سهام يوسف علي
الحوار المتمدن-العدد: 8444 - 2025 / 8 / 24 - 20:25
المحور:
كتابات ساخرة
من يراقب المشهد الانتخابي في العراق سيجد أن مفهوم "حسن السيرة والسلوك" قد تحوّل إلى أداة مطاطية، تُستخدم حين يُراد استبعاد خصم، وتُهمَل حين يكون المتورط من أبناء "البيت السياسي". فلا معيار واضح ولا قواعد شفافة، بل انتقائية تُثير السخرية أكثر مما تبعث على الاطمئنان.
توزيع الأموال والهدايا قبل الانتخابات؟ في المنطق الديمقراطي السليم هو شراء للذمم، لكن في قاموس "السياسة العراقية" يقدّم على أنه مشاركة بالفرح الشعبي. والخطاب الطائفي، حين يختزل الدم العراقي بميزان الأعداد: سبعة مقابل سبعة، يُقدَّم لا بوصفه تحريضًا مقيتًا، بل باعتباره دفاعًا عن "حقوق المكوّن".
وحين يتغيب النواب عن البرلمان، لا يراها أحد خرقًا لثقة الناخبين، بل تُفسَّر بأنها "فرصة للتفكير العميق". أما الشتائم البذيئة تحت قبة البرلمان، مثل أن ينعت نائب زميله بأقذع الألفاظ، فهي ليست قلة أدب، بل "لغة صريحة تمثل نبض الشارع". وحتى الاشتباك بالأيدي وتبادل اللكمات أمام عدسات الإعلام، يُسوَّق على أنه "حيوية الديمقراطية العراقية".
وسط هذه المفارقات، يغدو سؤال "من يحدد حسن السيرة والسلوك؟" سؤالاً عبثيًا، إذ إن الجواب معروف مسبقًا: يحدده ميزان القوى، لا ميزان الأخلاق. يحدده الولاء السياسي، لا القيم المدنية. ويظل المواطن يتفرج على مشهد تتقاطع فيه الهزليات مع المآسي، حيث تُستبعد الأصوات المزعجة للنظام، فيما يُعاد تدوير الوجوه التي أثقلت ذاكرة العراقيين بالخذلان.
في النهاية، "حسن السيرة والسلوك" ليس معيارًا قانونيًا في العراق، بل شعار فضفاض، يرفع حين يخدم السلطة، ويُسقط حين يهددها. أما حسن السيرة الحقيقي ــ ذاك الذي يعني النزاهة، احترام الدستور، وصون كرامة الناس ــ فهو الغائب الأكبر عن مسرح السياسة العراقية.
#سهام_يوسف_علي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟