أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هويدا صالح - رائدات بين الظل والنور: شريفة رياض(7) مواجهة الاستعمار والمساهمة في الاتحاد النسائي المصري














المزيد.....

رائدات بين الظل والنور: شريفة رياض(7) مواجهة الاستعمار والمساهمة في الاتحاد النسائي المصري


هويدا صالح
روائية ومترجمة وأكاديمية مصرية

(Howaida Saleh)


الحوار المتمدن-العدد: 8495 - 2025 / 10 / 14 - 09:43
المحور: الادب والفن
    


على هامش التاريخ: نساء مصريات رائدات لم ينلن حظهن من الشهرة:
في قلب ثورة 1919، وبينما كانت البلاد تموج بالغضب ضد الاحتلال البريطاني، برزت سيدة أرستقراطية لتتحدى المعتمد البريطاني "وينجت" في عقر داره، وتطالبه بالإفراج عن سعد زغلول ورفاقه. لم تكن هذه السيدة سوى شريفة رياض، التي لم تكتفِ بهذه المواجهة الجريئة، بل قادت أول مظاهرة نسائية في تاريخ مصر ضد الاحتلال، ونظمت أول إضراب لعمال النظافة في البلاد. ورغم هذا الدور النضالي المحوري، نادرًا ما نجد اسمها يُذكر بنفس القدر الذي تُذكر به رفيقات دربها. قصة شريفة رياض هي المثال الصارخ على تلك الأدوار العظيمة التي كادت أن تضيع في زحام الأحداث الكبرى.
فعندما يُذكر تاريخ الحركة النسوية والنضال الوطني في مصر، تتبادر إلى الأذهان فورًا أسماء لامعة مثل هدى شعراوي، وصفية زغلول، وسيزا نبراوي. هنّ بطلات حفرن أسماءهن بحروف من نور في سجلات التاريخ، واستحققن عن جدارة كل تقدير وإشادة. لكن التاريخ، كأي راوٍ، قد يركز أحيانًا على أبطال الصف الأول، بينما يترك في الظل شخصيات أخرى لا تقل عنهم بطولة أو تأثيرًا، نساء كنّ بمثابة التروس الصامتة التي حركت عجلة التغيير، لكن ضجيج المعارك الكبرى طغى على أصواتهن.
هذا المقال هو محاولة لإنصاف بعض هؤلاء الرائدات المنسيات؛ نساء اقتحمن مجالات شائكة، وأسسن لمبادرات جريئة، ودفعن أثمانًا باهظة من أجل قناعاتهن، لكن قصصهن بقيت على هامش السردية الرسمية. من المحامية التي وقفت في وجه المحاكم العسكرية، إلى الأديبة التي أسست جمعية أهلية في صمت، مرورًا بالمنتجة المسرحية التي تحدت هيمنة الرجال على خشبة المسرح. هؤلاء لسن مجرد أسماء في قائمة، بل هن فصول مفقودة من حكاية كفاح المرأة المصرية، حان الوقت لنعيد قراءتها وتقديرها.
شريفة رياض: الشرارة المنسية لثورة النساء في مصر:

من الصالونات إلى الشوارع: سيدة مجتمع تقود النضال**

لم تكن شريفة رياض شخصية هامشية في مجتمعها؛ فهي ابنة الأميرالاي محمود باشا سامي، وزوجة يوسف باشا رياض، نجل رئيس الوزراء الأسبق مصطفى رياض باشا. كان من المتوقع لسيدة في مكانتها أن يقتصر دورها على إدارة منزلها واستضافة الصالونات الثقافية والاجتماعية. لكن روحها الوطنية ورفضها للاحتلال دفعاها إلى الخروج من هذا القالب الآمن إلى ساحة المواجهة المباشرة مع أقوى سلطة في البلاد.

مع اندلاع شرارة ثورة 1919 واعتقال قادتها، تحركت شريفة رياض بسرعة وبشجاعة لافتة. فبينما كانت هدى شعراوي وغيرها من السيدات يجمعن التوقيعات على العرائض والاحتجاجات، رأت شريفة أن الوقت يتطلب تحركًا أكثر جرأة. قامت بتنظيم وتسيير أول مظاهرة نسائية في تاريخ مصر الحديث يوم 16 مارس 1919. لم تكن مجرد مسيرة صامتة، بل كانت تحديًا مباشرًا لأوامر الاحتلال التي حظرت التجمعات، وقد سقطت فيها أول شهيدتين في الثورة، حميدة خليل وشفيقة محمد.

مواجهة في وجه المعتمد البريطاني:

تُعد واقعة مواجهتها للمعتمد البريطاني اللورد "وينجت" من أبرز مواقفها وأكثرها دلالة على شخصيتها الفولاذية. فبعد أن فشلت جهود الرجال في إقناع السلطات البريطانية بالإفراج عن الوفد، قررت شريفة رياض، بصفتها رئيسة "لجنة السيدات الوفدية" التي شاركت في تأسيسها مع هدى شعراوي، أن تأخذ زمام المبادرة. توجهت على رأس وفد من السيدات إلى مقر المعتمد البريطاني، ووقفت أمامه بصلابة تطالبه بالإفراج الفوري عن المعتقلين. كانت هذه الخطوة، في ذلك العصر، بمثابة كسر لكل الأعراف والتقاليد، وتحديًا مباشرًا لهيبة الاحتلال الذي لم يكن يتوقع مثل هذه الجرأة من سيدة مصرية.

قيادة أول إضراب عمالي:

لم يقتصر نضال شريفة رياض على السياسة فقط، بل امتد ليشمل العدالة الاجتماعية. في خطوة سبقت عصرها، أدركت أهمية الضغط على السلطات من خلال شل الخدمات الأساسية. فقامت بتنظيم وتعبئة عمال النظافة (الكناسين) في القاهرة للدخول في أول إضراب عمالي منظم من نوعه. كان هدفها هو إحراج سلطات الاحتلال وإظهار قدرة المصريين، رجالًا ونساءً، على تنظيم صفوفهم وتعطيل الحياة اليومية، مما شكل ضغطًا شعبيًا واقتصاديًا هائلاً.

الغياب عن المشهد والذاكرة:

على الرغم من هذا الدور الريادي والمحوري، بدأ اسم شريفة رياض في التلاشي تدريجيًا من المشهد العام. فبعد عودة الوفد من المنفى، ومع تبلور الأدوار السياسية بشكل رسمي، بدأ التركيز الإعلامي والتاريخي ينصب على شخصيات أخرى مثل هدى شعراوي، التي واصلت مسيرتها في تأسيس الاتحاد النسائي والسفر للمؤتمرات الدولية.

في المقابل، يبدو أن شريفة رياض قد اختارت أن تبتعد عن الأضواء بعد أن أدت دورها الوطني في أحلك الظروف. وفي عام 1936، وبعد أن فُجعت بوفاة ابنتها، اعتزلت العمل العام بشكل شبه كامل، لتعيش بقية حياتها بعيدًا عن الصخب السياسي الذي كانت يومًا ما إحدى أبرز صانعاته. هذا الابتعاد الطوعي، بالإضافة إلى تركيز المؤرخين على المسار الليبرالي للحركة النسوية، ساهما معًا في بقاء قصة شريفة رياض على هامش التاريخ، كشعلة أضاءت الطريق في أصعب الأوقات ثم خبت بهدوء.

إن إعادة اكتشاف قصة شريفة رياض ليس مجرد تصحيح لخطأ تاريخي، بل هو تأكيد على أن النضال من أجل الوطن والحرية كان له وجوه وأشكال متعددة، وأن خلف كل قائد شهير، هناك جنود مجهولون وشخصيات جريئة قامت بأدوار لا تقل أهمية، وتستحق أن تُروى قصصهم وتُخلّد ذكراهم.



#هويدا_صالح (هاشتاغ)       Howaida_Saleh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رائدات بين الظل والنور.. إحسان القوصي(8) و- المرأة والمجتمع-
- رائدات بين الظل والنور ماري كحيل(6) رائدة العمل النسوي والحو ...
- رائدات في الظل والنور..إستر فانوس شعلة التنوير (5).
- رائدات بين الظل والنور: حواء إدريس(4)
- رائدات بين الظل والنور: لطفية النادي رائدة الطيران المصري(3)
- -رائدات في الظل والنور: سردية مصرية( 1) نبوية موسى الرائدة ا ...
- رائدات في الظل والنور ..(2) سيزا النبراوي صوت المرأة في زمن ...
- -رائدات في الظل والنور: سردية مصرية 1 (نبوية موسى)
- ملامح قصيدة ما بعد الحداثة في ديوان- كل هذا الدفء في عيني مر ...
- الذكاء الاصطناعي والحالة الإنسانية
- تأثير التكنولوجيا على التعليم: بين الثورة والتحديات
- في الرد على مغالطات برنامج -الدحيح-، حلقة - نهاية الفراعنة-
- إشكالية الدين والسياسة في فلسفة ابن رشد
- تأسيس جماليات عربية جديدة: قراءة في تجاوز المركزيات الغربية
- النسق الثقافي بين بيير بورديو وإدوارد سعيد وعبد الله الغذامي
- -يوم آخر للقتل- من حكايات الجنيات إلى منصات السوشيال ميديا
- توظيف ثقافة الشعر في التصميمات الإبداعية البصرية
- تمثلات التكنولوجيا وجماليات العتبات النصية في -راوتر شيخ الب ...
- **الرواية ما بعد الحداثية: الجماليات والأساليب السردية
- اللغة والفكر: ملاحظات نقدية على -قلق الجندر- لجوديث بتلر


المزيد.....




- جنوب السودان وطقوس الاستسقاء.. عندما يكون الجفاف موازيا للإع ...
- توفيق عبد المجيد سيرة مناضل لم يساوم!
- السينما في مواجهة الخوارزميات.. المخرجون يتمردون على قوانين ...
- موسكو تستعد لاستضافة أول حفل لتوزيع جوائز -الفراشة الماسية- ...
- مهرجان الجونة السينمائي 2025.. إبداع عربي ورسالة إنسانية من ...
- تنزانيا.. تضارب الروايات حول مصير السفير بوليبولي بعد اختطاف ...
- باقة متنوعة من الأفلام الطويلة والقصص الملهمة في مهرجان الدو ...
- حريق دمر ديرا تاريخيا في إيطاليا وإجلاء 22 راهبة
- الإعلان عن 11 فيلما عربيا قصيرا تتنافس في مهرجان البحر الأحم ...
- هنا يمكن للمهاجرين العاملين في الرعاية الصحية تعلم اللغة الس ...


المزيد.....

- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هويدا صالح - رائدات بين الظل والنور: شريفة رياض(7) مواجهة الاستعمار والمساهمة في الاتحاد النسائي المصري