أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن صاحب - لماذا -أوراق بيضاء-... تؤسّس برنامج الحكومة المقبلة؟؟!















المزيد.....

لماذا -أوراق بيضاء-... تؤسّس برنامج الحكومة المقبلة؟؟!


مازن صاحب

الحوار المتمدن-العدد: 8532 - 2025 / 11 / 20 - 18:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تأتِ نتائج الانتخابات البرلمانية لعام 2025 بمتغيرات جوهرية، إذ ما تزال التعقيدات السياسية والخلافات قائمة. وهذا يستدعي اللجوء إلى مشروع "الإطار الوطني المحايد" بوصفه حلاً عملياً يجسّد نقلة نوعية من منطق المساومات والمحاصصة إلى فضاء الحلول التقنية القائمة على القياس العملي والعلمي للنتائج.
يعتمد هذا المشروع على أداة "الأوراق البيضاء" المثبتة علمياً، التي تقدم تحليلاً للملفات الخلافية وتحولها إلى خيارات استراتيجية قابلة للقياس والتنفيذ. ويُسهم هذا المسار العملي في بناء توافق حقيقي يقوم على الشفافية والمشروعية الدستورية، ويضع الأسس لحكومة مستقرة وفاعلة تلتزم ببرنامج واضح يحظى بثقة البرلمان والمواطن على حدٍّ سواء.
تقوم فكرة "الإطار الوطني المحايد" على الانكفاء في صمت إعلامي وسياسي يتيح المجال كاملاً للجان مُشكَّلة من نواة التحالفات البرلمانية، يتم اختيار أعضائها من تكنوقراط الأحزاب والتيارات. ويترجم كل فريق في "ورقة بيضاء"—وفق المعايير الأكاديمية—وجهات نظر أحزابه وتحالفاته حول تشكيل التحالف البرلماني الأكبر عبر مسودة برنامج حكومي مقترح. وتقدم هذه الأوراق البيضاء تشخيصاً موضوعياً للمشكلات، معتمدةً على بيانات رقمية ومؤشرات قابلة للقياس والتحقق في تصميم البرنامج الحكومي بنموذج الأهداف الذكية (SMART Goals) المتعارف عليه في علوم إدارة المشاريع.
ويتيح هذا النموذج تفكيك الإشكاليات المعقدة إلى عناصرها الأساسية، واستعراض مجموعة من الخيارات الاستراتيجية الممكنة، وإبراز إيجابيات وسلبيات كل منها، مع تقدير التكاليف والآثار المتوقعة. وما يميز هذه الآلية هو قدرتها على تحويل النقاش من جدال إلى حوار حول الخيارات؛ فتتحول المناقشات من دائرة الرأي والانطباع إلى فضاء التحليل والبرهان، بما يكفل العبور من منطق المحاصصة والمساومات إلى ثقافة السياسات المبنية على الأدلة، ويضع أسساً لحكومة أكثر استقراراً وفعالية وبرامج أكثر واقعية وقابلية للتحقق.
ولتحويل مشروع الإطار الوطني من فكرة نظرية إلى واقع عملي، لا بد من آلية تنفيذية دقيقة تبدأ بتشكيل "هيئة وطنية فنية مؤقتة لصياغة البرنامج الحكومي" تتكون من خبراء عراقيين معترف بكفاءتهم، وتعمل بموجب اتفاق سياسي يضمن الشفافية والحياد الكامل. وتبدأ المرحلة العملية بتشخيص دقيق للملفات الخلافية الرئيسية من خلال تحليل البيانات الرسمية ودراسة التقارير الرقابية وعقد جلسات استماع مع الخبراء المتخصصين.
وتليها مرحلة إعداد الأوراق البيضاء، حيث يتم تحليل كل ملف عبر ثلاثة محاور رئيسية:
التحليل الشامل للوضع الراهن باستخدام مؤشرات قابلة للقياس.
عرض الخيارات الاستراتيجية المتاحة مع تحليل تكاليف وفوائد كل منها.
تقديم التوصيات التنفيذية المرفقة بخطط التنفيذ وآليات المتابعة.
ثم تنتقل الآلية إلى مرحلة التوظيف العملي من خلال عقد جلسات إحاطة تقنية للقادة السياسيين تتحول فيها المفاوضات من مساومات سياسية إلى اختيار بين بدائل تقنية واضحة. ويتم تحويل الخيارات المتفق عليها إلى بنود برنامج حكومي قابل للقياس، مع تحديد مؤشرات أداء رئيسية لكل بند ووضع آليات للمساءلة والمحاسبة. وتكتمل الحلقة بنظام متكامل للمتابعة والتقييم يضمن تنفيذ البرنامج وفق المؤشرات المتفق عليها، مع تقديم تقارير دورية للبرلمان والرأي العام، مما يحوّل البرنامج الحكومي من وعود عامة إلى التزامات قابلة للقياس والتحقق.
وفي تطبيق مقترح لهذه المقاربة، يمكن دراسة حالات تمثلها القوانين المختلف عليها، وعلى رأسها قانون النفط والغاز وقانون مجلس الاتحاد، بوصفهما إشكاليتين جوهريتين في البناء السياسي للدولة العراقية، إذ يعكسان صراعاً حول توزيع السلطة والثروة ويؤثران مباشرة على استقرار العملية السياسية وتماسكها.
فقانون النفط والغاز—المجمد منذ أكثر من عقد ونصف—يتعلق بإدارة الثروة الوطنية وطريقة توزيعها بين الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات. ويمثل هذا القانون اختباراً حقيقياً لطبيعة الدولة العراقية، بين المركزية واللامركزية، وبين رؤى مختلفة حول العدالة في توزيع الثروة. وتتمحور الخلافات حول صلاحيات التخطيط والإدارة والتصدير، وآليات تقاسم العائدات، ودور الشركات النفطية الدولية، مما ينعكس مباشرة على الموازنة العامة والتنمية الإقليمية والعلاقة بين مكونات البلاد.
أما قانون مجلس الاتحاد—الغرفة البرلمانية الثانية المنصوص عليها في الدستور—فيتعلق بهيكل السلطة التشريعية وتوازنها. ويدور الخلاف حول صلاحيات المجلس وطريقة تشكيله وتمثيل المكونات فيه، ودوره في المراجعة التشريعية وصياغة السياسات. ويؤدي تأخر إقرار هذا القانون إلى حرمان الدولة من أداة مهمة لتحقيق التوازن والمراجعة في العمل التشريعي، ويسهم في إضعاف النظام السياسي ككل.
وبناءً على ما تقدّم، يطرح السؤال الآتي: ما تحليل المخاطر والفرص في التوظيف العملي للأوراق البيضاء في المفاوضات البرلمانية لتشكيل الحكومة وبرنامجها المقبل؟
تحليل المخاطر والفرص
نقاط القوة:
تمتاز هذه الآلية بتقديم حل عملي للخروج من الجمود السياسي عبر تحويل النقاش من الصراعات الشخصية إلى الحلول التقنية. كما تعتمد على الشفافية والبيانات الموضوعية، مما يعزز مصداقية العملية التفاوضية، ويوفر الوقت والجهد عبر تقديم خيارات مجرّبة، ويُقلِّل من حدة الخلافات بإزالة الطابع الشخصي عنها، مع إمكانية وضع مؤشرات أداء واضحة لمتابعة تنفيذ البرنامج الحكومي لاحقاً.
نقاط الضعف:
تواجه الآلية تحديات أبرزها صعوبة إقناع الأطراف السياسية بالتخلي عن أساليب التفاوض التقليدية، والحاجة إلى وقت طويل لإعداد الأوراق البيضاء بدقة، إضافة إلى متطلبات بشرية ومادية قد لا تتوافر بسهولة. وهناك أيضاً خطر تحيز بعض "الخبراء المحايدين" أو محاولة الأطراف السياسية التأثير في مخرجات هذه الأوراق.
الفرص:
تمثل الآلية فرصة حقيقية لتحسين صورة العمل السياسي وبناء ثقة المواطنين، وتؤسس لثقافة سياسية جديدة قائمة على البرامج والكفاءة بدلاً من المحاصصة، كما تتيح الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة، ويمكن أن تكون نواة لنظام دائم لصنع السياسات العامة في المستقبل.
التهديدات:
أبرز التهديدات يتمثل في مقاومة النخب السياسية التقليدية لهذه الآلية التي قد تقلل من نفوذها. وهناك خطر تحوّلها إلى شكليات دون مضمون حقيقي، إضافة إلى احتمال عدم الالتزام بمخرجات الأوراق البيضاء بعد إعدادها، مما يفقدها مصداقيتها. ويضاف إلى ذلك تعقيد بعض الملفات وارتباطها بمصالح عميقة يصعب تجاوزها بسهولة.
السيناريوهات المحتملة
واقعياً، يمكن ترجيح مسارين رئيسيين:
المسار الأول:
تبنّي الكتل السياسية الآلية شكلياً، واستخدامها في الملفات الأقل حساسية، مع الإبقاء على المفاوضات التقليدية للقضايا المصيرية. وهذا المسار قد ينتج بعض التحسن لكنه لن يُحدث النقلة النوعية المرجوّة.
المسار الثاني:
اعتماد الآلية بوصفها أداة حقيقية لإعادة هندسة العملية السياسية، وإنتاج برنامج حكومي واضح قابل للقياس والمساءلة. وقد يواجه هذا المسار مقاومة شديدة في بدايته، لكن نجاحه الأولي سيدفع باتجاه تعميمه وتطويره.
وبين المسارين، تبقى إرادة النخب السياسية عاملاً حاسماً، فالتجارب التاريخية تثبت أن الأنظمة السياسية التي تطوّر أدواتها هي التي تنجح في تجاوز أزماتها.
خاتمة
ورغم أن النجاح غير مضمون، فإن استمرار البرامج الحكومية مجرد كلام على ورق، والتمسك بالنهج الموروث عن الحكومات السابقة من جهة، وما تمثله هذه الآلية من فرصة حقيقية لتحويل العملية السياسية من محاصصة وصراع على السلطة إلى شراكة منتجة من جهة أخرى، يجعلها تستحق المحاولة الجادة. فالثمن الذي تدفعه الدولة والمواطن مقابل استمرار الوضع المتوارث أصبح باهظاً جداً، والمواطن الذي ينتظر تحسناً في خدماته يستحق حلولاً عملية لا خطابات سياسية جوفاء. وحتى لو لم تحقق الآلية النجاح الكامل، فإنها تُحدث نقلة نوعية في ثقافة العمل السياسي وتضع أسساً صحيحة لصنع السياسات في المستقبل



#مازن_صاحب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وهم (الحياد) وعنجهية السلام الصهيوني!!
- كوميديا.. ديمقراطية المصالح!!
- سريالية العراق.. متغيرات فوق الواقع!!
- على هامش الحقيقة!!
- عراق الغد. من المس بيل. إلى مارك سافايا!!
- رؤية ٢٠٥٠. . فرضيات غائبة عن البرامج ...
- سرديات الحرب والسلام.. اليوم التالي في حرب غزة!!
- حوكمة التسويق السياسي.. مبادرة العراق في شيتام هاوس نموذجا
- رؤية ٢٠٥٠.. عراق واحد وطن الجميع
- الامميون الجدد!!
- اليوم التالي!!
- ما بين واشنطن وطهران.. واقع العراق الرمادي!!
- غزة.. ملح فوق جرح الهزيمة!!
- الضربة الإسرائيلية على حماس في الدوحة.. الانتفاضة الفلسطينية ...
- الماء والكهرباء.. وجباية الحواس!!
- روح شنغهاي.. توازن مصالح!!
- ما بين الأفكار والأداء.. فشل الديمقراطية!!
- بوصلة الضجيج.. وغبار الأحداث!!
- الوعي المقدس والجنرال زمن!!
- ما بعد أيلول المقبل.. ثنائيات -الإمساك بالأرض- والانتخابات ا ...


المزيد.....




- رأي.. عبدالخالق عبدالله يكتب: موقف الإمارات من النزاع العسكر ...
- -المليارديرات يأكلون أولا-: لافتات عيد الشكر تبرز أثر تأخر ت ...
- مدرج على لائحة العقوبات الأميركية.. تاجر مخدرات في قبضة الجي ...
- ما تفاصيل خطة واشنطن الجديدة لإنهاء حرب أوكرانيا.. وكيف رد ا ...
- تريليون دولارـ حقيقة خطط الاستثمار السعودي في الولايات المتح ...
- مباحثات سورية لبنانية حول ملفات المفقودين والموقوفين والحدود ...
- ندوة شبابية بإثيوبيا تدعو لتحرير العقول وتعزيز الشراكة بين أ ...
- الوكالة الذرية تصدر قرارا بشأن نووي إيران وطهران ترد
- خبير عسكري للجزيرة نت: أوروبا لن تتجنب الحرب ما لم تعد بناء ...
- أوكرانيا تُعلن تسلمها مسودة خطة ترامب للسلام.. ومكتب زيلينسك ...


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن صاحب - لماذا -أوراق بيضاء-... تؤسّس برنامج الحكومة المقبلة؟؟!