لؤي الخليفة
الحوار المتمدن-العدد: 8380 - 2025 / 6 / 21 - 17:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
"حين تصبح السياسة عرضًا مسرحيًا بلا نص، يغدو كل تصريح مشهدًا مرتجلًا، وكل قرار صرخة في فراغ."
من يستمع إلى تصريحات الرئيس الامريكي دونالد ترامب، تلك التي تتوالى بلا انقطاع، يشعر كأنه أمام سمفونية نشاز، لا لحن فيها ولا إيقاع. تصريحاته المتناقضة باتت نمطًا متكررًا، تصريح ينقض سابقه، بل وأحيانًا يحمل في طياته التناقض ذاته. كأنه لا يتحدث بلسان رئيس لأكبر قوة في العالم، بل كأنه قصّاب في سوق شعبي يصرخ بأسعار ما في دكانه دون أن وزن أو يحسب حسابًا لمن يسمعه.
هذه الظاهرة لم تكن جديدة، فمنذ دخوله الساحة السياسية، أثبت ترامب أنه رجل صفقات لا رجل دولة. يتحدث بعفوية جارحة، يتخذ قرارات مفاجئة، ثم يتراجع عنها، لا لأن الحسابات تغيرت، بل لأن المزاج تغيّر. تارة يلوّح بالحرب، وتارة يؤجلها ليوم أو اثنين، ثم لأسبوعين، وكأنما هو في بازار للمقايضة، لا على منصة قيادة أمة.
السؤال الذي يطرح نفسه: هل هو خائف من الردع الإيراني؟ ربما ليس خوفًا مباشرًا، لكنه يعرف تمامًا أن أي مغامرة عسكرية ضد طهران ستكلفه الكثير، سياسيًا واقتصاديًا. التجارب السابقة لم تنتهِ بنصرٍ سريع، بل بجراح مفتوحة. وأما عن نتنياهو، حليفه القديم، فالعلاقة بينهما كانت تكتيكية بحتة. ترامب لا يملك وفاءً لحليف إذا أصبح ذلك الحليف عبئًا، وهو مستعد للتخلي عن أي أحد ما دام البقاء في الصورة هو هدفه الأول.
ترامب اليوم لا يسعى للقيادة بقدر ما يسعى للضوضاء. يريد أن يبقى على "السطح"، كما لو أنه المراقب الأعلى الذي يصيح من فوق الأسطح لا ليسمعه أحد، بل ليذكّر العالم بوجوده. فهل هو مجرد متفرج؟ أم لاعب يحاول أن يعيد خلط الأوراق؟
ما أخشاه، وما قد يخشاه العالم، أن تعود هذه "الثرثرة السياسية" مرة أخرى إلى المشهد، حاملة معها مزيدًا من الارتباك في عالم لا تنقصه الفوضى.
#لؤي_الخليفة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟