أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحيم حمادي غضبان - المعارضة بين المشاركة والرقابة وأمكان نشئتها في العراق














المزيد.....

المعارضة بين المشاركة والرقابة وأمكان نشئتها في العراق


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8526 - 2025 / 11 / 14 - 13:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المعارضة السياسية تمثل ركناً أساسياً في أي نظام ديمقراطي حقيقي فهي التعبير العملي عن مبدأ التعددية السياسية والفكرية وضمانة لتوازن السلطة ومنع استبدادها فالمعارضة بمعناها الواسع ليست عداوة شخصية للحاكم أو الحكومة بل هي موقف سياسي وفكري يتبنى رؤية مغايرة في إدارة الدولة وصنع القرار لكنها كثيراً ما تُفسر في المجتمعات ذات الأنظمة السلطوية على أنها خصومة وعداء فتواجه بالقمع والتهميش بدلاً من الحوار والمنافسة المشروعة أما المعارضة البرلمانية فهي الشكل المؤسسي للمعارضة داخل النظام النيابي إذ تمارس دورها من داخل البرلمان من خلال مراقبة أداء الحكومة وانتقاد سياساتها واقتراح البدائل ووظيفتها ليست إسقاط الحكومة بقدر ما هي تصحيح مسارها وضمان التزامها بالمصلحة العامة وقد تتخذ المعارضة البرلمانية موقفاً مرناً يسمح لها بالمشاركة في بعض لجان الدولة أو التحالفات المؤقتة طالما كان ذلك يحقق أهدافها السياسية دون التنازل عن دورها الرقابي
تُطرح بين الحين والآخر مسألة إمكانية مشاركة المعارضة في الحكومة وهو ما يعرف في بعض النماذج السياسية بحكومة الوحدة الوطنية أو الحكومة الائتلافية وهذا الشكل من التوافق السياسي قد يبرز في فترات الأزمات الوطنية الكبرى أو الانقسامات الحادة حين ترى القوى السياسية أن المصلحة العليا تقتضي التشارك في الحكم لتجاوز مرحلة حساسة أو منع انهيار الدولة وقد شهدت دول عربية وإقليمية عدة تجارب في هذا المجال ففي لبنان تشكلت أكثر من مرة حكومات تضم قوى المعارضة والموالاة معاً تحت شعار الوحدة الوطنية كما حصل في حكومات ما بعد اتفاق الطائف غير أن هذه التجارب كثيراً ما انتهت بصراعات داخلية عطلت القرار السياسي لغياب ثقافة العمل المشترك وفي تونس بعد ثورة 2011 شاركت بعض أحزاب المعارضة في حكومات ائتلافية مثل الترويكا لكنها انسحبت لاحقاً بسبب تضارب المصالح والرؤى حول الإصلاحات وفي المغرب نرى نموذجاً أكثر توازناً حيث يشارك حزب العدالة والتنمية مثلاً في الحكم ضمن ائتلاف بينما تمارس أحزاب أخرى المعارضة من داخل البرلمان بطريقة مؤسسية نسبياً وعلى الصعيد العالمي نجد تجربة ألمانيا نموذجاً يحتذى إذ تشكل الحكومات عادة عبر تحالفات بين أحزاب متقاربة فكرياً ويظل البرلمان ساحة للحوار لا للصراع العدائي وفي بريطانيا رغم وضوح الفصل بين الحكومة والمعارضة فإن هناك تقليداً راسخاً لاحترام دور المعارضة بوصفها حكومة الظل التي تراقب وتستعد للحكم مستقبلاً
في العراق لا تزال تجربة المعارضة البرلمانية في طور التشكل فالمشهد السياسي العراقي بعد عام 2003 اتسم بنظام المحاصصة الحزبية والطائفية الذي جعل الجميع تقريباً شركاء في الحكومة وأضعف بالتالي وجود معارضة حقيقية فكل حزب كان يشارك في السلطة بنصيب من المناصب مما أدى إلى غياب التمييز بين من يحكم ومن يعارض وتحول البرلمان في كثير من الأحيان إلى ساحة لتقاسم النفوذ لا لمراقبة الأداء الحكومي ومع ذلك بدأت في السنوات الأخيرة بوادر جديدة إذ أعلنت بعض الكتل السياسية نيتها الانتقال إلى موقع المعارضة البرلمانية مثلما فعل التيار الصدري في بعض المراحل وإن كانت تلك المعارضة ما تزال محدودة وغير مؤسساتية ومن الناحية النظرية يمكن للمعارضة العراقية أن تجد طريقها إلى البرلمان القادم إذا ما توفرت ثلاثة شروط أساسية أولاً إصلاح النظام الانتخابي بما يضمن التمثيل العادل ويحد من سطوة المال السياسي والسلاح ثانياً فصل المشاركة في الحكومة عن المحاصصة بحيث لا تكون المشاركة هدفاً بحد ذاتها بل وسيلة لتحقيق برنامج سياسي واضح ثالثاً تطور الوعي الشعبي بضرورة وجود معارضة وطنية مسؤولة تراقب وتكشف وتقدم البدائل لا أن تشيطن لمجرد اختلافها مع السلطة
إن مشاركة المعارضة في الحكومة ليست محرمة سياسياً لكنها تصبح تناقضاً وظيفياً إذا فقدت المعارضة استقلالها ودورها الرقابي فالمعارضة التي تدخل الحكومة يجب أن تفعل ذلك في إطار توافق وطني واضح ومؤقت لا في إطار محاصصة أو صفقة سياسية ويمكن القول إن مستقبل المعارضة في العراق مرتبط بمدى نضج العملية السياسية نفسها ومدى استعداد القوى السياسية للانتقال من منطق المغانم إلى منطق المسؤولية فوجود معارضة قوية وواعية ليس تهديداً للحكومة بل هو ضمان لاستمرار الدولة وتوازنها
وخلاصة القول إن العراق اليوم أمام فرصة حقيقية لإعادة بناء مفهوم المعارضة الوطنية عبر ترسيخ قواعد جديدة للحياة السياسية قائمة على التخصص في الأدوار لا التشابك فيها فالحكومة تُحاسب والمعارضة تُراقب وكلاهما يسعى لخدمة الوطن وإذا تمكن البرلمان القادم من احتضان معارضة بناءة تمتلك برنامجاً إصلاحياً واضحاً وتستند إلى دعم شعبي واعٍ فإنها ستكون بداية تحول تاريخي نحو نظام سياسي أكثر توازناً وعدلاً واستقراراً



#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياسة بين المفهوم والممارسة..قرأة في الواقع العراقي المعاص ...
- القانون يحمي الفاسدين عندما يتحول مبدأ عدم التشهير إلى غطاء ...
- الفرق بين اللقاء والاجتماع والمؤتمر والندوة
- القيادة بين الصرامة والغرور
- ترامب بين السياسة والتجارة صفات لا أتفاقات
- الوهم والأيهام بين الإدراك والتأثير الأجتماعي
- جذور الانتماء بين الغريزة والوعي من العائلة إلى الوطن
- بين الغريزة والعقل هل يضبط الأنسان سلوكه
- مفهوم الثقافة والحضارة
- السيطرة والقيادة بين الأرادة والقيم
- مستقبل الدولة الفلسطينية
- جيل Z العربي بين النهوض وضياع الهوية
- كرم الصمت
- مكارم الأخلاق والقيم عند الشعوب في عصر العولمة الحديثة
- البيروقراطية الأدارية
- التصعيد الأوربي ضد روسيا هل هو اشارة لحرب على الأبواب؟
- من بلفور إلى بلير .دولة أسرائيل الكبرى
- أعمار غزة بين العدوان والأبتزاز السياسي
- التأمر الخارجي والداخلي في مسار الدولة الأسلامية والأمة العر ...
- الأمن الوقائي ودور المواطن


المزيد.....




- لحظة اندلاع حريق هائل في معبد صيني.. فيديو يظهر ما حدث للمبن ...
- لحظة سقوط صواريخ روسية ضخمة على كييف في أكبر هجوم منذ أسابيع ...
- شاهد.. عائلات في غزة تعاني جراء غرق خيامها بسبب الأمطار الغز ...
- أضواء الشفق القطبي النادرة تضيء السماء في شمال الصين
- معاناة مرضى السكري في مصر
- ماذا يقول النازحون من الفاشر عن الفظائع التي شهدتها المدينة؟ ...
- -تركيا لا تتجه غرباً، بل الغرب من يتّجه نحو تركيا-- في جولة ...
- تحذيرات أممية: السودان يعيش حربًا بالوكالة وسط نزوح جماعي وم ...
- باكستان تعلن توقيف خلية إرهابية مرتبطة بـ-طالبان باكستان- بع ...
- أوكرانيا: هجوم روسي -ضخم- بصواريخ ومسيرات على العاصمة كييف


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحيم حمادي غضبان - المعارضة بين المشاركة والرقابة وأمكان نشئتها في العراق