أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - خالد خالص - قرار المحكمة الدستورية: صراع خفي بين -رقمنة العدالة- واستقلال السلطة القضائية














المزيد.....

قرار المحكمة الدستورية: صراع خفي بين -رقمنة العدالة- واستقلال السلطة القضائية


خالد خالص

الحوار المتمدن-العدد: 8451 - 2025 / 8 / 31 - 18:16
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


لم يكن قرار المحكمة الدستورية بتاريخ 4 غشت 2025 ( القرار عدد 255/25) بشأن المادتين 624 و628 من مشروع قانون المسطرة المدنية حدثا عابرا في مسار التشريع المغربي. بل جاء ليكشف، من جديد، عن خط رفيع يفصل بين الطموح إلى تحديث القضاء عبر الرقمنة، وبين الانزلاق نحو خرق مبدأ فصل السلط واستقلال السلطة القضائية.
جوهر النزاع: من يدبر النظام المعلوماتي؟
المواد المطعون فيها خوّلت للسلطة الحكومية المكلفة بالعدل مهمة تدبير النظام المعلوماتي الخاص بتوزيع القضايا، مع احتفاظ المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة بدور "التنسيق". غير أن المحكمة الدستورية اعتبرت أن توزيع القضايا وتعيين القضاة عمل قضائي صرف، لا يمكن أن يخضع لتدبير من الجهاز التنفيذي، ولو عبر بوابة التنسيق.
إن توزيع الملفات القضائية ليس إجراءً تقنيا محضا، بل هو مدخل لضمان استقلال القاضي وحماية حياد العدالة. وبالتالي، فإن إخضاعه لنظام معلوماتي تمسك بزمامه وزارة العدل يمس مباشرة بمبدأ استقلال السلطة القضائية المنصوص عليه في الفصل 107 من الدستور، ويضعف الثقة العامة في شفافية توزيع القضايا.
بين التعاون وفصل السلط
الدستور المغربي، كما أكدت المحكمة، يقوم على مبدأي فصل السلط وتعاونها. غير أن التعاون لا يعني أن تتنازل السلطة القضائية عن اختصاص جوهري يمس صميم عملها، بل أن يتم التنسيق في حدود الإدارة المشتركة والجانب اللوجستيكي دون المساس بالقرار القضائي.
ولعل الفقرة الأولى من المادة 54 من القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية توضح ذلك بجلاء، إذ تكتفي بإنشاء هيئة مشتركة للتنسيق الإداري، تحت إشراف كل سلطة فيما يخصها، مع احترام استقلال القضاء. غير أن النصوص التي عرضت على المحكمة تجاوزت هذا السقف، حين أسندت لوزارة العدل سلطة تدبير نظام يمس جوهر العملية القضائية.
رقمنة العدالة بين الطموح والانزلاق
لا شك أن رقمنة القضاء تعد رهانا حضاريا واستحقاقا دستوريا لضمان جودة المرفق العمومي، كما ورد في الفصل 154 من الدستور. فهي أداة لتسريع البت في القضايا، وتخليق المساطر، وتسهيل ولوج المتقاضين إلى العدالة. غير أن الرقمنة، إذا لم تحترم الحدود الفاصلة بين السلط، قد تتحول إلى مدخل للتأثير غير المشروع على مسار القضايا.
المحكمة الدستورية أصابت حين فرّقت بين أمرين:
-أن يكون النظام المعلوماتي مدبرا من طرف السلطة القضائية وحدها، فهذا يندرج في حسن التدبير وضمان الحياد.
-وأن يدار من طرف السلطة التنفيذية مع الاكتفاء بتنسيق صوري مع القضاء، فهذا مساس باستقلال العدالة وخروج عن روح الدستور.
خاتمة: دروس في صناعة التشريع
مرة أخرى، يضع القرار الدستوري المشرع أمام مسؤوليته الكبرى: فالتشريع ليس مجرد تقنية لتدوين الإجراءات، بل هو هندسة لمستقبل العدالة وضماناتها. وعندما يكتب القانون تحت ضغط السرعة أو هاجس التحكم، فإن المحكمة الدستورية تظل الحارس الأمين على استقامة النصوص مع الدستور.
وبقرارها القاضي بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 624 والفقرتين الثالثة والأخيرة من المادة 628، أعادت المحكمة الدستورية التذكير بأن استقلال القضاء ليس شعارا يرفع في المناسبات، بل هو قاعدة عملية لا يجوز المساس بها، حتى تحت غطاء "الرقمنة" و"التحديث.
ليبقى السؤال الكبير مطروحا : وهو كيف أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي استشير في مشروع قانون المسطرة المدنية بقوة الدستور ( المادة 113 ) قد غض الطرف عن المقتضيات التي تمس باستقلال القضاء وهو الموضوع الذي سنخصص له حلقة الغد كاملة بحول الله..



#خالد_خالص (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قرار المحكمة الدستورية بشأن المادتين 408 و410… تكريس لاستقلا ...
- المادة 339 من قانون المسطرة المدنية: قرار المحكمة الدستورية ...
- المادة 288 من قانون المسطرة المدنية: قرار المحكمة الدستورية ...
- قرار المحكمة الدستورية بخصوص المادتين 107 و364 : انتصار لحق ...
- قرار المحكمة الدستورية بخصوص الفقرة الأخيرة من المادة 90: بي ...
- قرار المحكمة الدستورية وإشكالية التخطيط التشريعي: قراءة في ض ...
- قرار المحكمة الدستورية وإشكالية التخطيط التشريعي: قراءة في ض ...
- -أنا جلالة نفسي !-
- -انا عكسنا !-
- دادا الفاهيم... الموسوعة !
- الحقيقة الهشّة: الإنسان كما لا نراه
- الصحافة الرقمية
- عبد اللطيف أحمد خالص
- هل ستكون الحرب الإسرائيلية – الإيرانية سببًا في تغيير خريطة ...
- المبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء المغربية
- سعاد خالص - مسيرة حافلة بالعطاء والتميز، منارة في دروب التعل ...
- مستقبل مهنة المحاماة في المغرب في عصر الذكاء الاصطناعي
- دور القضاء الإداري في حماية الاستثمار
- العدالة بين قدسية الجلسة واستفزاز الخطاب: تأملات في سلوك قضا ...
- -الناموس في الاقاليم المغربية الصحراوية: بين الخصوصية العرفي ...


المزيد.....




- العراق: الإعدام بحق إرهابي هاجم سيطرة أمنية في بغداد
- غزة: الموت مستمر وإعلان المجاعة لم يؤد لتدخلات إنسانية فعالة ...
- الأمم المتحدة تؤكد اعتقال 11 من موظفيها في اليمن
- الأمم المتحدة تؤكد اعتقال 11 من موظفيها في اليمن
- صحة غزة: 9 حالات وفاة نتيجة المجاعة في 24 ساعة.. والإجمالي 3 ...
- الملتقى الوطني لدعم المقاومة: المجاعة في غزة وصمة عار في جبي ...
- الأمم المتحدة تشجب اعتقال الحوثيين موظفين أممين في اليمن
- إيلون ماسك يغذي حملة كراهية ضد المهاجرين في بريطانيا برواية ...
- السجن 10 سنوات لمدانة بتهمة الاتجار بالبشر في بغداد
- اعتقال 11 موظفا أمميا من قبل الحوثيين في اليمن والمسؤولون ين ...


المزيد.....

- الوضع الصحي والبيئي لعاملات معامل الطابوق في العراق / رابطة المرأة العراقية
- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - خالد خالص - قرار المحكمة الدستورية: صراع خفي بين -رقمنة العدالة- واستقلال السلطة القضائية