أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سهام يوسف علي - مليار دينار بلا عمل: البرلمان العراقي يبتلع المال ويعطل الاقتصاد














المزيد.....

مليار دينار بلا عمل: البرلمان العراقي يبتلع المال ويعطل الاقتصاد


سهام يوسف علي

الحوار المتمدن-العدد: 8469 - 2025 / 9 / 18 - 23:45
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


منذ عام 2022 وحتى اليوم، لم يعقد البرلمان سوى 149 جلسة من أصل 265 كان يفترض عقدها. أي أن 116 جلسة غابت، ومعها غاب التشريع والرقابة، لكن الحضور المالي كان حاضرًا بكل ثقله. إذا قسنا الأمر بمعيار الإنتاجية، فإن كل جلسة انعقدت كلفت الخزينة مليارات، لتصبح أغلى جلسات برلمانية في العالم مقارنة بمخرجاتها

في الحسابات الباردة للأرقام، تقف الحقيقة عارية بلا رتوش، 122 مليار دينار تقاضاها النواب في هذه الدورة البرلمانية بلا عمل يُذكر، فيما الجلسات المعطّلة تروي حكاية مؤسسة تآكلت من الداخل، وتحولت إلى ماكينة لصرف الرواتب لا لإنتاج التشريعات.

لم يكن المشهد أكثر سخرية من برلمان يفشل في عقد جلسته لأن النصاب لم يكتمل، بينما مقاعد "كافتيريا المجلس" تعج بالنواب. إنها صورة تختزل المأساة: الحضور شكلي، والغياب جوهري. كل نائب يتقاضى نحو 27 مليون دينار شهريًا بين راتب وحماية وإيجار، لكن البرلمان لا ينجز إلا جلسة يتيمة في الشهر بدلًا من ثماني جلسات. إنها معادلة عجيبة، كلما قل العمل ارتفعت الكلفة، تمامًا كما في الشركات المفلسة حين تتحول الرواتب إلى استنزاف بلا مردود.

الأمر لا يتوقف عند هدر الرواتب. فالتشريع المعطَّل هو في ذاته خسارة اقتصادية صافية، قوانين الاستثمار تتوقف، الإصلاحات المالية تُرحّل، والبيئة الاقتصادية تغرق في ضباب من عدم اليقين. المستثمر الذي يراقب بغداد من بعيد، يرى برلمانًا عاجزًا عن التصويت على أبسط القوانين، فيتردد، يؤجل، وربما يغادر إلى وجهة أخرى أكثر استقرارًا، هنا يتحول الغياب البرلماني إلى كلفة مضاعفة: أموال تهدر على رواتب بلا عمل، وفرص تضيع بسبب غياب التشريعات.

حين يتلقى النواب كامل رواتبهم رغم الغياب، فإن الرسالة التي تصل إلى المجتمع واضحة ،المسؤولية ليست التزامًا، بل امتيازًا. هذه الثقافة تتسرب إلى الموظف، المقاول، وحتى المواطن العادي، فيصبح التهاون في العمل سلوكًا عامًا، وفي علم الاقتصاد، ضعف الثقة بالمؤسسات لا يقل خطورة عن عجز الموازنة ، فالمجتمع الذي يرى قادته يتنصلون من واجباتهم لن يثق بجدوى الضرائب ولا بسلامة القوانين، مما يضعف أساس الدولة كلها.

والمفارقة ان النواب الذين يعطلون القوانين ويتصارعون على مغانم سياسية، هم أنفسهم الذين يطالبون الشعب اليوم ،بمنحهم ولاية جديدة، المشكلة لم تعد في غياب النصاب أو تعطل الجلسات، بل في أن البرلمان تحوّل إلى بازار محاصصة، حيث تباع القوانين وتشترى التحالفات، فيما تترك الدولة رهينة للشلل، الشرعية هنا لم تعد تعني التفويض الشعبي، بل تعني القدرة على إعادة إنتاج الذات، واستمداد الحياة من شبكة التحالفات الخارجية والداخلية، لا من ثقة المواطن.

إن ترشيح نفس النواب الذين فشلوا في أبسط مهامهم ليس مجرد استخفاف بعقل الناخب، بل إعلان واضح بأن السياسة في العراق لم تعد تُدار بمنطق التداول، بل بمنطق إعادة التدوير، إعادة تدوير الطبقة السياسية أشبه بإعادة تدوير الخراب، يغلف بألوان جديدة ، بينما الشعب يدفع الثمن من خبزه، وكرامته، ومستقبله.

السؤال الأهم: هل يملك الناخب العراقي الجرأة ليكسر هذه الحلقة الجهنمية؟إن لم يحدث ذلك، فستبقى الانتخابات مجرد طقس شكلي لإعادة إنتاج الفشل، ويبقى البرلمان مؤسسة استهلاك للمال العام لا أكثر.



#سهام_يوسف_علي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماوراء الاستيراد القياسي للذهب في العراق
- الاقتصاد العراقي يتجاوز طاقته الاستيعابية: مؤشرات النصف الأو ...
- حفلة التيوس
- الانتقائية في معيار -حسن السيرة والسلوك-: أزمة الديمقراطية ا ...
- حين يُصبح الانحياز صوتًا بلا عقل
- الاستثمار بين السيادة والتنمية: قراءة موضوعية في المادتين ال ...
- موازنة فريدة- وتجربة لم تكتمل: قراءة نقدية في خطاب الحكومة ع ...
- تحليل نقدي للتقرير الوطني الطوعي الثالث للعراق: بين الإنجازا ...
- تصريحات وزيرة المالية حول تأخر جداول الموازنة: قراءة في المب ...
- سنأخذ النفط العراقي-... هل ستتحقق نبوءة ترامب؟
- التبادل التجاري بين العراق والولايات المتحدة: فائض رقمي يخفي ...
- العراق بين شبح العجز وغياب الإصلاح: قراءة نقدية لتقرير صندوق ...
- قراءة في تحذيرات صندوق النقد للعراق
- عن الجامعات العراقية ومؤشر النزاهة البحثية.. الحقيقة ليست في ...
- التسوّل في العراق... حين يصبح الفقر تجارة والفساد راعيًا لها
- الجامعات العراقية وتصنيف -العلم الأحمر-: أزمة نزاهة البحث ال ...
- بين الإعلانات المليارية والحقائق المالية: خرافة الاستثمار ال ...
- العرض، موسم السُخرة، وكرنفال الهبات
- الضوضاء الملونة- لا تُقنع الأسواق ولا تُعالج الأزمة
- السلف الحكومية في العراق ضمن كشف حساب الدولة 2024: تمويل طار ...


المزيد.....




- نتنياهو يثير عاصفة اقتصادية بدعوته لتحويل إسرائيل إلى إسبرطة ...
- الشيباني يبحث في واشنطن ربط الاقتصاد السوري بالنظام المالي ا ...
- 50 زفافاً في معالم دنماركية ضمن مهرجان -الأيام الذهبية-
- بوتين: روسيا تتعمد إبطاء نموها الاقتصادي لكبح التضخم
- بوتين: روسيا تتعمد إبطاء نموها الاقتصادي لكبح التضخم
- موديز: اقتصاد جنوب أفريقيا ينمو بأقل من 1.5% وجيرانها يتقدمو ...
- كوت ديفوار 2025.. هل تكفي حصيلة النمو لفوز واتارا بولاية راب ...
- لماذا تخسر مطاعم الفنادق بأفريقيا رغم ازدهار السياحة؟
- جائزة الكرة الذهبية.. التوقعات والمعايير الجديدة
- الذهب يتراجع رغم خفض الفدرالي الأميركي أسعار الفائدة


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سهام يوسف علي - مليار دينار بلا عمل: البرلمان العراقي يبتلع المال ويعطل الاقتصاد