أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سهام يوسف علي - بين الإعلانات المليارية والحقائق المالية: خرافة الاستثمار الأجنبي في العراق














المزيد.....

بين الإعلانات المليارية والحقائق المالية: خرافة الاستثمار الأجنبي في العراق


سهام يوسف علي

الحوار المتمدن-العدد: 8388 - 2025 / 6 / 29 - 22:44
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


في مايو 2025، وأثناء كلمته في القمة العربية التنموية الاقتصادية، أعلن رئيس مجلس الوزراء ، السيد محمد شياع السوداني، أن حجم الاستثمارات العربية والأجنبية في العراق بلغ نحو 89 مليار دولار خلال عامين. وقد رافق هذا التصريح زخم إعلامي كبير خلق انطباعًا بحدوث طفرة استثمارية في البلاد. لكن، حين نعود إلى البيانات الرسمية الصادرة عن المؤسسات الحكومية ذاتها، وعلى رأسها البنك المركزي، لا نجد ما يؤكد صحة هذا الادعاء، لا من حيث حجم التدفقات المالية ولا من حيث الإنجاز الفعلي للمشاريع.

وفقًا لتقارير البنك المركزي العراقي المستندة إلى حساب ميزان المدفوعات، بلغت صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في عام 2023 نحو 5.36 مليار دولار، في حين سُجّل صافي خروج في استثمارات الحافظة بقيمة –354 مليون دولار، ودخول محدود في الاستثمارات الأخرى (قروض وودائع) بحدود +16.7 مليون دولار، ليكون صافي الاستثمار الأجنبي الكلي لذلك العام بحدود 5.02 مليار دولار فقط.

أما في عام 2024، فتُظهر البيانات أن صافي الاستثمار الأجنبي المباشر لم يتجاوز 1.2 مليار دولار، بينما بقيت الاستثمارات الأخرى ضعيفة وغير مستقرة. وبذلك، فإن مجموع ما دخل من استثمارات أجنبية خلال عامي 2023 و2024 لا يتعدى 6.2 مليار دولار، وهي أرقام بعيدة كل البعد عن الرقم المعلن البالغ 89 مليار دولار.

هذا التفاوت الحاد بين ما يُعلن في الخطاب السياسي وبين ما ترصده البيانات المالية الرسمية يثير تساؤلات جوهرية حول مصداقية الأرقام ودقة الصورة التي تُقدَّم للرأي العام، خاصة عندما لا نجد لهذه "الاستثمارات المليارية" أثرًا ملموسًا في الإنتاج أو التشغيل أو حتى في الحسابات القومية.

يمكن تفسير هذا الفارق بعدة عوامل. أولها أن الحكومة غالبًا ما تحتسب "الإجازات الاستثمارية" والتوقيعات الورقية كأنها استثمارات قائمة، دون تمييز بين النوايا والتنفيذ الفعلي، وبين التعاقد وبين التحويل المالي. كما لا تنشر الجهات المعنية نسب الإنجاز المالي أو الفني للمشاريع التي يُروَّج لها، مما يُصعّب التحقق من جدية التنفيذ أو حتى بدايته. يضاف إلى ذلك غياب الرقابة البرلمانية والإعلامية الفاعلة، التي كان من الممكن أن تكشف الفجوة بين ما يُعلَن وما يتحقق على الأرض.

في هذا السياق، يُستخدم الخطاب الاستثماري كأداة سياسية لتضخيم الإنجاز، دون ربط ذلك بمؤشرات قابلة للقياس. كما يُلاحظ خلط بين الاستثمار الأجنبي والمحلي، وبين التعهدات ومذكرات التفاهم من جهة، والدخول الفعلي لرؤوس الأموال من جهة أخرى، وهو خلط يؤدي إلى تضليل الجمهور وصناعة وهم الازدهار.

إن الاستثمار الحقيقي يُقاس بما يدخل فعليًا من رؤوس أموال، ويظهر في ميزان المدفوعات، ويتحول إلى مشاريع قائمة تُنتج وتوظف وتضيف إلى الناتج المحلي. أما ما يجري تداوله من أرقام دون أساس مالي، فلا يعدو كونه حملة علاقات عامة لا تجد ترجمة لها في الواقع الاقتصادي.

وعليه، فإن الادعاء بدخول 89 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية خلال عامين لا يستند إلى بيانات موثقة، ولا يُعزز بأي دليل مالي ملموس. بل إن ما يتوفر من بيانات رسمية يناقضه كليًا، ويكشف أن الخطاب الحكومي ما زال بعيدًا عن الواقعية.



#سهام_يوسف_علي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرض، موسم السُخرة، وكرنفال الهبات
- الضوضاء الملونة- لا تُقنع الأسواق ولا تُعالج الأزمة
- السلف الحكومية في العراق ضمن كشف حساب الدولة 2024: تمويل طار ...
- تعليق بطاقات الدفع الإلكتروني الدولية في العراق: قرار مالي أ ...
- موازنة على أرائك مهترئة: العراق بين النفقات الحاكمة والملاعق ...


المزيد.....




- إنعاش الاقتصاد السوري.. موارد طبيعية بانتظار استثمارها
- البرلمان المصري يقر زيادات ضريبية على السجائر والكحول
- اقتصاد بريطانيا ينمو 0.7% في الربع الأول بأسرع وتيرة في عام ...
- هل يخفف الروبل الروسي أزمة الدين بمصر؟
- قصة أكجوجت أرض الذهب والعطش
- مشروع ترامب للضرائب يجتاز عقبة الشيوخ رغم تحذيرات الدين
- ترامب: تجارة السيارات مع اليابان -غير عادلة- ويجب تصحيحها
- مصر تُسجّل أقوى نمو فصلي للناتج المحلي منذ 3 سنوات
- -تبريد- و -CVC DIF- تستحوذان على شركة -بال كولينغ-
- كندا تلغي الضريبة الرقمية وتستأنف المفاوضات التجارية مع واشن ...


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سهام يوسف علي - بين الإعلانات المليارية والحقائق المالية: خرافة الاستثمار الأجنبي في العراق