أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - خالد خالص - العدالة بين قدسية الجلسة واستفزاز الخطاب: تأملات في سلوك قضائي مثير للجدل














المزيد.....

العدالة بين قدسية الجلسة واستفزاز الخطاب: تأملات في سلوك قضائي مثير للجدل


خالد خالص

الحوار المتمدن-العدد: 8363 - 2025 / 6 / 4 - 13:57
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


تمثل قاعات المحاكم أحد أبرز رموز دولة القانون، حيث تلتقي الأطراف أمام منصة القضاء، تحت مظلة القوانين والضمانات الدستورية، في مشهد يفترض أن تسوده الهيبة، والانضباط، والاحترام المتبادل بين مختلف الفاعلين في منظومة العدالة. غير أن بعض الوقائع المسجلة مؤخرًا، والتي تداولتها الكثير من الصحف الورقية والرقمية، تطرح أسئلة جدّية بشأن مدى التزام بعض مكونات الجسم القضائي بأخلاقيات هذه المهنة النبيلة.
ففي إحدى الجلسات القضائية التي انعقدت في محكمة من محاكم الدارالبيضاء يوم الجمعةالماضية، نقلت مصادر إعلامية، من بينها جريدة هسبريس، وقوع مشادّة كلامية بين ممثل النيابة العامة وأعضاء هيئة الدفاع، على خلفية تكرار طرح أسئلة تتعلق بملكية أحد الأظناء لفيلا قد تكون محل المتابعة، وولوجه إليها، والشروع في إصلاحها. وقد اعترض الدفاع على إعادة طرح نفس الأسئلة بدعوى أنها طُرحت سابقًا، الأمر الذي قابله ممثل النيابة العامة بعبارة عامية موجهة لأحد المحامين: "أ سمع أسي"، وهو ما اعتبر إساءة لفظية لا تتماشى مع مقتضيات الحوار المهني داخل المحكمة.
الرد من طرف الدفاع كان فوريا، حيث طالب أحد المحامين باحترام الألقاب المهنية، مشددًا على أن القانون والأعراف والتقاليد ومذكرة وزير العدل لسنة 1979 – المحينة – تنص كلها صراحة على مخاطبة القاضي بالسيد القاضي والمحامي بلقب "الأستاذ" والنقيب بالسيد النقيب. " وقد اعتبرت هذه الواقعة سابقة سلبية، تعكس، حسب المتابعين، خللا في أسلوب التواصل داخل الجلسة، وتراجعا عن الأعراف القضائية الرصينة التي تحكم العلاقة بين مكونات العدالة.
إلا أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل زاد حدةً لأن رئيس الجلسة بدلا من تذكير النيابة العامة بالقواعد الأخلاقية المهنية تدخل بمداخلة استفزازية، متوجهًا إلى الدفاع بالقول: المتهم أجاب عن الأسئلة ومستعد للإجابة، فماذا يخيف الدفاع؟ هل يخاف من الوصول إلى الحقيقة؟" وهي عبارة تنطوي، في ظاهرها وباطنها، على نوع من التشكيك في نزاهة الدفاع، وإخلال بمبدأ المساواة بين الأطراف، بل تمثل اصطفافًا ضمنيًا إلى جانب النيابة العامة وخروجا معلنا عن الحياد.
وتطرح هذه الواقعة إشكالية حقيقية بشأن لغة الخطاب داخل المحاكم. فالمحكمة لم تكن أبدا بفضاء عادي، بل هي محراب للعدالة، يجب أن تضفى عليه مسحة من القداسة، وينبغي أن يسود فيه مناخ من الرصانة والانضباط المهني. استخدام العبارات العامية الاستفزازية أو النبرة التهكمية لا يليق بموقع قضائي رسمي يفترض فيه الحياد والوقار.
فالاحترام المتبادل بين القاضي، والنيابة العامة، والدفاع، ليس مسألة شكلية أو بروتوكولية، بقدر ما هو شرط جوهري لضمان محاكمة رصينة عادلة ومتوازنة لأن ضرب هيبة الدفاع أو النيل من كرامة المحامي داخل الجلسة هو مس مباشر بأحد أركان العدالة.
ومن جهة أخرى فلقد شكل استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية بمقتضى دستور 2011 مكسبًا مهما في مسار العدالة المغربية.
كما شكل استقلال النيابة العامة عن السلطة التنفيذية سنة 2017 ربما مكسبا يمكن أن يكون له الكثير من الأثر الإيجابي على العدالة إذا ما أرفق بآليات رقابة صارمة تضمن المساءلة عند حدوث تجاوزات.
فالاستقلال التنظيمي لا يجب أن يفهم باعتباره حصانة مطلقة من المساءلة، بل ينبغي أن يقترن باستقلال وظيفي حقيقي، خاضع لقواعد الشفافية، والمحاسبة، واحترام الحقوق الأساسية للمتقاضين وللدفاع على حد سواء.
في ضوء ما سبق، يبدو أن الحاجة أضحت ملحة اليوم إلى تعزيز ثقافة قضائية قائمة على الأخلاق المهنية والاحترام المتبادل، وإلى تفعيل مدونة الأخلاقيات القضائية ومساءلة أي سلوك ينال من كرامة الدفاع أو يسيء إلى صورة القضاء لأن العدالة، في جوهرها، ليست فقط تطبيقًا جافًا للقانون، بل منظومة من المبادئ والقيم، تأتي الأخلاق والاخلاقيات في صدارتها، وتبقى المحاماة رافعة أساسية من روافعها، وكرامتها جزء لا يتجزأ من هيبة المحكمة.



#خالد_خالص (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الناموس في الاقاليم المغربية الصحراوية: بين الخصوصية العرفي ...
- حين تقتل الجريمة أرواحًا لا تُرى
- في حضرة المناسبة
- -المحاماة وتحديات الاستقلالية والحصانة في ضوء المبادئ التوجي ...
- خطاب التخوين
- دور البرلماني وحدود الحصانة البرلمانية في ضوء الجدل حول مساء ...
- هل يمكن اعتبار عمل الزوجة المنزلي مساهمة في تنمية الأموال ال ...
- جدران للمبكى وسعادة للبيع
- مدونة الأسرة بين صراع القيم وصخب النقاش العمومي
- النسبية أو التريث: فن التعامل مع الواقع
- التنمر والخطابات العدائية عبر الإنترنت في القانون المغربي
- النجاعة القضائية بين المفهوم والممارسة
- تعليق بيت الزوجية وعدم إدخاله ضمن إحصاء التركة: مسودة دراسة ...
- قراءة نقدية في مشروع القانون رقم 02.23 المتعلق بالمسطرة المد ...
- من -المختصر في تاريخ مهنة المحاماة-
- لماذا خرج المحامون المغاربة للشارع ؟
- أي مستقبل لمهنة المحاماة في ظل مشروع قانون المسطرة المدنية ؟
- عبد العزيز النويضي
- مطرقة القاضي
- حصانة المرافعة في القانون المغربي


المزيد.....




- متحدث الأمين العام للأمم المتحدة: نحتاج إلى المحاسبة على كل ...
- مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: مؤتمر حل الدولتين تنفيذي.. وعلى ...
- المحكمة الجنائية الدولية تستنكر العقوبات الأمريكية على قضاته ...
- واشنطن تفرض عقوبات على قاضيات بالمحكمة الجنائية الدولية بسبب ...
- واشنطن تفرض عقوبات على أربعة قضاة بالمحكمة الجنائية الدولية ...
- واشنطن تفرض عقوبات على أربعة قضاة في المحكمة الجنائية الدولي ...
- روبيو يتهم قضاة المحكمة الجنائية الدولية بملاحقة المواطنين ا ...
- اطلاق التحالف الدولي للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وحماية ح ...
- الأمم المتحدة تؤيد المفاوضات عن فرض العقوبات لطرفي النزاع ال ...
- اعتقال -مباشر- على الهواء في تركيا: اختفاء غامض يثير الشكوك ...


المزيد.....

- الوضع الصحي والبيئي لعاملات معامل الطابوق في العراق / رابطة المرأة العراقية
- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - خالد خالص - العدالة بين قدسية الجلسة واستفزاز الخطاب: تأملات في سلوك قضائي مثير للجدل