أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - خالد خالص - دولة الحق والقانون: الأسس والمعايير في ضوء القانون العام والممارسات الدولية














المزيد.....

دولة الحق والقانون: الأسس والمعايير في ضوء القانون العام والممارسات الدولية


خالد خالص

الحوار المتمدن-العدد: 8559 - 2025 / 12 / 17 - 00:10
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


تعد دولة الحق والقانون من المفاهيم المركزية في الفقه الدستوري والعلوم السياسية، إذ تشكل الإطار الذي تمارس داخله السلطة وفق قواعد قانونية ملزمة، بعيدا عن التحكم والانفراد.
وعلى الرغم من حضور هذا المفهوم في الخطاب الدستوري والسياسي، فإن تحديد معاييره الموضوعية يظل ضروريا لتمييز الدول التي تحترم سيادة القانون عن تلك التي تكتفي برفعه كشعار. لذلك برزت الحاجة إلى وضع معايير موضوعية متعارف عليها في القانون العام وفي الممارسات الدولية.
يقوم هذا التصور أولا على مبدأ سيادة القانون، الذي يقتضي أن تحكم الدولة بواسطة قواعد قانونية عامة ومجردة وواضحة وقابلة للتوقع، تصدر وفق مساطر صحيحة وشفافة، ويخضع لها الجميع بما في ذلك السلطات نفسها. ويشمل هذا المبدأ احترام الدستور، وتفعيل هرمية القواعد القانونية، وضمان استقرار التشريع ووضوحه، والحد من التقلب التشريعي الذي من شأنه أن يخل بالأمن القانوني والثقة في النظام القانوني.
كما يقوم هذا المفهوم على ضرورة فصل وتوازن السلطات، إذ يشكل هذا الفصل إحدى الآليات الجوهرية لمنع تركز السلطة بيد جهة واحدة. فاختصاصات التشريع والتنفيذ والقضاء يجب أن تظل موزعة بشكل يضمن عدم التغول، لأن هيمنة سلطة على أخرى يؤدي إلى إضعاف الدولة وتقويض أسس الشرعية الدستورية. وفي هذا السياق، يبرز دور استقلال القضاء كشرط حاسم في قيام دولة القانون، سواء من حيث استقلال السلطة القضائية كمؤسسة، أو من حيث استقلال القضاة كأفراد عبر ضمانات مهنية وشخصية. وتنبثق عن ذلك مجموعة من الحقوق الأساسية مثل ضمان الولوج إلى القضاء بالنسبة للمواطنين، والمحاكمة العادلة، وحقوق الدفاع، وهي عناصر لا يمكن بدونها تحقيق العدالة أو حماية الحقوق.
ويعد احترام الحقوق والحريات الأساسية معيارا أساسيا آخر، إذ تلتزم دولة القانون بضمان حرية الرأي والتعبير والصحافة، وحرية المعتقد، وحماية الحياة الخاصة، ومنع التمييز بكافة أشكاله، وضمان المساواة أمام القانون، فضلا عن ترسيخ مبادئ الشفافية والنزاهة في تدبير الشأن العام. إلا أن هذه الضمانات تبقى غير ذات أثر إذا لم تترجم إلى ممارسات فعلية؛ فالنصوص الدستورية وحدها لا تكفي دون تطبيق فعلي وفعال.
كما تعتبر الرقابة على أعمال السلطات ركيزة جوهرية للدولة القانونية، بما يشمل الرقابة الدستورية على القوانين، والرقابة البرلمانية على عمل الحكومة، والرقابة القضائية على مشروعية قرارات الإدارة، إضافة إلى وجود مؤسسات وهيئات مستقلة ذات اختصاصات اقتصادية أو مالية أو حقوقية، تمارس مهامها بفعالية واستقلال. وتعد هذه الرقابة وسيلة أساسية لمنع الانحراف بالسلطة وضمان خضوع الجميع للقانون.
ويحتل مفهوم الأمن القانوني والقضائي مكانة مهمة في البناء الأكاديمي لدولة الحق والقانون. فالأمن القانوني يتطلب وضوح القاعدة القانونية واستقرارها وعدم تناقضها واحترام الحقوق المكتسبة وعدم رجعية القوانين. وقد تبنت بعض الدساتير هذا المفهوم صراحة، كما هو الحال في الدستور الألماني. وفي المقابل ينبني الأمن القضائي على ثقة المتقاضين في القضاء، ويتجلى في سرعة البت في النزاعات، وجودة الأحكام، وتناسق العمل القضائي، وتنفيذ الأحكام على جميع الأطراف بما فيها الإدارة. ومن دون هذا الأمن لا يمكن ترسيخ سيادة القانون أو تعزيز السلم الاجتماعي.
ومن مكونات دولة القانون أيضا احترام الالتزامات الدولية، بما في ذلك احترام المعاهدات والاتفاقيات، وتنفيذ قرارات المحاكم الدولية، والالتزام بالمبادئ العامة للقانون الدولي. فالشرعية الدولية أصبحت جزءا من الشرعية الدستورية في العديد من الأنظمة القانونية الحديثة.
وبالنظر إلى صعوبة تقييم مدى التزام دولة ما بهذه المعايير من طرف الأفراد، أصبح الاعتماد على تقارير المؤسسات الدستورية الوطنية والهيئات المستقلة من جهة، وعلى تقارير المنظمات الدولية والمؤشرات العالمية من جهة أخرى، ممارسة علمية ضرورية. ويعد مؤشر سيادة القانون العالمي مثالا بارزا على ذلك. وعندما تتقاطع نتائج التقييم الداخلي والخارجي على نفس الخلاصة، يمكن تحديد ما إذا كانت الدولة تحترم حقا مقومات دولة القانون أم لا.
يتبين مما سبق أن دولة الحق والقانون ليست مجرد مفهوم نظري، وإنما هي بناء مؤسساتي متكامل يقوم على سيادة القانون، وفصل السلطات، واستقلال القضاء، وحماية الحقوق والحريات، وفعالية الرقابة، والأمن القانوني والقضائي، واحترام القانون الدولي. ومن دون تحقيق هذه العناصر يصبح الحديث عن دولة القانون خطابا بلا مضمون، ويظل المشروع المجتمعي المنشود بعيدا عن التحقق.



#خالد_خالص (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهدم الإداري للبنايات القديمة في المغرب بين مقتضيات القانون ...
- 8 دجنبر 1975: تهجير المغاربة من الجزائر ومقتضيات الذاكرة وال ...
- قضية المهداوي… قراءة قانونية في اختلالات مسطرة تأديبية تمس ح ...
- حين تتحول إصلاحات مهنة المحاماة إلى أداة سياسية ...
- المغرب – الجزائر: اليد الممدودة ومخاطر الواقعية
- تعليق على أمر قاضي المستعجلات بالإذن بالحيازة
- بين مقتضيات التنظيم واحتمال تكريس الإفلات من العقاب: المادة ...
- عودة تجربة – مباراة المغرب ضد نيجير مجمع مولاي عبد الله، 5 ش ...
- عودة تجربة – مباراة المغرب ضد نيجير- مجمع مولاي عبد الله، 5 ...
- حين تطغى الإثارة الرقمية على حرمة الحياة الخاصة: بين الضجيج ...
- الاعتداء المادي: حينما تتجاوز الإدارة الدستور والقانون
- رسالة مفتوحة ردًّا على «لغز محمد السادس»: بين السرد الإعلامي ...
- قرار المحكمة الدستورية… جرس إنذار للتشريع المغربي
- الدفع بعدم الدستورية في المغرب: الحق المعطَّل ومخاطر التشريع ...
- تغييب المحامين عن صناعة التشريع القضائي: قراءة دستورية ومؤسس ...
- صياغة القوانين ودور المؤسسات الدستورية
- المحكمة الدستورية بين القانون بكامله وبين -الجلي- و-البيّن- ...
- مسار صناعة التشريع ودور المؤسسات الدستورية؛ المجلس الأعلى لل ...
- قرار المحكمة الدستورية: صراع خفي بين -رقمنة العدالة- واستقلا ...
- قرار المحكمة الدستورية بشأن المادتين 408 و410… تكريس لاستقلا ...


المزيد.....




- الأمم المتحدة تحذر: أكثر من 17 مليون شخص يواجهون انعدامًا حا ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى وقف توسع إسرائيل الاستيطاني بالضفة ال ...
- الأمم المتحدة: وقف إطلاق النار في غزة لا يزال هشا
- اعتقال خلية لتنظيم الدولة بإدلب واجتماع يبحث الوضع الأمني با ...
- حماس: مصادقة لجنة بالكنيست على حظر خدمات الأونروا إجراء خطير ...
- الأمم المتحدة قلقة إزاء تصاعد القتال في إقليم كردفان بالسودا ...
- -إسرائيل تنتهك حصانات الأمم المتحدة-.. لازاريني: الأونروا تو ...
- حماس: مصادقة الكنيست على حظر تزويد الأونروا بالخدمات الأساسي ...
- مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: إسرائيل تواصل خروقاتها للقرارات ...
- -شبكات- تتناول حياة الأسد في موسكو وإعدام مواطن خارج القانون ...


المزيد.....

- الوضع الصحي والبيئي لعاملات معامل الطابوق في العراق / رابطة المرأة العراقية
- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - خالد خالص - دولة الحق والقانون: الأسس والمعايير في ضوء القانون العام والممارسات الدولية