عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 8527 - 2025 / 11 / 15 - 14:59
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ما يزال هذا التعبير يشغل حيزاً في أدبياتنا، ونقاشاتنا. من دون تردد، نرى أنه ينطوي على تعمية، وتزييف للحقيقة ذات العلاقة بهذا الخصوص. الحوار في اللغة، من حَوَرَ، أي غَيَّرَ الكلامَ. من دلالات هذه اللفظة، الرجوع عن الشيء إلى الشيء، بمعنى تعديل الرأي والرجوع عن مواقف. كلها وغيرها من دلالات، لا تنسحب على الأديان ولا تتفق مع حقيقتها.
مقصود القول، الأديان لا تتحاور لسبب رئيس، مفاده، أن كُلَّاً منها يرى أنه يملك الحقيقة المطلقة وما عداه في ضلال مبين.
في مجتمعاتنا العربية، حيث يتداخل الديني والدنياوي ولم يرتقِ الوعي الجمعي إلى مستوى إعطاء لله ما لله ولقيصر ما لقيصر، فإن الأديان لا تتعايش أيضاً، إلا بالضبط الأمني البوليسي. فما أن تخف القبضة الأمنية لسبب ما، كما حصل في العراق بعد 2003، على سبيل المثال لا الحصر، لا يلبث الصراع الطائفي أن يكشر عن أنيابه. والأسوأ من ذلك، ظهور تنظيمات ظلامية تكفيرية تناصب أتباع الديانات المختلفة العداء، فتنكل ببعضهم وترغم آخرين على مغادرة الدولة. ولا تتورع عن إرغام الموجودين منهم في مناطق سيطرتها، على دفع الجزية عن يد وهو صاغرون !
يعلمنا التاريخ وتجارب الأمم المتقدمة أن الدولة المدنية الديمقراطية العالمانية، الضمانة الوحيدة لتفكيك صواعق الصراعات الدينية الطائفية والمذهبية. لماذا؟
دولة المواطنة الديمقراطية العالمانية، لكل مواطنيها، بغض النظر عن العِرق والدين والجنس واللون. هنا، أي في دولة المواطنة بمفهومها الحديث، الدين شأن معتقدي تعبدي خاص مكانه دور العبادة. فلا علاقة له بالسياسة وشؤون الاجتماع الإنساني، ولا يُسمح بتوظيفه لاستعباد البشر وأكل الحلاوة في رؤوس السذج والبسطاء بإسم المقدس. ولقد أثبتت تجارب الأمم المتقدمة، أن هذا النهج أفضل ما توصل إليه العقل الإنساني في التعامل مع الدين. لا دين للدولة بمفهومها الحديث، لأنها يُفترض أن تكون لكل مواطنيها، أولاً، ولأنها-أي الدولة- لا تصلي كدولة ولا تصوم أو تحج بصفتها هذه، ثانياً.
وعليه، فإن الحديث عن حوار الأديان في مجتمعات لم يرتقِ وعيها الجمعي إلى معايير بناء الدولة المدنية الحديثة بالشروط التي ذكرنا، مجرد لغو للاستهلاك المحلي أو لمسايرة سياسات قوى دولية ليس أكثر.
#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟