أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - خالد خالص - المحكمة الدستورية بين القانون بكامله وبين -الجلي- و-البيّن- منه














المزيد.....

المحكمة الدستورية بين القانون بكامله وبين -الجلي- و-البيّن- منه


خالد خالص

الحوار المتمدن-العدد: 8456 - 2025 / 9 / 5 - 19:16
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


يشكل قرار المحكمة الدستورية عدد 255/25 الصادر بتاريخ 4 غشت 2025 بشأن قانون المسطرة المدنية محطة بارزة في مسار الرقابة الدستورية بالمغرب. فالمحكمة، وهي تباشر مهامها في صيانة مبدأ سمو الدستور وحماية الحقوق والحريات، أوضحت في حيثيات قرارها أن الإحالة التي قام بها رئيس مجلس النواب لم تتضمن مآخذ دقيقة على النص المكوَّن من 644 مادة، الأمر الذي جعل دورها ينحصر في التحقق من احترام المسطرة الدستورية من جهة، وتحديد المقتضيات غير المطابقة للدستور من جهة ثانية.
وهنا يطرح السؤال: هل كان على رئيس مجلس النواب أن يجعل الإحالة تنصب على المقتضيات المشكوك في دستوريتها، أم أن إحالة القانون برمته هو الصواب؟
عند الوقوف على حرفية المادة 132 من الدستور، نلاحظ أنها استعملت عبارة «القوانين» بصيغة الجمع، ما قد يُفهم منه أن الإحالة تشمل النصوص بكاملها. وربما استند رئيس مجلس النواب إلى هذا التأويل حين أحال القانون برمته، مستفيدا من غياب الحسم الدستوري في هذه النقطة، وكأنه يقول للمحكمة: «ها هو القانون كما صودق عليه، فافحصوه». غير أن هذا التوجه يُنتقد بشدة، لأنه يحول الإحالة إلى وسيلة للتخلي عن المسؤولية السياسية والرقابية للبرلمان.
صحيح أن إحالة القانون برمته ممكنة من الناحية النظرية، غير أن الأجدر – عمليا ووظيفيا – أن تقتصر الإحالة على المواد المشكوك في دستوريتها مع بيان أسباب الإحالة. فهذا التوجه ينسجم أكثر مع روح الرقابة الدستورية، ومع التجارب المقارنة، وعلى رأسها التجربة الفرنسية التي استلهم منها المغرب جزءا كبيرا من نظامه الدستوري. وهو ما يشكل دعوة صريحة إلى البرلمان والحكومة كيلا يتعاملا مع الإحالة كإجراء شكلي، بل كآلية دقيقة لحماية الدستور.
فالغاية من الإحالة ليست أن تتحول المحكمة الدستورية إلى مشرّع ثان يراجع 644 مادة مادةً كما وقع بالنسبة لقانون المسطرة المدنية، بل أن تقول كلمتها في المقتضيات التي أثارت شبهات أو اعتراضات جدية. ولهذا فإن الإحالة ينبغي أن تكون معللة ومحددة، وتبين بدقة المواد أو الفصول محل التشكك، مع إبراز أوجه عدم دستوريتها.
وبالرجوع إلى نازلة الحال، فإن التساؤل التالي يظل مشروعا: لماذا لم يحل رئيس مجلس النواب مواد بعينها من القانون كان يشك في دستوريتها، واختار بدل ذلك إحالة النص بكامله دفعة واحدة؟ خطوة قد تبدو – في نظر البعض – وكأنها محاولة لتقديم "سُمٍّ مدسوس في العسل" للمحكمة الدستورية، على أمل أن تكتفي بالتصريح بعدم دستورية بعض المقتضيات وتزكي الباقي وكأنه مطابق للدستور على طريقة «مريضنا ما عندو باس».
لكن المحكمة، وبمنهجية وُصفت بالصرامة والدقة، لم تنجرّ إلى هذا الفخ، ولم تدخل في تفصيل كل جزئية أو ثغرة صغيرة، بل حصرت تدخلها في المقتضيات التي رأت بوضوح أنها تشكل خرقا "جليا" و"بيّنا" لمقتضيات الدستور، فصرحت بعدم دستورية 36 مادة. وهو رقم لافت، خاصة وأن المحكمة أكدت أنها لم تتناول سوى الانتهاكات الصارخة «من غير حاجة لفحص دستورية باقي مواد ومقتضيات القانون المحال». فما الذي كان سيكون عليه الأمر لو توسعت رقابتها لتشمل باقي المواد؟.
إن هذا القرار لا يكشف فقط عن خلل في النص المحال، بل يعري أيضا قصورا في التخطيط التشريعي وضعفا في الرقابة السياسية. فقد وجهت المحكمة الدستورية رسالة واضحة إلى السلطتين معا: إلى البرلمان بأن الإحالة مسؤولية دستورية جادة وليست التفافا سياسيا، وإلى الحكومة بأن التشريع المرتجل لا يصمد أمام الرقابة القضائية.
وبعبارة أخرى، أرادت المحكمة أن تقول إن الدستور ليس مجالا للتأويل المصلحي أو التوظيف السياسي، بل مرجعية عليا ملزمة، وأي مساس بجوهره مصيره السقوط، مهما كانت الحسابات أو التبريرات.



#خالد_خالص (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسار صناعة التشريع ودور المؤسسات الدستورية؛ المجلس الأعلى لل ...
- قرار المحكمة الدستورية: صراع خفي بين -رقمنة العدالة- واستقلا ...
- قرار المحكمة الدستورية بشأن المادتين 408 و410… تكريس لاستقلا ...
- المادة 339 من قانون المسطرة المدنية: قرار المحكمة الدستورية ...
- المادة 288 من قانون المسطرة المدنية: قرار المحكمة الدستورية ...
- قرار المحكمة الدستورية بخصوص المادتين 107 و364 : انتصار لحق ...
- قرار المحكمة الدستورية بخصوص الفقرة الأخيرة من المادة 90: بي ...
- قرار المحكمة الدستورية وإشكالية التخطيط التشريعي: قراءة في ض ...
- قرار المحكمة الدستورية وإشكالية التخطيط التشريعي: قراءة في ض ...
- -أنا جلالة نفسي !-
- -انا عكسنا !-
- دادا الفاهيم... الموسوعة !
- الحقيقة الهشّة: الإنسان كما لا نراه
- الصحافة الرقمية
- عبد اللطيف أحمد خالص
- هل ستكون الحرب الإسرائيلية – الإيرانية سببًا في تغيير خريطة ...
- المبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء المغربية
- سعاد خالص - مسيرة حافلة بالعطاء والتميز، منارة في دروب التعل ...
- مستقبل مهنة المحاماة في المغرب في عصر الذكاء الاصطناعي
- دور القضاء الإداري في حماية الاستثمار


المزيد.....




- الأمم المتحدة: تصعيد إسرائيل يجبر المزيد من الفلسطينيين على ...
- اليونيسف: معاناة أطفال غزة ليست صدفة
- خبراء يطالبون الأمم المتحدة بمنع كارثة إنسانية أكبر بغزة
- خبراء يطالبون الأمم المتحدة بمنع كارثة إنسانية أكبر بغزة
- اليونيسف: أطفال غزة جُرّدوا من حق التعليم والمدارس أصبحت ملا ...
- المعارضة الإسرائيلية تدعو إلى إعادة الأسرى من غزة.. -الحرب ت ...
- نادي الأسير: عدد الأسرى الفلسطينيين يتجاوز 11,100 حتى أيلول ...
- مدير الصحة العالمية يحذر من استمرار المجاعة في غزة
- مدير الإغاثة الطبية بغزة: لا نستطيع التعامل مع ضحايا قصف الأ ...
- -ترقى لجرائم التطهير العرقي-..مصر تندد بتصريحات نتنياهو حول ...


المزيد.....

- الوضع الصحي والبيئي لعاملات معامل الطابوق في العراق / رابطة المرأة العراقية
- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - خالد خالص - المحكمة الدستورية بين القانون بكامله وبين -الجلي- و-البيّن- منه