أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عاطف زيد الكيلاني - الخندق الإنساني: رحلة سبعة عقود نحو معنى الإنسان














المزيد.....

الخندق الإنساني: رحلة سبعة عقود نحو معنى الإنسان


عاطف زيد الكيلاني

الحوار المتمدن-العدد: 8543 - 2025 / 12 / 1 - 04:49
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


= = حين يصبح العمر حكمةً تتكلم
ليس الوصول إلى الخامسة والسبعين مجرد رقم، بل هو حصيلة رحلة طويلة، مليئة بالوعي، بالتجربة، وبالتحولات الوجودية العميقة.
رحلتي لم تكن رحلة السياسة وحدها، ولا رحلة الفكر وحده؛ كانت قبل كل شيء رحلة إلى الإنسان في داخلي.
وعندما أقول إنني لم أعد أحمل هوية سوى "إنسان"، فذلك ليس نتيجة طيشٍ أو رفضٍ للانتماء…
بل نتيجة وعي نضج ببطء، ونضج بقول الحقيقة: أن الإنسان أكبر من كل هوياته الأخرى.
= = الانتماء اليساري… الباب الذي قادني للإنسانية
دخلتُ إلى الفكر اليساري، وبالذات الماركسية–اللينينية، شابًا يبحث عن العدالة والكرامة.
كنت أظن أن الانتماء السياسي هو نهاية الطريق.
لكنني اكتشفت مع الزمن أنه كان البداية فقط.
“الفكر اليساري لم يحررني من الانتماء… بل حرر الإنسان داخلي.”
هذا الفكر أعطاني الأدوات التي أرى بها الإنسان: لا بصفته عضوًا في طبقة، ولا تابعًا لجنس أو قومية، بل كائنًا كاملًا يستحق حياة كريمة، مساواة، وعدلًا.
وهنا بدأ تشكّل أول خيط من خيوط الخندق الإنساني.
= = رحلة التحرر من الهويات الضيقة
لم أكن يومًا خارج الانتماءات الاجتماعية والثقافية.
عشت ما يعيشه الجميع: جذور، بيئة، هوية، ولاءات، وموروثات.
لكن الزمن علّمني أن الهويات أحيانًا تصنع الأسوار أكثر مما تصنع الانتماء.
كلما تقدّمتُ في العمر، ازداد وضوح الحقيقة: أن ما يجمع البشر أكثر مما يفرقهم…
وأن الإنسان لا يكون إنسانًا كاملًا إلا حين يمسك بيد الآخر دون أن يسأله من أين جاء، أو إلى أي طائفة ينتمي، أو ما اسمه الأخير.
= = الخندق الإنساني: خيار لا يشبه الخيارات السياسية
عندما أقول إنني ما زلت في الخندق اليساري… فأنا أعني الخندق الإنساني الذي وجدت فيه نفسي.
ليس لأنني عاجز عن التغيير، ولا لأنني متعصب لفكرة، بل لأنني لم أجد بديلًا أكثر إنسانية منه.
“البديل ليس موجودًا لأن البدائل تبتعد عن الإنسان… بينما اليسار الحقيقي يقف معه.”
هذا الخندق لم يعد بالنسبة لي موقعًا سياسيًا،
بل أصبح موقعًا وجوديًا.
الحياة في هذا الخندق ليست سهلة… لكنها أكثر صدقًا.
البقاء في هذا الخندق طوال هذه السنوات تطلّب:
- صبرًا على خيبات السياسة،
- صمودًا أمام موجات الانحدار الأخلاقي،
- قدرة على رؤية الإنسان وسط الضباب،
- وقوة على التمسّك بالمبادئ رغم كل ما تغيّر حولي.
لكنه منحني أيضًا شيئًا لا يملكه الكثيرون: سلامًا داخليًا نادرًا.
سلام مبني على التوافق الكامل بين فكري وحياتي، بين ما أؤمن به وما أعيشه.
الشيخوخة ليست انكسارًا… بل اكتمال
في الخامسة والسبعين، لا يختبئ الإنسان خلف الشعارات، ولا يحتاج أن يثبت شيئًا لأي أحد.
في هذا العمر، إما أن تكون صادقًا مع نفسك… أو لا تكون.
ولذلك أقول بكل بساطة:
أنا ما زلت يساريًا… لأنني ما زلت إنسانًا.
ولم أجد طريقًا يضع الإنسان في مركز الكون كما فعلت الماركسية حين فهمتها عميقًا، لا حين ردّدتها.
= = الإنسانية قيمة خالدة… ليست مرحلة سياسية.
ربما تغيّرت حركة التاريخ، وربما تغيّرت أشكال الصراع، لكن ما لم يتغيّر أبدًا هو:
- حاجة الإنسان للكرامة،
- حاجته للعدالة،
- حاجته ألا يُستغل،
- حاجته أن يكون جزءًا من مستقبلٍ أفضل.
وهذه القيم ليست مؤقتة، ولا مرتبطة بمرحلة سياسية، بل هي قيم خالدة، تمامًا مثل قيمة أن تكون إنسانًا.
= = لماذا أبقى في خندقي؟
ليس لأنني لا أرى أن العالم تغيّر…
بل لأنني أرى التغير أكثر من أي وقت مضى.
ولأنني أعلم أن العالم يحتاج إلى خنادق جديدة لا تُبنى بالحديد، بل تُبنى بالوعي، بالمحبة، وبالمسؤولية تجاه الآخر.
“الخندق الإنساني ليس خيارًا سياسيًا… بل خلاص الإنسان من ضياعه.”
وإذا كان عليّ أن أختار من أكون بعد 75 عامًا من الحياة،
فإني أقولها اليوم بوضوح:
أنا إنسان… قبل كل شيء.
ومن أجل الإنسان… أبقى في هذا الخندق.



#عاطف_زيد_الكيلاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الرد على شارل جبّور وحزب القوات اللبنانية
- فوزٌ مامداني ( عمدة نيويورك الجديد ) ... محاولة للفهم والتحل ...
- السودان ... جرائم مليشيا الدعم السريع ومن يدعمها!
- البحرينية ليلى فخرو: المناضلة الماركسية التي قاتلت في جبال ظ ...
- ترمب في شرم الشيخ: بائع أوهام يتاجر بدماء الشعب الفلسطيني وي ...
- جائزة نوبل للسلام: وسيلة لتجميل وجه الإمبريالية؟
- خطة ترامب لغزة: شرعنة الاحتلال تحت غطاء «حلّ» ... صرخة لاجئ ...
- اعتراض الصهاينة لأسطول الصمود في عرض البحر جريمة جديدةة يرتك ...
- خطة ترامب لوقف إطلاق النار في غزة: مؤامرة مكشوفة لتصفية القض ...
- الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو... صوت الإنسانية في وجه التوح ...
- من مانديلا إلى الجولاني: عندما تتحوّل منصة الأمم المتحدة مفخ ...
- ترامب الكذّاب على مسرح هيئة الأمم المتحدة: يكذب كما يتنفس
- سقوط فكر البرجوازية العربية: من أوهام التحرر إلى ضرورة البدي ...
- الاعتراف بالدولة الفلسطينية: مكافأة شكلية أم خدعة استراتيجية ...
- قمة الدوحة ... قمة الجبن والتطبيع: حين يتواطأ الخوف مع الخيا ...
- آن الأوان للبشرية أن تتحرر من السطوة الأميركية
- الكيان الصهيوني: دولة مارقة تهاجم الإنسانية وتحاصر الضمير ال ...
- العدوان الصهيوني على قطر: جريمة صهيونية جديدة ومسمار في نعش ...
- الصمتُ العربيّ حيال العدوان الصهيوني المستمر... جريمةٌ فوق ج ...
- السفير الأميركي الجديد في عمّان: هل هو دبلوماسي محترف أم ضاب ...


المزيد.....




- ترامب يكشف عن مكالمة مع رئيس فنزويلا ويوضح ما قصده بغلق مجال ...
- مفاوضات فلوريدا.. تفاؤل بإنهاء حرب أوكرانيا رغم الخلافات
- وزير خارجية بولندا: نرغب في إنهاء عادل للحرب وبحدود آمنة لأو ...
- مواجهات في جنين والاحتلال يقتحم مناطق عدة بالضفة والقدس
- طالبو اللجوء بين رغبات ترامب بالترحيل وقرارات القضاء الأميرك ...
- تونس.. رجال الرئيس ينتفضون ضده
- عاجل | ترامب: أجريت اتصالا مع مادورو ولا أريد الخوض في التفا ...
- فيضانات استثنائية تشرد آلاف السكان بماليزيا
- محادثات ميامي تمهد لعرض خطة ترامب على موسكو
- مدغشقر.. ساحة تنافس جديدة بين باريس وموسكو؟


المزيد.....

- اليسار بين التراجع والصعود.. الأسباب والتحديات / رشيد غويلب
- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عاطف زيد الكيلاني - الخندق الإنساني: رحلة سبعة عقود نحو معنى الإنسان