|
|
قراءة اجتماعية في جذور التربية العائلية وإخفاقاتها / الجزء الاول : العنصرية تبدأ من البيت: كيف تصنع المقارنة بين الأبناء وعيا مجتمعيا مأزوما
خالد محمود خدر
الحوار المتمدن-العدد: 8557 - 2025 / 12 / 15 - 02:50
المحور:
قضايا ثقافية
على الرغم من السعي الدائم لأولياء الأمور إلى تقديم الأفضل لأبنائهم، وتربيتهم بأفضل طريقة ما يساعدهم على الاندماج في المجتمع بسهولة في كبرهم ويسهل تحقيقهم النجاح من خلال التمتع بشخصيات سوية، فإن هناك بعض الأخطاء الشائعة التي قد يقع فيها الآباء أثناء تربية أبنائهم، تتسبب في إضعاف ثقتهم بأنفسهم، بل وتسلبهم الشخصية القوية
في بيوتنا أمثلة لا تنتهي: ام تذكر ابنها بدرجات قريبه العالية ، اب يصرخ في وجه ابنه ظانًا أن الصوت العالي يغرس الاحترام او يحقق حلم ابنه بدراجة هوائية ولكن بعد مشقة وحرمان طويلين ، أمٌّ توبّخ ابنتها أمام الآخرين، تظن أنها تحميها من الخطأ، بينما تعيد إلى الذاكرة صوت أمها القديمة وهي تفعل الشيء ذاته. اب يتعامل بجفاء، لأنه لم يعرف في طفولته غير لغة الخوف ، ابوين يعلمان اطفالهم لغة التفرقة مع الآخرين وفق الاختلاف اثنيا ودينيا . كلّهم يكررون الدرس ذاته، دون أن يدركوا أنهم ما زالوا يعيشون اما صدى طفولتهم او نظرتهم الضيقه لمفهوم التربية الاسرية وإعداد الاطفال بما يليق بمستقبل كفء لهم يمكنهم أن يساهموا في بناء وطنهم والعيش بسلام وأمان واحترام.
يتساءل الكثير: هل يولد الإنسان عنصريا بالفطرة؟ سؤال يبدو بسيطا في ظاهره،لكنه يمس جوهر المجتمع الإنساني، ولكن علماء النفس والمجتمع يجمعون على إجابة واحدة: لا. فالإنسان لا يأتي إلى العالم محملا بالكراهية، بل مهيأ للتشكل. إن الإنسان يولد صفحة بيضاء، أي لوحة فارغة لا تعرف الكراهية ولا تفرق بين لون وآخر ولا بين لهجة وأخرى. وما يخط عليها في مرحلة الطفولة يتحول لاحقا إلى قناعات وأحكام وأنماط سلوك. الإنسان يُصنع بالتربية أكثر مما يُصنع ويُشكل وفق قوانين وقرارات الطبيعة، كما عبر عن ذلك إميل دوركايم.
عن هذا تسوق البروفيسورة في علم النفس كريمة الشامي في مقال لها على صفحتها بالفيس بوك: ضع طفلين من خلفيتين أو انحدارين مختلفين في مكان واحد، سواء كان ذلك اجتماعيا أو إثنيا، وستجدهما يلعبان ويضحكان ويتقاسمان اللعبة دون أن يسأل أحدهما: من الأفضل؟ لكن المأساة تبدأ من حيث نظن أننا نربي، بينما نحن في الحقيقة نُفسد الفطرة النقية.
لتأكيد رأيها، أنقل نص القصة الحقيقية التالية عن أحد مواقع الشبكة العنكبوتية: تقول والدة لطفل اسمه مايلز:أخبرني ابني مساء أمس أن صديقا له في الفصل يشبهه، وأنه سيحتفل بيوم التوائم برفقته. أخبرني كيف أنه يشبهه في لون عيونه وشعره، وأصر على أنهما متطابقان تماما. بعد أن أخذته إلى سريره لينام، خرجت إلى السوق في تمام التاسعة مساء لأشتري له ولصديقه طقم ملابس متشابه ليلبساه احتفالا بيوم التوأم. وفي اليوم التالي أرسل لي أستاذهم هذه الصورة التي جعلت قلبي يذوب، فمن الواضح جدا أن الطفلين لا يتشابهان في شيء، ولكن وعلى الرغم من ذلك فطفلي مايلز لم ير تلك الاختلافات البارزة. القصة تدعونا للتساؤل:ألن يصبح العالم مكانا رائعا حين نبصره بعيون طفلين في الخامسة من عمرهما! حين نحب لغيرنا ما نحبه لأنفسنا، وحين ننسى اختلاف اللون والدين والطائفة والطبقة الاجتماعية، كم ستكون الحياة أجمل.
فالطفل لا يرى في الآخر تهديدا، ولا في الاختلاف خطرا. يكتشف العالم بفضول لا بحذر. لكن المجتمع، عبر الأسرة أولا، يتدخل مبكرا ليعيد تشكيل هذا الكائن الحر وفق منظومة غير مرئية من المقارنات والتصنيفات والتراتبيات. هكذا يكون بيت الأسرة المؤسسة الاجتماعية الأولى. وقد يتشكل في هذا البيت إعادة تشكيل العنصرية بصورة قد تدركها أو تكون مسؤولة عنها العائلة، وهنا يمكن القول إن العنصرية تبدأ من البيت لا من الشارع.
إن أخطر ما يواجه الإنسان هو التربية الخاطئة التي تلبس الرذيلة ثوب الفضيلة، كما يقول الدكتور علي الوردي. ولتوضيح معنى أن العنصرية تزرع في البيوت،نقف مع قول الأم لابنها الصغير السن حين تقول له: انظر ابن خالك أو ابن عمك الذي حصل على درجات أحسن منك في الامتحان أو النتيجة النهائية، فهي هنا لا توقظ الطموح كما توهّم، بل تزرع أول بذرة مقارنة، وأول شوكة في صدر الطفولة. ذلك الطفل الذي شعر بالنقص من مقارنة والدته، سيكبر حاملا غصة صامتة، وربما حقدا مؤجلا، على قريبه أو زميله في المدرسة. ولو أن الأم احتضنته وقالت: أنت مجتهد وشاطر، وفي المرة القادمة سوف تحصل على درجات أحسن، لكان وقع الدرس عليه حبا وسلاما لا حسدا ومفاضلة.
هكذا تمارس العنصرية في البيوت كأول وأهم خلية مجتمعية، ولا تبدأ هنا من لون البشرة، بل من طريقة النظر إلى الآخر. تبدأ من كلمة، من نبرة، من تربية تعلّم التنافس لا التعاون، وتربط القيمة بالنتيجة لا بالنية. إن المجتمع الذي يعلّم أفراده المقارنة الدائمة، يخلق بشرا خائفين لا أحرارا. نحن من نلقن أبناءنا،دون وعي، أن الناجح خطر، وأن المختلف مرفوض، وأن من ليس من دائرتنا الضيقة لا يؤتمن، حتى يصبح التمييز عادة لا جريمة. حتى باتت هذه المجتمعات تكره النجاح وتخاف الضوء.
البيت ليس مجرد مساحة عاطفية، بل هو أول خلية أو مؤسسة اجتماعية يتشرّب فيها الفرد معنى القيمة والنجاح والانتماء. وحين تدار التربية بمنطق المقارنة، كما أشرت، من قبيل: انظر إلى ابن عمك أو ابن خالك، فهما أفضل منك، فإن الأسرة بهذا لا تحفزه على الاجتهاد، بل تؤسس لوعي مأزوم يرى الآخر معيارا يقاس به لا شريكا. لا تولد العنصرية هنا من باب الكراهية الصريحة،بل كتصنيف صامت: هذا أفضل، ذاك أدنى؛ هذا يحتفى به، وذاك يُهمّش. ومع الزمن، يتحول هذا التصنيف إلى شعور دفين بالتهديد لكل متفوق، ولكل مختلف. وهذا النموذج من المقارنة يتضاعف تأثيره حين يتناول الاختلاف، وهذا سيكون موضوع الجزء الثاني من هذا المقال.
يقول أوسكار وايلد: كن نفسك، فالجميع محجوزون بالفعل. بمعنى:الفكرة تسحبك إلى جوهر بسيط لكنه صادم، لا أحد متاح لتكون نسخة، لأن كل شخص غارق في حياته، بصراعاته، بتاريخه، بنسخته الخاصة من المعنى. إن محاولة تقليد الآخرين ليست سوى إنكار داخلي، لأنها تبني هوية قائمة على الفراغ، لا على التجربة.
من منظور علم النفس، هذا يقترب من مفهوم الحالة التي ينسجم فيها الفرد مع قيمه ودوافعه الداخلية دون ضغط المقارنة أو الذات المثالية المفروضة اجتماعيا. وعندما ينشغل الإنسان بالمحاكاة، يفعّل مناطق الوعي الاجتماعي التي تزيد القلق، بينما يقل نشاط الشبكات المرتبطة بالهوية الذاتية والاستقلال. الفكرة في النهاية تفتح بابا للتخفف: ما دام الآخرون مشغولين بأنفسهم، يصبح الطريق الوحيد الصالح هو أن تكون أنت.
ضرورة اعتماد التربية الصحيحة، وضرورة نسج علاقة مع الأطفال أساسها الاحترام والإنصات وتقدير الذات. يقول الدكتور إبراهيم الفقي:إن قدرات العقل البشري غير محدودة، ولا تقدر بوزن المخ، ولكن بقوة الشخص على التأقلم مع محيطه، وتقديم مخرجات لكل ما يحيط به من متغيرات، كما أكد أن الاحتياجات الأساسية للطفل كثيرة ومنها الأمان الذي إن لم يجده في البيت سيبحث عنه في أماكن أخرى مثلا على الإنترنت، كما أصبح شائعا، أو في الشارع أو في مراكز التسويق أو المولات والمراكز التجارية. الطفل محتاج أيضا للحب،وهذا يلزم التصريح به من الوالدين ويجب على الوالد أن يأخذ مكانته في تربية الأولاد وتزويدهم بالحب والحنان، ثم التسامح لأنه يحقق الأمان، والحب يعالج كل الجروح الطفولية، فمثلا أن يقول الأهل لأبنائهم: أنت أغلى شيء في حياتي وليس العكس، كما يجب تقدير أعمال الطفل التي يقوم بها.
يُحث الدكتور إبراهيم الفقي الأهل على ضرورة تقبل أبنائهم كيفما كانوا وألا يبدوا أي ضجر من أشكالهم أو أقوالهم، لأن مساندتهم وتقبلهم يصنعان المعجزات. عندما تقدر ابنك وتحترمه فإنك تعلمه أن يحترمك تلقائيا، والثقة في النفس يجب تعليمها للصغار أيضا منذ الصغر. إن المقارنة بين الأطفال سواء كانوا إخوة أو أبناء عمومة أو زملاء تهدم الشخصية لأن الجميع خُلقوا مختلفين،فلا أحد يشبه آخر من حيث البصمات ولا من حيث العيون ولا من حيث كل الأجزاء، فكيف لنا أن نطلب أن يكون طفلنا نسخة طبق الأصل من آخر!
ويضيف إبراهيم الفقي القول إن الطفل من عمر سنة إلى أربع سنوات يعتبر مبدعا 100% وبعد هذه السن يبدأ تراجعه في الإبداع، لذا من الضروري ترك المجال للأطفال لممارسة بعض الأنشطة كالرياضة حتى لا تحبس الطاقة داخلهم، وعدم توجيه انتقادات للصغار مباشرة، لأن الانتقاد يعتبر هداما، بل يجب توجيه النصح بطرق غير مباشرة، والتركيز على الإيجابيات أكثر من السلبيات في حياة الطفل، والسخرية مما يقوم به الطفل قد يكون له وجه هدام لشخصيته.
المقارنة بين الأبناء هي إحدى أخطر الأخطاء التربوية؛ فعندما نقارن بين طفل وآخر، فإننا نرسل رسالة واضحة مفادها أن أحدهم أفضل من الآخر، وهذا يؤدي إلى شعور الطفل المقارن بالدونية والحسد، كما أن المقارنة تزرع بذور التنافس بين الأشقاء وتضعف روابط المحبة بينهم.
في مجتمعاتنا، لا يُقصى الفرد لأنه فاشل، بل لأنه ناجح خارج القطيع، كما عبر عن ذلك بيير بورديو. المجتمع لا يقمعنا بالقوة فقط، بل يشكل وعينا حتى نظن أن ما نمارسه هو خيارنا الوحيد. حين تُقاس قيمة الإنسان بإنجازه فقط،يتحول المجتمع إلى ساحة صراع لا فضاء تعاون، كما يقول إريك فروم. في موضوع مرتبط يقول علي الوردي إن أخطر أنواع الظلم هو الظلم المغلّف بالأخلاق،وهذا ما نمارسه حين نسمي الحسد غيرة، والإقصاء حرصا، والتقليل من الآخر نصيحة.
هكذا يتحول الحسد إلى سلوك اجتماعي مألوف. إذ يلاحظ أنه بدل أن يقول أحدهم للمتفوق: مبروك، يتساءل: ليش هو أحسن…؟ عليه يمكن القول إنه بدلا أن نتعلم من الناجح،نحاول إسقاطه. تقدم الكراهية في ثوب النكتة، ويُمرر الحقد باسم النصيحة، وتمارس التمييز تحت لافتة الأخلاق والعادات. أليس مؤلما أن نرى مجتمعاتنا تمارس عنصرية داخلية أشد مما نلوم به غيرنا من المجتمعات؟في هذه المجتمعات، يُحاسب من يميّز بين الناس ويكافَأ من يتميّز بينهم، أما في مجتمعاتنا فيكافئ من يميّز ويستهزئ ويحارب من يتميّز بين الناس. لقد صنعنا فوارق لم تكن موجودة، وتوارثنا أمراضا فكرية باسم الإنسانية والغيرة والعادات.
ليس القصد فيما أشرت له الانتقاد أو تشخيص الإدانة، بل يأتي بنية محاولة إيقاظ النفس وبناء وعي يسمح برسم آفاق من المحبة والتآلف بين البشر، مؤملا أن يساهم ذلك في الارتقاء بأفكارنا، ونُطهّر بيوتنا قبل شوارعنا من سموم المقارنة والتمييز والحسد.
العنصرية الحديثة لا تحتاج إلى لون أو عرق. يكفي أن تُربط الكرامة بالنتيجة، والإنسان بالوظيفة، والاحترام بالمكانة. عندها يصبح النجاح استفزازا، والاختلاف خطرا، والتميّز جريمة غير معلنة. إنها دعوة لنربي الأبناء على أن الاختلاف جمال،وأن نجاح الآخر ليس تهديدا، بل مرآة ترينا ما نستطيع أن نكونه. وعلى صعيد المجتمع، يمكن القول إنه ليس هناك من وطن ينهض بقلوب مثقلة بالكراهية، ولا تتقدم أمة تبني مجدها بعقول تقتات على سقوط غيرها. الناس لا يرون العالم كما هو،بل كما صُنع لهم أن يروه.
ما نحتاجه اليوم ليس تحسين السلوك، بل تفكيك المنظومة التي تنتج هذا السلوك. فالعنصرية اليومية التي نمارسها ليست انحرافا فرديا، بل نتيجة وعي زائف يتشكل عبر التربية والإعلام والعلاقات الاجتماعية. وعيٌ يجعلنا نبرر الإقصاء باسم الواقعية، ونبرر الحسد باسم الغيرة، ونبرر سحق المختلف باسم المصلحة.
يشرح بيير بورديو كيف تُعاد صناعة المجتمع عبر ما سمّاه إعادة الإنتاج الاجتماعي، حيث تنتقل القيم نفسها من جيل إلى جيل دون أن تُسأل أو تُفكك. وهكذا، لا يورث الآباء المال فقط، بل يورثون نظرتنا إلى النجاح، وخوفنا من التفوّق، وعداءنا الخفي لمن يكسر السقف غير المكتوب. وضمن هذه المساحة المراقبة، لا يكون الفرد حرا تماما في أحكامه؛ إنه يتحرك داخل حقل رمزي يحدد له من يستحق الاحترام، ومن يجب التشكيك فيه، ومن يُسمح له بالصعود، ومن يجب إعادته إلى مكانه. هنا تتحول العنصرية من فعل واع إلى ممارسة تلقائية، ومن خيار أخلاقي إلى عادة اجتماعية.
يقول هربرت ماركوز إن أخطر أشكال القمع هي تلك التي تجعل الإنسان يحب قيوده. ونحن، دون أن نشعر، نحب هذه القيود حين ندافع عن ثقافة تعادي التميّز، لأنها تريحنا من عناء التغيير. نعم إن المأساة ليست في أن يظلم الإنسان غيره،بل في أن يتعلم كيف يبرر هذا الظلم. إن أخطر ما نواجهه ليس العنصرية الصاخبة، بل تلك الصامتة التي تعيش في بيوتنا، في كلماتنا العابرة، وفي ضحكاتنا حين نسخر من نجاح الآخر. فحين يصبح الإقصاء مألوفا، يفقد المجتمع قدرته على التقدم دون أن يشعر.
لن ننهض ما دمنا نربي أبناءنا على الخوف من الضوء، وعلى أن نجاح غيرهم تهديد لا فرصة. ولن نبني وطنا سليما بعقول تتقن المقارنة أكثر مما تتقن التعاون. التحرر الحقيقي يبدأ من لحظة وعي:أن ندرك أن ما نمارسه ليس طبيعة بشرية، بل تربية قابلة للتغيير. وأن نتحمل، كمجتمع، مسؤولية ما نصنعه من بشر. هنا فقط،تتحول العبارة من شعار جميل إلى مشروع وجودي: نلتقي لنرتقي، وهذا يكون ليس لأن اللقاء فضيلة، بل لأن الإقصاء انتحار بطيء، ولأن الأمم لا تسقط حين تفشل، بل حين تكره من ينجح.
تقول الأديبة الشابة هدى صادق: تبقى النوايا الطيبة أخيرا أبوابا غير مرئية تفتحها الأرواح قبل الأفعال، ثم تضيف القول: كي تكون إنسانا ينبغي لقلبك أن يكون من السعة ما يجعله قادرا على الإحساس بالناس في كل مكان،أن يتجاوز حدود الجغرافيا وضيق الانتماء فيرى في كل وجه أخا وفي كل وجع جزءا من وجعه الخاص. أن تمتد مشاعرك أبعد من دائرة نفسك،فتشعر بفرح البعيد كما لو كان فرحك، وتحنو على ألم الغريب وكأنه أقرب القريبين إليك. أن تدرك أن الإنسانية ليست لونا أو لغة أو دينا،بل هي نبض واحد يجري في قلوب الجميع. فكن واسع القلب،رحيب الروح، قادرا على احتضان الاختلاف دون خوف وعلى منح الحب دون حساب، لأن عظمة الإنسان تُقاس بقدر ما يتسع صدره لا بقدر ما يضيق.
طوبى لمن يغادرون بيوتهم حاملين في جيوبهم أحلامًا وديعة، يذرونها على الطرقات كما تُذر الحبوب في حقول الأمل. طوبى لأولئك الذين لا يملكون من الدنيا إلا إيمانهم الراسخ بأن النور، وإن أبطأ، لا بد أن يبلغهم. طوبى لمن يستيقظون على نبض أمنيات ناقصة، فيلتقطون ما تبقّى من عزمهم كشقائق ضوء تناثرت في عتمة الليل، ويمضون قُدمًا كأنهم على يقين بأن الصبر شريك الأرض في دورتها، وأن الجزاء الجميل آتٍ لا محالة. طوبى للذين فهموا أن الشمس لا تشرق في الفضاء وحده، بل تتوهج في القلوب التي ما زالت تختار الضياء.
نعم، طوبى لهم جميعًا؛ لأنهم يتصرفون وكانهم افراد اسرة واحدة متماسكة متحابة يتبادلون الود والاحترام ، وهم في جوهرهم يشبهون أوطانًا مصغّرة: لا يساومون على قلوبهم، ولا يقايضون أرواحهم بما لا يعكس حقيقتهم. حضورهم طمأنينة، وتربيتهم لاولادهم مثل يحتذى به كاوطان مصغرة جميلة متحابة وابناء بررة ومواطنين منتمين بحق لوطنهم الصغير هذا.
المصادر المعتمدة: 1-د. إبراهيم الفقي: في تربية الأطفال .. الحب يخلق المعجزات http://www.alittihad.ae/details.php?id=78787&y=-2010&article=full
2- إبراهيم الفقي: الحب يخلق المعجزات في تربية الأطفال https://www.aletihad.ae/article/78787/2010
3- ثامر نادر، أخطاء يرتكبها الآباء في تربية أبنائهم.. تسلبهم قوة الشخصية وتضعف ثقتهم، 7 تشرين الأول 2024 https://www.elwatannews.com/news/details/7624386
4- كريمة الشامي، نلتقي لنرتقي https://www.facebook.com/share/p/1ALpHRXWsw/
5- الأستاذة الدكتورة سوسن شاكر الجلبي، مشكلات الأطفال النفسية وأساليب المساعدة فيها، دار ومؤسسة رسلان للطباعة والنشر والتوزيع، 2015.
#خالد_محمود_خدر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثقافة الحوار والاختلاف: أساس التماسك الاجتماعي في زمن الإنتر
...
-
إدارة التنوع واحترام الاختلاف: مقاربة في التعايش المجتمعي وب
...
-
ادارة التنوع واحترام الاختلاف: مقاربة في التعايش المجتمعي وب
...
-
أزرع نفسك في الارض التي تليق بك وتزهر إمكاناتك
-
تأملات في معنى الوجود الإنساني: الحياة ليست طريقا إلى الموت
...
-
العراق على حافة الفقر المائي/ الجزء الثالث : ملامح الاتفاقية
...
-
العراق على حافة الفقر المائي الجزء الثاني ملف التفاوض في الع
...
-
العراق على حافة الفقر المائي: العوامل الإقليمية والخيارات ال
...
-
تأملات في حياة الإنسان : حين يصبح الفقدان او الخسارة طريقا ا
...
-
قراءة في مشروع زكي نجيب محمود لاعادة بناء العقل العربي
-
بمناسبة الحملة الانتخابية لانتخابات مجلس النواب العراقي 2025
...
-
اهمية ترسيخ الهوية الوطنية والتعايش السلمي في بناء ونهضة الع
...
-
القطار الذي لا ينتظر أحدا: تأملات في سفر الحياة
-
الخيانة الكبرى للنفس تكون حين يتم جعلها ضحية من أجل إرضاء ال
...
-
عندما تسقط الاقنعة: دروس في الوفاء والخذلان
-
ثمة مواقف من الجحود وعدم الوفاء لا تُغتَفَر
-
برنامج المسامح كريم : دروس مباشرة في الاعتذار والتسامح بين ا
...
-
ثقافة الاعتذار إطار حضاري لبناء الثقة واحترام الذات والآخرين
...
-
التواضع قوة لا ضعف يكمن فيه سرّ النجاح ومحبة الناس وخلود الأ
...
-
الطيبة اختيار و شجاعة في الزمن الصعب لا يراها الكثير
المزيد.....
-
مرشح أقصى اليمين يفوز بالرئاسة في تشيلي
-
تحول -غير مسبوق- من أوكرانيا.. وتقدم في مفاوضات وقف الحرب
-
مستشار خامنئي: إيران ستدعم حزب الله بحزم
-
الكافيين يطارد المراهقين في موسم الامتحانات.. انتباه لحظي وم
...
-
فيديو متداول لـ-احتفال مؤيدي الحكومة السورية- بهجوم تدمر.. ه
...
-
وسط تقدم المفاوضات.. أوكرانيا تتخلى عن طموح الانضمام للناتو
...
-
اكتشاف لوحة فسيفساء ضخمة شمال غربي دمشق أثناء أعمال زراعية
-
مؤتمر الجزيرة للدراسات يدعو إلى رؤية أفريقية لتجاوز التبعية
...
-
مصرع 14 شخصا في فيضانات مفاجئة بالمغرب
-
أستراليا تكشف مفاجأة عن مطلقي النار في سيدني: أب وابنه
المزيد.....
-
علم العلم- الفصل الرابع نظرية المعرفة
/ منذر خدام
-
قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف
...
/ محمد اسماعيل السراي
-
الثقافة العربية الصفراء
/ د. خالد زغريت
-
الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية
/ د. خالد زغريت
-
الثقافة العربية الصفراء
/ د. خالد زغريت
-
الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس
/ د. خالد زغريت
-
المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين
...
/ أمين أحمد ثابت
-
في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي
/ د. خالد زغريت
-
الحفر على أمواج العاصي
/ د. خالد زغريت
-
التجربة الجمالية
/ د. خالد زغريت
المزيد.....
|