أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عاطف زيد الكيلاني - البحرينية ليلى فخرو: المناضلة الماركسية التي قاتلت في جبال ظفار… ونسيتها الذاكرة العربية














المزيد.....

البحرينية ليلى فخرو: المناضلة الماركسية التي قاتلت في جبال ظفار… ونسيتها الذاكرة العربية


عاطف زيد الكيلاني

الحوار المتمدن-العدد: 8501 - 2025 / 10 / 20 - 19:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في زمنٍ تتكاثر فيه أصنام الليبرالية، وتُطمس فيه الذاكرة الحيّة للنضال، هناك مناضلون ومناضلات كان مصيرهم أن يُدفنوا في الظلّ، لأن سيرتهم تُحرج سرديّات الدولة، وتُهدّد أساطير “التنمية” المزيفة.
المناضلة ليلى فخرو، المربية والمناضلة البحرينية، هي واحدة من هؤلاء. امرأة ماركسية لم تكتفِ بالتنظير، بل حملت قناعاتها إلى الجبال، إلى الميدان، إلى مدرسة الثورة في ظفار، حيث قاتلت الإمبريالية بالسلاح، وبالكلمة، وبالفكر.
== من بيروت إلى ظفار: ماركسية تتجذّر في الخليج
ولدت ليلى عبد الله يوسف فخرو عام 1945 في البحرين، وترعرعت في محيط خليجي محافظ تقليدي، تحت سلطة الاستعمار البريطاني، وسط مجتمع طبقي مقيَّد بسلطة القبيلة والدين.
لكنها اختارت مبكّراً أن تنتمي إلى فكر اليسار الماركسي، وتنخرط في شبكات هذا الفكر، متأثّرة بحركات التحرّر من الجزائر إلى فلسطين، ومن فيتنام إلى كوبا.
في بيروت الستينات، التحقت بالجامعة الأميركية، وهناك اطّلعت على التيارات القومية واليسارية.
لم تكن مشاهدات، بل اختيارات.
قرّرت أن تكون جزءاً من الحلم الثوري العربي، فانضمّت إلى الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي المحتل، الذراع الثوري في الخليج الذي انبثق عن حركة القوميين العرب، وتحوّل لاحقاً إلى التنظيم الماركسي الأبرز في عُمان: الجبهة الشعبية لتحرير عُمان والخليج العربي.
== ظفار… حين يصبح التعليم عملاً ثورياً
كان التحاقها بجبهة ظفار موقفاً صدامياً بالكامل: لا تهادن، لا رمادية.
انتقلت إلى الجبال، إلى الجبهة، إلى مناطق المواجهة مع النظام السلطاني المدعوم بريطانياً، لتؤدي هناك واحدة من أنبل المهام الثورية: التعليم في مناطق محرّرة.
أشرفت ليلى على إنشاء "مدرسة الثورة" – أول مشروع تربوي بديل في ظفار، لتعليم الأطفال والنساء والرجال المنخرطين في الكفاح المسلّح.
لم يكن التعليم عندها مجرّد تلقين، بل أداة تحريض، وعي طبقي، واشتباك معرفي.
تدرّس الفتيات اللغة والسياسة والطب، لا لتدخلهن الجامعة، بل ليصِرن أدوات للثورة.
كانت ترى أن “الثورة تسبق العائلة”، وأن “تحرّر المرأة ليس شعاراً بل مهمة ثورية”.
ولذا قاتلت داخل البُنية الذكورية للجبهة، من أجل دور النساء، وتحمّلت النقد، والتهميش، والتشكيك.
== ماركسية بالسلاح والمعرفة
قناعات ليلى فخرو لم تكن رومانسية يسارية، بل مادية عملية. آمنت أن:
• لا تحرّر من الاستعمار بدون تحرير من الرأسمالية.
• لا تحرّر وطني بدون تحرّر طبقي.
• لا تحرّر اجتماعي بدون تحرير النساء من قيود الذكورة الأبوية.
من هنا، جاءت صياغتها للتعليم كأداة مقاومة.
لم تكن المدرسة فقط لنقل المعرفة، بل فضاءً لبناء الإنسان الاشتراكي الجديد.
كانت تُشرف على المناهج، تدرّس بنفسها، تنظّم الحلقات الثقافية، وتشارك في التدريب، وتكتب التقارير.
== الثورة قد تُهزم، ولكنها لا تنتهي
انتهت انتفاضة ظفار بهزيمة عسكرية وسياسية.
جرى سحق الجبهة الشعبية بدعم أميركي - بريطاني، وأعيد دمج المناطق المحررة في سلطة السلطان قابوس.
ومعها، أُجبر كثير من المناضلين والمناضلات على الانسحاب، أو الاختفاء، أو العودة إلى الصمت.
ليلى فخرو، التي قضت سنواتها الأكثر إشراقًا في تلك الجبال، عادت إلى البحرين لاحقاً، دون ضجيج، دون كتاب مذكّرات، دون كاميرات.
في 21 سبتمبر 2006، توفيت بصمت… كما عاشت بعد الثورة.
لم تُكرَّم رسمياً.
لم تُدرّس تجربتها.
لم تُكتب سيرتها في مناهج التاريخ.
فهي ليست امرأة "صالحة للاستهلاك" من وجهة نظر الإعلام الرسمي أو النيوليبرالي، ولا يسهل قولبتها كـ “ناشطة مدنية” ضمن إطار “تمكين المرأة” الخاوي.
== ليلى فخرو… النسيان المتعمّد
غياب ليلى عن ذاكرة الخليج ليس عفوياً، بل هو نسيان متعمّد، لأن مشروعها السياسي يتحدّى اليوم أكثر من أي وقت مضى:
لأنها امرأة ماركسية، لا تقبل التموضع داخل "النسوية النيوليبرالية".
لأنها قاتلت بالسلاح ضد تحالف نظام المشيخة العفن والبريطانيين.
لأنها قدّمت نموذجًا نسويًا ثوريًا يهدد منظومات “التمكين” المزيفة.
لأنها ربطت التعليم بالتحرير، لا بسوق العمل.
هذا التغييب، هو جزء من عملية إعادة تشكيل الذاكرة الخليجية ضمن حدود المسموح: نماذج النجاح الفردي، والنجاح ضمن النظام، لا النجاح في مواجهته.
== لماذا نكتب عنها اليوم؟
- نكتب عن ليلى فخرو لأننا في زمنٍ يعيد تدوير الرموز، ويطمر الأيقونات الحقيقية.
- نكتب عنها لنقول إن الخليج لم يكن دائماً صحراء سياسية، ولا مجرد ريَع واستقرار.
- كان فيه نساء ورجال آمنوا بالثورة، وقاتلوا من أجلها، ودفعوا الثمن.
- نكتب عنها لأننا نحتاج إلى استعادة هذه الذاكرة الماركسية – النسوية – التحرّرية، من النسيان، والتبسيط، والإهمال.
== ليلى فخرو ليست مجرد اسم
ليلى مشروع.
ليلى جبهة.
ليلى مدرسة.
ليلى رؤية لغدٍ مختلف.
من البحرين إلى ظفار، حملت ماركسيتها على كتفها، وقاتلت من أجل مجتمع أكثر عدالة.
تركت خلفها تجربة لا تزال راهنية، في مواجهة أنظمة تحتقر الإنسان، وتُعيد إنتاج الظلم.
فلنُعيدها إلى الذاكرة، لا كحالة عاطفية، بل كأداة تحليل، ومصدر إلهام، ومادة صراع.



#عاطف_زيد_الكيلاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترمب في شرم الشيخ: بائع أوهام يتاجر بدماء الشعب الفلسطيني وي ...
- جائزة نوبل للسلام: وسيلة لتجميل وجه الإمبريالية؟
- خطة ترامب لغزة: شرعنة الاحتلال تحت غطاء «حلّ» ... صرخة لاجئ ...
- اعتراض الصهاينة لأسطول الصمود في عرض البحر جريمة جديدةة يرتك ...
- خطة ترامب لوقف إطلاق النار في غزة: مؤامرة مكشوفة لتصفية القض ...
- الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو... صوت الإنسانية في وجه التوح ...
- من مانديلا إلى الجولاني: عندما تتحوّل منصة الأمم المتحدة مفخ ...
- ترامب الكذّاب على مسرح هيئة الأمم المتحدة: يكذب كما يتنفس
- سقوط فكر البرجوازية العربية: من أوهام التحرر إلى ضرورة البدي ...
- الاعتراف بالدولة الفلسطينية: مكافأة شكلية أم خدعة استراتيجية ...
- قمة الدوحة ... قمة الجبن والتطبيع: حين يتواطأ الخوف مع الخيا ...
- آن الأوان للبشرية أن تتحرر من السطوة الأميركية
- الكيان الصهيوني: دولة مارقة تهاجم الإنسانية وتحاصر الضمير ال ...
- العدوان الصهيوني على قطر: جريمة صهيونية جديدة ومسمار في نعش ...
- الصمتُ العربيّ حيال العدوان الصهيوني المستمر... جريمةٌ فوق ج ...
- السفير الأميركي الجديد في عمّان: هل هو دبلوماسي محترف أم ضاب ...
- -وزارة الحرب-... التسمية أخيرًا تطابق الفعل: فضح الوجه الحقي ...
- عبد الرحمن الراشد.. وضياع البوصلة الأخلاقية في مهاجمة حماس و ...
- العدوان الأمريكي على فنزويلا: إرهاب دولة تحت غطاء مكافحة الم ...
- إلحاق الهزيمة بالكيان الصهيوني شرط ضروريّ لبناء نظام عالمي ج ...


المزيد.....




- ترامب يهدد بـ-القضاء- على حماس إذا انتهكت اتفاق وقف إطلاق ال ...
- فيديو متداول لـ-جولة عمر البشير في شوارع مروي- بالسودان.. ما ...
- زياد زهر الدين.. قنصل سوري سابق يعلن توقفه عن العمل بالحكومة ...
- بعد الجدل حول تصريحاته عن الهجرة.. ميرتس يتعهد بإبقاء ألماني ...
- ملايين مستحقة لأندية ألمانية.. الديون تثقل كاهل فريق برشلونة ...
- الخط الأصفر.. ذريعة إسرائيل لانتهاك وقف إطلاق النار في غزة
- موريشيوس تجمّد أصول رجل أعمال مرتبط برئيس مدغشقر السابق
- الأوروبيون يناقشون العقوبات على إسرائيل بعد وقف إطلاق النار ...
- قبل سرقة المجوهرات الإمبراطورية.. محطات في تاريخ السرقات الت ...
- -ما خفي أعظم- يكشف أسماء وصور قتلة الطفلة الفلسطينية هند رجب ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عاطف زيد الكيلاني - البحرينية ليلى فخرو: المناضلة الماركسية التي قاتلت في جبال ظفار… ونسيتها الذاكرة العربية