خالد خالص
الحوار المتمدن-العدد: 8449 - 2025 / 8 / 29 - 00:16
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
في قرار يحمل دلالات عميقة على مستوى فصل السلط، قضت المحكمة الدستورية بتاريخ 4 غشت 2025 ( القرار عدد 255/25) بعدم دستورية الفقرتين الأوليين من المادتين 408 و410 من مشروع قانون المسطرة المدنية، واللتين منحتا وزير العدل أو الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض إمكانية تقديم طلب الإحالة إلى هذه المحكمة في حال تجاوز القضاة لسلطاتهم أو من أجل التشكك المشروع، حتى عند عدم تقديم الأطراف لطلب في الموضوع.
المحكمة استندت في قرارها إلى مجموعة من المقتضيات الدستورية، في مقدمتها الفصول 1 و87 و89 و107 و117، التي تؤكد على استقلال السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، وعلى أن الحكومة، باعتبارها السلطة التنفيذية، لا يجوز أن تمارس اختصاصات تدخل في صميم العمل القضائي. كما استحضرت المحكمة القوانين التنظيمية المتعلقة بالحكومة، والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والنظام الأساسي للقضاة، والتي تحصر ممارسة السلطة القضائية في القضاة وحدهم.
وأوضحت المحكمة أن منح وزير العدل، باعتباره عضوًا في الحكومة، صلاحية تقديم طلبات الإحالة في هذه الحالات يمسّ بمبدأ استقلال السلطة القضائية، الذي يقتضي أن تظل هذه الصلاحيات حكرًا على من يمارسون العمل القضائي الفعلي، أي القضاة والنيابة العامة، وفي مقدمتها الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسًا للنيابة العامة.
كما فرقت المحكمة بين هذه الحالات، التي تمسّ بسير الدعوى وبجوهر العمل القضائي، والحالة الواردة في المادة 411 التي تجيز لوزير العدل تقديم طلبات الإحالة لأسباب وقائية متعلقة بالأمن العمومي، وهو ما لا يتعارض مع مبدأ استقلال القضاء.
بهذا القرار، تكون المحكمة الدستورية قد وجهت من جديد رسالة واضحة إلى السلطتين التنفيذية والتشريعية، اللتين لم تُصغيا لصوت المهنيين والمفكرين والجامعيين وغيرهم، مؤداها أن أي مساس باستقلال القضاء، ولو من خلال مقتضيات إجرائية، مآله السقوط أمام الرقابة الدستورية. وهو ما يكشف في الوقت ذاته عن قصور التخطيط التشريعي وضعف الرقابة السياسية خلال مراحل إعداد النصوص القانونية ومراجعتها.
الصورة : مع النقيب الحسين الزياني رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب حيث كان لي شرف الاشتغال معه ومع مكتب الجمعية على قانون المسطرة المدنية عندما كان لا زال مشروعا..
#خالد_خالص (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟