أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هويدا صالح - رسائل ثقافية من حفل افتتاح المتحف المصري الكبير














المزيد.....

رسائل ثقافية من حفل افتتاح المتحف المصري الكبير


هويدا صالح
روائية ومترجمة وأكاديمية مصرية

(Howaida Saleh)


الحوار المتمدن-العدد: 8537 - 2025 / 11 / 25 - 21:05
المحور: الادب والفن
    


شكّل حفل افتتاح المتحف المصري الكبير في الأول من نوفمبر 2025 حدثًا ثقافيًا فارقًا يتجاوز كونه عرضًا فنيًا أو احتفاءً أثريًا إلى كونه "خطابًا رمزيًا متعدّد الطبقات". لقد أعاد حفل الافتتاح إنتاج صورة مصر الحضارة والسلام أمام العالم. جاءت كل تفصيلة من تفاصيل حفل الافتتاح، من العروض الفنية المتنوعة إلى اختيار الشخصيات والأنماط الموسيقية وحضور المرأة النوعي، كل ذلك جاء محمّلًا بدلالات ثقافية تسعى إلى إعادة صياغة "الهوية الوطنية" في سياق العولمة الثقافية المعاصرة.
نحن نعاني من العولمة الثقافية وتغييب الهويات الوطنية والمحلية لصالح نموذج عولمي واحد، لكن حفل الافتتاح وما حدث فيه من فعاليات يجعلنا نقول ونحن مطمئني الفؤاد أن الحفل كان "نصا ثقافيا" ينفتح على الكثير من الدلالات، جيث يتقاطع التراث المصري القديم مع ما بعد الحداثة والرقمية التي اجتاحت العالم وحولته إلى قرية صغيرة. إنه نص ثقافي محمل بالكثير من الدلالات يمكن تحليل أهم رموزها فيما يلي:
1ـ . المرأة كقائدة للخطاب الجمالي:
رغم أن القيادة الرئيسية للأوركسترا الموسيقية في حفل الافتتاح كانت للمايسترو ناير ناجي إلا أن المايسترو دنيا الدغيدي التي قادت الأوركسترا النحاسية بالكامل في فقرات الحفل، وهي تعد أول قائد أوركسترا نحاسية في مصر والشرق الأوسط، ، وكذلك المايسترو إيمان الجنيدي التي قادت أروكسترا ضخمة ضمت أكثر من 120 عازفا وكورالا في جزء من الأداء الموسيقي، وهي تعتبر أول سيدة تعمل كقائد أوركسترا قي صعيد مصر، قدمتا نموذجا مضيئا للمرأة المصرية، ووجودهما لم يكن مجرد تمثيل جندري، بل إعلان رمزي عن إعادة تموضع المرأة المصرية كمركز في الفعل الثقافي المصري.
2ـ مشاركة المرأة المصرية التي حققت نجاحا عالميا:
حرصت مصر على أن تحتفي ببناتها في الخارج اللاتي حققن وجودا عالميا لافتا، في إشارة واضحة إلى أن التميز الحضاري القديم له امتداده في الحاضر، فأبناء وبنات مصر يقدمن للعالم نجاحات كبيرة ومبهرة، فهم وهن حفيدات توت عنخ آمون ورمسيس الثاني وحتشبسوت وماعت وإيزيس وغيرهم وغيرهن من ملوك وملكات مصر العظام، فتألقت السوبرانو العالمية ومغنية الأوبرا شيرين أحمد طارق، ودورها الرئيس في الحفل، وكذلك عازفتان موسيقيتان هما أميرة أبو زهرة وومريم أبو زهرة، عازفتا كمان وفيولا ، وحفيدتان للفنان المصري الكبير عبد الرحمن أبو زهرة يدل على تميز المرأة المصرية في كل مراحل عمرها. أما وجود الرياضيتان العالميتان : فريدة عثمان اللاعبة الأولمبية وبطل فريق السباح المصري و الملقبة بالـ " السمكة الذهبية" و فريال أشرف بطلة الكاراتيه وصاحبة الميدالية الذهبية في أولمبياد طوكيو 2020، مما يشير إلى اعتزاز مصر بأبنائها وبناتها.
كذلك شاركت الفنانات شريهان ومنى زكي وهدى المفتي وسلمى أبو ضيف، كما تألقت الممثلة الشابة ياسمينا العبد التي ألقت كلمة قصيرة ومكثفة، لكنها تعبر عن روح الحضارة المصرية.
المرأة هنا ليست زينة للمشهد، بل فاعلة ومنتجة للمعنى — تقود، تفسّر، وتعبّر.
3ـ التنوع الثقافي المصري، فقد تضمن الحفل استعراض نوبي، كرسالة سياسية واجتماعية عن اعتزاز مصر بمكونتها الثقافية، وكذلك استعراض صوفي مولوي؛ مما يجسد التعددية للهويات الثقافية المصرية.
إدماج هذين العنصرين في احتفال وطني واحد يوصل رسالة مفادها أن مصر الحديثة لا تنكر تنوعها، بل تؤسسه كقيمة.
إنه استحضار لروح "الوحدة في التعدد"، وهي فكرة محورية في الفلسفة الثقافية المصرية عبر العصور.

4ـ الغناء الأوبرالي والموسيقى الكلاسيكية:

اختيار الغناء الأوبرالي والموسيقى الكلاسيكية في احتفال بكنز حضاري مصري قديم، يشي بتحوّل في لغة الخطاب الثقافي الرسمي نحو العالمية. الأوبرا والموسيقى السيمفونية تمثلان "لغة الثقافة الكونية"، ومن ثم فهي ترمز إلى تحديث الصورة المصرية أمام العالم:
مصر ليست فقط مهد الحضارات القديمة، بل أيضًا شريك فاعل في الحضارة الحديثة.
5ـ الوجوه الشابة وأبطال الرياضة والفن:

ظهور الوجوه الشابة** في الحفل (من فنانين ورياضيين) هو استدعاء لرمزية الاستمرارية والتجدد.
إنه تأكيد على أن المتحف، رغم احتضانه الماضي، هو مشروع للمستقبل.
المتحف لا يُفتتح ليُغلق على ذاكرة حجرية، بل ليكون فضاءً يربط بين أجيال — من بناة الأهرام إلى أبطال الأولمبياد، من النحات المصري القديم إلى الرياضي الأولمبي في الخماسي أحمد الجندي.
بهذا يصبح الحفل "تجسيدًا دراميًا لفكرة "الزمن المصري" لا ينقطع.
6. البنية الثقافية العامة للحفل:
يمكن قراءة الحفل بوصفه مشهداً من التفاوض بين التراث والحداثة:
ـ التراث ممثلاً في الرموز المصرية القديمة، النوبة، والمولوية.
ـ الحداثة ممثلة في الأوبرا، الأوركسترا، الإخراج الرقمي الحديث.
وهذا التلاقي بين الأصالة والتجديد يعيد إنتاج الهوية المصرية بوصفها هوية متعددة الطبقات— لا تنغلق على الماضي ولا تذوب في الحاضر، بل تحاول أن تصوغ معادلتها الخاصة في الجمال والسلطة الثقافية.
الرسالة الثقافية الكبرى في هذا الحفل هي أن مصر تعيد سرد نفسها:
امرأة تقود، وأجيال تتلاقى، وتراث يحتفي بتعدده، وصوت فني يطمح للعالمية.
إنها محاولة لإعادة كتابة المشهد الرمزي لمصر الحديثة— بلد لا يعيش على أطلال الماضي، بل يحوّل ذاكرته إلى طاقة ثقافية تؤسس للمستقبل.



#هويدا_صالح (هاشتاغ)       Howaida_Saleh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كارثة طبيعية: حين يتحوّل الحلم إلى عبء
- المتحف المصري الكبير بين الأصالة الكونية والهوية المعولمة
- صحف عالمية: المتحف المصري الكبير هو الحدث الثقافي العالمي ال ...
- الهرم القيمي والتربية في بردية إنسنجر: من حكمة المصري القديم ...
- دراسات ما بعد الاستعمار ودحض دعوات الأفروسنتريك
- رائدات بين الظل والنور: إيفا حبيب المصري.. تقاطعات نسوية في ...
- رائدات بين الظل والنور.. عميدة الصحفيات المصريات، و-ثورة في ...
- رائدات بين الظل والنور: شريفة رياض(7) مواجهة الاستعمار والمس ...
- رائدات بين الظل والنور.. إحسان القوصي(8) و- المرأة والمجتمع-
- رائدات بين الظل والنور ماري كحيل(6) رائدة العمل النسوي والحو ...
- رائدات في الظل والنور..إستر فانوس شعلة التنوير (5).
- رائدات بين الظل والنور: حواء إدريس(4)
- رائدات بين الظل والنور: لطفية النادي رائدة الطيران المصري(3)
- -رائدات في الظل والنور: سردية مصرية( 1) نبوية موسى الرائدة ا ...
- رائدات في الظل والنور ..(2) سيزا النبراوي صوت المرأة في زمن ...
- -رائدات في الظل والنور: سردية مصرية 1 (نبوية موسى)
- ملامح قصيدة ما بعد الحداثة في ديوان- كل هذا الدفء في عيني مر ...
- الذكاء الاصطناعي والحالة الإنسانية
- تأثير التكنولوجيا على التعليم: بين الثورة والتحديات
- في الرد على مغالطات برنامج -الدحيح-، حلقة - نهاية الفراعنة-


المزيد.....




- النسيان على الشاشة.. كيف صوّرت السينما مرض ألزهايمر؟
- وفاة فنان عراقي في أستراليا
- رحيل الفنانة بيونة.. الجزائر تودع -ملكة الكوميديا- عن 73 عام ...
- معجم الدوحة التاريخي.. لحظة القبض على عقل العربية
- الرئيس تبون يعزي بوفاة الفنانة الجزائرية باية بوزار المعروفة ...
- رحيل الفنانة الجزائرية باية بوزار المعروفة باسم -بيونة- عن ع ...
- وفاة أسطورة السينما الهندية.. دارمندرا
- موسيقى وشخصيات كرتونية.. محاولات لمداواة جراح أطفال السودان ...
- مسرحي تونسي: المسرح اجتماعي وتحرري ومقاوم بالضرورة
- الفنانة تيفين تتعرض لموجة كراهية وتحرش لمشاركتها في نقاش عن ...


المزيد.....

- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هويدا صالح - رسائل ثقافية من حفل افتتاح المتحف المصري الكبير