أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هويدا صالح - رائدات بين الظل والنور.. إحسان القوصي(8) و- المرأة والمجتمع-














المزيد.....

رائدات بين الظل والنور.. إحسان القوصي(8) و- المرأة والمجتمع-


هويدا صالح
روائية ومترجمة وأكاديمية مصرية

(Howaida Saleh)


الحوار المتمدن-العدد: 8495 - 2025 / 10 / 14 - 09:42
المحور: الادب والفن
    


رائدات بين الظل والنور.. إحسان القوصي(8) و" المرأة والمجتمع"
في سجل الحركة النسوية المصرية، برزت أسماء لامعة حملن مشعل النهضة ودافعن عن حق المرأة في التعليم والمشاركة المجتمعية، متحديات قيود العصر. ورغم أن التاريخ حفظ لنا أسماء مثل هدى شعراوي ونبوية موسى وسيزا النبراوي، فإن هناك رائدات أخريات ظللن في الظل، لم تنل إنجازاتهن حظاً من التقدير أو الذكر.

ومن بين هؤلاء المناضلات المجهولات، تطل علينا السيدة إحسان أحمد القوصي، التي ولدت عام 1900 في مدينة القوصية بمحافظة أسيوط، في كنف أسرة مستنيرة آمنت بقيمة العلم والتعليم إيماناً راسخاً. في زمنٍ كانت فيه مشاركة المرأة في الشأن العام مقيدةً اجتماعياً، وقفت عائلتها سداً منيعاً أمام هذه القيود، ولم يكن هذا غريبا على أسرة عرفت قيمة المعرفة، فحين أراد والدها أن ينقل مكتبته الثمينة من أسيوط إلى القاهرة على متن مراكب النيل، في رحلة رمزية تحمل دلالة العمق الثقافي والإصرار على متابعة المسيرة التنويرية.

هكذا تشكلت شخصية إحسان القوصي، التي جمعت بين الفكر والسياسة والاجتماع، وساهمت بصمتٍ في تشكيل وعي نسوي رصين، لتكون بحق إحدى رائدات الحركة النسوية التي يستحق اسمهن أن يُكتب بماء الذهب.

في سن مبكرة، انخرطت إحسان في الأنشطة الوطنية. خلال ثورة 1919، شاركت في المظاهرات النسائية التي قادتها هدى شعراوي، حيث كانت إحسان واحدة من العضوات البارزات في لجنة الوفد المركزية للسيدات، إلى جانب فكرية حسنى وإستر ويصا وجميلة عطية. كانت هذه المشاركة خطوة جريئة، إذ خرجت النساء إلى الشوارع مرددات شعارات ضد الاحتلال، مما يعكس وعيها السياسي المبكر ودورها في ربط القضية الوطنية بحقوق المرأة.

حصلت إحسان القوصي على الدكتوراه في المملكة المتحدة بفضل إيمانها بقيمة التعليم والمعرفة وبفضل دعم أسرتها وتشجيعها على رحلة تعليمها من مصر لإنجلترا.
ترجمت إحسان كتاب "الديمقراطية والتربية" لجون ديوي إلى العربية عام 1928، وهو عمل يعكس اهتمامها بالفلسفة التربوية الحديثة. كما ألفت كتباً مثل "الرسالة"، "تطور الأسرة المصرية"، و"مؤتمر التربية الدولي السابع"، مما ساهم في نشر أفكار تقدمية حول التعليم والأسرة في المجتمع المصري. كما قدمت القوصي العديد من المؤلفات التي تعتبر مرجعًا هامًا في دراسة الحركة النسوية المصرية، ومن أهم كتبها كتاب" المرأة المجتمع" الذي حللت فيه بعمق قضايا المرأة في سياق المجتمع العربي.
عادت إحسان إلى مصر بعد تخرجها لتبدأ مسيرة مهنية مزدحمة في مجال التعليم والعمل الاجتماعي. شغلت منصب مديرة مدرسة ثانوية لمدة عام، ثم مديرة مدرسة ابتدائية في الإسكندرية لثلاث سنوات، وألقت محاضرات في المواد الاجتماعية والتاريخ والأخلاقيات في المدارس الثانوية لثماني سنوات. عام 1953، أصبحت عميدة معهد البنات العالي للعمل الاجتماعي، حيث ساهمت في تدريب جيل جديد من النساء على الخدمة الاجتماعية.
كما كانت إحسان رائدة في الحركة النسوية، حيث ساهمت في تأسيس الاتحاد النسوي المصري عام 1923، حيث ركزت جهودها على حقوق المعلمات المتزوجات، إعادة تأهيل العاهرات، والحقوق السياسية للمرأة. كما أسست منظمة الطالبات النساء وشغلت منصب أمينة الاتحاد النسائي، وكانت عضواً في مجالس إدارة جمعية رعاية الطفل في المعادي ودار الأطفال المشاغبين.
ألقت محاضرات عديدة حول حقوق المرأة، بما في ذلك محاضرة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، حيث دعت إلى تحسين مكانة المرأة وفتح الأبواب أمام الجيل الجديد. وللتأثير الكبير الذي تركته محاضرتها الأولى في الجامعة الأمريكية بالقاهرة دعتها الجامعة لإلقاء محاضرات متتابعة لمناقشة وضعيات النساء في ظل ثقافة لم تكن تؤمن بحقوقهن السياسية والاجتماعية.

تركت إحسان القوصي إرثاً دائماً في التعليم والنسوية المصرية. كانت رمزاً للنساء اللواتي تحدين التقاليد، وساهمت في تطوير الوعي النسوي من خلال أعمالها الأكاديمية والناشطة. على الرغم من أن اسمها لم يحظَ بالشهرة الواسعة مثل بعض معاصراتها، إلا أن دورها في الثورة والمنظمات النسوية جعلها أحد أعمدة الحركة. توفيت إحسان في وقت لاحق، لكن إسهاماتها لا تزال تلهم النساء المصريات في سعيهن للمساواة والتعليم.
شغلت القوصي مناصب هامة، مثل عضوية مجلس الشعب المصري، واستغلت موقعها للدفاع عن قضايا المرأة وسن قوانين تدعم حقوقها. كما أنها شاركت بفاعلية في المؤتمرات الدولية والمحلية، وكانت صوتًا قويًا يعبر عن طموحات المرأة المصرية.
إحسان القوصي ليست مجرد شخصية تاريخية، بل نموذج للنضال النسوي الذي جمع بين التعليم والسياسة. في عصر يشهد تقدماً في حقوق المرأة، يظل إرثها تذكيراً بأهمية الجهود الجماعية لتحقيق التغيير. كباحث، أرى في سيرتها دليلاً على أن الرائدات مثلها كنّ قوة دافعة للنهضة المصرية، ويجب الحفاظ على ذكراهن لتعزيز المساواة في المستقبل.



#هويدا_صالح (هاشتاغ)       Howaida_Saleh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رائدات بين الظل والنور ماري كحيل(6) رائدة العمل النسوي والحو ...
- رائدات في الظل والنور..إستر فانوس شعلة التنوير (5).
- رائدات بين الظل والنور: حواء إدريس(4)
- رائدات بين الظل والنور: لطفية النادي رائدة الطيران المصري(3)
- -رائدات في الظل والنور: سردية مصرية( 1) نبوية موسى الرائدة ا ...
- رائدات في الظل والنور ..(2) سيزا النبراوي صوت المرأة في زمن ...
- -رائدات في الظل والنور: سردية مصرية 1 (نبوية موسى)
- ملامح قصيدة ما بعد الحداثة في ديوان- كل هذا الدفء في عيني مر ...
- الذكاء الاصطناعي والحالة الإنسانية
- تأثير التكنولوجيا على التعليم: بين الثورة والتحديات
- في الرد على مغالطات برنامج -الدحيح-، حلقة - نهاية الفراعنة-
- إشكالية الدين والسياسة في فلسفة ابن رشد
- تأسيس جماليات عربية جديدة: قراءة في تجاوز المركزيات الغربية
- النسق الثقافي بين بيير بورديو وإدوارد سعيد وعبد الله الغذامي
- -يوم آخر للقتل- من حكايات الجنيات إلى منصات السوشيال ميديا
- توظيف ثقافة الشعر في التصميمات الإبداعية البصرية
- تمثلات التكنولوجيا وجماليات العتبات النصية في -راوتر شيخ الب ...
- **الرواية ما بعد الحداثية: الجماليات والأساليب السردية
- اللغة والفكر: ملاحظات نقدية على -قلق الجندر- لجوديث بتلر
- جوليا كريستيفا: رائدة نسوية وفيلسوفة تتحدى جميع الأنساق الثق ...


المزيد.....




- جنوب السودان وطقوس الاستسقاء.. عندما يكون الجفاف موازيا للإع ...
- توفيق عبد المجيد سيرة مناضل لم يساوم!
- السينما في مواجهة الخوارزميات.. المخرجون يتمردون على قوانين ...
- موسكو تستعد لاستضافة أول حفل لتوزيع جوائز -الفراشة الماسية- ...
- مهرجان الجونة السينمائي 2025.. إبداع عربي ورسالة إنسانية من ...
- تنزانيا.. تضارب الروايات حول مصير السفير بوليبولي بعد اختطاف ...
- باقة متنوعة من الأفلام الطويلة والقصص الملهمة في مهرجان الدو ...
- حريق دمر ديرا تاريخيا في إيطاليا وإجلاء 22 راهبة
- الإعلان عن 11 فيلما عربيا قصيرا تتنافس في مهرجان البحر الأحم ...
- هنا يمكن للمهاجرين العاملين في الرعاية الصحية تعلم اللغة الس ...


المزيد.....

- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هويدا صالح - رائدات بين الظل والنور.. إحسان القوصي(8) و- المرأة والمجتمع-