أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - خالد محمود خدر - الخيانة الكبرى للنفس تكون حين يتم جعلها ضحية من أجل إرضاء الاخرين














المزيد.....

الخيانة الكبرى للنفس تكون حين يتم جعلها ضحية من أجل إرضاء الاخرين


خالد محمود خدر

الحوار المتمدن-العدد: 8478 - 2025 / 9 / 27 - 00:40
المحور: المجتمع المدني
    


في الأوقات التي تتزايد فيها الضغوط الاجتماعية وتتصاعد التوقعات من الفرد، تبرز ظاهرة التضحية من أجل إرضاء ومساعدة الآخرين أقرباء كانوا أم غرباء ، كسلوك يبدو أخلاقيًا ونبيلا، لكنه قد يتحوّل إلى فخّ ، من قبل الآخرين ، يلتهم الذات ويصادر الكرامة وحق الإنسان على نفسه.

الخيانة الأعظم للإنسان ليست ما يفعله به الآخرون من نكران وجحود لما قدمه لهم وضحى بمستقبله من أجلهم ، بل ما يفعله بنفسه حين يتنازل عن حق نفسه عليه ، ليحافظ على قيم إنسانية نشأ وربى نفسه عليها ليعكس بالنتيجة صورة مثالية أمام هؤلاء وان كانوا من اقرب الاقربون.
يقول فريدريش نيتشه:
الخذلان الحقيقي هو ما نفعله بأنفسنا حتى نُرضي الجميع.

ويقول هيرمان هسه:
أعظم خيانة ترتكبه بحق نفسك ، تكون حينما تخذل ذاتك الحقيقية لتصبح ما يريدونه الآخرون منك.

ان مسار ارضاء الآخرين القهري على حساب النفس ، لا ينتهي غالبا بحبّ متبادل أو تقدير حقيقي، بل بانطفاء داخلي وفقدان معنى الوجود ، بسبب ما سيده في هؤلاء من إنكار وجحود وخذلان. هذا السلوك يولّد قلقًا مزمنًا وشحنة مكبوتة من تعذيب الضمير لتقصيره بحق نفسه ونسيانه حقوق نفسه وعائلته من أجل غيره ، تعذيب الضمير قد يتحوّل إلى اضطرابات نفسية أو انفجار عاطفي في وقت لاحق.

كم من اخ ضحّى بسنوات شبابه واتعابه من أجل إخيه حتى أهمل حلمه الشخصي ، وحين احتاج إليه او وقع الدور عليه لم يجد من يرد الجميل.
وكم من شخص يغفر كل إساءة ويبرّر كل تقصير من أجل الحفاظ على علاقته مع أصدقائه ، حتى يجد نفسه يفقد احترام الآخرين له تدريجيا.

أن الإفراط في التضحية ليس فضيلة دائما، بل قد يكون طريقًا إلى محو الذات. كما ان العطاء بلا حدود ليس فضيلة بل استنزاف للنفس وهدر لحياة الإنسان ومستقبله ، ليكون قول كلمة لا عندما يتطلب الأمر قولها ، ليس أنانية بل حماية لحق النفس وحماية للكرامة وبعدها ضمان لاستمرار أي علاقة صحية وان كانت مع أقرب الناس.

يبقى مراعاة حق النفس ، وإدراك ان لكل شيء حدودا أمرا لا ينبغي تجاوزه ، و شرطا واقعيا للعطاء او التضحية والتعامل الحقيقي مع الآخرين مهما كانت درجة قرابتهم او قربهم منه ، كي لا يصل إلى حالة يصبح معها انسانا منهكا لا يجد من يرد جميله وتضحياته من هؤلاء الذين تلقوا تضحية منه و دعمًا لا محدودا لهم ، حدا أغفل حق نفسه وعائلته.

ويبقى ايضا ضرورة ادراك درجة التوازن بين التضحية وحقوق الإنسان على نفسه والاعتدال في العطاء بما يجعل العلاقة متبادلة ويشعر الآخر بمسؤوليته تجاهه.
وهذا أمر يبدأ من داخل الإنسان يبدأ بضروره تذكير نفسه بخطورة التضحية المفرطة ، وذلك يكون بوضع حدود واضحة للتضحية المقبولة حتى مع الأقارب والأصدقاء. ان منح النفس حقها و رفض طلب الآخرين اي كان ،حين يتطلب الأمر ، بالاستمرار في استنزافه ، مع وجوب تذكيرهم بتقدير حدوده وإمكانياته وحق نفسه عليه والاعتذار عند عدم القدرة ، و رفض الاستغلال الزائد امتثالا لتقاليد خاطئة متعارف عليها في العلاقة العائلية.

كلمة أخيرة:
تجارب الحياة توكد ان اي شخص ضحّى أكثر من اللازم من أجل اخوته او اقاربه او أصدقائه ، وجد نفسه في النهاية ضحية للتضحية نفسها. عليه فإن الاعتدال في العطاء والتضحية ليس أنانية، بل حكمة تحفظ قيمة الإنسان وتمكّنه من بناء علاقات صحية قائمة على الاحترام المتبادل لا على الاستغلال و الاستنزاف. إن إنقاذ النفس من الخيانة الداخلية بالاعتدال ةوعدم التفريط بحق النفس هو الخطوة الأولى لبناء حياة متوازنة وعلاقات صادقة ومستدامة.



#خالد_محمود_خدر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما تسقط الاقنعة: دروس في الوفاء والخذلان
- ثمة مواقف من الجحود وعدم الوفاء لا تُغتَفَر
- برنامج المسامح كريم : دروس مباشرة في الاعتذار والتسامح بين ا ...
- ثقافة الاعتذار إطار حضاري لبناء الثقة واحترام الذات والآخرين ...
- التواضع قوة لا ضعف يكمن فيه سرّ النجاح ومحبة الناس وخلود الأ ...
- الطيبة اختيار و شجاعة في الزمن الصعب لا يراها الكثير
- في الذكرى الحادية عشرة لمذبحة قرية كوجو: الإبادة قيدت ضد مجه ...
- خراب البيوت لا يأتي من بعيد
- إصدار الأحكام على الآخرين بين وهم الفطنة وحقيقة التطفل
- في ذكراها الحادية عشر: الإبادة الجماعية للإيزيديين تظل جرحا ...
- حين أصبح اطفال الإيزيديين بضاعة رخيصة في أسواق النخاسة الداع ...
- حين تختطف البراءة بأيدي قوى الشر والظلام الدواعش ، أطفال سنج ...
- ليكن الجميع القدوة الحسنة كي لا تُختطف الأوطان والإنسان مرة ...
- التغير المناخي في العراق وأثره في تفاقم الأزمة المائية
- نيكولا تيسلا عبقري سبق زمانه وأقلق عقول الحكومات/ الجزء الرا ...
- نيكولا تيسلا عبقري سبق زمانه الذي أقلق عقول الحكومات / الجزء ...
- نيكولا تيسلا عبقري سبق زمانه وأقلق عقول الحكومات / الجزء الث ...
- نيكولا تيسلا عبقري سبق زمانه وأقلق عقول الحكومات / الجزء الا ...
- حين تُصبح النوايا الطيبة خطرا قاتلا على أصحابها من ابناء الا ...
- العقل البشري بين التهميش والتفعيل: كيف يُصنع الغباء الاجتماع ...


المزيد.....




- خطة الاحتلال لاعتراض أسطول الصمود.. -اعتقالات ومصادرة السفن ...
- منظمة العفو الدولية: إيران أعدمت 1000 شخص حتى الآن هذا العام ...
- شاهد.. تقليصات الأونروا تهدد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين
- عراقجي: ميثاق الأمم المتحدة يواجه تهديدات غير مسبوقة
- حماس: كلمة نتنياهو أمام الأمم المتحدة تعكس عمق العزلة الدولي ...
- في قاعة شبه خالية.. نتانياهو يخاطب الأمم المتحدة مهاجمًا الا ...
- نتنياهو في الأمم المتحدة: قيام دولة فلسطينية -انتحار- لإسرائ ...
- نتانياهو يقول في كلمته أمام الأمم المتحدة إن إعلان دولة فلسط ...
- بالفيديو.. قاطع نتنياهو مرتين فطردوه من قاعة الأمم المتحدة
- أول تعليق من حماس على خطاب نتنياهو في الأمم المتحدة


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - خالد محمود خدر - الخيانة الكبرى للنفس تكون حين يتم جعلها ضحية من أجل إرضاء الاخرين