أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لؤي الخليفة - مرأة العراق














المزيد.....

مرأة العراق


لؤي الخليفة

الحوار المتمدن-العدد: 8352 - 2025 / 5 / 24 - 20:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمة
كأن العراق قد علق في مرآة مكسورة، يرى ماضيه المجيد ولا يستطيع أن يصل إليه، وكلما همّ أن يتقدم، كبّلته أيادي الاهمال، وسُرّاق الحلم، وتجار الشعارات.
أرضٌ وُلدت لتكون منارة العالم، صارت اليوم تتعثر بخطواتها، تُنادي أبناءها أن يعودوا، أن يُصلحوا ما انكسر، أن يُنبتوا من رمادها حياة.
لكن رغم الألم، أؤمن
بمن يحملون النور في قلوبهم، ويكتبون من صدقهم، ويحلمون بوطن لا يُطفئه الظلام..…
عن وطن يرى نفسه لا كما هو، بل كما كان وكما يجب أن يكون.
وطنٌ كلما نظر في وجهه، رأى الشظايا، لكنه يعرف أن وجهه الحقيقي محفوظ خلف الزجاج..
******
كان يقف في وسط الغرفة القديمة، أمام المرآة المكسورة.
شظايا الزجاج المتناثرة لم تكن تعكس وجهه فقط، بل وجوهًا أخرى
وجه أمه التي ودّعته على عجل،
وجه أبيه حين سقطت عليه قذيفة وهو يُصلّي،
وجه أصدقائه الذين غادروا البلاد ولم يعودوا،
ووجه العراق... في زمنٍ كان فيه الحلم ممكنًا، وكان الناس يبتسمون لأسباب بسيطة.
كل قطعة من المرآة تروي حكاية.
قطعةٌ تعكس مدرسةً تحولت إلى خرابة،
قطعةٌ تلمع كأنها نهر، لكنه نهر بلا ماء،
وقطعة... ما تزال تحتفظ بوجه بغداد حين كانت تصحو على صوت العصافير، لا على الانفجارات.
تقدّم بخطاه البطيئة، وحاول أن يجمع الشظايا،
أن يُعيد المرآة إلى ما كانت عليه.
لكن كلما ألصق واحدة، جُرِح إصبعه، وسال الدم،
ربما يجب أن تُبقى مكسورة… حتى لا ننسى.فقال
جلس على الأرض، يحيط به زجاج المرآة كأنها خريطة الوطن،
كل شظية تمثل مدينة، وكل خدشٍ فيها هو أثر جرح لم يُشفَ.
كانت هناك قطعة صغيرة، بالكاد يرى وجهه فيها، لكنها لم تكن مكسورة.
تأملها طويلًا.
انعكس فيها وجه طفولته، في زقاق من أزقة النجف أو الموصل أو الناصرية، لا يهم، فكل الأزقة كانت تشبه بعضها
طينٌ دافئ، أبواب خشبية صامتة، وروائح الخبز وعرق الأمهات.
قال بصوت خافت كمن يخاطب وطنًا لا يسمعه
– هل ما زلتَ تتذكّرنا؟ أم أن أصوات الحروب غطّت على ضحكاتنا؟
فجأة، سمع طرقًا على الباب.
ظنّه وهماً، لكن الصوت تكرر.
فتح، فرأى شابًا لا يعرفه، يحمل بين يديه مرآة جديدة، مغلفة بالقماش.
قال له الشاب
– أرسلني جدّي. قال إنك تبحث عن نفسك… وهذا لك.
– ومن يكون جدك؟
– قال اسمه سومر، وربّما ستتذكّره حين ترى نفسك بوضوح.
أخذ المرآة بحذر، نزع الغطاء عنها…
فلم يرَ نفسه، بل رأى العراق كما لم يره من قبل.
رآه وهو ينهض من تحت الركام، يلمّ الشظايا،
يبني من نخيله مآذن ومحاريب ومدارس،
ومن ماء فراته… وجهًا نديًّا يشربه الأطفال.
لكن المرآة لم تكن تريه مستقبلاً محض خيال،
بل احتمالات.
قالت له المرآة – من دون صوت – بل بشعورٍ شفاف
إن أردت هذا العراق، يجب أن تُصبح أنت المرآة… أنت من يعكس ما يمكن أن يكون.
عاد إلى الغرفة، نظر إلى الشظايا القديمة…ا.
بل رصّها حول المرآة الجديدة كإطار.لم يرمها
وجعل من الجراح حدودًا تحيط بالأمل، لا تبتلعه.
وفي اليوم التالي،
حين دخل عليه زائرٌ غريب،
لم يجده.
وجد فقط المرآة في منتصف الغرفة،
تلمع بشظاياها،وفيها انعكاس رجل يمضي ...
كان يشبه العراق،حين يقرر ان ينهض.



#لؤي_الخليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهداة للكرد الفيليين...حين ينفى الاسم !!
- مرتبة متاخرة للعراق في مؤشر الاستطلاعات الدولية !!
- لاتتركوني... فانا مدينتكم
- مدينتي معذرة ... الحياة اخذتني عنك بعيدا
- روسيا واوربا بين اطماع الماضي واوهام الحاضر
- الفاتورة الامريكية الباهضة ازاء الاصرار الحوثي
- حرب اوكرانيا ... مليارات مهدورة وارواح مفقودة
- رهانات ايران ... طبول اسرائيل ومازق واشنطن
- الانسانية اليوم امام اختبار ...اما ان تنتصر للحق او تسقط لمش ...
- نتنياهو يفقد بوصلته السياسية وحرب اهليةعلى الابواب
- التخويف والاحباط بين العقل العلمي البرهاني والعقل النصي
- اوكرانيا ... اطراف الصراع والتفاؤل الحذر
- ما بين قمتين ...الغث والسمين
- ساعة جدي
- اما فينا من يلقم هذا المعتوه حجرا؟
- وداعا مكرم الطالباني
- لا ابغي نقدا او تجريحا بل اشير الى خطأ
- ((محاكم تفتيش )) تلوح في الافق بعد فتاوى الذبح والسلخ !!
- ألا تبا للمنافقين وعبدة الدرهم والدينار
- معتصمو الساحات ... لا تذعنوا لكل ما يقال ولما لا يعقل !!


المزيد.....




- غارة إسرائيلية تقتل 9 أبناء لزوجين طبيبين بخان يونس جنوب قطا ...
- ما موقف إيران من العمل مع السعودية وسلطنة عُمان في تخصيب الي ...
- الداخلية المصرية: إصابة شخصين جراء انفجار أسطوانة غاز بالمني ...
- مصر.. بيان رسمي حول الانفجار أمام نادي ضباط المنيا
- ترامب يوضح كيف توصل إلى -استنتاجه- حول مساهمة الولايات المتح ...
- الشتاء يعود إلى وسط روسيا في نهاية الربيع
- مصر.. انفجار أمام نادي ضباط الشرطة بمحافظة المنيا
- دعوات في برلين لسحب الجيش الألماني من ليتوانيا
- الاتحاد الإفريقي يدين أعمال العنف في طرابلس ويدعو إلى مصالحة ...
- بعد الأعطال في منصة -إكس-.. ماسك يعلن عزمة إيلاء المزيد من ا ...


المزيد.....

- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لؤي الخليفة - مرأة العراق