أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لؤي الخليفة - مدينتي معذرة ... الحياة اخذتني عنك بعيدا














المزيد.....

مدينتي معذرة ... الحياة اخذتني عنك بعيدا


لؤي الخليفة

الحوار المتمدن-العدد: 8305 - 2025 / 4 / 7 - 14:07
المحور: الادب والفن
    


وقف عند مشارف الديار، عيناه تجوبان المكان بنظرات يملؤها الشوق والحنين. هنا، تحت ظلال تلك الشجرة العتيقة، كان يجلس صغيرًا يستمع إلى حكايات جده، وهناك عند النهر، حيث كان يلهو مع أصدقائه، يتردد في أذينه صدى ضحكاتهم التي باتت ذكرى بعيدة.
تقدم ببطء، خطواته تثقلها سنوات الغياب، حتى وصل إلى البيت القديم. جدرانه التي علاها الغبار بدت وكأنها تهمس له بأسرار الماضي. مد يده، لامس بابه الخشبي، أغمض عينيه واستنشق عبق الذكريات، فاختلطت رائحة التراب بدموعه المتساقطة بصمت.
نظر حوله، فوجد الديار قد تغيرت، لم تعد كما كانت، باتت كأنها بقايا حلم هش. البيوت التي كانت تضج بالحياة، نوافذها مفتوحة لاستقبال النور والهواء، أغلقت أبوابها بصمت موحش. جدرانها تصدعت، وأسقفها انحنت تحت ثقل الزمن. الطريق الذي كان يركض فيه صبيًا ضاحكًا، صار موحشًا، تكسوه طبقات الغبار، وتنتشر فيه الأعشاب اليابسة.
المقهى الذي كان يجمع أهل البلدة صار مجرد ركام، مقاعده المهجورة تروي بصمت قصص الأيام الخوالي. الساحة التي كانت تضج بالمناسبات، بدت خاوية، كأنما اختفت ضحكات الأطفال وضجيج الأسواق. حتى الهواء، لم يعد يحمل روائح الخبز الطازج والحنطة المحمصة، بل استبدلها برائحة الأرض العطشى والإهمال.
جثا على ركبتيه، ضم حفنة من تراب الأرض إلى صدره، كأنما يحتضن الوطن نفسه، وتمتم بصوت متهدج: "كم أشتاق إليك... كم أشتاق إليكم جميعًا...".
كانت الريح تهب بلطف، تحمل معها أصواتًا من الماضي، نداءات أمه، ضحكات الأحبة، وقع خطوات الأب العائد من يومه الطويل. فتح عينيه ببطء، وكأنما عاد الزمن ليريه ما كان وما لم يكن...
سمع خطوات تقترب منه، رفع رأسه فرأى جارهم القديم، العم صالح، يتكئ على عصاه، عينيه تغشاهما الدهشة والفرح. قال بصوت مبحوح: "أحقًا عدت يا بني؟ كنا نظن أن الغياب قد اختطفك للأبد...".
ابتسم بحزن، وقف ليعانقه طويلًا. "طال بي السفر يا عم صالح... وطالت بي الأيام حتى خلت أني لن أعود... لكن الشوق أقوى من كل المسافات".
أشار العم صالح إلى البيت وقال: "منزل أهلك ينتظرك كما نحن انتظرناك... لكن، لماذا تأخرت كل هذه السنين؟".
أغمض عينيه للحظة، زفر بحسرة وقال: "الحياة أخذتني بعيدًاعنكم، أبحرتُ في مدن غريبة، بحثت عن أحلام لم تكن لي، وانشغلت بصخب العالم حتى نسيت كيف يبدو صوت الديار... لكن القلب لم ينسَ، ولهذا عدت".



#لؤي_الخليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روسيا واوربا بين اطماع الماضي واوهام الحاضر
- الفاتورة الامريكية الباهضة ازاء الاصرار الحوثي
- حرب اوكرانيا ... مليارات مهدورة وارواح مفقودة
- رهانات ايران ... طبول اسرائيل ومازق واشنطن
- الانسانية اليوم امام اختبار ...اما ان تنتصر للحق او تسقط لمش ...
- نتنياهو يفقد بوصلته السياسية وحرب اهليةعلى الابواب
- التخويف والاحباط بين العقل العلمي البرهاني والعقل النصي
- اوكرانيا ... اطراف الصراع والتفاؤل الحذر
- ما بين قمتين ...الغث والسمين
- ساعة جدي
- اما فينا من يلقم هذا المعتوه حجرا؟
- وداعا مكرم الطالباني
- لا ابغي نقدا او تجريحا بل اشير الى خطأ
- ((محاكم تفتيش )) تلوح في الافق بعد فتاوى الذبح والسلخ !!
- ألا تبا للمنافقين وعبدة الدرهم والدينار
- معتصمو الساحات ... لا تذعنوا لكل ما يقال ولما لا يعقل !!
- اي قائد يحتاجه العراق اليوم ؟
- متظاهروا الانبار ... هلا اعدتم حسابات شهر مضى ؟
- رفقا بالعراق فهو اسمى من زجه في نعراتكم الضيقة !!
- صواريخ غزة اوصدت الابواب امام التهديدات الاسرائيلية لايران


المزيد.....




- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...
- كتاب -رخصة بالقتل-.. الإبادة الجماعية والإنكار الغربي تحت مج ...
- ضربة معلم من هواوي Huawei Pura 80 Pro.. موبايل أنيق بكاميرات ...
- السينما لا تموت.. توم كروز يُنقذ الشاشة الكبيرة في ثامن أجزا ...
- الرِّوائي الجزائري -واسيني الأعرج-: لا أفكر في جائزة نوبل لأ ...
- أحمد السقا يتحدث عن طلاقه وموقفه -الغريب- عند دفن سليمان عيد ...
- احتفال في الأوبرا المصرية بالعيد الوطني لروسيا بحضور حكومي ك ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لؤي الخليفة - مدينتي معذرة ... الحياة اخذتني عنك بعيدا