أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد خالص - 8 دجنبر 1975: تهجير المغاربة من الجزائر ومقتضيات الذاكرة والإنصاف، مقاربة لواحدة من أبرز الانتهاكات الجماعية بالمنطقة المغاربية














المزيد.....

8 دجنبر 1975: تهجير المغاربة من الجزائر ومقتضيات الذاكرة والإنصاف، مقاربة لواحدة من أبرز الانتهاكات الجماعية بالمنطقة المغاربية


خالد خالص

الحوار المتمدن-العدد: 8558 - 2025 / 12 / 16 - 17:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يمثل يوم 8 دجنبر 1975 محطة مركزية في تاريخ الانتهاكات الجسيمة التي عرفتها المنطقة المغاربية خلال القرن العشرين. ففي هذا اليوم، الذي صادف أول أيام عيد الأضحى، أقدمت السلطات الجزائرية على تنفيذ عملية تهجير قسري جماعي استهدفت ما يقارب خمسة وسبعين ألف مواطن مغربي كانوا يقيمون فوق التراب الجزائري إقامة قانونية وكاملة المشروعية. وقد جاءت هذه العملية في سياق سياسي إقليمي حساس أعقب حدث المسيرة الخضراء ( 6نونبر 1975 )، لتمثل شكلا من أشكال المعاقبة الجماعية التي تفتقر إلى أي سند قانوني أو مبرر إنساني.
لم يكن اختيار يوم عيد الأضحى لتنفيذ الترحيل قرارا عرضيا، بل شكل عنصرا إضافيا زاد من الطابع الصادم للحدث. فقد فوجئت آلاف الأسر المغربية بتدخلات أمنية وعسكرية أفضت إلى: نقل العائلات قسرا عبر شاحنات نحو الحدود المغربية بجوج بغال، وإغلاق المنازل وحرمان أصحابها من العودة إليها، والفصل القسري بين أفراد الأسر المختلطة (مغاربة وجزائريون)، بما في ذلك الأزواج والأطفال، ومصادرة الممتلكات الخاصة دون أي مسطرة قانونية.
ولقد أدى ذلك إلى تفكيك نسيج اجتماعي قائم منذ عقود، وخلق أوضاع إنسانية بالغة القسوة، لاسيما بالنظر إلى الطابع المفاجئ وسرعة تنفيذ العملية لأفراد وأسر لا علاقة لهم بالسياسة.
وتجمع الأدبيات القانونية الدولية على أن التهجير القسري الجماعي، عندما يمارس على أساس الأصل الوطني أو العرقي، يصنف ضمن الجرائم ضد الإنسانية وفق نظام روما الأساسي، ووفق المبادئ العرفية للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
وقد تضمن ما وقع سنة 1975 عددا من الانتهاكات الجسيمة، من أبرزها: الإخلال بالحق في حرية التنقل والإقامة؛ وانتهاك الحق في الملكية من خلال تجريد المرحلين من ممتلكاتهم؛ وتعريض المدنيين لظروف لاإنسانية خلال عملية الترحيل؛ والتفريق المتعمد للأسر، وهو فعل يعتبر محظورا بموجب الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحماية الأسرة والطفل.
ومن ثم، فإن الحدث لا يمكن اختزاله في إجراء إداري أو ظرفي، بل يشكل ممارسة ممنهجة تدخل في إطار مسؤوليات الدولة تجاه حماية الأفراد الموجودين على أراضيها.
ولم تقتصر تداعيات التهجير على سنة 1975، بل امتدت على مدى عقود لاحقة، مخلفة موجات واسعة من التشرد وانعدام الاستقرار. كما تسببت في اضطرابات نفسية عميقة ناجمة عن الصدمة والانفصال القسري، وخسائر مادية جسيمة تمثلت في ضياع الممتلكات ومدخرات العمر. ولم تسلم الروابط الأسرية من آثارها، إذ تفككت عائلات كثيرة وما تزال انعكاسات ذلك حاضرة في حياة من بقي منهم إلى اليوم.
هذه النتائج تبرز عمق الجرح الذي خلفته العملية، وتظهر كيف تحول الحدث إلى ذاكرة جماعية لا تزال حاضرة بقوة في الوجدان المغربي.
إن استحضار هذا الحدث بعد مرور خمسة عقود لا يدخل في إطار تأجيج التوترات السياسية، بل يمثل واجبا أخلاقيا وتاريخيا يهدف الى توثيق الانتهاكات وضمان حفظ الذاكرة، وإلى دفع البلد المعتدي لتقديم اعتذار للمعتدى عليهم وللمغرب، وضمان الإنصاف المادي للضحايا، وأيضا لتعزيز ثقافة حقوق الإنسان ومنع تكرار مثل هذه الممارسات؛ وتوفير الأسس الموضوعية لأي مسار للمساءلة أو العدالة الانتقالية الممكنة. فالأمم التي تطمح إلى بناء مستقبل مستقر لا يمكنها تجاوز صفحاتها المظلمة دون الاعتراف بها ومعالجة آثارها.
وإذا كان تهجير 8 دجنبر 1975 يشكل نموذجا صارخا للانتهاكات الجماعية التي تستوجب الدراسة والتحليل والتوثيق باعتباره حدثا اتسم بخرق ممنهج لحقوق الإنسان الأساسية، فإنه يفرض على الباحثين والمؤسسات الحقوقية مواصلة العمل من أجل توضيح ملابساته، وتحقيق الإنصاف للضحايا، وضمان عدم تكرار مثل هذه الأحداث مستقبلا.
إن الخوض في هذا الملف بقدر من الجرأة والمسؤولية لم يعد ترفا فكريا، بل ضرورة لإرساء عدالة تستند إلى ذاكرة جماعية لا تقبل المسخ ولا الإهمال. فالتاريخ، مهما حاول البعض الالتفاف عليه، يظل حاضرا بما يكفي ليذكر بأن الحقيقة المرة لا تلغى بالصمت، وأن ما يراد طمسه يعاود الظهور بإصرار. لذلك، فإن واجبنا اليوم ليس أن نتذكر فحسب، بل أن نحسن قراءة ما نتذكره… لأننا لا ننسى، والتاريخ أيضا لا ينسى.



#خالد_خالص (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قضية المهداوي… قراءة قانونية في اختلالات مسطرة تأديبية تمس ح ...
- حين تتحول إصلاحات مهنة المحاماة إلى أداة سياسية ...
- المغرب – الجزائر: اليد الممدودة ومخاطر الواقعية
- تعليق على أمر قاضي المستعجلات بالإذن بالحيازة
- بين مقتضيات التنظيم واحتمال تكريس الإفلات من العقاب: المادة ...
- عودة تجربة – مباراة المغرب ضد نيجير مجمع مولاي عبد الله، 5 ش ...
- عودة تجربة – مباراة المغرب ضد نيجير- مجمع مولاي عبد الله، 5 ...
- حين تطغى الإثارة الرقمية على حرمة الحياة الخاصة: بين الضجيج ...
- الاعتداء المادي: حينما تتجاوز الإدارة الدستور والقانون
- رسالة مفتوحة ردًّا على «لغز محمد السادس»: بين السرد الإعلامي ...
- قرار المحكمة الدستورية… جرس إنذار للتشريع المغربي
- الدفع بعدم الدستورية في المغرب: الحق المعطَّل ومخاطر التشريع ...
- تغييب المحامين عن صناعة التشريع القضائي: قراءة دستورية ومؤسس ...
- صياغة القوانين ودور المؤسسات الدستورية
- المحكمة الدستورية بين القانون بكامله وبين -الجلي- و-البيّن- ...
- مسار صناعة التشريع ودور المؤسسات الدستورية؛ المجلس الأعلى لل ...
- قرار المحكمة الدستورية: صراع خفي بين -رقمنة العدالة- واستقلا ...
- قرار المحكمة الدستورية بشأن المادتين 408 و410… تكريس لاستقلا ...
- المادة 339 من قانون المسطرة المدنية: قرار المحكمة الدستورية ...
- المادة 288 من قانون المسطرة المدنية: قرار المحكمة الدستورية ...


المزيد.....




- مفاوضات السلام في أوكرانيا.. إليكم ما تم الاتفاق عليه والنقا ...
- روما تفتتح 2 محطة جديدة على خط مترو سي وتعرض آثار قديمة قرب ...
- بسبب -حق النقض- الإسرائيلي.. تركيا مستبعدة من مؤتمر قوة الاس ...
- خطأ إدراج حزب الله و-الحوثيين- على قوائم الإرهاب يطيح بمسؤول ...
- عاجل | البنتاغون: وزارة الخارجية وافقت على مبيعات عسكرية محت ...
- صحف عالمية: نتنياهو يشكل لجنة -للتستر- على تحقيقات 7 أكتوبر ...
- دول الجناح الشرقي لأوروبا تعتبر روسيا التهديد المباشر للأمن ...
- 337 أسرة سودانية وصلت كوستي بعد سيطرة الدعم السريع على هجليج ...
- أردوغان: غزة دُمّرت بقنابل تفوق هيروشيما 14 ضعفا
- -ما وراء الخبر- يسلط الضوء على تردي الأوضاع الإنسانية في قطا ...


المزيد.....

- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد خالص - 8 دجنبر 1975: تهجير المغاربة من الجزائر ومقتضيات الذاكرة والإنصاف، مقاربة لواحدة من أبرز الانتهاكات الجماعية بالمنطقة المغاربية