أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - خالد محمود خدر - حين تُصبح النوايا الطيبة خطرا قاتلا على أصحابها من ابناء الاقليات جرح الإنسانية المفتوح














المزيد.....

حين تُصبح النوايا الطيبة خطرا قاتلا على أصحابها من ابناء الاقليات جرح الإنسانية المفتوح


خالد محمود خدر

الحوار المتمدن-العدد: 8411 - 2025 / 7 / 22 - 08:57
المحور: قضايا ثقافية
    


بحلول الثالث من آب القادم يكون قد مر إحدى عشرة سنة على الفاجعة التي لم تندمل بعد عند الايزيديين والمسيحيين وبقية الاقليات في سنجار وسهل نينوى ومعهم كل الشرفاء في الوطن العراقي والعالم حين اجتاحت عصابات الإرهاب الداعشية مدن وقرى الأقليات الدينية هذه ، و كانت النتيجة مجازر وتهجير ونزوح جماعي وانتهاك للكرامة والهوية الوطنية لهذه الاقليات وفي مقدمتهم الايزيدية الذين تعرضوا لأبشع حملة ابادة جماعية في زمن لم تعد حملة الإبادة هذه وبقية الطعنات تأتي من بعيد، بل من الكثير من ابناء أقرب الجيرة لهذه المكونات ووفق الهوية الدينية والطائفية للاسف.

رغم مضيء إحدى عشر عاما على غزوا داعش لمناطق الاقليات ، لا تزال الأسئلة المؤلمة تفرض نفسها بقوة:
لماذا يُقتل الإنسان على هويته الدينية؟ ولماذا يراد له أن يُقصى من وطنه لمجرد اختلافه في انتمائه الديني أو المذهبي، دون أي اعتبار لهويته الوطنية وإصالته في الارض؟

عندما ارتكب تنظيم داعش الإرهابي حملة ابادته بحق الإيزيديين في سنجار عام 2014، لم تكن الضحية أقلية دينية فحسب، بل فكرة التنوع ذاته. تم قتل الآلاف من رجالهم وسبي اكثر من خمسة آلاف من نسائهم وأطفالهم ونهب اموالهم والاستيلاء على ممتلكاتهم و أراضيهم ونهب ممتلكاتهم وتفجير بيوتهم ومعابدهم ودور عبادتهم. و تكررت وقتها المشاهد ذاتها في سهل نينوى مع المكون المسيحي المتجذر في بلاد الرافدين ، فهُجٍر من مدينة الموصل ثم من سهل نينوى وتكررت معهم نفس اعمال النهب والتفجير للدور والكنائس.

في سوريا تتكرر هذه الايام نفس المجازر والنهب وسبي النساء مع الدروز والأقليات الأخرى، حتى بات المشهد نمطا مروّعا لسياسة الإبادة الممنهجة التي تستخدمها التنظيمات الإرهابية مع عموم الاقليات في دول المنطقة.

لم تكن الطعنات من قبل هذه التنظيمات في الخاصرة فحسب، بل في القلب. إذ جاءت كما أشرت من أقرب الجيران الذين انضموا لهذه التنظيمات الإرهابية الذين عاشوا بحكم الجيرة والمواطنة لقرون جنبا إلى جنب مع ابناء الاقليات ، ليبانوا على حقيقتهم أبناء الجيران هؤلاء المنتمين لهذه التنظيمات ويتحولوا في لحظة إلى صيّادين يرون في الآخر فريسة، لا شريكا في الأرض والوطن.

تتجلى المأساة في هذا التساؤل:
لماذا يستغل حُسن النية ويحوّٓل إلى فخ؟
ولماذا تكون الثقة في ابناء الجيرة والوطن، في بعض الأحيان، سببا في الإقصاء ومشروعا للفناء؟

الثقة ، حين تُمنح عمياء لمن لا يستحق، قد يحولها إلى خيانة كبرى. كم من بريء دُفن تحت ركام طيبته ، وكم من إنسان نقيّ القلب كانت ثقته بذور نهايته.

إن صورة الطائر الذي يغني على غصنه حتى يصيبه سهم الخيانة المصنوع من ذات الغصن، تختصر ما حلّ بمحبي الحياة من أبناء الأقليات. رمزية هذه الصورة تختزل واقعا فادحا ، في زمن لا يرحم الحالمين الوديعين ، وسط خيانات ترتدي أقنعة الدين واعراف الجيرة.

إن ما جرى في سنجار وسهل نينوى وفي السويداء حيث مناطق الدروز كما قبلها مع العلويين والمسيحيين ليس حوادث منفصلة، بل فصول متصلة من كتاب واحد عنوانه : الإنسان المستهدف لأنه مختلف. وكلها اعمال إرهابية ارتُكبت بأيدي جماعات متطرفة تؤمن بأنها وحدها تمثل الله والوطن ، ولا مكان للآخر. ولا مكان لافادات التاريخ وقوانين الأمم والمواطنة وحق الانتماء له وأعراف الجيرة.

إن هذه الإبادات لم تكن فقط جرائم ضد الإيزيديين والمسيحيين والدروز وغيرهم ، بل جرائم ضد الإنسانية جمعاء ، جرائم ضد فكرة التنوّع، وضد القيم التي عاش بها الناس لعقود وقرون جنبا إلى جنب، قبل أن يغدر بهم من ظنّ الاقليات أنهم إخوتهم جيرة ووطنا.

وهنا الدرس القاسي الذي يُفترض ألا يُنسى:
عندما تقود عقلية القطيع الجموع المتربصة بالخيانة والكره، وتُقابلها أرواحٌ مؤمنة بالخير والحق، فالنتيجة حتمًا ستكون مآسي مروعة وإبادات منظمة.

إن بناء السلام لا يقوم على حُسن الظن بقادم الأيام والسنين وحده، بل على وعيٍ عميق بأن الإنسان لا يكتمل إلا بالآخر، وأن خلاصنا إما أن يكون جماعيا أو لا يكون. إن الكرامة لا تتجزأ، والوطن لا يُقاس بعدد المنتمين إلى دين أو طائفة، بل بقدر ما يتسع للجميع.

حين يدرك الإنسان أن المختلف عنه ليس تهديدا بل امتدادا، وأن المحبة لا تعرف الحدود الدينية أو العرقية، عندها فقط نستطيع أن نقول إننا بدأنا أولى خطوات التعافي من جراح الماضي.

وحتى يحين ذلك الزمان، سلامٌ على أوطان تُركت أقلياتها في مهبّ الريح، تنهشها أنياب القتلة، دون رادع يحمل معنى الانتماء الحقيقي للأرض والإنسان.



#خالد_محمود_خدر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقل البشري بين التهميش والتفعيل: كيف يُصنع الغباء الاجتماع ...
- في ذكرى مأساة الإبادة الجماعية الحادية عشرة لايزيدي سنجار ، ...
- أزمة المياه والجفاف تضع العراق على مفترق طرق خطير لا تفيد مع ...
- في الذكرى الحادية عشر للإبادة الجماعية للمكون الايزيدي في سن ...
- شخصيات مجتمعية خدمت ولا تزال تخدم اهلها بإخلاص وتترك أثرا عم ...
- نظرة وتحليل عن بعد لنموذج حي من التعايش السلمي يصلح أن تحتذى ...
- أحد عشر عاما على الإبادة الإيزيدية وأكثر من نصف المختطفات ال ...
- أحد عشر عاما على الإبادة الإيزيدية وأكثر من نصف المختطفات ال ...
- التعدد والاختلاف ثراء لا تهديد مثلما ثقافة الاعتذار والتسامح ...
- حين تكون هجرة الأقليات قدرا من صنع البشر
- قصة من القصص المأساوية في الإبادة الإيزيدية / قصة الام العجو ...
- قراءة جديدة لمذكرات الأرقش / الجزء الثالث والاخير
- قراءة جديدة في مذكرات الأرقش / الجزء الثاني
- قراءة جديدة لمذكرات الأرقش / الجزء الاول
- تقديم لكتاب (ناجيات من جحيم داعش ) / الجزء الخامس من موسوعة ...
- بمناسبة الذكرى السابعة عشرة لوفاة المربي الشيخ صبري مراد شيخ ...
- كن بابا للضوء ، وإن ضاق بك الطريق
- لو صاير شيوعي كبل عشر سنين ما جان انطوج فصلية، هكذا قالها اب ...
- سيرة وآراء عالم الفيزياء ستيفن هوكينج في الكون والحياة
- ماذا لو اجتمع الضمير الإنساني للفرد والمجموع بوجود القانون ا ...


المزيد.....




- طائرة ركاب تضطر للقيام بانعطاف حاد لتفادي اصطدامها بطائرة قا ...
- وزراء خارجية 25 دولة: معاناة المدنيين في غزة بلغت -مستويات غ ...
- السعودية تُعلن موقفها من بيان 26 دولة بشأن إنهاء الحرب في غز ...
- قوتها الماء لـ5 أيام.. سيدة غزية تروي معاناتها اليومية للحصو ...
- التحول للهيدروجين في صناعة الصلب.. لماذا لا يكفي المال وحده؟ ...
- العمل الخيري بسوريا.. غياب بعهد الأسد وبحث عن الهوية بعده
- مؤرخ أميركي: لماذا لم يعد الأميركيون ينتفضون ضد سياسات غير ش ...
- -نتفليكس- تعتمد لأول مرة على الذكاء الاصطناعي التوليدي في أع ...
- الجامعة العربية تبحث على مستوى المندوبين الأوضاع في غزة
- نتنياهو يشترط استسلام حماس لوقف الحرب


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - خالد محمود خدر - حين تُصبح النوايا الطيبة خطرا قاتلا على أصحابها من ابناء الاقليات جرح الإنسانية المفتوح