لؤي الخليفة
الحوار المتمدن-العدد: 8521 - 2025 / 11 / 9 - 14:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حين يصبح الفناء طريقًا إلى الوعي
لم يرَ كافكا الموت على أنه انطفاء للجسد أو نهاية لرحلة الكائن في العالم، بل كان في نظره خلاصًا من عبء الوجود. فالموت عنده ليس عدوًا، بل بوابة تحرر من قيود الحياة اليومية، من رتابتها وعبثها، ومن ذلك الثقل الخفي الذي ينوء به الإنسان الواعي حين يدرك عبث المعنى وضياع الهدف.
في عوالم كافكا، لا يُفهم الموت بوصفه فصلًا أخيرًا، بل لحظة يقظة. فالمعاناة المستمرة والاغتراب عن الذات وعن الآخرين يقودان في النهاية إلى نوع من الصفاء المأساوي، حيث تتعرّى الحقيقة من أوهامها، ويكتشف الإنسان أن الفهم ذاته عزلة، وأن الوعي هو الجرح الأول في مسيرة الخلاص.
من هنا يصبح الموت في أدب كافكا فعل فهم، لا حدثًا بيولوجيًا. إنّه تجلٍ لوعيٍ حادٍّ يرفض الزيف، ويمتنع عن المشاركة في مسرح الحياة المكرور.
الذين يموتون في نصوصه لا يفقدون وجودهم، بل يتحررون من صورته؛ يموتون لأنهم فهموا، ولأن الفهم نفسه لم يترك لهم سبيلًا للبقاء في عالمٍ لا يحتمل الحقيقة.
هكذا، يلتقي الموت بالوعي في نقطةٍ واحدة، حيث يصبح الفناء نوعًا من الولادة الثانية — ولادة في الفهم، في النور، في لحظة الإدراك التي لا عودة بعدها
#لؤي_الخليفة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟