أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - خالد محمود خدر - ماذا لو اجتمع الضمير الإنساني للفرد والمجموع بوجود القانون المدني للدولة أو غيابه














المزيد.....

ماذا لو اجتمع الضمير الإنساني للفرد والمجموع بوجود القانون المدني للدولة أو غيابه


خالد محمود خدر

الحوار المتمدن-العدد: 8339 - 2025 / 5 / 11 - 02:23
المحور: المجتمع المدني
    


يقول الكاتب عبد الرزاق الجبران في كتابه مبغى المعبد:
"ليست خطيئة الكاهن أنه يُحرِّم الزواج بين أناس لا تجتمع أديانهم، بل خطيئته أنه يُحلِّل الزواج بين أناس لا تجتمع قلوبهم"

بهذه المفارقة الصادمة، يسلط الجبران الضوء على من يحاول إضفاء الشرعية على روابط بشرية خاوية من الحب والرحمة، حتى لو كان الطرفان ينتميان إلى الدين ذاته. بينما يُحرّم الزواج حين يختلف الدين، ولو اجتمعت القلوب والنوايا بينهما ، دون رضاء المشرع الديني.

لكن ما لم يفصّل فيه الجيران ، بخصوص هؤلاء الذين يخالفون إراده الارض والسماء عندما يبررون أعمالهم المشينة في القرن الحادي والعشرين بسبي النساء والاستعباد، كما فعلوا الدواعش في سبي النساء الإيزيديات وغيرهم من نساء الاقليات ، وبيعهن بأسواق النخاسة، تحت ذرائع منحرفة، لا تمت بصلة إلى جوهر الرسالات السماوية. إن تلك الجرائم، باسم المعبد، لا تفضح فساد التفسير فقط، بل انعدام الضمير الذي يُفترض أن يكون جوهر الإيمان وأساسه.

ولعل الجبران يعوّض هذا الغياب في كتابه الآخر جمهورية النبي، حين يكتب بوضوح:
"الدين لا يؤسس لقانون، وإنما يؤسس لضمير".

من كان له ضمير حي، فبوسعه أن يحتكم ويحتمي بقانون مدني علماني وضع إنسانية الإنسان في حكمه، ليبقى مرشده لتطبيق تلك القوانين التي تصب في مصلحة الإنسان ، أي إنسان ، في كل زمان ومكان.

إن هذا الفهم يضع الضمير فوق أي قانون حين يُفرغ من عدالته، ويعيد الإنسان إلى مركز الفكرة لا كموضوع للقانون بل كغايته.

التعامل دون رحمة او وازع من ضمير وفق النظرة الضيقة القاتلة االتي تصبح المرأة اول ضحاياها ، عند غياب القانون وسلطة الدولة ، يقود للتساؤل عن أهمية بناء الضمير الإنساني مع تطبيق القانون المدني او العلماني على مستوى الدولة والمجتمع ، يبقى معها الدين لله والوطن للجميع.


من أجل أن يعيش الإنسان حياته بحرية وكرامة ، عليه أن يحتكم أولا إلى ضميره، لا العصبيات بشتى معانيها او دلالاتها ، خاصة حين يغيب القانون المدني، أو يتم تغييبه لحساب مراكز نفوذ إرهابية لحين. فالمجتمع العادل لا يبنى على هوية مغلقة، بل على مفهوم إنساني شامل يرى في حقوق وحرية كل فرد انعكاسا لحقوق وحرية الكل ، كما يرى الكل ذلك في كل فرد بعيدا عن التفرقة على أساس ديني أو عرقي.

من هنا، لم يكن الأنبياء مشرعين لأنظمة سياسية، بل موقظي ضمائر. تركوا للناس أمور دنياهم وشأن دولتهم. ألم يقل السيد المسيح: أعطوا لقيصر ما لقيصر، وأعطوا لله ما لله ، وبعده قال النبي محمد لأهل المدينه المنوره عندما شاوروه في كيفيه حكم المدينه :أنتم أعلم بشؤون دنياكم.
إنها دعوة صريحة للفصل بين المقدس والمدني، بين الضمير والقانون.

لكن الإنسان، رغم مرور آلاف السنين من التجارب والتضحيات، لا يزال يبحث عن حقوقه وصوته الحر، وسط تزاحم الخطابات الدينية والسياسية المتشابكة. رغم أن التاريخ قدّم نماذج غنية، يمكن البناء عليها لتأسيس مجتمعات مدنية ودول تُدار بقوانين علمانية منبثقة من إرادة شعبية واعية ناضجة، تعرف ما لها وما عليها.

وتحضرني هنا مقولة خالدة للملك فيصل الأول، مؤسس الدولة العراقية ، قال فيها:
"الدين لله، والوطن للجميع."
عبارة بليغة اختصرت مشروعا وطنيا جامعا، أراد به أن يصوغ هوية عراقية موحدة رغم التنوع الديني والقومي. لقد آمن الملك بأن السبيل لذلك يبدأ بالتعليم والتربية، فوضع مناهج يرسّخ الانتماء الوطني. وهذا المشروع لم ياتي من فراغ ، بل في ما وجده قبيل تأسيسه المملكة العراقية عندما كتب في رسالة خاصة، قبل نحو مئة عام، وصفا ما زال يلامس واقعنا بدرجة أو بأخرى حتى اليوم:
"في اعتقادي لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد، بل توجد تكتلات بشرية، خالية من أي فكرة وطنية، مشبعة بتقاليد وأباطيل دينية، لا تجمع بينهم جامعة، سماعون للسوء، ميالون للفوضى، مستعدون للانقضاض على أي حكومة كانت... نريد أن نشكّل شعبا ونهذّبه وندربه ونعلمه. ولكم أن تتخيلوا صعوبة هذا العمل."

واليوم، بعد قرن كامل مضى على تلك الرسالة وتأسيس هذه الدولة، لا يزال السؤال معلقا: ما الذي تغير واقعا ، خاصة عند سيطر الإرهاب على مناطق مختلفة في العراق ودول اخرى؟

تجارب الواقع المؤلم تقول:
لم يتغير الكثير المرجوا بعد وفاه الملك فيصل الاول وتغيير نظام الحكم وبعده على امتداد العهد الجمهوري ، ما دامت قوة الدولة تُستبدل بالحاكم ، والقانون يُستبدل بفرض الإرادات ، وما دام الدين يُستخدم لتأجيج الصراع لا لتهذيب النفوس وتأسيس لضمير كما يقول الجيران.

إن خلاص الإنسان لا يكون إلا بضمير حي، يُوجّه ويهذب سلوكه في ظل قوانين مدنية علمانية ، ليبنى وطنا تتجلى فيه العدالة لا العصبية، والمساواة لا الامتيازات. هذا الضمير هو الركيزة الحقيقية... وكل ما عداه، إن خلا من الرحمة، لا يغير من الواقع شيئا.
بحضور الضمير ووجود قانون مدني علماني يمكن للجميع العيش سوية مهما اختلفت او تنوعت انتماءاتهم الدينية والقومية والسياسية.
هكذا بنت الكثير من شعوب أوطانها وكتبت دستورها وصانت قوانينها حقوق الإنسان وحريته وانحداره العرقي والديني وصان معها كرامة وحقوق المرأة وأصبح لها مقاما موازيا مساويا لمقام الرجل.



#خالد_محمود_خدر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يكون الحب في الزمن الصعب / الجزء السابع والأخير
- عندما يكون الحب في الزمن الصعب / الجزء السادس
- عندما يكون الحب في الزمن الصعب/الجزء الخامس
- عندما يكون الحب في غير زمانه / الجزء الرابع
- عندما يكون الحب في الزمن الصعب /الجزء الثالث
- عندما يكون الحب في الزمن الصعب / الجزء الثاني
- عندما يكون الحب في الزمن الصعب / الجزء الاول
- خواطر في محطات دروب الحياة / الجزء الثالث
- خواطر في محطات دروب الحياة / الجزء الثاني
- خواطر في محطات دروب الحياة / الجزء الاول
- حقا ان الفساد ان دخل في مفاصل الدولة والمجتمع أصبح عار ʌ ...
- بمناسبة احتفال ابناء المكون الآشوري الكلداني السرياني بعيد ا ...
- أوجه التشابه بين تاملات جبران خليل جبران وعبدالرزاق الجبران ...
- موقع الانسان وتأملاته بين صورتين لمركبه فويجر ١ سنه &# ...
- موقع الانسان وتأملاته بين صورتين لمركبه فويجر ١------- ...
- تأملات في الكون ومسيرة الانسان فيه:
- جانب من حياة الرحاله العراقي يونس بحري ومذكراته في سجن ابو غ ...
- جانب من حياة الرحاله العراقي يونس بحري ومذكراته في سجن ابو غ ...
- جانب من حياة الرحاله العراقي يونس بحري ومذكراته في سجن ابو غ ...
- جانب من حياة الرحاله العراقي يونس بحري ومذكراته في سجن ابو غ ...


المزيد.....




- مصدر بالخارجية الألمانية: برلين ستوقف تمويل منظمات إنقاذ الم ...
- حكومة الشرق الليبي تطالب بعثة الأمم المتحدة للدعم بمغادرة ال ...
- اعتقال جواسيس لكيان الاحتلال بمحافظتي أصفهان وفارس
- داعش في التشيك؟ اعتقال 5 مراهقين يشتبه أن التنظيم جندهم عبر ...
- قضية وليد عبود.. حرية التعبير في مواجهة الترهيب الرقمي
- بعثة إيران لدى الأمم المتحدة: منطق الحرب قد فشل
- -الأغذية العالمي-: أدخلنا مساعدات أقل من حاجة غزة ليوم واحد ...
- الاحتلال يصدر 600 أمر اعتقال إداري في أسبوعين
- رايتس ووتش: تصاعد خطير للعنف والانتهاكات يدفع مليون هايتيّ ل ...
- إسرائيل تصدر 600 أمر اعتقال إداري في أسبوعين


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - خالد محمود خدر - ماذا لو اجتمع الضمير الإنساني للفرد والمجموع بوجود القانون المدني للدولة أو غيابه