أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مظهر محمد صالح - ثلاثية تتناسل في معارك الشرق: التواطؤ… السلطة… التبرير














المزيد.....

ثلاثية تتناسل في معارك الشرق: التواطؤ… السلطة… التبرير


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 8529 - 2025 / 11 / 17 - 00:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تبتلع ثلاثية التواطؤ والسلطة والتبرير بعضها بعضاً في معارك الشرق، كأنها دوائر مغلقة من السلوك الجمعي المختل. فقد ارتبطت هذه العناصر الثلاثة، بأركانها وتشابكاتها، في مختبر الاجتماع السياسي داخل عالم ريعي لم تهدأ فيه محاولات رسم حدود المصلحة وتحديث الخطاب والفكر النقدي.
وهو عالم ينهكُ أقلام الفكر والحكمة، حين يذوب المتواطئ في نمطٍ سالب من السلوك البشري، مستغرقاً في أيديولوجيا السلطة، قبل أن يتراجع إلى أصاغر الحياة عبر مسارب التبرير ، إنها (ثلاثية الحوكمة السيئة).
في هذا المناخ، يتكوّن محيط بشري ساكن، متجذّر في صخور حياتية صمّاء تعيق ديناميكية التطور. ويغترب الأفراد عن مستقبلهم، فيما يغادره العالم بثلاثية أخرى إيجابية ، هي النزاهة والمشاركة والمساءلة (عماد الحوكمة الجيدة).

1- (التواطؤ… الصمت الذي يخرّب القيم)
يحدّثنا المفكر الكبير حسين العادلي عن التواطؤ بوصفه منظومة من الصمت والتخادم، قائلاً:
«التواطؤ ليس اتفاقاً في الموقف، بل اتفاقٌ على إيقافِ الموقف؛
إنه صمتُ الوعي أمام انكسارِ القيم،
وسقوطُ الضميرِ أمام تحسينِ الخطيئة…
ويضيف محذّراً:
«إذا لم يترفّع الفرد عن التواطؤ، ويرفض المجتمع سطوته، وتُجرّم الدولة ممارسيه، فستنهار بُنى الحياة برمّتها تحت وطأة روحه المخرّبة وآثاره المدمّرة.»
ولعل صدق القول يتجلى في حكمة جيفارا:
«الأمم لا تتحرر برحيل آخر جندي مستعمر، بل برحيل آخر خائن فيها.»
وما بين الخيانة والتواطؤ مسافة اسم لا فعل.

2- (السلطة… مفتاح الدولة الذي يجب تبديل أقفالها…!)
وفي تناوله لمعضلة السلطة، يكتب العادلي:
«السلطة مفتاح الدولة، غير أن الدولة العاقلة تبدّل أقفالها قبل أن تُكسر.»
انه قول يستدعي إرثاً طويلاً من التفكير في السلطة، بما في ذلك السلطة الأيديولوجية التي تحدث عنها فيلسوف فرنسا لوي ألتوسير في أطروحاته حول أجهزة الدولة الأيديولوجية.
ذلك ما دفعني لاسترجاع مشهداً بريئاً، حين سألني حفيدي:
«هل المدرسة سلطة؟»
فأجبته: نعم ، لكل مؤسسة قدرة على فرض شكل من أشكال السلطة، من المدرسة إلى عامل النظافة الذي يتحكم بتوقيت إزالة النفايات. لكن أخطرها يظل سلطة الصغار المتفرّعين عن البيروقراطية، ممن يتعاملون مع الخدمة العامة بمنطق السيد والعبد، متناسين أن السلطة تكليف لا تشريف.

3- (التبرير… آخر المتحوّرات الأخلاقية)
يبلغ تفكك الحوكمة ذروته حين تتقدم ظاهرة التبرير لتحتل ضلعها الثالث في هذه الثلاثية ،اذ يقول المفكر العادلي:

«من آمن بالتبرير قضى عمره متهماً.»

فالتبرير، حين يفقد المجتمع قاعدة التسامح، يتحول إلى عرف خفي لتقنين الكذب. إذ يغدو الفضاء العام ساحة قنصٍ متبادل ومحاكماتٍ لا تهدأ ، ويصبح البقاء حكراً على الأقدر على صناعة التبريرات، لا على الأصدق أو الأكفأ.
ومع الوقت، يرتفع المجتمع إلى سقوف السُحب الظلماء ، حيث يفلت الجميع من ظلام الجميع بالتبرير، غير أن هذا الإفلات لا ينتج إلا الكذب، وانهيار الثقة بالنفس، وتآكل القدرة على قول الحقيقة.
و يبقى المفكر العادلي يتلمس لعبة الحياة على انها مسرحية…فالحياة في نظره مسرحية ، والصراع فيها على الادوار ، وان اغرب ما في مسرحية الحياة ،أَنَّكَ المُخرِجُ وَالمُمَثِّلُ وَالمُشَاهِدُ مَعاً! وان أَفضَلُ مَسرَحِيَّةٍ تَتِيهُ فِيهَا القِصَّةُ، وَتَضِيعُ فِيهَا الأَدوَارُ؛ هي الفَوضَى! ثم يواصل العادلي … السِّيَاسَةُ كَالمَسرَحِيَّةِ؛ وَلَا تَنجَحُ مَسرَحِيَّةٌ إِلَّا إِذَا اقتَنَعَ الجُمهُورُ بِأَنَّ الأَقنِعَةَ وُجُوهٌ، وَالأَدوَارَ شَخصِيَّات..!

هنا تذكرت الفيلسوف فرنسيس بيكون 1561–1626، الذي ارتبط اسمه بما يُعرف بـ الفلسفة التجريبية (Empiricism)، إذ عد أن المعرفة الحقيقية لا تُبنى على التأمل وحده، بل على الملاحظة والتجربة والاستقراء ، فحينما تناول مفهوم (اوهام الانسان الاربعة ) ومنها الوهم الرابع وهو المسرح.. اذ يرى بيكون ان تلك الافكار التي نتلقاها من الفلاسفة والمفكرين دون تمحيص ونؤمن بها هي (فاعلية دوغمائية ) و هي نزعة فكرية تقوم على التمسّك المطلق بمعتقدات أو أفكار معينة، وعدها حقائق نهائية غير قابلة للنقاش أو الشك أو المراجعة ،وهي نقيض الروح النقدية والانفتاح العقلي لاعتقاد اولئك المفكرين بأنهم يملكون الحقيقة المطلقة …. !

ختاماً ، هنا يلتقي بيكون والعادلي مع ما قاله (برتراند راسل (1872–1970) الفيلسوف البريطاني، عالم الرياضيات والناشط الاجتماعي ، الذي يُعد من أبرز مؤسسي الفلسفة التحليلية وأحد أعظم العقول في القرن العشرين ) وهو يقول مرددا : انك قد تقضي عمرك وانت تعتقد انك تدافع عن افكارك ، ثم تكتشف انك تدافع عن افكارهم التي زرعوها في عقلك…!!
انها مسرحية الحياة .. يبقى الصراع فيها… ولكن على الادوار فحسب .
انتهى



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عاصفة عيد ميلادي: الخريف الضائع
- الطبيب حميد تاج الدين رجالٌ عظامٌ من بلادي
- خطاب الصمت في الفضاء الرقمي السائل
- منظر دجلة بين طفولتي وكهولتي: الخوف والخجل
- علم النفس التربوي يوم تعثّرت أيديولوجياته في ذاكرة طفولتي
- رغيف الخبز: الأم والوطن والطفولة (من ذاكرة الجمر والقمح)
- قصر النهاية: حين مررنا بالسجن ولم نعد إلى بابل
- الشاي… نباتُ الصين العظيم من قرن الإذلال إلى الحرب التجارية ...
- اقتصاد الدموع : حين يصبح الحنين عملةً رمزية.
- خليجان يحرسهما قمر واحد – من أزمنة لا تموت رحلة تأملية بين ف ...
- السفرة المؤجَّلة: أزمنة لا تموت
- تحت ظلال شجرة النارنج: مدرسة زهاء حديد في بغداد
- جدلية الظل والمصالحة مع الذات : القرين الخفي مرآة ديستوفسكي ...
- بكاء الأمهات على بوابة سجن متخلف..
- البنادق مقابل اللوبستر البحري: مقاربة في الاقتصاد السياسي لم ...
- وزارة الخزانة الأميركية .. قوة إمبراطورية وأسطورة ورقة نقدية ...
- تأميم المصنع الوطني: التاريخ الذي أحزن والدي
- ربطة العنق: متلازمة التعليم والأناقة في بغداد
- حرب السويس تشتعل… وخالتي تبحث عن ابنها
- حكاية خبز .. بين أمستردام ومدينتي


المزيد.....




- هل اتخذ ترامب قرارًا بشن هجوم بري على فنزويلا؟ مسؤولان يكشفا ...
- السعودية.. اصطدام شاحنة وقود بحافلة معتمرين من الهند قرب الم ...
- تعليق على رد تيتان: يجب أن ينعكس سعي تيتان نحو التحسّن في اح ...
- كونغو الديمقراطية.. لحظة انهيار جسر في منجم نحاس وكوبالت وسق ...
- الزواج.. عريس جزائري يترك قاعات الأفراح ويختار مشاركة فرحته ...
- جون برينان.. كيف تندّر المصريون على تصريح مدير الـ-سي آي إيه ...
- كيف تتوزع القوة البحرية بين الولايات المتحدة والصين وروسيا؟ ...
- بن سلمان في البيت الأبيض بعد 7 سنوات من مقتل خاشقجي.. ما الذ ...
- صفقة رافال التاريخية: 100 مقاتلة فرنسية تدعم أوكرانيا في موا ...
- منتجع تزلج فرنسي يبدأ مبكرا صنع الثلج الاصطناعي استعدادا للش ...


المزيد.....

- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مظهر محمد صالح - ثلاثية تتناسل في معارك الشرق: التواطؤ… السلطة… التبرير