أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - خالد خالص - حين تقتل الجريمة أرواحًا لا تُرى














المزيد.....

حين تقتل الجريمة أرواحًا لا تُرى


خالد خالص

الحوار المتمدن-العدد: 8337 - 2025 / 5 / 9 - 08:38
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


في زحمة الحياة، حين يركض الناس خلف أحلامهم، بهدف تحقيق طموحاتهم، هناك قصص تمرّ في صمت، لا يسمع بها أحد، ولا تروى في نشرات الأخبار. لكنّها، رغم صمتها، تحمل من الألم ما يهزّ الجبال، ومن الدروس ما يُفترض أن يوقظ الضمائر.
كانت حنان الفتاة الجميلة، زهرةً في مقتبل العمر؛ فتاة طيبة خلوقة، فتاة درست واجتهدت، ونجحت في أولى خطواتها في عالم الشغل، بشغف الأبرياء الذين يحلمون فقط بحياة كريمة، بعرق الجبين لا غير.
بعد شهر من العمل وبعد قبضها اول أجر في حياتها، وفي لحظة غدر واحدة، صادفها في مصعد العمارة التي تقطن بإحدى شققها بالطابق الرابع ؛ بأحد أهم شوارع حي أكدال بالرباط، وحش بشري، يحمل سيفًا لا قلبًا، انتزع منها أول أجر، وحليّها، وانتزع منها شيئًا لا يُشترى ولا يُعوّض: أمانها الداخلي، وثقتها في نفسها وفي الآخرين وفي الحياة.
كانت تلك اللحظة مجرد الشرارة الأولى لانهيار داخلي طويل. كأن روحها طُعنت قبل جسدها، فانطفأ نورها شيئًا فشيئًا. أصبحت الدموع رفيقتها، والقلق ظلّها، والدواء غذاءها. طافت بين العيادات، والمستشفيات والمصحات وعشرات الأطباء، وبين العقاقير البيضاء التي وُعدت بأنها ستنقذها من اكتئابها. لكنها، لم تنقذها.
طيلة عشرين سنة وزيادة ويوم بعد يوم، منذ ذلكم اليوم المشؤوم، تراكم الألم وتآكل الجسد، حتى صارت حنان حبيسة جسد لا يشبهها، وروح منهكة من طول المقاومة. لم تعرف صاحبة قصتنا لا زواج ولا أطفال ولا سفريات ولا حتى مغزى ومعنى الدنيا إلا في جانبها المر.
وحين غادرت حنان هذه الحياة، منذ أربعة ايام، في عز شبابها، فإن الواقع يقول بانها قد ماتت من قبل مرات ومرات وبصمت.
وهنا أتسائل : هل ماتت حنان بفعل المرض والادوية ام ماتت يوم طُعنت إنسانيتها بالمصعد حين استل ذلك المجرم السيف في وجهها ؟.
جريمة صامتة داخل مصعد لا تتعدى مساحته مترين ونصف المتر المربع من اجل مبلغ بسيط مقارنة مع ما تكبدته الضحية واسرتها الطيبة لازيد من عقدين من الزمن بسبب ما لا يمكن اعتباره بتاتا مجرد حدث عابر.
ماتت حنان الطيبة العطوفة بعد سنين وسنين من المعاناة وإذا كنت أروي لكم اليوم هذه القصة الواقعية فذلك ليست للإخبار بوفاة فتاة فهذا قدرها بل لإثارة الانتباه لأرواح تُقتل دون دم، وقلوب تنزف دون أن تشتكي.
فهلا توقفنا ولو للحظة لنعيد النظر في مسؤوليتنا المجتمعية المشتركة عن العنف - ايا كان هذا العنف - الذي وإن بدا عارضًا، فإنه يترك في غالب الأحيان ندبة لا تُشفى وربما، يكون قاتلا بلا دم.
رحم الله، زهرة خُنِق عبيرها قبل أن يُزهر وأملي أن توقظ قصتها ما تبقى من إنسانية ما لا انسانية فيهم



#خالد_خالص (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في حضرة المناسبة
- -المحاماة وتحديات الاستقلالية والحصانة في ضوء المبادئ التوجي ...
- خطاب التخوين
- دور البرلماني وحدود الحصانة البرلمانية في ضوء الجدل حول مساء ...
- هل يمكن اعتبار عمل الزوجة المنزلي مساهمة في تنمية الأموال ال ...
- جدران للمبكى وسعادة للبيع
- مدونة الأسرة بين صراع القيم وصخب النقاش العمومي
- النسبية أو التريث: فن التعامل مع الواقع
- التنمر والخطابات العدائية عبر الإنترنت في القانون المغربي
- النجاعة القضائية بين المفهوم والممارسة
- تعليق بيت الزوجية وعدم إدخاله ضمن إحصاء التركة: مسودة دراسة ...
- قراءة نقدية في مشروع القانون رقم 02.23 المتعلق بالمسطرة المد ...
- من -المختصر في تاريخ مهنة المحاماة-
- لماذا خرج المحامون المغاربة للشارع ؟
- أي مستقبل لمهنة المحاماة في ظل مشروع قانون المسطرة المدنية ؟
- عبد العزيز النويضي
- مطرقة القاضي
- حصانة المرافعة في القانون المغربي
- ادريس الضحاك
- حق الملح


المزيد.....




- نوايا.. مبادرة مصرية تحيي تراث الطهي من خلال جولات ريفية
- بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية.. المحاك ...
- بيان للحكومة السعودية عن زيارة ترامب للمملكة الثلاثاء
- الصليب الأحمر: الأسير عيدان ألكسندر في طريقه إلى نقطة التسلي ...
- مكتب نتنياهو: رئيس الوزراء اجتمع مع ويتكوف ووجه بإرسال وفد إ ...
- بن غفير: تلقينا دعما أمريكيا لفتح أبواب الجحيم على غزة
- الفصل الثامن والثمانون - غودفريد
- ترامب: نفكر بشكل جدي في تخفيف العقوبات عن سوريا
- ترامب يقول انه يفكر بالتوجه إلى إسطنبول حيث يعقد الاجتماع بي ...
- بعد مفاوضات مباشرة مع واشنطن.. حماس تقرر الإفراج عن الرهينة ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - خالد خالص - حين تقتل الجريمة أرواحًا لا تُرى