أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سهام يوسف علي - العراق بين شبح العجز وغياب الإصلاح: قراءة نقدية لتقرير صندوق النقد الدولي














المزيد.....

العراق بين شبح العجز وغياب الإصلاح: قراءة نقدية لتقرير صندوق النقد الدولي


سهام يوسف علي

الحوار المتمدن-العدد: 8398 - 2025 / 7 / 9 - 18:43
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


في تقريره الأخير، وجّه صندوق النقد الدولي تحذيراً صارماً بشأن تفاقم مواطن الضعف المالي والاقتصادي، محذّراً من أن البلاد تتجه نحو عجز متزايد في الموازنة، في ظل تراجع أسعار النفط، وضعف الإيرادات غير النفطية، وتضخم النفقات الجارية، وخاصة في بند الأجور والمعاشات. التقرير يقدّم صورة دقيقة ولكن مثيرة للقلق حول واقع الاقتصاد العراقي، ويطرح تساؤلات جوهرية حول مدى استعداد الحكومة لاحتواء الأزمة المقبلة.

بحسب التقديرات، سيقفز عجز الموازنة من 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024 إلى 9.2% في 2026، نتيجة انخفاض الإيرادات النفطية وغياب التنويع الحقيقي في مصادر الدخل. وفي الوقت الذي تتراجع فيه عائدات النفط من نحو 99 مليار دولار إلى 79 ملياراً خلال ثلاث سنوات فقط، لا تُظهر النفقات العامة أي مرونة، بل تستمر في الصعود، ما يعكس استمرار الدولة في إدارة مالية غير مستدامة.

وعلى الرغم من محاولات الحكومة لعرض خطط لتنويع الاقتصاد، إلا أن الواقع يقول خلاف ذلك. النمو غير النفطي تباطأ بشكل حاد إلى 1% فقط في 2024، بحسب تقديرات صندوق النقد، مقارنة بـ13.8% في العام السابق. هذا الانحدار يكشف أن القطاعات غير النفطية ما زالت محدودة التأثير، وتعاني من ضعف البنية التحتية، وانعدام الحوافز الحقيقية، وغياب البيئة الاستثمارية الجاذبة.

التقرير يسلّط الضوء على ارتفاع سعر التعادل المالي للنفط إلى 84 دولاراً للبرميل، مقارنة بـ54 دولاراً قبل أربع سنوات. وفي ظل أسعار عالمية لا تتجاوز 70 دولاراً حالياً، فإن الموازنة العراقية تعاني من اختلال داخلي في كل برميل يُباع، ما يعني أن الاستمرار بهذا النهج سيؤدي إلى استنزاف سريع للاحتياطي المالي، وارتفاع مستمر في مستويات الدين العام، المتوقع أن تصل نسبته إلى أكثر من 62% من الناتج بحلول 2026.

وفي موازاة ذلك، يتلاشى الاستثمار الأجنبي المباشر بشكل شبه كامل، مع بقائه عند 0% من الناتج المحلي حتى عام 2026، ما يُشير إلى غياب الثقة الدولية بالاقتصاد العراقي. وهو ما يعكس خللاً بنيوياً في بيئة الأعمال، وغياب الشفافية والحوكمة، وارتباك النظام القانوني، إضافة إلى غياب استراتيجية واضحة لجذب الاستثمارات النوعية.

النقد الذي يمكن توجيهه لصندوق النقد نفسه، هو أنه يقدّم وصفاً دقيقاً للمشكلة، لكنه لا يأخذ في الحسبان طبيعة السياق السياسي والاجتماعي العراقي، الذي يجعل من تطبيق "وصفات جاهزة" للإصلاح أمراً بالغ الصعوبة. فرفع الإيرادات غير النفطية مثلاً، يتطلب إصلاحاً ضريبياً شاملاً، لا يبدو أن الدولة قادرة عليه في ظل ضعف الدولة العميقة وتفشي الاقتصاد الموازي.

كما أن توصيات الصندوق بشأن ترشيد الإنفاق، وخاصة في بند الأجور، تصطدم بواقع اجتماعي هش، حيث يعتمد الملايين من المواطنين على الرواتب الحكومية كمصدر دخل رئيسي في ظل ضعف القطاع الخاص، وانعدام شبكات الأمان الاجتماعي الفعالة.

في النهاية، لا يُمكن معالجة العجز المالي والركود الاقتصادي في العراق دون قرارات إصلاحية شجاعة، تبدأ بإعادة هيكلة النفقات، وتحرير الاقتصاد من قبضة الدولة الريعية، وتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص، وضمان استقلال المؤسسات الاقتصادية، وبناء قاعدة إنتاجية حقيقية.



#سهام_يوسف_علي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في تحذيرات صندوق النقد للعراق
- عن الجامعات العراقية ومؤشر النزاهة البحثية.. الحقيقة ليست في ...
- التسوّل في العراق... حين يصبح الفقر تجارة والفساد راعيًا لها
- الجامعات العراقية وتصنيف -العلم الأحمر-: أزمة نزاهة البحث ال ...
- بين الإعلانات المليارية والحقائق المالية: خرافة الاستثمار ال ...
- العرض، موسم السُخرة، وكرنفال الهبات
- الضوضاء الملونة- لا تُقنع الأسواق ولا تُعالج الأزمة
- السلف الحكومية في العراق ضمن كشف حساب الدولة 2024: تمويل طار ...
- تعليق بطاقات الدفع الإلكتروني الدولية في العراق: قرار مالي أ ...
- موازنة على أرائك مهترئة: العراق بين النفقات الحاكمة والملاعق ...


المزيد.....




- البنك المركزي الألماني يقدم توقعات اقتصادية غير مشجعة
- لأول مرة.. انطلاق قطاري شحن من الصين إلى تركيا
- البنك المركزي يقرر رفع الحد الادنى للسحب في البنوك لهذا المب ...
- صناعة السيارات بجنوب أفريقيا تواجه أزمة غير مسبوقة بسبب رسوم ...
- سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار يعاود التراجع
- فورد تستدعي أكثر من 694 ألف سيارة في أميركا والسهم يتراجع
- التضخم في بريطانيا عند أعلى مستوى في 18 شهرا
- ولي عهد البحرين يؤكد أهمية التعاون الاقتصادي مع أميركا
- توقعات بارتفاع أسعار الفضة.. لماذا؟
- ترامب يفرض رسوما جمركية بنسبة 19% على إندونيسيا


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سهام يوسف علي - العراق بين شبح العجز وغياب الإصلاح: قراءة نقدية لتقرير صندوق النقد الدولي