أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد خالص - رسالة مفتوحة ردًّا على «لغز محمد السادس»: بين السرد الإعلامي والحقيقة المغربية















المزيد.....

رسالة مفتوحة ردًّا على «لغز محمد السادس»: بين السرد الإعلامي والحقيقة المغربية


خالد خالص

الحوار المتمدن-العدد: 8460 - 2025 / 9 / 9 - 14:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في 24 غشت 2025، نشرَت جريدة لوموند مقالًا مطولًا بعنوان: «في المغرب، أجواء نهاية عهد محمد السادس» – تحقيق «لغز محمد السادس» (الجزء الأول من سلسلة من ست حلقات). وللوهلة الأولى قد يبدو النص تحقيقًا متوازنًا حول المغرب وملكه، غير أنه في الحقيقة قائم على قراءة مجتزأة وانتقائية تختزل تجربة حكم تجاوزت ستة وعشرين عامًا في بضع كليشيهات، وشائعات، وحكايات شخصية، وتبخيس متعمد. وهذا لا يشكّل ظلما في حق محمد السادس فحسب، بل هو إساءة لصورة المغرب بأسره.
1. شهادة مواطن مغربي
لا أكتب باسم حزب أو مؤسسة، بل أنا مجرد مواطن مغربي عايش ثلاثة ملوك – محمد الخامس، الحسن الثاني، ومحمد السادس – ويحرص على سمعة بلده.
2. من صحافة مرجعية إلى صحافة استهلاكية
كطالب في سبعينيات القرن الماضي – وحتى بعدها – كانت لوموند ولوموند ديبلوماتيك تشكل لنا مرجعا أساسيا لفهم العالم، بفضل جديتها ومصداقيتها. أما اليوم، فبنشر مقالات من هذا النوع، ابتعدت لوموند، التي كانت يوما نموذجا للصحافة الحرة المستقلة الرصينة التي تحلل القضايا الكبرى، صارت تنزلق إلى منطق استهلاكي وسعي وراء الإثارة، قائم على الإيحاءات والتشهير والابتزاز الإعلامي.
3. حصيلة متعمدة الإخفاء
منذ 1999، عرف المغرب في عهد محمد السادس إصلاحات وإنجازات كبرى لا يمكن محوها بجرة قلم:
إصلاحات سياسية ومؤسساتية
• دستور 2011 الذي كرس استقلال السلطة القضائية، وعزز الحقوق والحريات، وأحدث مؤسسات جديدة مثل المحكمة الدستورية، المجلس الأعلى للحسابات، المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهيئة المناصفة والمساواة...
• توسيع الفضاء العمومي بما أتاح حرية أكبر للتعبير ودينامية جمعوية صارت مرجعًا إقليميًا.
إصلاحات اجتماعية وقانونية
• إصلاح مدونة الأسرة (2004)، الريادي في العالم العربي، الذي كرس حقوقا جديدة للمرأة والطفل.
• إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (2005) كإستراتيجية كبرى ضد الفقر والهشاشة.
• تجربة العدالة الانتقالية عبر هيئة الإنصاف والمصالحة (2006) التي طوت صفحة "سنوات الرصاص".
• إصلاح الحقل الديني، مُرسخا إسلاما وسطيا معتدلا ومعترفً به دوليا.
• التعميم التدريجي للتأمين الصحي الإجباري، وتوسيع الحماية الاجتماعية والتقاعد لجميع المغاربة.
• إصلاحات تعليمية للحد من الهدر المدرسي وتوسيع العرض الجامعي والمدارس العليا.
• برامج تضامنية: توزيع قفف غذائية في رمضان، ومبادرات توزيع المحافظ واللوازم المدرسية على مئات الآلاف من التلاميذ – مبادرات ذات دلالة رمزية وإنسانية تعكس الصلة المباشرة للمؤسسة الملكية باحتياجات المواطنين اليومية.
البنيات التحتية والأوراش الكبرى
• ميناء طنجة المتوسط الذي أصبح من أكبر الموانئ العالمية، مع موانئ أخرى مثل الناظور والداخلة.
• شبكة طرق سيارة حديثة تغطي البلاد.
• مطارات دولية متعددة.
• القطار الفائق السرعة "البُراق"، الأول في إفريقيا، بين طنجة والدار البيضاء، مع خطط للتمديد نحو مراكش وأكادير.
• بناء وتجديد ملاعب كبرى، بينها أكبر ملعب في إفريقيا قيد الإنجاز بين الرباط والدار البيضاء.
• تحديث حضري: ترامواي الرباط والدار البيضاء، أقطاب
تكنولوجية، مناطق صناعية ولوجستيكية.
دبلوماسية وإشعاع دولي
• تعزيز الموقف المغربي في قضية الصحراء مع تزايد الاعتراف بمغربية الأقاليم الجنوبية (من الولايات المتحدة، إسبانيا، فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، البرتغال، فضلًا عن معظم الدول العربية والافريقية...)، وافتتاح قنصليات متعددة في مدينتي العيون والداخلة.
• العودة المظفرة إلى الاتحاد الإفريقي، مقرونة بسياسة إفريقية نشطة (في مجالات البنوك، الطاقة، الفلاحة، البناء، التأمين...).
محمد السادس… رجل سلام
تجاهل المقال بُعدا أساسيا في شخصية محمد السادس: كونه رجل سلام. فقد مد دائما يده إلى الجار الشرقي رغم عداء قادته، مفضلا الحوار والوحدة المغاربية. وتحت قيادته ساهم المغرب في عمليات حفظ السلام الأممية (ومنها المينورسو) وفي مهام إفريقية أخرى.
وأبرز مثال هو المبادرة الإنسانية المغربية، حيث كان المغرب ربما البلد الوحيد الذي أدخل مساعدات إنسانية إلى غزة أثناء الحرب، في وقت ترددت فيه دول أخرى. وهذا يبرهن على دبلوماسية قائمة على قيم السلم والتضامن.
ومما يميز الملك أيضا أنه لا يتحدث كثيرا، لكنه يعمل كثيرا. فهو يفضل لغة الأفعال والإنجازات على لغة الخطابات والشعارات، خلافًا للإيحاءات الباطلة التي روج لها الصحفيان.
الاقتصاد والطاقة
• تنويع اقتصادي منفتح على إفريقيا والعالم.
• إطلاق مشروع أنبوب الغاز نيجيريا–المغرب–أوروبا، لربط منتج إفريقي رئيسي بالسوق الأوروبية عبر 11 دولة، وجعل المغرب منصة طاقية عالمية.
البيئة والتنمية المستدامة
• الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة (2010)، الذي أدخل حماية البيئة إلى الدستور.
• استضافة مؤتمر المناخ COP22 بمراكش (2016).
• برامج تشجير، وتدبير النفايات، وتعميم الطاقات المتجددة.
• مشاريع كبرى مثل مركب الطاقة الشمسية "نور ورزازات"، والحقول الريحية، والاستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر.
السياحة والجاذبية
• استقطاب أكثر من 17 مليون سائح سنويا، بفضل وجهات سياحية بحرية وجبلية وصحراوية وثقافية.
• بروز مراكش، فاس، أكادير، الداخلة وغيرها من المدن كوجهات عالمية.
الرياضة والثقافة والفخر الوطني
• التأهل التاريخي إلى نصف نهائي كأس العالم 2022.
• تنظيم كأس إفريقيا للأمم 2025، والمشاركة في تنظيم كأس العالم 2030.
• بناء مسارح، متاحف، مدارس موسيقى.
• تكريم مثقفين ورياضيين وفنانين بأوسمة ملكية، مما يعزز ثقافة الاعتراف.
4. التقاليد، الاستقرار، والخلافة
الملكية المغربية قائمة على تقاليد راسخة تضمن الاستمرارية. أما التكهنات حول صحة الملك أو "تردده" في الحكم فهي مجرد أوهام. الخلافة محسومة: ولي العهد مولاي الحسن (22 عامًا)، الذي تمت ترقيته مؤخرًا إلى رتبة كولونيل ماجور كما والده في نفس العمر، والحاصل على شهادة بميزة مشرفة جدًا ويدرس بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات، يضطلع فعلا بمهام تمثيلية مهمة، بما يهيئ انتقالا منظما يحترم التقاليد.
5. خلط فاضح يكشف الجهل
لقد خلط مقال لوموند بين صفة "الوزير الأول" (قبل 2011 بسلطات محدودة) و"رئيس الحكومة" (بعد 2011 بسلطات واسعة في إطار فصل السلطات). وهذا ليس تفصيلا تقنيا، بل خطأ جسيم يعكس جهلا بالتطور الدستوري للمغرب.
6. الأمن والاستقرار : ركيزة استراتيجية
منذ تفجيرات الدار البيضاء 2003، فكك المغرب مئات الخلايا الإرهابية، ليصبح نموذجا إقليميا في مكافحة التطرف العنيف. كما أن تعاونه الدولي في مجالات الأمن والهجرة والجريمة العابرة للحدود عزز مكانته كشريك موثوق.
7. خلفيات مشبوهة
يبقى السؤال: لماذا اختار صحفيان فرنسيان التوقف عند الشائعات حول محمد السادس، في الوقت الذي تعرف فيه العلاقات بين الرباط وباريس دينامية جديدة؟. هل هو مجرد صدفة، أم عودة إلى تصفية حسابات قديمة تذكرنا بواقعة الصحفيين الفرنسيين اللذين أُدينا بمحاولة ابتزاز ملك المغرب؟
خاتمة
المغرب ليس لغزًا. إنه بلد في طور البناء، يتقدم بما له وما عليه، لكنه يسير برؤية واضحة، وبنقاش داخلي مفتوح، وملكية – إمارة المؤمنين – ضامنة للاستقرار والتنمية.
إن اختزال هذه الحقيقة المعقدة في كليشيهات إثارية لا يمت بصلة إلى الصحافة الرصينة، بل هو منزلق لا يليق بصحيفة مرجعية مثل لوموند. والخاسر الحقيقي هو الصحيفة الفرنسية نفسها التي تخون إرثها من الجدية والمصداقية الذي كان يومًا مصدر قوتها.



#خالد_خالص (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قرار المحكمة الدستورية… جرس إنذار للتشريع المغربي
- الدفع بعدم الدستورية في المغرب: الحق المعطَّل ومخاطر التشريع ...
- تغييب المحامين عن صناعة التشريع القضائي: قراءة دستورية ومؤسس ...
- صياغة القوانين ودور المؤسسات الدستورية
- المحكمة الدستورية بين القانون بكامله وبين -الجلي- و-البيّن- ...
- مسار صناعة التشريع ودور المؤسسات الدستورية؛ المجلس الأعلى لل ...
- قرار المحكمة الدستورية: صراع خفي بين -رقمنة العدالة- واستقلا ...
- قرار المحكمة الدستورية بشأن المادتين 408 و410… تكريس لاستقلا ...
- المادة 339 من قانون المسطرة المدنية: قرار المحكمة الدستورية ...
- المادة 288 من قانون المسطرة المدنية: قرار المحكمة الدستورية ...
- قرار المحكمة الدستورية بخصوص المادتين 107 و364 : انتصار لحق ...
- قرار المحكمة الدستورية بخصوص الفقرة الأخيرة من المادة 90: بي ...
- قرار المحكمة الدستورية وإشكالية التخطيط التشريعي: قراءة في ض ...
- قرار المحكمة الدستورية وإشكالية التخطيط التشريعي: قراءة في ض ...
- -أنا جلالة نفسي !-
- -انا عكسنا !-
- دادا الفاهيم... الموسوعة !
- الحقيقة الهشّة: الإنسان كما لا نراه
- الصحافة الرقمية
- عبد اللطيف أحمد خالص


المزيد.....




- أول رد فعل من قطر على استهداف قيادة حماس بالدوحة.. ماذا قالت ...
- مصدر لـCNN: إسرائيل تشن هجومًا على قيادة حماس في قطر
- مراسل CNN يفصّل ما نعرفه للآن عن استهداف إسرائيل لقيادة حماس ...
- قطر: ندين الهجوم الإسرائيلي -الجبان- على مقرات سكن قادة -حما ...
- دون ذكر قطر.. إسرائيل تعلن شن هجوم جوي على قيادة حماس
- -فرنسا تقدم لمحة مرعبة عن مستقبل بريطانيا- - مقال في التلغرا ...
- إسرائيل تعطي الضوء الأخضر لمبادرة ترامب حول -صفقة غزة-
- اثيوبيا تدشّن سدّ النهضة و أبيي يعتبره -إنجازا عظيما-
- هل ينظف مخ الإنسان نفسه أثناء النوم؟
- انفجارات في الدوحة ومسؤول إسرائيلي يتحدث عن استهداف لقيادات ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد خالص - رسالة مفتوحة ردًّا على «لغز محمد السادس»: بين السرد الإعلامي والحقيقة المغربية