أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هويدا صالح - رائدات بين الظل والنور: لطفية النادي رائدة الطيران المصري(3)














المزيد.....

رائدات بين الظل والنور: لطفية النادي رائدة الطيران المصري(3)


هويدا صالح
روائية ومترجمة وأكاديمية مصرية

(Howaida Saleh)


الحوار المتمدن-العدد: 8436 - 2025 / 8 / 16 - 09:24
المحور: الادب والفن
    


رائدات بين الظل والنور: لطفية النادي رائدة الطيران المصري
في صفحات التاريخ، غالبًا ما تتوارى قصص النساء الرائدات خلف ستار من التهميش، خاصة في المجتمعات التي هيمنت عليها الثقافة الذكورية لقرون طويلة. بدايات النهضة المصرية، رغم ما حملته من آمال التحديث والتنوير، كانت لا تزال أسيرة لأطر اجتماعية تضع المرأة في خانة ثانوية، محصورة أدوارها في فضاءات محددة سلفًا. في هذا السياق، لم يكن مجرد الظهور العلني للمرأة بالأمر الهين، فكيف الحال بمن تجرأت على كسر طوق المنع الذكوري، واقتحمت مجالات كانت حكرًا على الرجال، لتضيء دروبًا جديدة للأجيال القادمة؟
إن الحديث عن رائدات مصريات بين الظل والنور ليس مجرد سرد لسير ذاتية، بل هو استعادة لذاكرة مجتمع حاول أن يطمس إسهامات نصفه الآخر. إنه تسليط الضوء على نساء لم يكتفين بالحلم، بل حولنه إلى واقع ملموس، متحديات بذلك الأعراف والتقاليد التي كانت تقف حجر عثرة في طريق طموحاتهن. هؤلاء الرائدات لم يكن مجرد استثناءات عابرة، بل كن شرارات أضاءت فجرًا جديدًا، ممهدات الطريق أمام أجيال من النساء للمطالبة بحقوقهن، والمشاركة الفاعلة في بناء الوطن.
لقد كانت الثقافة الذكورية السائدة تفرض قيودًا صارمة على تعليم المرأة وعملها ومشاركتها في الحياة العامة. كان يُنظر إلى طموح المرأة خارج إطار الأسرة على أنه خروج عن المألوف، بل وتحدٍ لسلطة الرجل. وفي خضم هذه الأجواء، برزت نساء آمنّ بقدراتهن، ورفضن الاستسلام للواقع المفروض. لقد دفعن ثمنًا باهظًا في كثير من الأحيان، من معارضة الأهل والمجتمع، إلى التشكيك في قدراتهن، لكن إصرارهن وعزيمتهن كانا أقوى من كل تلك التحديات.
في هذه السلسلة، نسعى إلى إخراج هذه القصص من غياهب النسيان، ووضعها في مكانها الصحيح ضمن السردية التاريخية للنهضة المصرية. إن كل رائدة من هؤلاء لم تكن مجرد فرد يحقق إنجازًا شخصيًا، بل كانت تمثل صوتًا جماعيًا لنساء كثيرات حلمن بالتحرر والمساواة. قصصهن هي شهادة على قوة الروح الإنسانية، وقدرتها على التغلب على أعتى الصعاب، وإلهام للأجيال الحالية والمستقبلية بأن الأحلام لا تعرف المستحيل، وأن النور دائمًا ما يشق طريقه حتى من أعمق الظلال.
ميلاد حلم الطيران
ولدت لطفية النادي في القاهرة عام 1907، في زمن كانت فيه أحلام الفتيات مقيدة بحدود المنزل والمجتمع. لكن لطفية، منذ نعومة أظفارها، كانت تحمل في قلبها شغفًا مختلفًا، حلمًا بالتحليق في السماء. كان والدها، الذي يعمل في المطبعة الأميرية، يرى أن تعليم الفتيات يجب أن يقتصر على ما يؤهلهن للحياة الأسرية، لكن إصرار لطفية كان أقوى من أي معارضة. التحقت بالتعليم النظامي، وهو أمر لم يكن شائعًا للفتيات في ذلك الوقت، مما يدل على روحها التواقة للمعرفة والتميز.
إنجاز تاريخي يغير وجه السماء
في عام 1933، وبعد تدريب مكثف استمر 67 يومًا فقط، حققت لطفية النادي حلمها الكبير. حصلت على رخصة الطيران، لتصبح بذلك أول امرأة مصرية، وأول امرأة عربية، وأول امرأة أفريقية تنال هذا الشرف. لم يكن هذا الإنجاز مجرد رخصة طيران، بل كان إعلانًا عن قدرة المرأة على اقتحام أصعب المجالات، وتحدي كل التوقعات. كان رقم رخصتها 34، مما يشير إلى أنها كانت من أوائل من تخرجوا في هذا المجال، ليس فقط على مستوى مصر بل على مستوى المنطقة بأسرها.
رحلات ملهمة وكتابات رائدة
لم تكتفِ لطفية النادي بالحصول على الرخصة، بل انطلقت في رحلات جوية عديدة، لتثبت جدارتها ومهارتها في قيادة الطائرات. من أبرز إنجازاتها قيادتها لطائرة بمفردها بين القاهرة والإسكندرية، لتكون أول امرأة تقوم بهذه الرحلة التاريخية. كانت كل رحلة تقوم بها لطفية بمثابة رسالة قوية للمجتمع، تؤكد أن السماء ليست حكرًا على الرجال. إلى جانب شغفها بالطيران، كانت لطفية كاتبة موهوبة، حيث وثقت تجربتها الفريدة في مقالات نشرتها في الصحف والمجلات، لتلهم الأجيال القادمة وتترك إرثًا فكريًا لا يقل أهمية عن إرثها في مجال الطيران.
إرث خالد
عاشت لطفية النادي حياة حافلة بالإنجازات والتحديات، وتوفيت عام 2002 عن عمر يناهز 95 عامًا، بعد أن شهدت كيف تغير العالم بفضل رائدات مثلها. لم تتزوج لطفية قط، وعاشت جزءًا كبيرًا من حياتها في سويسرا حيث منحت الجنسية السويسرية تكريمًا لها. تظل لطفية النادي رمزًا للتحدي والإصرار، ومنارة تضيء درب كل امرأة تطمح إلى تحقيق أحلامها، مهما بدت مستحيلة. قصتها ليست مجرد سيرة ذاتية لطيارة، بل هي قصة إنسانية عن الشجاعة والإيمان بالذات، وعن قدرة الفرد على تغيير مسار التاريخ.



#هويدا_صالح (هاشتاغ)       Howaida_Saleh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -رائدات في الظل والنور: سردية مصرية( 1) نبوية موسى الرائدة ا ...
- رائدات في الظل والنور ..(2) سيزا النبراوي صوت المرأة في زمن ...
- -رائدات في الظل والنور: سردية مصرية 1 (نبوية موسى)
- ملامح قصيدة ما بعد الحداثة في ديوان- كل هذا الدفء في عيني مر ...
- الذكاء الاصطناعي والحالة الإنسانية
- تأثير التكنولوجيا على التعليم: بين الثورة والتحديات
- في الرد على مغالطات برنامج -الدحيح-، حلقة - نهاية الفراعنة-
- إشكالية الدين والسياسة في فلسفة ابن رشد
- تأسيس جماليات عربية جديدة: قراءة في تجاوز المركزيات الغربية
- النسق الثقافي بين بيير بورديو وإدوارد سعيد وعبد الله الغذامي
- -يوم آخر للقتل- من حكايات الجنيات إلى منصات السوشيال ميديا
- توظيف ثقافة الشعر في التصميمات الإبداعية البصرية
- تمثلات التكنولوجيا وجماليات العتبات النصية في -راوتر شيخ الب ...
- **الرواية ما بعد الحداثية: الجماليات والأساليب السردية
- اللغة والفكر: ملاحظات نقدية على -قلق الجندر- لجوديث بتلر
- جوليا كريستيفا: رائدة نسوية وفيلسوفة تتحدى جميع الأنساق الثق ...
- ال -nonfiction- من المذكرات والسير إلى البودكاست
- فلسفة الجسد في المسرح التجريبي
- الرواية والذكاء الاصطناعي: تحولات في الأدب والأساليب السردية ...
- الذكاء الاصطناعي وما بعد الإنسانية في الرواية


المزيد.....




- يمكنك التحدّث لا الغناء.. المشي السريع مفتاح لطول العمر
- هل يسهل الذكاء الاصطناعي دبلجة الأفلام والمسلسلات التلفزيوني ...
- فيلم جديد يرصد رحلة شنيد أوكونور واحتجاجاتها الجريئة
- وثائقي -لن نصمت-.. مقاومة تجارة السلاح البريطانية مع إسرائيل ...
- رحلة الأدب الفلسطيني: تحولات الخطاب والهوية بين الذاكرة والم ...
- ملتقى عالمي للغة العربية في معرض إسطنبول للكتاب على ضفاف الب ...
- لأول مرة في الشرق الأوسط: مهرجان -موسكو سيزونز- يصل إلى الكو ...
- شاهين تتسلم أوراق اعتماد رئيسة الممثلية الألمانية الجديدة لد ...
- الموسيقى.. ذراع المقاومة الإريترية وحنجرة الثورة
- فنانون يتضامنون مع حياة الفهد في أزمتها الصحية برسائل مؤثرة ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هويدا صالح - رائدات بين الظل والنور: لطفية النادي رائدة الطيران المصري(3)