عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 8524 - 2025 / 11 / 12 - 10:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
محدد رئيس للعقل السياسي العربي، بالإضافة إلى القبيلة والعقيدة. المقصود بالغنيمة، بحسب محمد عابد الجابري، "الفعل السياسي، الذي يكون دافعه العائد والمكسب والمنفعة". يتأسس هذا الفعل على أرضية اقتصادات الريع في الدول المتخلفة، ناهيك به متوارثًا من أزمنة توزيع الغنائم في التاريخ العربي أثناء الحروب والغزوات، وما يفرضه الغالب على المغلوب من أتاوات وضرائب.
في انعكاساته على العمل السياسي، النتيجة المتوقعة النزوع إلى "المغالبة" وليس التنافس بين أفرقاء، يجمعهم هدف تطوير الدولة، والارتقاء بها سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا، وفق برامج محددة.
وليس يفوتنا التذكير بعامل كان له دوره الفاعل بترسيخ مفهوم الدولة الغنيمة في الذهن العربي، ونعني استقرار نظام الأسر الحاكمة، بعد حقبة خلافة الراشدين، في المسار التاريخي للدولة العربية بعد الاسلام. وهكذا تكرس مفهوم ابن خلدون:"لا بد للدولة من عُصبة تحميها". والمقصود بالعصبة، القبيلة أو العشيرة.
ما يزال ثالوث الغنيمة والقبيلة والعقيدة فاعلًا في واقعنا العربي، على صعيد العمل السياسي بشكل خاص. ولعل من أهم روافد هذه الفاعلية، انفتاح ثقافتنا على الماضي أكثر من تطلعها إلى المستقبل. ومن شأن الثقافة المشدودة إلى الماضي، والمتمحورة حول النص الديني، تكريس الهرمية في القيادة. ولعل من أظهر تبديات ذلك في حالتنا العربية، الزعيم الوحيد الأوحد الحاكم الى الأبد ما لم يتدخل عزرائيل أو تتعرض الدولة لاحتلال خارجي. هذه الظاهرة نلحظها أيضًا على مستوى الأحزاب السياسية، بما فيها المعارضة ذات المنظومات الفكرية المختلفة عن السائد.
يلخص باحثون أهل اختصاص تاريخنا بكلمتين يتوسطهما حرف جر: "الصراع على السلطة". والذي نراه أن هذا الرأي ليس بلا أسانيد تعززه، وبراهين تؤكده. وإذا ما دققنا في أسباب الصراع على الموقع الأول في ممارساتنا للعمل السياسي والعام، على مستوى الدولة والحزب وصولًا إلى الجميعة الخيرية، فسنجد أن "الغنيمة" بالمعنى المومأ إليه فوق، محدد رئيس ودافع فاعل.
مقول القول، في مجتمعات متخلفة في وسائل الإنتاج وفي علاقات الانتاج، وبالتالي ضعيفة البنى الاقتصادية والسياسية، من المتوقع أن تكون عقلية الغنيمة رافدًا للاستبداد والديكتاتورية. ولا غرابة أيضًا أن تكون محرك التنازع على الوجاهة والسلطة، بدءًا ب"الشِّيخَة" على مستوى العشيرة والقبيلة وصولًا إلى رئاسة الدولة.
#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟