحصل يكشف انحرافاً خطيراً في معنى الانتخابات نفسها. فبدلاً من أن تكون ساحةً لتقديم البرامج والمشاريع، أصبحت ساحةً لاستعراض المال والوجاهة. تُخطف الأبصار بالأضواء، بينما تغيب البرامج الواقعية، وتبقى الأسئلة الجوهرية بلا إجابة.
لقد تحولت الدعاية الانتخابية في العراق إلى كرنفالٍ للمال والنفوذ، حيث تُقاس الشعبية بعدد الشاشات لا بعدد الأفكار، وبطول طاولة العشاء لا بعمق البرنامج الانتخابي. كلّ كتلة تتفنّن في استعراضها، كأننا أمام مزادٍ سياسيّ مفتوح: من يشتري قلوب الناس بمالهم؟

أما المواطن، فيقف بين هذه الأضواء، مندهشاً ومكسوراً في آنٍ واحد؛ مندهش من هذا الثراء المفاجئ، ومكسور لأنه يعرف أن تلك الأموال ليست إلا من خزينته، وأن تلك الأضواء تُشعلها عمولات عقود لم تُنجز وموازنات التهمها الفساد.
وهو يعلم في قرارة نفسه أن من يشتري صوته اليوم سيبيع الوطن غداً.
هكذا، تُنفق الملايين لتزيين السماء، في حين أن الأرض تزداد ظلاماً.
تخطف الأبصار، نعم، لكنها لا تضيء الطريق.



#سهام_يوسف_علي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لا نملك -لي كوان يو- عراقياً؟
- ليس في الجراب غير الطائفية
- حين يبكي العراق: أسطورة الأنهار والدموع
- اقتصاد يئنّ... وساسة يتحدثون عن الرفاهية
- الرفاه الريعي في العراق: حين يجد العراقي الموز ولا يجد الكهر ...
- العراق في تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي لصندوق النقد الدولي 2 ...
- فتاوى ضد التغيير: حين صار الوطن كافرا والفساد مؤمنا-
- العراق: دولة غنية بالفقر
- العراق... الكنز الذي سرق نفسه
- نقل المصانع الإيرانية إلى العراق بين فرص الاستثمار ومخاطر ال ...
- 2.1%؟!: العراق بين الأرقام المعلّبة وواقع البطالة الحقيقي
- سندات الخزينة لدفع مستحقات المقاولين: قراءة في الدين الداخلي ...
- سندات الخزينة لدفع مستحقات المقاولين: قراءة في الدين الداخلي ...
- العراق بين تحولات الديموغرافيا وأزمات التنمية: قراءة في معضل ...
- عباءة الذهب… وجسد العراق العاري
- مليار دينار بلا عمل: البرلمان العراقي يبتلع المال ويعطل الاق ...
- ماوراء الاستيراد القياسي للذهب في العراق
- الاقتصاد العراقي يتجاوز طاقته الاستيعابية: مؤشرات النصف الأو ...
- حفلة التيوس
- الانتقائية في معيار -حسن السيرة والسلوك-: أزمة الديمقراطية ا ...


المزيد.....




- هل البيتكوين حقا النسخة الرقمية من الذهب؟
- شركات الطيران الأميركية تلغي مزيدا من الرحلات بسبب الإغلاق ا ...
- مرحاض -أمريكا- الذهبي معروض للبيع في مزاد .. وسعره يساوي وزن ...
- الشفرات النووية واختراقات البريد الصوتي وإفلاس شركات.. هذه ب ...
- تصريح صحفي صادر عن تجمع اتحرك … نمو فرص العمل الصناعية يؤكد ...
- اقتصاد الحمير.. لماذا تسيطر الصين على حمير أفريقيا؟
- اقتصادي: إنفاق البرلمان الحالي 35 مليار دينار على كل قانون أ ...
- إطلاق BingX AI Arena : تجربة تنافسية جديدة في التداول بالذكا ...
- هل يقترب الصعود التاريخي لأسهم أميركا من نهايته؟
- مرموش يتحدث عن المنافسة مع صلاح وموقعة ليفربول


المزيد.....

- الاقتصاد السوري: من احتكار الدولة إلى احتكار النخب تحولات هي ... / سالان مصطفى
- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سهام يوسف علي - انتخابات تخطف الأبصار لكنها لا تضيء الطريق