أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لؤي الخليفة - العلمانية ... حين نخاف من الكلمة قبل ان نفهم معناها














المزيد.....

العلمانية ... حين نخاف من الكلمة قبل ان نفهم معناها


لؤي الخليفة

الحوار المتمدن-العدد: 8552 - 2025 / 12 / 10 - 13:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ أكثر من قرن، وتحديدًا عام 1905، أقدمت فرنسا على خطوة مفصلية حين فصلت بين الدين والدولة، ومنعت الكنيسة من التدخل في الشأن السياسي. لم يكن القرار حينها موجّهًا ضد الإيمان بقدر ما كان محاولة لإنهاء صراع طويل بين سلطتين تقاسمتا النفوذ وأرهقتا المجتمع.

من تلك اللحظة، بدأ مصطلح “العلمانية” يشقّ طريقه في الفكر السياسي الحديث، ثم انتقل لاحقًا إلى تجارب دولية عديدة، خصوصًا في الغرب، بوصفه صيغة لتنظيم العلاقة بين السلطة والدين، لا لإلغاء الدين نفسه.

غير أن هذا المصطلح، حين دخل فضاءنا العربي، دخل محاطًا بالريبة، ومثقلاً بسوء الفهم، ومحاصرًا بسلسلة من الاتهامات الجاهزة. قيل إنه ضد الدين، وقيل إنه يهدد القيم، وقيل إنه بوابة للانحلال والإلحاد. وهكذا، قبل أن نخوض في جوهر الفكرة، حاكمناها وأصدرنا حكمنا عليها.

في معناها البسيط، تقول العلمانية إن الدولة يجب أن تقف على مسافة واحدة من جميع المعتقدات، فلا تتبنّى دينًا، ولا تعادي آخر، ولا تجعل الإيمان معيارًا للمواطنة. إنها لا تمنع الناس من التديّن، ولا تتدخل في ضمائرهم، لكنها تمنع تحويل الدين إلى أداة في الصراع السياسي.

وهنا يكمن لبّ الإشكال. الخلط المستمر بين “فصل الدين عن الدولة” و”فصل الدين عن المجتمع” هو أحد أكبر مصادر سوء الفهم. فالدين، في المجتمعات الحيّة، حاضر في الضمير، في القيم، في السلوك، في الثقافة العامة، لكنه لا يتحوّل إلى قانون يُفرض بالقوة ولا إلى شعار يُستثمر في الحملات السياسية.

يُقال كثيرًا إن العلمانية تهدد القيم. لكن التجربة الإنسانية الطويلة تُظهر أن القيم التي تُفرض بالقسر غالبًا ما تفرغ من معناها، بينما القيم التي تُبنى على الوعي والاختيار تصمد وتترسخ. فالأخلاق لا يحرسها الشرطي، بل يحرسها الضمير، والإيمان الحقيقي لا يحتاج سيفًا ليبقى حيًا في القلوب.

إشكاليتنا في العالم العربي ليست مع الفكرة بحدّ ذاتها، بقدر ما هي مع الخوف المتراكم منها. تاريخنا الحديث مثقل بتجارب مريرة من تسييس الدين، ومن تحويل المقدّس إلى أداة سلطة، ومن منح الحاكم صفة “الظلّ الإلهي” على الأرض. لذلك، حين يُطرح الحديث عن فصل الدين عن السياسة، يُستقبل أحيانًا بوصفه تهديدًا للدين نفسه، لا حماية له.

لسنا مطالبين باستنساخ التجربة الفرنسية ولا غيرها، فلكل مجتمع خصوصيته، لكننا مطالبون بشيء واحد لا غير: أن نفتح النقاش بعقل هادئ، بعيدًا عن التخوين، وبعيدًا عن التكفير، وبعيدًا عن كسر الأسئلة قبل أن تولد.

العلمانية ليست دينًا جديدًا، ولا عقيدة مضادة، ولا وصفة سحرية لحل كل أزماتنا، لكنها محاولة بشرية للإجابة عن سؤال شديد الحساسية: كيف نحمي الدين من السلطة؟ وكيف نحمي السلطة من استغلال الدين؟

وربما، قبل أن نسأل إن كانت العلمانية ضد الدين، علينا أن نجرؤ على سؤال أكثر إيلامًا: كم مرة استُخدم الدين، عبر التاريخ، ضد الإنسان باسم الفضيلة؟

هذا السؤال وحده كفيل بأن يفتح بابًا لنقاش يستحق أن يُخاض بهدوء… وبصدق.



#لؤي_الخليفة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يصبح الفناء طريقا الى الوعي
- ليل العراق طويل , لكن فجرا ما زال ممكنا
- خور عبد الله : السيادة ليست ورقة تفاوض
- نبض اخير تحت التهديد
- حين يدفن القانون في مضايف العشائر
- غزة ... مرأة العالم المكسورة
- الكلمات التي نجت من الموت ... تكتبنا من جديد
- الطفلة التي تبيع صورة والدها الشهيد *
- حين يصير البيت وطنا ... من يموت لاجله ومن يفر منه
- ترامب ...ثرثرة سياسية في زمن مضطرب
- اسرائيل لن تستقر طالما اعتمدت الحروب واغتصاب الحق الفلسطيني
- الرأي العام يتململ ومخاوف التدخل تتصاعد
- بين ضربات محدودة وحرب مؤجلة ... هل تنفجر المواجهة بين ايران ...
- ايران ... نحن من سينهي الحرب
- ترامب... بين الخطاب الانتخابي والواقع الجيوسياسي
- الرصاص يكسر الجسد لا يكسر الروح ....
- الليلة التي لم يأتي بعدها الصباح
- همسات الازقة المنسية
- مرأة العراق
- مهداة للكرد الفيليين...حين ينفى الاسم !!


المزيد.....




- الموضة السعودية تفرض حضورها في مهرجان البحر الأحمر
- المغرب.. مقتل 19 شخصا وإصابة 16 في انهيار مبنيين في فاس
- سلطات مدينة فاس المغربية تعلن مصرع 19 شخصاً في انهيار بنايتي ...
- صندوق الاستثمارات العامة وأرامكو السعوديان يتنافسان على محمد ...
- زيلينسكي يبدي استعداده لانتخابات جديدة بعد انتقادات ترامب وي ...
- النواب الفرنسيون يقرون بفارق ضئيل ميزانية -الضمان الاجتماعي- ...
- المغرب: مصرع 19 شخصا بينهم أطفال جراء انهيار بنايتين بمدينة ...
- رئيسة هندوراس تتهم ترامب بالتدخل وتزوير الانتخابات
- -ضربة قاسية لروسيا-.. لوباريزيان: كييف تدمر منظومة دفاع قيمت ...
- وول ستريت جورنال: واشنطن ترى في سوريا حليفا جديدا


المزيد.....

- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لؤي الخليفة - العلمانية ... حين نخاف من الكلمة قبل ان نفهم معناها