أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سهام يوسف علي - النفوذ الأميركي الثلاثي في العراق: بين الحاجة والهيمنة














المزيد.....

النفوذ الأميركي الثلاثي في العراق: بين الحاجة والهيمنة


سهام يوسف علي

الحوار المتمدن-العدد: 8525 - 2025 / 11 / 13 - 11:16
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


منذ عام 2003 والعراق يعيش في منطقة تماس بين المصالح الدولية غير أن النفوذ الأميركي، بعد أن تراجع عسكرياً، عاد بصيغ اقتصادية أكثر نعومة وأشد تأثيراً، تتسلّل عبر مفاصل الطاقة: النفط والكهرباء والغاز.
ثلاثة منافذ مختلفة، لكنها في مجموعها تُشكّل منظومة نفوذ متشابكة تُحكم من خلالها واشنطن قبضتها الاقتصادية والسياسية من دون وجود جندي واحد على الأرض.

النفوذ الأول: النفط… العصب المالي للدولة
يمثّل النفط أكثر من 90٪ من إيرادات العراق، ولذلك فإن أي طرف يملك تأثيراً في هذا القطاع يملك نفوذاً واسعاً في القرار الاقتصادي.
الولايات المتحدة دخلت عبر شركاتها الكبرى مثل إكسون موبيل وشيفرون، لكنها لم تكتف بعقود الخدمة التقليدية، بل دفعت باتجاه عقود أكثر مرونة تتيح تقاسم الأرباح أو تحديد سعر حوافز متغيّر مرتبط بالإنتاج.
بهذا الشكل، صار القرار النفطي العراقي مرتبطاً جزئياً بالمناخ الاستثماري الأميركي، وبثقة تلك الشركات في الاستقرار السياسي والأمني. فالولايات المتحدة لا تسيطر على النفط العراقي، لكنها تملك القدرة على توجيه تدفق الاستثمارات أو تجميدها، وهو نفوذ ناعم لا يُعلن لكنه فاعل.
إنّ العراق، من حيث يدري أو لا يدري، أصبح يقيس بعض قراراته الاقتصادية بمقياس "مدى رضا المستثمر الأميركي"، لأن خروج تلك الشركات يترك فجوة تقنية وتمويلية لا يُسدّها البديل بسهولة.

النفوذ الثاني: الكهرباء… مفاتيح الظلام والنور
في قطاع الكهرباء، لا يُمكن تشغيل الشبكة الوطنية من دون مئات التوربينات التي زوّدتها شركة جنرال إلكتريك.النفوذ هنا ليس مالياً فقط، بل هيكلي وتقني. فالشركة تمتلك الشيفرات التشغيلية والأنظمة الرقمية التي تدير الكفاءة والإنتاج، أي أن توقف التعاون معها يعني عملياً تعطّل نصف منظومة الكهرباء.
الولايات المتحدة استطاعت أن تبني من خلال هذا الدور أداة ضغط هادئة ولكن فعّالة؛ إذ يمكنها، عبر إيقاف التوريد أو تأخير الصيانة، أن تُربك منظومة الخدمات في بلد يعيش أزمته المزمنة في الطاقة. ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن هذا الوجود وفّر للعراق فرصاً حقيقية للتحديث والانتقال إلى تقنيات أكثر كفاءة، مما يجعل العلاقة متبادلة وإن كانت مختلّة في موازين القوة.
النقطة الأيجابية ان عقود الكهرباء مع GE Vernova تتضمن بنوداً واضحة لنقل المعرفة والتدريب وتشغيل وصيانة المحطات، ما يمنح العراقيين فرصة لبناء خبرة محلية تقلل الاعتماد على الشركة مع مرور الوقت.

النفوذ الثالث: الغاز… أمن الطاقة وسلاح البدائل
حينما قرر العراق البحث عن بديل للغاز الإيراني، ظهرت شركة أميركية جديدة هي أكسيليريت إنرجي لتنفيذ مشروع المنصة العائمة في خور الزبير لاستيراد الغاز المسال.
بهذا المشروع، دخلت الولايات المتحدة إلى سلسلة الإمداد الطاقوي للعراق، ليس عبر الاستثمار الداخلي، بل عبر تأمين واردات الطاقة نفسها. هذا النوع من النفوذ أكثر حساسية، لأنه يربط أمن الطاقة الوطني بالعلاقات السياسية الخارجية، ويجعل واشنطن جزءاً من معادلة تشغيل محطات الكهرباء وتوازن السوق الداخلي.
الولايات المتحدة لا تفرض حضورها هنا بالعقود فحسب، بل بتوجيه السوق ذاته نحو اعتماد الغاز الأميركي أو الغاز المسال الذي يمر عبر شركاتها، لتتحول من مزوّد إلى منسّق لإيقاع الطاقة العراقية.
الاتفاقية تتضمن إشارات إلى تطوير الخبرة التشغيلية للعراقيين وتدريبهم، رغم أن التفاصيل الدقيقة لم تُنشر علناً، وهو مؤشر على وجود جانب تدريبي يمكن البناء عليه مستقبلاً.

كيف يمكن للحكومة العراقية أن توازن هذا النفوذ؟

ليست المسألة في رفض النفوذ الأميركي أو القبول به، بل في تحويله من تبعية إلى شراكة، عبر أدوات واقعية تتعلق بالإدارة والتخطيط والتشريع:
1. تنويع الشركاء الدوليين:
الانفتاح على شركات من أوروبا وشرق آسيا يمنح العراق قدرة تفاوضية أكبر، ويمنع تمركز التكنولوجيا والتمويل في يد جهة واحدة.
2. إعادة هيكلة العقود:
مراجعة العقود طويلة الأمد، ووضع بنود تضمن نقل التكنولوجيا والتدريب للعاملين العراقيين، بحيث لا يبقى البلد رهينة الخبرة الأجنبية.
3. تعزيز القدرات الوطنية:
الاستثمار في الكوادر المحلية وتشجيع الجامعات على التعاون مع الشركات الأجنبية ضمن برامج تدريب رسمية، يجعل النفوذ الخارجي محدوداً زمنياً.
4. سياسة طاقة متكاملة:
من الضروري أن تضع الحكومة استراتيجية تربط بين النفط والغاز والكهرباء ضمن رؤية واحدة، لأن الفصل بين هذه القطاعات هو ما سمح بتعدد منافذ النفوذ الخارجي.
الخلاصة
النفوذ الأميركي في العراق اليوم ليس عسكرياً ولا حتى سياسياً بشكل مباشر؛ إنه اقتصادي وبنيوي، يعتمد على مفاتيح الطاقة الثلاثة التي تمسك بشرايين الدولة.
لكن هذا النفوذ، مهما بدا متغلغلاً، لا يُصبح هيمنة إلا حين تُدار الدولة بعقل استهلاكي لا يملك خطة بديلة. أما حين يكون للحكومة رؤية توازن بين الحاجة إلى الخبرة والحرص على السيادة، فإن النفوذ يتحول إلى تعاون محكوم بمصالح متبادلة لا إلى تبعية مفروضة.



#سهام_يوسف_علي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتخابات تخطف الأبصار لكنها لا تضيء الطريق
- لماذا لا نملك -لي كوان يو- عراقياً؟
- ليس في الجراب غير الطائفية
- حين يبكي العراق: أسطورة الأنهار والدموع
- اقتصاد يئنّ... وساسة يتحدثون عن الرفاهية
- الرفاه الريعي في العراق: حين يجد العراقي الموز ولا يجد الكهر ...
- العراق في تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي لصندوق النقد الدولي 2 ...
- فتاوى ضد التغيير: حين صار الوطن كافرا والفساد مؤمنا-
- العراق: دولة غنية بالفقر
- العراق... الكنز الذي سرق نفسه
- نقل المصانع الإيرانية إلى العراق بين فرص الاستثمار ومخاطر ال ...
- 2.1%؟!: العراق بين الأرقام المعلّبة وواقع البطالة الحقيقي
- سندات الخزينة لدفع مستحقات المقاولين: قراءة في الدين الداخلي ...
- سندات الخزينة لدفع مستحقات المقاولين: قراءة في الدين الداخلي ...
- العراق بين تحولات الديموغرافيا وأزمات التنمية: قراءة في معضل ...
- عباءة الذهب… وجسد العراق العاري
- مليار دينار بلا عمل: البرلمان العراقي يبتلع المال ويعطل الاق ...
- ماوراء الاستيراد القياسي للذهب في العراق
- الاقتصاد العراقي يتجاوز طاقته الاستيعابية: مؤشرات النصف الأو ...
- حفلة التيوس


المزيد.....




- صناديق البنوك ”الخالية من الوقود الأحفوري” تستثمر في شركات ا ...
- ارتفاع سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار نهاية الأسبوع
- مصر تنشئ أول منصة رقمية للاستثمار في وثائق الصناديق العقارية ...
- وكالة الطاقة: عوائد روسيا من النفط تواصل الهبوط في أكتوبر
- ماذا نعرف عن الذهب الصيني الجديد؟
- وزارة الاقتصاد تحذر من تداعيات استمرار الاحتلال إغلاق معبر ا ...
- القضاء الألماني يرفض دعوى فلسطينية لوقف صادرات الأسلحة لدولة ...
- الاتحاد الأوروبي يسعى لكبح الشحنات الصينية الرخيصة التي تُغر ...
- الحلم الأميركي لطبقة محدودة والرفاه لمن يدفع أكثر
- أكبر 10 دول منتجة ومصدرة للثوم في العالم.. مفاجآت عربية في ا ...


المزيد.....

- الاقتصاد السوري: من احتكار الدولة إلى احتكار النخب تحولات هي ... / سالان مصطفى
- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سهام يوسف علي - النفوذ الأميركي الثلاثي في العراق: بين الحاجة والهيمنة