|
|
غزة، من -ريفييرا الشرق الأوسط- إلى -خطة السّلام-
الطاهر المعز
الحوار المتمدن-العدد: 8531 - 2025 / 11 / 19 - 12:02
المحور:
القضية الفلسطينية
صادق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يوم الثامن عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2025، على خطة ترامب، في ظل مناخ من التخاذل العربي التّام ومن التطبيع، بل دعم اقتصاد الإحتلال، والمزيد من تقسيم البلدان العربية في السودان وسوريا واليمن وغيرها، وهو المناخ الذي أدّى إلى إضعاف صف المُقاومة العربية والفلسطينية، فضلاً عن الوضع الدّولي المُتَمَيّز بالعربدة الأمريكية والأطلسية وتوسيع الحروب العدوانية إلى جبهات عديدة، وبذلك تم إجهاض هبّة السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023 بالقوة وتحويل غزة إلى مُستعمرة صهيونية أمريكية، وإطلاق يد الجيش والمستوطنين الصهاينة في الضفة الغربية مع زيادة الميز والإقصاء والضغوط على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة سنة 1948 من مُحْتَلّ إلى آخر بعد سنتَيْن من الإبادة والتّدمير بواسطة السّلاح والدّعم السياسي والإعلامي الأمريكي، أعلن رئيس الولايات المتحدة خطة ادّعى إنها سوف تُحقّق "السلام الدائم"، وتتضمن "إنشاء إدارة مؤقتة لغزة" برئاسة توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق، وصاحب السّوابق السّيّئة في العراق وفي غزة، والذي أنشأ، بعد انتهاء ولايته "معهد توني بلير"، وهو مركز أبحاث يجمع بين شبكات النفوذ والتجارة والأعمال... تهدف خطّة دونالد ترامب وتوني بلير (المُسماة "ريفييرا الشرق الأوسط" أو "خطة السلام") إنشاء سلطة انتقالية دولية لغزة (ITAG) بقيادة توني بلير، تحت إشراف دونالد ترامب، وصهره جاريد كوشنر - الذي يمتلك مصالح مالية كبيرة في المنطقة - ومبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيفن ويتكوف، وهو شريك مقرب من بنيامين نتنياهو، لتحكم هذه "السلطة الإنتقالية الدّولية" قطاع غزة وتشرف على "إعادة الإعمار" بالتعاون مع مجلس تنفيذي يضم عشرة أعضاء، من بينهم فلسطيني واحد، تقتصر صلوحياته على إبداء الرّأي في مسائل "التعليم والرعاية الصحية والحكم المحلي"، أي إن هذه الخطة تهدف فرض وصاية أمريكية صهيونية على غزة ونزع سلاح المقاومة وتوريط الأنظمة العربية في تمويل هذا الإنتداب الجديد، ويُمثل تنصيب توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، على رأس سلطة انتقالية لفلسطين العودة إلى الوضع الاستعماري السائد قبل 1948 فضلا عن الإحتلال الصهيوني الذي يمنع دخول الغذاء والدّواء ويستمر في محاصرة الفلسطينيين مع تكثيف عمليات احتلال الضفة الغربية، تحت غطاء خطة "سلام" أحادية الجانب، فسحت المجال للجيش الصهيوني بانتهاك وقف إطلاق النار الهشّ بانتظام وبشكل أحادي الجانب، واغتيال 260 فلسطيني خلال شهر واحد، وبالتالي، فإن خطة دونالد ترامب لا تهدف سوى حصول الكيان الصهيوني على ما لم يتمكّن من فرضه بالقتل والقصف والتّدمير... أما توني بلير فله سجل كارثي في مجال السياسة الخارجية يتضمن قرار احتلال العراق إلى جانب الجيش الأمريكي سنة2003 وتحولت هذه "الحرب الخاطفة"، التي كان يُفترض أن تستمر ثلاثة أسابيع، إلى مذبحة استمرت سبع سنوات، مما أسفر عن مقتل مئات الآلاف من المدنيين، ونظرًا لفشله الذريع في السياسة الخارجية والاستخبارات العسكرية، نظرًا لزيف الأسباب الرسمية للإحتلال، فقد تعرض توني بلير لانتقادات أكبر بسبب الإنحياز الأطلسي لبريطانيا، وبرر توني بلير هذا الالتزام تجاه الولايات المتحدة بإعلانه أن حل القضية الفلسطينية مرتبط بتغيير النظام في العراق، مُردّدًا الخطاب الصهيوني، بدون تحفّظ، وادّعى إن النظام العراقي – قبل 2003 – يُمثّل "تهديدًا وجوديا" للكيان الصهيوني، كما ساهم توني بلير في خطة الولايات المتحدة لعزل حماس التي فازت في انتخابات فرضتها الولايات المتحدة في الأراضي المحتلةسنة 1967، وأنشأ جورج بوش "اللجنةالرباعية للشرق الأوسط" التي جمعت بين الاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة، وتم تعيين توني بلير مبعوثًا خاصًا لها من 2007 إلى 2015، بهدف "إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط"، دون أي إشارة إلى وقف توسع الإستيطان الصهيوني في الضفة الغربية أو رفع الحصار المفروض على سكان غزة... يعود اليوم توني بلير لمساعدة دونالد ترامب والكيان الصهيوني على إخضاع سكان غزة، وهو الذي اضطرّ إلى الإستقالة من اللجنة الرباعية سنة2015 بسبب فشله الذريع – الذي كان مُخططا له من قِبَلِ الولايات المتحدة – وأسَّسَ "معهد توني بلير للتغيير العالمي (TBI) " سنة 2016، وادّعى إن المعهد " منظمة غير ربحية لن يتقاضى منها أي ربح أو راتب"، وقدّم نفسه ك"خبير في شؤون الشرق الأوسط"، وأقام المعهد ( الذي ادّعى إنه منظمة غير ربحية) شراكات عديدة، لا سيما في أفريقيا - مثل المركز الأفريقي للتحول الاقتصادي (ACET)، ومنتدى الثورة الخضراء الأفريقية (AGRF)، لتسويق خدماته في جميع أنحاء القارة وخصوصًا في البلدانالإفريقية الغنية بالمعادن والمواد الخام، بدعم من بعض الرؤساء مثل بول كاغامي، رئيس رواندا، وتحويل ما وُصِفَ ب"المساعدة على التنمية" إلى فُرص استثمارية وتجارية، لأن "السّلام" أو "التنمية" غطاء لمصالح اقتصادية، سواء في إفريقيا أو في غزة، فقد كشف مقال نشره موقع صحيفة "غارديان"، خلال شهر تموز/يوليو 2025 "تعاون معهد توني بلير مع شركة الاستشارات الاستراتيجية (مجموعة بوسطن الاستشارية) ورجال أعمال إسرائيليين على تطوير ما يُسمى بخطة (ريفييرا الشرق الأوسط)"، وللتذكير: قدّم دونالد ترامب هذه الخطة خلال شهر شباط/فبراير 2025، بهدف تهجير سكان غزة لبناء "ريفييرا جديدة وفاخرة على البحر الأبيض المتوسط... "، ومن اللافت للنظر أن مشروع "مجموعة بوسطن الاستشارية" هذا اقترح دفع نصف مليون فلسطيني لمغادرة قطاع غزة. ويتماشى هذا الاقتراح مع أحد الأهداف الرئيسية لبنيامين نتنياهو: تنفيذ التّهجير القَسْري لسكان قطاع غزة، وبذلك عادت خطة "ريفييرا غزة" إلى الظهور في شكل مختلف، وأوْرَد معهد توني بلير (TBI) إن خبراءه اطلعوا على المسودة، لكنهم لم يُشاركوا في تطويرها، غير إن صحيفة "فاينانشال تايمز" تؤكّد مشاركة اثنين من موظفي معهد توني بلير في دعوات تقديم المقترحات وفي تقدم المشروع... لا تضمن الخطة الجديدة بقاء الفلسطينيين في غزة، وتدّعي إنها لا تُشجّع على تهجيرهم، لكن استمرار الحصار والقصف، فضلا عن تنظيم الكيان الصهيوني شبكات تهجير مشبوهة، عوامل تُؤدّي إلى هجرة سكان غزة، فرارًا من الجوع والمرض إن لم يكنفرارًا من القصف والقتل والتدمير، وبذلك، تبدو الضمانات للفلسطينيين فيما يتعلق بحقهم في البقاء على أرضهم ضئيلة، رغم تأكيد الوثيقة على "إنشاء وحدة لحماية حقوق الملكية"، لكن نفس الوثيقة تدعو إلى "نزع سلاح حماس والقوات المسلحة الفلسطينية بالكامل"، ولا تذكر أي التزام لقوات الاحتلال الصهيوني التي يُفترض انسحابها من قطاع غزة... أثبتت الولايات المتحدة وأوروبا انحيازها إلى الكيان الصهيوني ودعم الإبادة في غزة والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، ويُشكل استغلال حقل غاز مارين قبالة سواحل قطاع غزة، أحد أهداف خطة دونالد ترامب، ويُقدّر احتياطي هذا الحقل بنحو ثلاثين مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، وتُقدّر إيرادات هذا الحقل بنحو أربع مليارات دولار سنويا، وتهدف السلطة الانتقالية الدولية في غزة – إلى جانب أهداف أخرى – الإلتفاف على "القانون الدّولي" من خلال الإشراف على استغلال هذا الحقل وإدارة ميناء غزة وإبعاد السكان الأصليين، كما يحصل منذ 1948...
#الطاهر_المعز (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بإيجاز - خطوات أمريكية على طريق إنجاز -الشرق الأوسط الكبير-
-
تفاوت طبقي بالأرقام
-
الصين والولايات المتحدة ومكانة الدّولار والصناعة والتكنولوجي
...
-
مُتابعات – العدد الخمسون بعد المائة بتاريخ الخامس عشر من تشر
...
-
عرض كتاب -عقيدة الصّدمة ورأسمالية الكوارث-
-
بإيجاز - حق تقرير المصير
-
الأزمة = شطب وظائف
-
عام من رئاسة دونالد ترامب
-
مُتابعات – العدد التّاسع والأربعون بعد المائة بتاريخ الثامن
...
-
أوروبا – بعض مظاهر الدّيمقراطية الزّائفة
-
العلاقات الهندية الأمريكية ومحاصرة الصين
-
مُتابعات – العدد الثّامن والأربعون بعد المائة بتاريخ الأول م
...
-
تَسْلِيع قطاع الصّحّة
-
الذّكاء الإصطناعي واستخداماته في الإقتصاد والحياة اليومية
-
الأرجنتين – النّهب بواسطة الدُّيُون
-
تونس – التلوث واحتجاجات المواطنين في مدينة قابس
-
ألمانيا - جوانب من الإِرْث النّازي
-
الولايات المتحدة – بين -مبدأ- الرئيس جيمس مونرو وعَرْبَدة دو
...
-
مُتابعات – العدد السّابع والأربعون بعد المائة بتاريخ الخامس
...
-
الحرب على جبهات متعدّدة
المزيد.....
-
في أمسية مزادات كبيرة.. لوحة نادرة تحطّم الأرقام القياسية بق
...
-
لحظة إعلان ترامب السعودية -حليفًا رئيسيًا من خارج الناتو-..
...
-
من بينهم رونالدو.. لقطات ترصد بعض من حضر حفل عشاء ترامب ومحم
...
-
ترامب يصنّف السعودية -حليفًا رئيسيًا- من خارج الناتو.. وهذه
...
-
من ميشيغان إلى البيت الأبيض: تنوب عملاقة تتوَّج شجرة عيد الم
...
-
جولة زيلينسكي الأوروبية القصيرة تثير الأسئلة.. لماذا لم تشمل
...
-
إف-35 وتريليون دولار.. السعودية تدخل نادي حلفاء أمريكا الكبا
...
-
سلفا كير يعيد تعيين نائبه السابق ويقيل خليفته المحتمل
-
بلجيكا توقف 8 أشخاص بشبهة التخطيط لقتل مدعي عام بروكسل
-
محمد بن سلمان خلال لقائه ترمب: علاقتنا مع أميركا جوهرية
المزيد.....
-
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والموقف الصريح من الحق التاريخي
...
/ غازي الصوراني
-
بصدد دولة إسرائيل الكبرى
/ سعيد مضيه
-
إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2
/ سعيد مضيه
-
إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل
/ سعيد مضيه
-
البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية
/ سعيد مضيه
-
فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع
/ سعيد مضيه
-
جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2].
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2].
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة
/ سعيد مضيه
-
اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة
/ سعيد مضيه
المزيد.....
|