أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد فاروق عباس - الانقلاب السياسي..















المزيد.....

الانقلاب السياسي..


أحمد فاروق عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8530 - 2025 / 11 / 18 - 21:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بالتصرف الذي قام به الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس فإن ما يشبه انقلابا سياسيا حدث في مصر، لم يكن الرئيس وهو يعطي أمره بإعادة الأمور الي نصابها فيما يخص الانتخابات البرلمانية يعلم ــ وربما كان يعلم ــ أنه يتمرد علي قوى عاتية في الداخل المصري، قوي طالما اشتكي جمال عبد الناصر ــ مع اختلاف ظروف مصر في عهده جدا عن اليوم ــ من قوة ترابطها وحركتها الخفية... ولكن المحسوسة...

ويمكن القول أن القوي التي خرج عبد الفتاح السيسي لمواجهتها أمس بعد أن وصلت نتيجة أفعالها المستهترة وغير المسئولة الي حدود من غير الممكن السكوت عليها، وإلا تعرضت أمور أجل وأخطر الي تهديدات جدية، ليس أقلها ما يمس النظام السياسي نفسه ومعه استقرار البلاد...

والسؤال المحدد هو... ما هي القوي التي خرج عبد الفتاح السيسي لمواجهتها أمس، وحاول عرقلة حركتها أن تصل الي أمور أخطر وأعظم ؟

هي بالتحديد التحالف الجديد بين مجموعات من الاثرياء مع محترفي السياسة يساندهم ظهير من بيروقراطية الدولة...

ولنحاول أن نفكك مكونات هذا التحالف أولا قبل أن نصل الي كيف كاد هذا التحالف أن يصل الي التأثير فيما لا يصح ولا يجب الاقتراب منه...

أولا.. مجموعات الاثرياء.. تبدو المشكلة المزمنة في مصر أنه لا يوجد بها طبقة منظمة من الرأسماليين المصريين، بمعني طبقة منظمة من المنظمين والمنتجين، وبرغم وجود مجموعات تستحق الاحترام من المنتجين والمنظمين المصريين، وخاصة في المدن الصناعية الجديدة، الا أن التعبير السياسي عن تلك الرأسمالية الوطنية مازال جنينيا...

وطبقة المنتجين والمنظمين هي التي بنت الدول الحديثة في الغرب، وأنشأت الليبرالية ومعها الديمقراطية ودافعت عنها، وبرغم ألاف الانتقادات التي توجه الي هؤلاء الرأسماليين وللنظام الرأسمالي كله ( علي سبيل المثال أطلق الشعب الامريكي علي كبار الاثرياء من الرأسمالية الأمريكية في نهايات القرن ١٩ وبداية القرن ٢٠ ــ أمثال كارنيجي وفاندربلت ومورجان وغيرهم ــ لقب البارونات اللصوص) الا أنه نظام سياسي واقتصادي أثبت علي مدي قرون مدي مرونته وقدرته علي التكيف والبقاء...

ولكن في مصر يتحرك علي السطح ويملك التأثير السياسي نوع أخر من الاثرياء المصريين، يختلفون اختلافا كبيرا عن النوع الاول ( المنتجين والمنظمين من الرأسمالية الوطنية).
والنوع الثاني الذي اقصده هو مجموعات الاثرياء الذين كونوا أموالهم من انشطة طفيلية ــ سمسرة أو انشطة ريعية أو مضاربات ــ أو انشطة غير مشروعة... تجارة الاثار والمخدرات والمضاربات في العملة...

وهي طبقة بدء ظهورها في عهد الرئيس السادات، واستمرت في عهد الرئيس مبارك ــ كان منهم مثلا نواب الكيف ونواب القروض وهي قضايا مشهورة في عصر مبارك ــ ووصلت مكتملة القوة إلي عصر الرئيس السيسي...

ثانيا.. المجموعة الثانية هي مجموعة محترفي السياسة... ومشكلة مصر مع محترفي السياسة لا تقل الحاحا وخطورة عن مشكلتها مع مجموعات الاثرياء الذين كونوا أموالهم من أنشطة طفيلية أو غير مشروعة، وخرجوا بهذه الثروات يبحثون عن السلطة السياسية...

وبرغم مرور مائة سنة علي أول انتخابات برلمانية حزبية في مصر، وهي الانتخابات التي اجريت عام ١٩٢٤ وفاز بها حزب الوفد، وشكل بمقتضاها سعد زغلول أول حكومة شعبية في تاريخ مصر، وهي حكومة لم تستمر ــ للأسف ــ سوي شهور، فقد وجد الانجليز في قتل سردار الجيش البريطاني لي ستاك المبرر لإقالتها... وبرغم مرور مائة عام لكن مصر لم تعثر حتي اليوم علي صيغة ملائمة لحياتها السياسية...
وكان ذلك لأسباب محددة:
١ ــ أن نمو الطبقات الاجتماعية في مصر ــ طبقة الرأسماليين وطبقة العمال تحديدا ــ لم يسر في الطريق الذي أنتج في اوربا نظاما مستقرا وقابلا للبقاء، وذلك لاختلاف نشأة وتطور تلك الطبقات في مصر عن التجربة الطويلة لها في اوربا..
٢ ــ أن الديموقراطية الاجرائية لابد أن يسبقها درجات مهمة من الحرية بمفهومها الأشمل، واقصد حرية التفكير.. وحرية التعبير... وحرية التنظيم... وحرية المعتقد، وفي هذه الامور وجدت مصر تلالا من العقبات والمشاكل، كانت وماتزال تترك أثرها علي أي تحرك جدي للوصول الي تلك الحرية، وهي الدرجة المطلوبة لأي ديموقراطية اجرائية، وتسبق تلك الديموقراطية وتسندها في البقاء..

٣ ــ أنه من سوء حظ مصر أن نشأ فيها في الثلث الاول من القرن العشرين ــ ومازال مستمرا حتي اليوم ــ تيارا دينيا قويا يحاول ممارسة السياسة من زاوية المقدس، ومن باب الحلال والحرام، والسياسة بطبيعتها بعيدة عن ذلك الاطار، فالمقدس الديني مطلق والسياسة ــ وأي اجتهاد بشري ــ نسبي، ووضع إطار ديني علي أية ممارسة سياسية سوف يقتل الحرية بمعناها الاشمل ــ حرية التفكير وحرية التعبير وحرية التنظيم وحرية المعتقد ــ ومعها أي ممارسة ديموقراطية اجرائية...
فالتيار الديني يتكلم باسم السماء، ويظن أنه الأعلى مقاما من منافسيه السياسيين بحكم امتلاكه للدين في قبضته وحرمان الاخرين منه..

والمشكلة الاكبر أن ذلك التيار الديني لا يؤمن بالدولة الوطنية، بل مفهوم الأمة هو الذي يحركه، وهو ما أوقعه في مزالق خطيرة، وتحالفات مريبة، وبالنسبة لتيار قوي لا يؤمن بالدولة الوطنية ولا باعتبارات الامن القومي ــ ومع ضعف الطبقات الاجتماعية وطليعتها السياسية ــ كان وجود القوات المسلحة في المشهد ضروريا...

وخلاصة القول أنه مع غيبة طبقات اجتماعية لها تعبيرها السياسي المنظم، ومع وجود تيارات دينية منفلته تم تقييد حركتها لخطورتها علي أمن البلاد لم تجد الحياة السياسية والحزبية في مصر سوي مجموعات من محترفي السياسة، لا يعبرون عن كتل اجتماعية بقدر ما يعبرون عن أنفسهم، ولا يتكلمون باسم أحد ينوبون عنه بقدر ما يبحثون عن مصالحهم المباشرة...

ثالثا... والمجموعة الثالثة.. هي مجموعات من بيروقراطية الدولة، وجدت أن وجودها بجانب كبار الاثرياء ومحترفي السياسة عامل أمان، وفرصة غني، وطريقا للنفوذ...

وتحالف هذا الثلاثي هو ما رأينا فعله في المرحلة الاولي للانتخابات البرلمانية يومي ١٠ و ١١ نوفمبر الجاري، وما قام الثلاثي القوي به هو تلاعب واضح بالانتخابات ونزاهتها، ومحاولة وضع رجاله في الاماكن التي يريدها، وهو ما كان كفيلا بفقدان الشعب لثقته الكاملة في أية ممارسة ديموقراطية حتي لو كانت محدودة، وبإثارة تساؤلات خطيرة حول أين الدولة وسلطاتها في كل ما يجري؟!
فهل الدولة موافقة علي ما جري... كما قال البعض..
أم الدولة مشاركة فيه كما ذهب البعض الاخر...
أم أن الدولة ليست مشاركة فيما يجري ولا موافقة عليه...
وهو ما تكفل حديث الرئيس السيسي بالأمس بالاجابة الواضحة عليه...

والمعضلة الأكبر.. أنه غدا أو بعد غد سوف تنتهي الانتخابات البرلمانية في مصر كما انتهت غيرها، ولكن سوف يظل معنا سؤال هو كيف سنواجه هذا الثلاثي القوي والمنظم والذي ظهر في الحياة السياسية المصرية...
والسؤال الاهم... كيف تصل مصر الي صيغتها الخاصة لممارسة سياسية لها درجة من الثقة... والنزاهة.. والامان.. والاستقرار...
وهو سؤال الحاضر... وسؤال المستقبل...



#أحمد_فاروق_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل حدث تزوير في الانتخابات؟!
- لماذا أكبر دولتين في العالم غير ديموقراطيتين ؟!
- إعادة تدوير السلع القديمة...
- انتخابات مجلس النواب... والأموال..
- العلم... والدولة..
- أنور السادات... والتطرف الديني.
- الإخوان والسجون... قصة غير مروية..
- أنور السادات... نظرة أخري..
- الخلافة.. في ثوبها العثماني.. وفي ثوبها الأموي !!
- من خسر... ومن فاز ؟
- جمال عبد الناصر... واليوتيوب !!
- سيناء... وماذا لو كانت في حوزة اسرائيل حتي اليوم؟!
- عودة من أجازة مفروضة...
- مصر... وأين موقفها بالضبط في الحرب بين إيران وإسرائيل..
- أهداف أمريكا من الحرب... وهل تحققت أم لا ؟
- أهداف إيران من الحرب... وهل تحققت أم لا ؟
- قصة 12 يوم من الحرب في الشرق الأوسط من أربع زوايا مختلفة...
- لمصر... وليس لإيران.
- ما هي نقاط قوة ايران... وما هي نقاط ضعفها؟
- لماذا تدخل أمريكا الحرب بنفسها... فهل اسرائيل هزمت؟!


المزيد.....




- تداول فيديو لـ-تطويق قوات سورية لمركز حدودي لبناني-.. ما حقي ...
- ترامب يوبخ مراسلة بعد سؤال عن خاشقجي ومحمد بن سلمان يعقب.. ش ...
- بلجيكا: ثمانية موقوفين بشبهة التخطيط لاستهداف المدعي العام ف ...
- بريطانيا تعلن الحرب على -التجسس الصيني- بحزمة إجراءات طارئة ...
- -عقيدة دونرو-: كيف يعيد ترامب رسم خريطة أميركا الجنوبية؟
- بن سلمان: نعمل على تطبيع العلاقات مع إسرائيل -في أقرب وقت مم ...
- غزة : ماذا بعد خطة ترامب ؟
- أمريكا - السعودية : بين السياسة والمصالح المشتركة ؟
- الرئيس الفرنسي يبدي استعداده للحوار مع نظيره الجزائري حول ال ...
- زعيمة المعارضة: فنزويلا على أعتاب عهد من دون مادورو


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد فاروق عباس - الانقلاب السياسي..