أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - خالد خالص - قضية المهداوي… قراءة قانونية في اختلالات مسطرة تأديبية تمس حق الدفاع ومبدأ الشرعية التأديبية














المزيد.....

قضية المهداوي… قراءة قانونية في اختلالات مسطرة تأديبية تمس حق الدفاع ومبدأ الشرعية التأديبية


خالد خالص

الحوار المتمدن-العدد: 8536 - 2025 / 11 / 24 - 00:14
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


تبرز الوقائع المرتبطة بالمسطرة التأديبية المتخذة في حق الصحافي حميد المهداوي جملة من الاختلالات التي تقتضي التوقف عندها بقراءة قانونية موضوعية، لكونها تمس مبادئ دستورية أصيلة وعلى رأسها: مبدأ البراءة، حق الدفاع، استقلالية الجهة المختصة، الشرعية التأديبية، وضمانات المحاكمة العادلة.
وتفيد المعطيات أن لجنة أخلاقيات المهنة وقضايا التأديب المنبثقة عن اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر باشرت إجراءات تأديبية في مواجهة الصحافي بناء على ما نسب إليه من استعمال عبارة " السلكوط/ السلاكط"، وهي واقعة كان يفترض أن تشكل أساسا موضوع النقاش والتحليل والتكييف القانوني خلال المداولة. إلا أن التسجيل المسرب، الممتد لساعتين، يكشف أن هذه العبارة لم تكن مطروحة للنقاش إطلاقا، ولم يبحث الأعضاء في سياقها، ولا في مدلولها، ولا في مدى انطباقها على قواعد أخلاقيات المهنة، وهو ما يشكل إخلالا جوهريا بمبدأ الشرعية التأديبية التي تقتضي ربط كل مؤاخذة بفعل ثابت ومعلل.
كما تظهر الوقائع أن اللجنة اعتمدت قرارا مسبقا بالمؤاخذة دون مناقشة موضوعية للفعل المنسوب، بما يتعارض مع مبدأ قرينة البراءة في المجال التأديبي، ومع إلزامية تسبيب القرارات تسبيبا قانونيا وواقعيا.
ويسجل كذلك اتخاذ قرار بمنع ستة محامين من مؤازرة المعني بالأمر، ومطالبة اللجنة من الصحفي بالاكتفاء بمحام واحد فقط، يعد مسا صريحا بحق الدفاع المنصوص عليه دستوريا، إضافة إلى استدراج وعزل الصحافي للاستماع إليه في غياب محاميه، بينما كانت هيئة الدفاع تنتظر خارج القاعة للمناداة عليها، ما يشكل خرقا لطبيعة الحضور القانوني الواجب أثناء الجلسة التأديبية.
وتشير المقاطع المسربة إلى أن اللجنة لجأت أولا الى تسجيل الجلسة وكذا تسجيل المداولة دون إخبار الصحفي المتابع من جهة والى إلى تقنية اتصال عن بعد شبيهة بـ"الزوم"، حيث ظل أعضاء اللجنة طيلة المداولات على اتصال مباشر بشخص خارجي عديم الصفة، يقدم توجيهات أو مشورات وهو ما يمس مبدأ سرية المداولات، وحياد الجهة التأديبية، ويعرض المسطرة للبطلان بسبب تدخل طرف أجنبي عن الهيئة المختصة في إجراءات التحقيق وفي قرار التأديب.
كما يلاحظ حضور ومشاركة رئيس اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر أثناء المداولة رغم كونه جهة استئنافية للطعن في قرارات لجنة التأديب، (وهو الذي قال في حوار سابق أنه لا علاقة له بلجنة التأديب) مما يمثل تداخلا في الاختصاصات يمس بضمانات الحياد. وتضاف إلى ذلك مشاركة أشخاص آخرين ليست لهم صفة قانونية في الحضور مثل مصور الشريط، وبقاء الكاتبة داخل جلسة الاختلاء للمداولة وهي جلسة ينبغي أن يقتصر الحضور فيها على الأعضاء أصحاب الصفة فقط، وهو خرق إضافي للسرية القانونية.
أما الخطاب المتداول من قبل أعضاء لجنة الأخلاقيات داخل المداولة، فيكشف عن استعمال تعبيرات غير مهنية وغير أخلاقية في حق الصحفي المتابع ( الزا....، إيش..إيش، غيز ليه، اتشيطين، غادي نتبع دين مو فالمحكمة..) وفي حق هيئة دفاعه (المحاميين لمصديين، نجفف بيهم الاض، بوعنق...) وهو سلوك يشكل اعتداء على الصحفي وعلى المحامين بل وعلى مهنة الدفاع، ويمس بمكانتها الدستورية باعتبارها شريكا في تحقيق العدالة، ويعد من مظاهر الانحراف في استعمال السلطة التأديبية.
وتكشف أجزاء أخرى من التسجيل عن مناقشة مسائل خارجة عن نطاق التأديب المهني، من قبيل التلويح بالتدخل لدى القضاء أو التأثير على الدعم العمومي، أو التواصل مع مؤسسات دستورية بهدف الضغط على القضاة (un petit mot à Abdo Nabawi)، وهي كلها عناصر تؤكد وجود خلط جوهري بين ما هو تأديبي وبين اعتبارات سياسية أو إدارية لا صلة لها بموضوع المسطرة.
إن مجموع هذه الاختلالات (وغيرها كثير) التي شابت القرار القاضي بسحب بطاقة الصحافة لحميد المهدوي لمدة سنة كاملة - من غياب مبدأ البراءة وغياب المناقشة الموضوعية للفعل المنسوب، وحرمان الدفاع من حقوقه، وتدخل أطراف غير مختصة، وغياب السرية، وتجاوز الاختصاص، ومحاولة التأثير على استقلال القضاء وانحراف المداولة عن موضوعها، يمثل عيوبا مسطرية وموضوعية جوهرية تفقد القرار التأديبي شروط المشروعية، وتستوجب قانونا الحكم بإلغائه وبعد التصدي القول والحكم ببطلانه من قبل القضاء الاداري.
وفي ضوء ما كشفه التسجيل المسرب، فإن فتح تحقيق مستقل وجدي لم يعد خيارا، بل ضرورة قانونية ملحة؛ ذلك أن استجلاء حقيقة ما جرى، وتحديد المسؤوليات، وتفعيل الجزاءات القانونية والتنظيمية في حق كل من يثبت تورطه في الخروقات، وإعادة الاعتبار لمبادئ الشرعية والحياد وضمانات الدفاع واستقلال القضاء، كلها عناصر أساسية لعدم تكرار مثل هذه الانزلاقات مستقبلا.
فحماية حرية الصحافة لا تنفصل عن حماية المحاماة، ولا يمكن بناء ثقة حقيقية في المؤسسات المهنية دون احترام صارم للقانون والأخلاق. وتغدو قضية المهداوي في هذا السياق اختبارا لمصداقية هاته المؤسسات وقدرتها على حماية الصحافيين… وحماية من يتولى الدفاع عنهم ومن يفصل بينهم في الآن ذاته. كما يصبح من ثم لزاما على المؤسسات والهيئات التي طاولتها هذه الواقعة -وفي مقدمتها المجلس الأعلى للسلطة القضائية والهيئات السبعة عشر للمحامين بالمغرب-أن تبادر إلى ردة فعل مسؤولة تعيد الأمور إلى نصابها وتسهم في تصحيح المسار.
ملحوظة:
"غيز ليه " في الدارجة العامية المغربية عبارة "سوقية" تأتي غالبا بصوت غاضب أو تهديدي لكي تبين شدة الموقف؛ وتفيد هنا "شدد عليه العقوبة"، "تخلص منه".."عدمو".. وهو ما يبرز مدى التحامل وغياب حياد واستقلال أعضاء اللجنة التأديبية ...



#خالد_خالص (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين تتحول إصلاحات مهنة المحاماة إلى أداة سياسية ...
- المغرب – الجزائر: اليد الممدودة ومخاطر الواقعية
- تعليق على أمر قاضي المستعجلات بالإذن بالحيازة
- بين مقتضيات التنظيم واحتمال تكريس الإفلات من العقاب: المادة ...
- عودة تجربة – مباراة المغرب ضد نيجير مجمع مولاي عبد الله، 5 ش ...
- عودة تجربة – مباراة المغرب ضد نيجير- مجمع مولاي عبد الله، 5 ...
- حين تطغى الإثارة الرقمية على حرمة الحياة الخاصة: بين الضجيج ...
- الاعتداء المادي: حينما تتجاوز الإدارة الدستور والقانون
- رسالة مفتوحة ردًّا على «لغز محمد السادس»: بين السرد الإعلامي ...
- قرار المحكمة الدستورية… جرس إنذار للتشريع المغربي
- الدفع بعدم الدستورية في المغرب: الحق المعطَّل ومخاطر التشريع ...
- تغييب المحامين عن صناعة التشريع القضائي: قراءة دستورية ومؤسس ...
- صياغة القوانين ودور المؤسسات الدستورية
- المحكمة الدستورية بين القانون بكامله وبين -الجلي- و-البيّن- ...
- مسار صناعة التشريع ودور المؤسسات الدستورية؛ المجلس الأعلى لل ...
- قرار المحكمة الدستورية: صراع خفي بين -رقمنة العدالة- واستقلا ...
- قرار المحكمة الدستورية بشأن المادتين 408 و410… تكريس لاستقلا ...
- المادة 339 من قانون المسطرة المدنية: قرار المحكمة الدستورية ...
- المادة 288 من قانون المسطرة المدنية: قرار المحكمة الدستورية ...
- قرار المحكمة الدستورية بخصوص المادتين 107 و364 : انتصار لحق ...


المزيد.....




- أسرى عوفر يشكون تعرضهم للتعذيب والإهمال الطبي
- ما أبرز معوقات الوصول إلى آلاف الجثث تحت أنقاض غزة؟
- ما أبرز معوقات الوصول إلى آلاف الجثث تحت أنقاض غزة؟
- تحذير جديد من خطر يهدد الأسير أحمد سعدات.. يتعرض للتعذيب بتع ...
- هيئة فلسطينية: ظروف اعتقال قاسية يواجهها أسرى -عوفر- الإسرائ ...
- الدجاجة بـ25 دولارا.. برنامج الأغذية العالمي يوثق استمرار مأ ...
- اعتقال جايير بولسونارو بعد اتهامه بمحاولة الفرار من الإقامة ...
- اعتقال عشرات احتجوا في لندن على حظر مجموعة -فلسطين أكشن-
- مسؤول بالأونروا يشرح كيف تواصل المنظمة عملها بغزة رغم الحظر ...
- اعتقال عشرات احتجوا في لندن على حظر مجموعة -فلسطين أكشن-


المزيد.....

- الوضع الصحي والبيئي لعاملات معامل الطابوق في العراق / رابطة المرأة العراقية
- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - خالد خالص - قضية المهداوي… قراءة قانونية في اختلالات مسطرة تأديبية تمس حق الدفاع ومبدأ الشرعية التأديبية