أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لؤي الخليفة - الرصاص يكسر الجسد لا يكسر الروح ....














المزيد.....

الرصاص يكسر الجسد لا يكسر الروح ....


لؤي الخليفة

الحوار المتمدن-العدد: 8370 - 2025 / 6 / 11 - 22:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في زقاقٍ ضيق من أزقة بغداد، حيث تسكن الحكايا القديمة وحُفر الألم،
تتراقص أضواء الشوارع الضعيفة بين جدران البيوت المتهالكة،
وأصوات الصمت تعلو بين أنين التراب تحت أقدام المارّة.
أم تجلس على عتبة بابها، تحتضن اطفالها بيد، وتحاول أن تخفي خلف ابتسامة مرتعشة خوف الغد.
كل مساء، تهمس لهم قصص النجاة من زمن لم يعد يعرف الرحمة،
تحكي لهم عن الحرية التي كانت، وعن حلمٍ باقٍ في قلب الخراب.
في هذا الزقاق، حيث يختلط الرصاص بلا صوت بالدموع بلا صدى،
يحيا شعب لا يملك سوى صبره، وأمل يولد من رحم الألم.
في زقاق آخر، بعيدًا عن ضوء القمر الخافت، وقف الشاب "حسن" يحدق في جدارٍ مليء بكتابات الناس، أمانيهم ونبضاتهم المختبئة تحت طبقات الغبار والدم.
لم يكن حسن يحمل سوى حلم صغير: أن يرى بلاده حرة تنبض بالسلام، لا برصاص الطغاة، ولا بصمت الخوف.لكن كلما تقدم خطوة، كان يسمع في أذنه رصاصة تخترق الهواء،
تذكر وجه والده الذي رحل، ودموع أمه التي لم تجف بعد.
كان يحاول أن يخبئ ألم القلب خلف صمت لا يفهمه سوى نفسه،
وأحيانًا، يصرخ في الليل، لكن رصاصة الصمت كانت ترد عليه بلا صوت.
وفي الغرفة المقابلة، كانت "ليلى" تراقب النوافذ من بعيد، قلقة على أخيها الصغير الذي خرج قبل ساعات ولم يعد.
كان صوت الخطوات الغريبة، وأزيز الرصاص في الأجواء، يثقل صدرها،
لكنها لم تفقد الأمل، لأن كل دمعة كانت لها قصة ولادة جديدة
في الصباح التالي، كان صوت الأذان يتردد فوق المدينة، يخلط بين عبق الماضي وحيرة الحاضر.
خرج "علي"، الرجل في منتصف العمر، من بيته المهترئ، يحمل في عينيه أثقال سنين من الخسارة، ولكنه لم يفقد بريق الأمل.
كانت قدماه تثقلان بالحزن، لكنه كان يعلم أن طريقه اليوم مختلف.
في قلبه دمعة لصديق رحل، وزوجة تنتظر على باب البيت، تنتظر ما لا تعرف إن كان سيأتي.
مرّ بجانب مجموعة من الأطفال يلعبون، بوجوه تحمل قصص أجيال،
لم ينطقوا بكلمة، لكن أنين الأرض كان يتردد في عيونهم، في صمتهم، في قلوبهم التي ما زالت تنبض.
اقترب من الجدار الذي يرسم عليه الناس أحلامهم،
وكتب بيده كلمات بسيطة:
"لن يُقتل الأمل برصاصة."
نظرت له ليلى من النافذة، وابتسمت ابتسامة صغيرة كأنها قالت: "نعم، سنبقى.
في قصرٍ باردٍ، فوق تلة تُشرف على المدينة، جلس الطاغية "ناصر" وحيدًا، ينظر إلى الخرائط والوجوه التي تمر من أمام نوافذه.
كانت عيناه باردة كالزجاج، لا تعرف الرحمة ولا الخوف، فقط الرصاص وقهر الشعب.اخبروه ان ثمة من يتحدثون عن الحرية، عن الأمل، وكأنهم يحفرون في الصخر صخرة أكبر من رصاصه.
وقف ناصر، وبصوت كالصاعقة، أمر:
"أوقفوا أصواتهم، أقتلوا حلمهم، لا مكان للضعفاء في بلادي."
لكن خلف أسوار القصر، كان هناك نبضٌ آخر، نبض لا يستطيع الرصاص قمعه، نبض أنين الأرض، صوت يتردد في قلوب المقهورين.
في نفس اللحظة، خرج حسن ورفع وجهه نحو السماء، ينادي بصوت لا يسمعه الطاغية:
"سنبقى، مهما طال الليل."
في الزقاق، تجمع الناس رغم الخوف، وجهّزوا قلوبهم للقاء لا يعرفونه،
كل واحد يحمل جرحه الخاص، وكل واحد يمتلك أملًا مشتركًا.
حين اقتربت عربات الجنود، وضعت الأمهات أطفالهن تحت الأبواب، والرجال رفعوا أيديهم بلا سلاح،
لكن في العيون كانت ثورة لا يمكن قتلها، وفي الصمت صرخة تعلو بلا رصاص.
بدأ الرصاص ينهمر، لكن صوت القلوب كان أعلى،
كل رصاصة كانت تكسر جسدًا، لكن لا تكسر روحًا.
تساقط الدم، لكنه زرع حُلمًا جديدًا في تربة الوطن.
صرخ حسن، ليس بكلمات، بل بنظرة تقول:
"ها نحن ذا... لا نموت، لأننا في قلوبنا أحياء."
ليلى حملت أطفالها وهي تبكي، لكنها تبكي من فرط القوة،
وعلي وقف فوق الركام، يشم رائحة الحرية التي لم تندثر بعد.
وحين غابت الشمس، بقيت أنين الأرض،
لكنها أنين يحمل وعدًا بأن الفجر قادم، وأن صوت الشعب مهما حاول الطغاة إسكاته، لا يموت...



#لؤي_الخليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الليلة التي لم يأتي بعدها الصباح
- همسات الازقة المنسية
- مرأة العراق
- مهداة للكرد الفيليين...حين ينفى الاسم !!
- مرتبة متاخرة للعراق في مؤشر الاستطلاعات الدولية !!
- لاتتركوني... فانا مدينتكم
- مدينتي معذرة ... الحياة اخذتني عنك بعيدا
- روسيا واوربا بين اطماع الماضي واوهام الحاضر
- الفاتورة الامريكية الباهضة ازاء الاصرار الحوثي
- حرب اوكرانيا ... مليارات مهدورة وارواح مفقودة
- رهانات ايران ... طبول اسرائيل ومازق واشنطن
- الانسانية اليوم امام اختبار ...اما ان تنتصر للحق او تسقط لمش ...
- نتنياهو يفقد بوصلته السياسية وحرب اهليةعلى الابواب
- التخويف والاحباط بين العقل العلمي البرهاني والعقل النصي
- اوكرانيا ... اطراف الصراع والتفاؤل الحذر
- ما بين قمتين ...الغث والسمين
- ساعة جدي
- اما فينا من يلقم هذا المعتوه حجرا؟
- وداعا مكرم الطالباني
- لا ابغي نقدا او تجريحا بل اشير الى خطأ


المزيد.....




- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجارات في طهران.. واشتعال ني ...
- مسؤول إيراني لـCNN: سنستهدف قواعد أي دولة ستدافع عن إسرائيل ...
- شاهد.. دمار واسع في تل أبيب خلفه الهجوم الإيراني
- -التايمز-: إسرائيل لم تبلغ بريطانيا بنيتها ضرب إيران لأنها ل ...
- خبير طاقة مصري يكشف أسوأ سيناريو بعد الضربة الإسرائيلية للمن ...
- الحرس الثوري الإيراني: الضربات الصاروخية استهدفت 150 موقعا إ ...
- خبير عسكري مصري يكشف سبب قوة تأثير صواريخ إيران فرط الصوتية ...
- وزير خارجية الإمارات يجري اتصالات موسعة مع عدة دول لتجنب الت ...
- الرئيس السوري يصدر مرسوما بتشكيل اللجنة العليا لانتخابات مجل ...
- مسؤول إيراني كبير لشبكة -سي إن إن-: إيران ستستهدف القواعد ال ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لؤي الخليفة - الرصاص يكسر الجسد لا يكسر الروح ....