خالد خالص
الحوار المتمدن-العدد: 8404 - 2025 / 7 / 15 - 02:52
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
كثيرًا ما لا يدرك الإنسان أن وراء كل نظرة عابرة لأخيه، وكل ابتسامة خفيفة، وكل مظهر واثق... حكاية هشّة، وحزنا دفينا يُخفى بصمت، وألما يُخبّأ تحت أناقة الكلمات والمظهر، وترددا يُغطّى برداء اليقين.
فالإنسان مزيج هشّ من الطموح والأمل والخذلان، من القوة والضعف، من الشجاعة والخوف، من النور والظل؛ هشاشة لا يتقبلها رغم أنها من صميم طبيعته، إذ خُلق الإنسان ضعيفًا (النساء: 28) ويظل، في أغلب الأحوال، كذلك... ضعيفًا.
وأمام هذه الهشاشة، يحاول الإنسان إخفاء ضعفه بالترقّب في غياب الثقة؛ ترقّب قد يتحوّل إلى انفعال، ثم إلى ردود فعل سريعة، فغضب، وأحيانًا إلى عدوانية وانتقام... لأنه غالبًا ما يكون أقرب إلى التسرّع منه إلى الاتزان، وأقرب إلى التشنّج منه إلى الحكمة وضبط النفس. وغالبًا ما تكون هذه الانفعالات انعكاسًا لخوف داخلي، أو لشعور بالنقص، أو لجرح لم يندمل.
إن أغلب النزاعات التي يعرفها البشر، سواء داخل الأسرة أو في المجتمعات الكبرى، تنبع في جوهرها من هشاشة الإنسان، تلك الهشاشة التي تولّد الحقد والحسد، وتُفجّر الكراهية، كراهية قد تكون "مجانية"، لا ترتكز على حقيقة، بل على ظن، أو تصوّر مغلوط، أو سوء فهم، كراهية تتسلّل بهدوء لتتحوّل إلى قاعدة خفية تحكم نظرتنا للآخر، وتدفعنا لصراع دائم، مع ذواتنا أولًا، ثم مع من حولنا... لأتفه الأسباب، أو حتى من دون سبب.
أن تكون إنسانًا، يعني أن تعترف بهشاشتك دون أن تسقط فيها، وأن تتصالح مع جراحك دون أن تجعلها سلاحًا ضد نفسك أو غيرك؛ أن تبقى متواضعًا، متسامحًا، رغم كل ما مررت به من قسوة، دون أن تُحمّل الآخرين دائمًا وزر ما لحق بك.
فليس من الضروري أن يكون العالم بأسره قاسيًا حتى نُضيف إليه قسوة جديدة؛ ولنحاول ان نعيش الحياة كما يليق بالقلوب الهشّة أن تعيشها: بإنسانية.
#خالد_خالص (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟