أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عاطف زيد الكيلاني - إلى قلب القلب، رفيقة العمر وضياء الدرب ... إلى زوجتي هيفاء على سرير الشفاء














المزيد.....

إلى قلب القلب، رفيقة العمر وضياء الدرب ... إلى زوجتي هيفاء على سرير الشفاء


عاطف زيد الكيلاني

الحوار المتمدن-العدد: 8549 - 2025 / 12 / 7 - 04:51
المحور: الادب والفن
    


أكتب إليك يا هيفاء يا رفيقة العمر، يا مَن جمعتِ في قلبك من الحنان ما يفوق اتساع الدنيا، ومن الصبر ما تعجز عنه الجبال الرواسي، أكتب لك اليوم لا لأعيد سرد ذكرياتنا فحسب، بل لأُعلن أمام نفسي وأمام الناس جميعا والحياة كلها أنني مدين لكِ بكل نبضة سعادة، وبكل لحظة أمل، وبكل خطوة ثبّتُّ فيها قدمي على هذه الأرض. أكتب لك وأنا أستعيد صورتك يوم دخلتِ غرفة العمليات، ورغم الألم الذي حاول أن يخفي بريق عينيك، كنتِ تحملين هدوء المطمئن، وثقة من يعرف أن الله معه، وقوة امرأة خُلقت لتنتصر مهما اشتدّ حولها البلاء ومهما عاندتها الحياة.
لم تكن العملية الجراحية مجرد حدثٍ عابر في تفاصيل أيامنا، بل كانت لحظة كشفت لي ما لم أكن بحاجة لإثباته، لكنها عمّقت يقيني بأنك امرأة خُلقت من معدن نادر، معدن لا يلين أمام الألم، ولا ينكسر تحت ثقل المرض، ولا يسمح للظروف مهما قست أن تنال من عزيمته.
رأيتكِ تقفين أمام الوجع كمن يقف أمام الريح، لا تستسلمين، وفي داخلكِ إيمان عميق بأن لكل محنة نهاية، ولكل ليل فجر آت.
يا زوجتي، يا أم أبنائي، يا امرأة لم تترك يدي حتى في أشد المنعطفات، كم تمنيتُ لو استطعتُ أن أخلّصك من الألم وأضعه على كاهلي، وكم تمنيتُ لو أن جسدي يقتسم عنك ما أثقل جسدك النحيل، لكنكِ كنتِ دائمًا تقولين: "إن الله لا يبتلينا إلا صلابة ويقينا". كلماتك هذه ليست مجرد إنشاء، بل هي درس من دروس القوة التي تعلمتها منك على مدى سنوات.
أريد أن أكتب عنكِ كل ما لم أستطع قوله لكِ في لحظات التعب والانشغال، أريد أن أصوغ لك اعترافًا طويلًا: أنكِ كنتِ — وما زلتِ — أعظم نعمة وهبني الله إياها.
فمنذ أن عرفتك، كنا معًا ننسج أيامنا من القليل، من تلك اللحظات التي لم يكن فيها في أيدينا إلا الحبّ والإحترام والتقدير، وفي قلوبنا إلا الإيمان أن الغد سيكون أفضل، مهما طال الانتظار واشتدت صروف الدهر.
صبرتِ معي حين ضاقت الدنيا، حين كان كل شيء يبدو أثقل مما نحتمل، وأثبتِّ لي أن المرأة ليست فقط جمالًا وعاطفة، بل قوة تضيء ظلام أيام وليالي العمر، وروحًا تُثبت البيت على أعمدة من الصبر والوِدّ.
كنتِ سندًا حقيقيًا، لا تُرهقكِ مشاق الحياة، ولا تُثنيكِ قسوتها عن ابتسامة كنتُ أجد فيها راحتي ودوائي.
وها أنتِ اليوم، بعد رحلتك المؤلمة مع المرض، تتعافين خطوة بخطوة، وأرى في كل خطوة شجاعتكِ، أرى كيف تهزمين الوجع كل صباح، وكيف تنهضين بمزيج من قوة الأم وحنان الزوجة وإصرار المرأة التي خُلقت لتُكمل رسالتها مهما اشتدّت المحنة.
أرى في عينيكِ نورًا يجعلني أخجل من أي ضعف قد يمرّ بي، فأنتِ المدرسة التي أتعلّم منها معنى التحمل، ومعنى الرضا، ومعنى الثقة في أن الخير قادم مهما ابتعد.
زوجتي الحبيبة، لم أكتب هذا الكلام لأُجمّلكِ فأنتِ لست بحاجة إلى تجميل، ولم أكتبه لأرد لكِ معروفًا، لأن معروفكِ لا يرُدّ، بل يحفظ في القلب ويتجذر فيه. أكتب لأن قلبي ممتلئ بك، ممتنّ لك، ولأنني حين أنظر إلى أبنائنا أرى في وجوههم لمساتكِ، صبركِ، تعبكِ، إخلاصكِ، وتلك الرحلة الطويلة التي قطعناها معًا خطوة بخطوة.
أنتِ أمّهم، وتلك وحدها تكفي لتجعلكِ ملكة في هذا البيت، لكنكِ فوق ذلك شريكة، ورفيقة، وصديقة، وسندًا لا يبدله الزمن.
أعلم أن المرض كان قاسيًا عليكِ — وعليّ أيضًا — لكنه لم يهزم صمودك وشجاعتك.
بل لقد زادك قوة، وزادني يقينًا أنكِ أشجع مما تصفين نفسك به.
كنتِ تقولين: "إن الألم جزء من الرحلة".
أما أنا فأقول: بل أنتِ من جعل الرحلة أجمل رغم التعب، وأخف رغم الثقل.
وفي لحظة الشفاء، وفي انتظار أن تعودي إلى حياتك بصحة تامة، أريد منكِ شيئًا واحدًا: أن تري نفسكِ بعينيّ أنا.
أن تنظري كيف يراكِ قلب رجلٍ لم يعرف حقيقة الحبّ إلا حين أحبّك. أن تدركي أنكِ لستِ مجرد امرأة مرّت بمرض وتعافت منه، بل امرأة خاضت معركة وانتصرَت، امرأة صنعت من الألم قوة، ومن الضعف كبرياء، ومن التحدي قصة ملهمة.
سلامًا لعينيكِ اللتين طالما سكنت فيهما الطمأنينة، وسلامًا ليديكِ اللتين حملتا هذا البيت في أصعب الظروف، وسلامًا لروحكِ التي لم تنطفئ رغم المرض، بل ازدادت نورًا.
أسأل الله أن يشفيكِ شفاءً لا يغادر سقمًا، وأن يكتب لكِ من الراحة والطمأنينة ما تستحقين أضعافًا مضاعفة، وأن يجعل كل لحظة ألمٍ عشتِها ميزانًا من الحسنات ورفعة في الدرجات.
يا زوجتي الغالية، يا مناضلة قلّ نظيرها، يا صديقة الأيام بكل ما فيها، أعدكِ أن أبقى لك السند كما كنتِ لي، وأن أكون الرفيق الذي يمسح عنكِ التعب قبل أن تشعري به، وأن أملأ أيامك القادمة بالفرح الذي يليق بكِ. فلا شيء أثمن عندي من صحتك، ولا شيء أغلى من ابتسامتك.
أنتِ القلب، أنتِ الدفء، أنتِ الوطن الذي أعود إليه مهما بعدتُ، وأنتِ القصة التي تزيد جمالًا كلما طال الزمن.
دمتِ لي، ودُمتِ لأبنائنا ولكلّ من يحبّك، ودام لكِ الشفاء التام بإذن الله.



#عاطف_زيد_الكيلاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من وحي مقال الرفيق غازي الصوراني ... استعادة الدور الطليعي ل ...
- الخندق الإنساني: رحلة سبعة عقود نحو معنى الإنسان
- في الرد على شارل جبّور وحزب القوات اللبنانية
- فوزٌ مامداني ( عمدة نيويورك الجديد ) ... محاولة للفهم والتحل ...
- السودان ... جرائم مليشيا الدعم السريع ومن يدعمها!
- البحرينية ليلى فخرو: المناضلة الماركسية التي قاتلت في جبال ظ ...
- ترمب في شرم الشيخ: بائع أوهام يتاجر بدماء الشعب الفلسطيني وي ...
- جائزة نوبل للسلام: وسيلة لتجميل وجه الإمبريالية؟
- خطة ترامب لغزة: شرعنة الاحتلال تحت غطاء «حلّ» ... صرخة لاجئ ...
- اعتراض الصهاينة لأسطول الصمود في عرض البحر جريمة جديدةة يرتك ...
- خطة ترامب لوقف إطلاق النار في غزة: مؤامرة مكشوفة لتصفية القض ...
- الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو... صوت الإنسانية في وجه التوح ...
- من مانديلا إلى الجولاني: عندما تتحوّل منصة الأمم المتحدة مفخ ...
- ترامب الكذّاب على مسرح هيئة الأمم المتحدة: يكذب كما يتنفس
- سقوط فكر البرجوازية العربية: من أوهام التحرر إلى ضرورة البدي ...
- الاعتراف بالدولة الفلسطينية: مكافأة شكلية أم خدعة استراتيجية ...
- قمة الدوحة ... قمة الجبن والتطبيع: حين يتواطأ الخوف مع الخيا ...
- آن الأوان للبشرية أن تتحرر من السطوة الأميركية
- الكيان الصهيوني: دولة مارقة تهاجم الإنسانية وتحاصر الضمير ال ...
- العدوان الصهيوني على قطر: جريمة صهيونية جديدة ومسمار في نعش ...


المزيد.....




- -سماء بلا أرض- للتونسية اريج السحيري يتوج بالنجمة الذهبية لم ...
- جدة تشهد افتتاح الدورة الخامسة لمهرجان البحر الاحمر السينمائ ...
- الأونروا تطالب بترجمة التأييد الدولي والسياسي لها إلى دعم حق ...
- أفراد من عائلة أم كلثوم يشيدون بفيلم -الست- بعد عرض خاص بمصر ...
- شاهد.. ماذا يعني استحواذ نتفليكس على وارنر بروذرز أحد أشهر ا ...
- حين كانت طرابلس الفيحاء هواءَ القاهرة
- زيد ديراني: رحلة فنان بين الفن والشهرة والذات
- نتفليكس تستحوذ على أعمال -وارنر براذرز- السينمائية ومنصات ال ...
- لورنس فيشبورن وحديث في مراكش عن روح السينما و-ماتريكس-
- انطلاق مهرجان البحر الأحمر السينمائي تحت شعار -في حب السينما ...


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عاطف زيد الكيلاني - إلى قلب القلب، رفيقة العمر وضياء الدرب ... إلى زوجتي هيفاء على سرير الشفاء