أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رائد الحواري - الانفتاح في كتاب -رحلتي مع غاندي- أحمد الشقيري















المزيد.....

الانفتاح في كتاب -رحلتي مع غاندي- أحمد الشقيري


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 8554 - 2025 / 12 / 12 - 09:25
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


هناك قاعدة أدبية تقول: كلما قرأنا أكثر عرفنا أننا لا نعرف أكثر، في هذا الكتاب نجد تطبيقا لهذه القاعدة، فالكتاب يتحدث عن رحلة "أحمد الشقيري" إلى أحد المنتجعات في الهند التي تمنح زائرها الهدوء/ السلام النفسي، بمعنى أنها قريبة من مفهوم الزوايا/ المقامات الصوفية التي أقاموها على المرتفعات، بحيث يمكنهم رؤية الفضاء المفتوح، وهذا يمنحهم مزيدا من الصفاء/ الهدوء.
والكاتب يدعو إلى ضرورة وجود مثل هذه المراكز في الدول العربية، خاصة أننا نعاني منذ عقود من الحروب الأهلية والفقر والجوع وهيمنة الأفكار المتشددة، مما يجعل تلك المراكز حاجة ملحة في علاج التطرف والعصبية والاضطراب الذي أصبح حالة عامة يتسم بها المواطن العربي.
من هنا سنحاول التعرف على بعض ما جاء في الكتاب، أثناء خلوة الكاتب مع نفسه وجد هذه الفكرة: "الملحدون في العالم لم يضروا الدين كثيرا، وكذلك علماء الكيمياء والفيزياء وغيرهم، لم يضروا الدين أيضا، أكثر من أضر بالدين هم علماء الدين أنفسهم هؤلاء هم الذين شوهوا الدين ولم يوصلوا جوهر الدين إلى الناس...إن وزر انتشاء الكفر والظلم في العالم يحمل نصف أوزاره متدينون" ص41، يمكن أن لا تروق هذه الفكرة للعديد من الناس، لأنهم يحملون فكرة النقاء والصفاء والإيمان المطلق برجال الدين، لكن ذا ما توقفنا قليلا عند واقعنا في المنطقة العربية سنجد ان هؤلاء هم سبب خراب العديد من الدول، وما الربيع العربي إلا أحد الشواهد على هذا الخراب: "زرعنا بذور العنف فكيف لا نحصد سوى شباب يعشق العنف؟؟" ص140.
ومن الأفكار الأخرى: "نحن المسلمون عندنا أفضل سلعة وأسوء بائع" ص60، وهذا الأمر يتجاوز الدين إلى الفكر/ الفلسفة، إلى الفن، إلى المال، إلى الجغرافيا، إلى التاريخ، إلى الأدب، إلى العلم والعلماء، وحتى الرياضة، لكن بلادنا طاردة لكل خير، لكل شخص يحاول خدمة وطنه، مما يجعله يلجأ إلى منافذ أخرى في الدول الغربية التي تمنحه/ تعطيه كل ما يلبي طموحه، وهذا ما أكده الكاتب بقوله: "أننا نصرف الملايين بل البلايين على المباني ونسينا بنا العقول" ص77و88، وإذا ما عدنا إلى هجرة العقول العربية إلى الخارج سنجدها من أكبر النسب في العالم، لأننا نهتم بالشكل/ بالمظهر ونهمل الجوهر: "الذهاب لصلاة الجمعة أصبح روتينا تماما كروتين ذهاب المسيحيين إلى الكنسية كل يوم الأحد" ص105، بصرف النظر عن موضوعية المقارنة إلا أننا فعلا أصبحنا نقوم بشعائر، بطقوس بعيدا عن روح العبادة: "الصيام الآلي لا يجدي ولا يؤتي أي ثمرة" ص119، نلاحظ أن الكاتب يركز على التعبد الخالي من الروح/ من الحياة التي يفترض أن تكون حاضرة فيه، وهذا ما يجعل "أحمد الشقيري" من الذي طرقوا جدار الخزان، وعلى السامعين القيام بواجبهم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
الشكل والمضمون
يتوقف الكاتب عند العديد من الحالات التي تبين عيوبنا، فنحن نهتم بالشكل على حساب المضمون، وبما ان الدين الإسلامي يعد أحد أهم مصادر الثقافة في المنطقة العربية، فكان لا بد من التوقف عن مجموعة مظاهر، منها: "لقد أصبحت طقوس خاوية من المضمون وبالتالي فتأثيرها أصبح شبه معدوم" هذا الأمر متعلق بالعديد من العبادات التي نقوم بها، وعن الأفكار/ الفتاوي الدينية يثول: "منشغلون في الجدال حول حكم الأغاني وحكم نتف الحواجب" ص43، وهنا أقول: "الدين الذي يحرم الأغاني والفن والرسم ليس دين، بل هو وسيلة الأعداء لإبقائنا غافلين عما يجري ولنا"
وعن الخطاب الديني يقول: "إسلامنا اليوم قي أغلب البلاد الإسلامية هو إسلام "أوامر" وهو إسلام تقاليد، لذلك فهو إسلام شبه ميت أو مغمى عليه" ص57، من هنا يمكننا القول إن هناك العديد من سلوكنا، طريقة خطابنا/ لغتنا/ فهمنا بحاجة إلى إعادة النظر فيها، ليس لتغيير العالم، فنحن أمسينا أرذل الأمة وأقلها شأنا وكرامة ونفتقد حتى لمقومات الدولة، فدولنا في جوهرها قبائل وعشائر لكنها تأخذ شكل دولة، لهذا نجدنها تسحب الجنسية من المواطن، كأنها شيخ القبيلة الذي يرفع عبائته عمن لجأ له.
يتوقف الكاتب عند حدث يشير إلى عقم التمسك بالشكل على حساب المضمون/ الجوهر، حيث أرادت قبيلة في أندونيسيا الدخول في الإسلام، فاشترط المفتي/ الشيخ عليها ختن كل الذكور فيها، مما جعلها تعزف عن الإسلام وتعود إلى معتقدها القديم، وهذا ما عبر عنه شيخ تلك القبيلة بقوله: "ما هذا الدين الذي يلزم الداخل فيه أن يقطع ذكره؟؟" ص83، هكذا نحن نفكر ونفهم الإسلام، فالمهم عندنا هو الشكل/ المظهر، وما دونه ليس بذي قيمة، من هنا وجدنا كل الجيوش العربية ليست لها أية فاعلية في مواجهة الأعداء، بينما تعد من أكثر الجيوش في العالم التزاما بالهيئة/ بالمظهر.
الأخلاق
من هنا يركز الكاتب على الجانب الأخلاقي لأنه الكاشف لحقيقتنا/ جوهرنا، والأخلاق تمثل الوجه الحقيقي لأي شخص، لأي أمة، وبما أن الإنسان معرض لأن يقع في الخطأ، فمن المهم الاعتراف بالخطأ وعدم التمادي فيه: "إن ضحكك وسرورك بعد اقترافك الذنب أسوأ من الذنب نفسه" ص79، يقدم لنا صورة "غاندي" نبي هذا العصر من خلال تعامله مع طلابه الذين سقطوا أخلاقيا فما كان منه إلا عن عبر عن هذا الخطأ ـ الصادر عن طلابه والمتعلق بهم ـ فقرر تصحيح خطأهم، وخطأه كمعلم لهم من خلال: "فرضت على نفسي صوم سبعة أيام" ص142، هذا الموقف يعد أهم درس في الأخلاق، معلم يعاقب نفسه لأن طلابه وقعوا/ اقترفوا خطأ، بمعنى أنه فشل في تربيتهم، فما كان منه إلا أن حمل نفسه مسؤولة خطأهم، لنحاول أن نقارب الأخطاء التي نمارسها يوميا وكيف نمر عليه، نتوقف عندها، لنعلم حجم الخلل الذي نحن فيه.

الحكم
وبما أننا أمام مفكر إنساني يعتبر من أهم الأشخاص الذين ساهموا في نشر الأخلاق والمفاهيم الإنسانية، فقد انعكس ذلك على "رحلتي مع غاندي" فنثر لنا الكاتب مجموعة حكم، منها: "إذا أردت أن ترحم الناس، فابدأ برحمة كل شيء غير الإنسان أولا" ص48، وعن الكره والبغض ينقل ما قاله "غاندي": "أبغضوا الإثم لا الآثم" ص128، عن الصوم يقول "عنادي": "أن العقل غير الطاهر لا يمكن أن يطهر بالصيام" ص133، وعن الإصرار والإرادة يقول: "ليس المطلوب الكمال ولكن المطلوب استمرار السعي نحوه" ص97، فالكاتب هنا يؤكد إن الإنسان بطبيعته لن يبلغ السماوات، لكنه من الضروري الاستمرار في مسعاه لبلوغ ما يريده، وأن يتجاوز الصعاب والمعيقات.
الأسئلة
إذا تقدمنا من القرآن الكريم سنجد وجود العديد من الأسئلة أرادنا الله بها التفكير والتوقف عندها، فالأسئلة تعد أحد أهم مصادر مخاطبة العقل، ووصول الإنسان إلى الحقيقة، من هنا يركز الكاتب على أهمية الأسئلة: "ليتنا نعلم أطفالنا إسلام البحث والتساؤل وليس إسلام الأوامر" ص58، فهو يريدنا أن نصل نحن إلى الحقيقة، وليس إيصالها عن طريق التلقين/ التعبئة، من هذه الأسيلة: "وأي متدينون الذين يأتون من كل فج عميق ليظهروا عبوديتهم لله، وليس لديهم أدنى احترام لنظافة المكان المقدس الذي خصصه الله لهم؟؟ سؤال: أيعقل أن تكون ديزني لاند أنظف من عرفات؟؟؟ أيعقل أن يلتزم زوار ديزني لاند بقواعد النظافة ولا يتلزم بها زاور الرحمن؟؟" ص125، أجزم أن الإجابة كافية لوصولنا إلى حقيقة تخلفنا، حقيقة أننا نعيش على الشكل ونفتقد الجوهر.
ينقل لنا الكاتب أسئلة طرحها "غاندي" متعلقة بالسيد المسيح: "فإذا كان من الجائز أن يكون لله أبناء، فنحن جميعا أبناءه، وإذا كان يسوع مثل الله، أو الله نفسه، فعندئذ يكون جميع الناس مثل الله، ويمكن أن يكونوا الله نفسه، عقلي لم يكن مستعدا للإيمان حرفيا، بأن يسوع كفر بموته وبدمه عن خطايا العالم،...في استطاعتي أن أرتضي المسيح شهيدا، أن أرتضيه تجسيدا للتضحية، أن أرتضيه معلما إلهيا، ولكن لم يكن في استطاعتي أن أقبل به بوصفه أكمل إنسان قدر له أن يرى النور على سطح هذه الأرض" ص99، رغم أن أفكار "غاندي" تتلاقي مع أفكار السيد المسيح خاصة تلك المتعلقة بالمحبة والتسامح: "أحبوا أعدائكم" إلا أن "غاندي" رفض فكرة ربوبية المسيح، ووصل إلى حقيقة كونه إنسان كباقي البشر، يمكن أن تثير هذا الفكر كل من يعتقد بألوهية المسيح، لكن هذا هو العقل الذي وصل بالأسئلة إلى هذا الاستنتاج،

الكتاب من منشورات الدار العربية للعلوم ناشرون، لبنان، بيروت، الطبعة السادسة 2015.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتابة في رواية -عائشة تنزل إلى العالم السفلي- بثينة العيسى
- مجموعة الأقدام تكتب، سردية بين المحطات والذاكرة كمال أبو صقر
- الشكل والمضمون في رواية -نساء الظل- خالد محمد صافي
- الفلسطيني القومي في ديوان -رهين النكبات 5- أسامة مصاروة
- التألق في قصيدة -من ركن بعيد- محمد  أبو زريق
- التألق في قصيدة -من ركن بعيد- محمد أبو زريق
- غزة والشاعر في ديوان -دم دافئ فوق رمل الطريق- سميح محسن
- الشكل والمضمون في مجموعة -دوي الصوت فيهم-
- الإنجليز وفلسطين في رواية -قلادة ياسمين- عامر أنور سلطان
- إنجازات فخر الدين المعني في كتاب -الدولة الدرزية- بيجيه دوسا ...
- وقفة مع كتاب -نافذة على الرواية الفلسطينية وأدب الأسرى- للكا ...
- التجديد في الديوان الجديد أقمار افتراضية في ليل يطول - هاينك ...
- التمرد والعبث في كتاب -فرناندو بيسوا- كميل أبو حنيش
- رواية سعادة الأسرة ليو تولستوي، ترجمة مختار الوكيل
- الإقطاع والاشتراكية في -قصص الدون- ميخائيل شولوخوف، ترجمة عب ...
- الاجتماعي والسياسي في رواية -أنا يوسف يا أبي- باسم الزعبي
- الأيديولوجيا في رواية عبر الشريعة بسام أبو غزالة
- كتاب -غزة ليست فقط قصة حب أخرى- حسن يافا
- كتاب -النزعة الصوفية والتأملية في شعر منذر يحيى عيسى- عبير خ ...
- الحواس في -يسافر همسك- وفاء كامل


المزيد.....




- زلزال بقوة 6.7 درجة يضرب سواحل اليابان وتحذيرات من تسونامي
- شاهد ما حدث لمتسلق جبال متمرس عندما علق وحيدًا في الرمال الم ...
- في سابقة عالمية.. اليونيسكو تُدرج المطبخ الإيطالي على قائمة ...
- قبل مقتلهم في غزة.. فيديو يظهر 6 رهائن إسرائيليين يحتفلون بع ...
- لماذا يؤثر ترامب على السياسة الداخلية في جميع أنحاء العالم؟ ...
- دراسة تؤكد فعالية حقنة شهرية لعلاج الربو الحاد
- مباشر: ترامب يشترط فرصة حقيقية لاتفاق سلام بين أوكرانيا وروس ...
- وفاة 7 فلسطينيين بغزة جراء انهيارات بسبب المنخفض الجوي
- السعودية.. هند صبري تتألّق بفستان من توقيع زهير مراد في ليلة ...
- حمَلة المفاتيح.. من يقف بخزائن سوريا الجديدة؟


المزيد.....

- قراءة تفكيكية في رواية - ورقات من دفاتر ناظم العربي - لبشير ... / رياض الشرايطي
- نظرية التطور الاجتماعي نحو الفعل والحرية بين الوعي الحضاري و ... / زهير الخويلدي
- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رائد الحواري - الانفتاح في كتاب -رحلتي مع غاندي- أحمد الشقيري